المليشيات الحوثية تتوسل السعودية للتوسط لدى الإدارة الأمريكية .. والرياض ترفض مدير مكتب وكالة سبأ بمحافظة مأرب يتعرض للاعتداء ويوجه بلاغا لعضو مجلس القيادة اللواء سلطان العرادة والنائب العام عاجل قبائل البيضاء: المليشيات الحوثية تنسيق مع الجماعات الارهابية وتزودها بالإمكانيات وتسهل اعمالها لتحقيق هذه الأهداف الرئاسي اليمني يتطلع إلى شراكة أوسع مع أميركا لردع الحوثيين تركي آل الشيخ يثير الجدل بصورة.. هل نشاهد محمد صلاح في الدوري السعودي؟ القبض على رئيس كوريا بعد اشتباك بسيط مع حراسته.. الرئيس المعزول يقول أنه سلم نفسه ''حقناً للدماء'' سبب واحد متعلق باليمن.. لماذا يرغب ترامب في انجاز صفقة غزة قبل توليه منصبه رسميًا؟ المبعوث الأممي يقدم إحاطة جديدة أمام مجلس الأمن بشأن آخر المستجدات في اليمن مع استمرار تدهور العملة بشكل مخيف.. البنك المركزي اليمني يعلن عن مزاد لبيع 50 مليون دولار وزارة الداخلية.. إحالة مسئولين في رئاسة مصلحة الأحوال المدنية إلى المجلس التأديبي وترقية موظفين آخرين
«ليت الشيطان الرجيم يأتي ويحكمنا بدل هذا الرئيس أو هذه العصابة. والله حتى الشياطين أفضل من هذا النظام. آه لو يعود الاستعمار ذات يوم. كم نتمنى لو أن يأتي الأعداء ويحتلونا كي نتخلص من هذه الأنظمة». هذه مجرد عيّنة تسمعها اليوم في العديد من الدول العربية، وخاصة في الديكتاتوريات العسكرية التي ثارت الشعوب عليها، ولم تنجح في اقتلاعها حتى الآن، لأن تلك الديكتاتوريات، كما اكتشفنا متأخرين هي ضرورة استراتيجية لضباع العالم، أو بالأحرى بمثابة «كلاب صيد» تسحق شعوبها وتدمر بلادها وتنهب خيرات وثروات أوطانها لصالح مشغليها في الخارج المعروفين للقاصي والداني. لم تعد الشعوب تخجل مطلقاً من تفضيل العدو الخارجي على العدو الداخلي الذي يسمي نفسه زوراً وبهتاناً «حاكماً وطنياً». لا شك أن الباحث سيهرش رأسه وهو يسمع ملايين العرب اليوم وهم يعترفون بأنهم باتوا يحلمون بعودة المستعمر، لا بل إن بعض الشعوب خرجت ذات يوم لاستقبال رئيس أوروبي كان بلده يوماً يحتل بعض البلدان العربية، والغريب أن الناس هناك استقبلوه بحفاوة بالغة، وطالبوه بأن يفتح أبواب بلده لهم كي يهاجروا إلى ديار المستعمر القديم، وأن يزيد عدد التأشيرات التي يمنحها لشعوب المستعمرات القديمة. من المؤسف أن الشعوب قدمت ملايين الشهداء وضحت بالغالي والنفيس لتحرير بلادها من رجس المستعمر، لكنها صارت اليوم تترحم وتتحسر على أيام الاستعمار الخوالي بعد أن اكتشف أن المستعمر على علاته كان أرحم بكثير من كلابه المحليين الذين تركهم وراءه كي يستمروا في التسلط على الشعوب نيابة عنه.
لقد نجحت أنظمة الظلم والطغيان، وخاصة العسكرية منها في جعل الشعوب تكفر بالوطن والوطنية، بحيث صارت كلمة «وطني» كلمة بغيضة ومدعاة للسخرية والتهكم، وصار الملايين يفككون مفهوم «الوطن» ويعيدون تعريفه، فكيف نسميه وطناً وهو يسومنا سوء العذاب والتنكيل ليل نهار، يتساءل ملايين العرب اليوم؟ كيف ندافع عن وطن يطردنا ويجوّعنا ويقمعنا ويدوسنا ويحرمنا من أبسط حقوقنا، بينما تحول جنرالاته وطغاته إلى عصابات من اللصوص والمجرمين والقتلة الذين لا هم لهم سوى القمع والتجويع والإفقار ونهب البلاد والعباد. ولطالما قرأنا على مواقع التواصل الاجتماعي مقولة الاقتصادي الأمريكي الشهير ميلتون فريدمان الذي قال ذات يوم: «إذا وضعت حكماً عسكرياً على رأس السلطة ليحكم الصحراء الكبرى، ففي غضون بضع سنوات ستجد عجزاً في الرمال». دلوني على جمهورية عسكرية في العالم العربي لم تصبح أرضاً خراباً، وبات أهلها يستنجدون بالشياطين لإنقاذهم من براثن حاكميها؟
اسأل الشعوب في البلدان التي تحتلها الميليشيات والعصابات والأنظمة العسكرية: هل تتمنون لو أن أية قوة خارجية تأتي وتحتلكم وتحكمكم حتى لو كانت عدوة؟ لا شك أنك ستتفاجأ بالأجوبة. ولو تعجبت من تلك الإجابات الصادمة سيسألونك فوراً: ما الذي أجبرك على المُر سوى الأمر منه؟ لهذا مثلاً ثارت ثائرة ملايين السوريين في الشمال عندما سمعوا عن مفاوضات قادمة بين تركيا والنظام قد تنتهي بتسليم الأراضي التي يسيطر عليها الأتراك إلى النظام. لم تعد كلمة «وطني» و«وطنية» و«وطن» تعني أي شيء للسوريين وملايين العرب غيرهم، لهذا هم مستعدون أن يعيشوا تحت سيطرة أي قوة غير محلية، لأنها مهما كانت ظالمة لن تكون بظلم ووحشية نظامهم. ولو أجريت استفتاء سرياً في أنحاء أخرى، وسألت الناس: هل تقبلون لو احتل العدو أرضكم وحكمكم، ستتفاجأ بأن الغالبية الساحقة ستصوت بنعم للأجنبي، وهو أمر محزن ومخجل جداً، لكن سيردون عليك بالقول: قارن ماذا فعل الأجنبي بنا وببقية أشقائنا العرب، بما فعله هذا النظام أو ذلك بنا. كم قتل العدو الخارجي وشرد حتى الآن؟ خمسين ألفاً، مائة ألفاً؟ كم هجّر؟ مليوناً مليونين؟ كم بيتاً دمر؟ ألف بيت، ألفين، ثلاثة آلاف؟ دعني أقول لك إن نظامنا الوطني المزعوم دمر ملايين البيوت، وقتل واعتقل الملايين، وهجر أضعافاً مضاعفة. فمن هو الأفضل في هذه المقارنة الهمجية؟ من سيفوز بهذا السباق الوحشي؟ رئيسنا (المفدى) طبعاً.
لاحظوا كيف تغير مفهوم الوطن تماماً؟ لم تعد الشعوب مهتمة بالحفاظ على وحدة أرضها مطلقاً، ولا بأس أن تتقسم الأوطان إلى دويلات وكانتونات، فما فائدة أن تعيش في وطن كبير مسحوقاً ومدعوساً، فليذهب الوطن الكبير في ستين ألف داهية وليتقسم إلى ألف قطعة طالما أن القطعة التي سأعيش فيها ستحفظ لي كرامتي ولقمة عيشي.
لكن المحزن جداً أن ملايين العرب الذين يحلمون بتقسيم بلدانهم وعودة الاستعمار والاحتلال يجب أن يعلموا أن أحلامهم بعيدة المنال، فلا يحلمن أحد منكم أن الأعداء مستعدون لاحتلال بلادكم وحكمكم. لا أبداً. مستحيل، فالمستعمرون لا يستطيعون أن يحققوا إذا حكمونا بشكل مباشر ربع ما يحققه لهم كلاب صيدهم الذين نسميهم «حكاماً وطنيين» فكلب الصيد أشد وطأة علينا من الصياد بعشرات المرات، فلماذا يلوث الصياد يديه ويجهد نفسه باحتلالنا إذا كان كلابه يحققون له أضعاف ما يريد من تنكيل وتهجير وقتل وفساد وإفساد ونهب وسلب وتخريب وتدمير؟
إن أخطر ما أنتجته أنظمة الظلم والطغيان على مدى السنوات الماضية أنها دمرت الانتماء والشعور الوطني لدى ملايين العرب، وهو ما يريده مشغلوها الذين سلطوهم على الشعوب. والأنكى من ذلك أن الكثير من الناس اليوم لم يكفروا فقط بالوطنية والوطن والحاكم الوطني، بل سقطت في أعينهم كل المقدسات الوطنية، وبينما ساهم الاستعمار بتوحيد الصفوف وشحذ الهمم والمشاعر الوطنية لطرده، ها هم اليوم وكلاء المستعمر يدمرون النسيج الوطني ويدقون ألف إسفين وإسفين بين مكونات الوطن ويحولونه إلى ملل ونحل متصارعة، فهل نحتاج إلى أعداء بوجود هؤلاء «الحكام الوطنيين» المزعومين