لماذا وقع على صالح أخيرا؟؟
بقلم/ سعيد البصير
نشر منذ: 12 سنة و 11 شهراً و 19 يوماً
الخميس 24 نوفمبر-تشرين الثاني 2011 06:21 م

يعتقد بعض الشباب بأن التوقيع على المبادرة نصر لعفاش وهزيمة للثورة.. وهذا من وجهة نظري تصور تنقصة الدقة لأن تمحيص الوقائع على الأرض وتمحيص بنود المبادرة يدفعنا الى التفاؤل والقول بثقة قوية ان شاء الله أن المبادرة كانت أكبر نكسة لعلي صالح واسرته وصفعة لم يكونوا يتوقعونها على الاطلاق نظرا لأن الشيطان كان قد سول لعفاش واسرته كما سول لفرعون من قبل بان جيشه قادر على سحق موسى واتباعه... ولكن الهزائم المتلاحقة التي منيت بها الاسرة في أرحب ونهم وتعز... اضافة الى الكارثة التي حلت باللواء 63 في بني الحارث وخسران الاسرة لأوراق طالما راهنت عليها مثل ورقة القاعدة والحوثيين والحراك الجنوبي والدعم السعوي والاماراتي والدعم الامريكي ..وغيرها ... كل هذاجعل الاسرة تعيد حساباتها وتعلم أن الحل العسكري لم يعد في صالحها..

وهنا يسأل أحد الشباب مادام أن الحل العسكري ليس في صالح الاسرة فلماذا اذن نقبل نحن بالمبادرة؟ لماذا لا نقابل عناده في السابق بعناد مثله الان ما دام أنه الأضعف؟ اليس الحل العسكري سيؤدي الى سحق الاسرة ومحو كيانها كمطلب شعبي؟؟!!

والجواب على هذه الاسئلة في نظري يرتكز على قضية اساسية وهي النظر الى القضية من منظور استراتيجي وليس من منظور تكتيكي حماسي يعتمد على نظرية السحق والانتقام.

جميعنا يعرف بان الدولة اليمنية ضعيفة البنية اصلا للأسباب التي نعرفها جميعا .. وامكانياتنا الاقتصادية اضعف من أن تقاوم اي امتحان؟؟ ولهذا فان الحل العسكري كان خيارا غير مرغوب فيه من المعارضة لأنها ترى ببعد نظر الى أن الحل العسكري سينتج عنه:

1- تدمير ما تبقي من كيان وبنية الدوله (على هشاسته), ومن الافضل دائما ان تطور الموجود خيرا من أن تبدأ من الصفر وخاصة في ظل امكانيات بلد كاليمن.

2- تدمير القوات المسلحة والتي هي أصلا ملك للشعب وليست ملكا لأسرة علي صالح, وأي حكومة مقبلة تحتاج الى بناء جيش وطني قوي ومن الافضل الحفاظ على الموجود الان والبناء عليه وليس تدميره.

3- تدمير قوة الجيش تعني تنامي قوة المليشيات المسلحة التي لها نزعات غير وطنية مثل الحوثيين والقاعدة.

4- في حال اندلاع المواجهات العسكرية بشكل موسع في أنحاء اليمن فإنه من الطبيعي أن يحدث مثل ما رأينا في ليبيا حيث أن كل مدينة ومحافظة ستشكل لها مجلس عسكري وبدون قيادة موحدة مما ينتج عنه مشاكل كثيرة بعد التحرير نظرا لان الفراغ الذي سيحدثة انهيار الدولة سيجعل كل شخص طامعا في نصيبه من الكعكعة الوطنية وهنا تحل الكارثة الكبرى وقد يؤدي ذلك الى حدوث حرب أهليه لا سمح الله.

5- اذا سلمنا بان قوات علي صالح ستنهزم, فالسؤال هو: كم ستستمر المعركة؟ كم الضحايا؟ من يضمن عدم تدخل مجلس الامن وبالتالي تدخل قوى طامعة في اليمن؟

من هنا نستطيع القول بان الخيار العسكري هو كارثي بكل المقاييس الا اذا لم يكن هناك اي بديل آخر.

طموحاتنا كشباب كبيرة لبناء دولة نرى انها لن تبنى الا بعد ازاحة هذا النظام المهترىء الذي يقف عائقا امام بزوغ هذه الدولة. ولكن: من طلبه كله ....خسره كله... يجب علينا ان نعترف باننا وان كنا نملك حماسا يفوق حماس الكبار فاننا نفتقد للخبرة التي يمتكونها .. وان قفزنا على هذه الحقائق فاننا سمحنا لأنفسنا ان تركب غرورها.... والغرور مجنون.

المبادرة الخليجية لا تلبي كل طموحاتنا واذا سلمنا بان صالح في حكم المنتهي الان فان مطلبين اساسيين لم تذكرهما المبادرة بشكل صريح وهما: الأول محاكمة صالح واسرته.. والثاني منع اسرته واعوانه من تولي اي مناصب في الدولة. ولكني استطيع القول ان هذين المطلبين يمكن تحقيقهما عن طريق المبادرة ايضا وذلك على النحو التالي: برغم ان المبادرة تتضمن منح صالح واسرته ضمانات, فان الامم المتحدة (بحسب قوانينها) ومعظم الدول الاوروبية لا تعترف باي شكل من أشكال الضمانات لمن ينتهك حقوق الانسان. ولعلنا نتذكر بأن سفراء الدول الدائمة والامم المتحدة رفضوا التوقيع على المبادرة نظرا لتضمنها شرط الضمانات. ومن هنا فان شباب الثورة واسر الشهداء يستطيعون محاصرة صالح في المحافل الدولية والمطالبه بمحاكمته هو واسرته. اظافة الى ذلك فان أياً كان لا يستطيع منع اي شخص من أهالي الشهداء من التقدم الى أي محكمة يمنية للمطالبة بالقتلة. وهذا حق شرعي وقانوني. وهذا أحد الاسباب التي جعلت صالح يرفض المبادرة لأنه يعرف أنه لا توجد أي ضمانات حقيقية.

أما ما يخص تولي المفسدين فنقول للشباب الان يجيب ان تضغطوا باتجاه تكوين دولة المؤسسات وبناء نظام انتخابي نزيه وعندها سنطهر كل اجهزة الدولة من كل الفاسدين بدون مبادرات بل عن طريق صندوق الانتخابات والقضاء العادل وهاتين الوسيلتين كانتا غير متاحتين في ظل نظام اسرة علي صالح الذي سخر كل شيئ لصالحه.

إن معركة بناء الدولة أصعب من معركة اسقاط النظام الفاسد وإن حثالة النظام سيحاولون الان إعاقتنا عن تحقيق هذا الهدف ولكن الأمل في الله كبير ثم في يقظة الشباب في الساحات. ولذا فإني أقول للشباب ابقوا في الساحات لا تغادروها وليكن الهدف الآن ليس أقل من بناء دولة الحلم اليمني.

ولنفرض بأن بقية النظام حاولوا افشال تطبيق المبادرة فإن المبادرة تكون على الأقل قد نزعت أي غطاء شرعي عن الرئيس المخلوع وأزلامه.

أخيرا: برغم ما يثار حول المبادرة الخليجية الا أني عندما اقرأ بنودها وآلياتها أتذكر \"صلح الحديبة\" وماكان فيها من اجحاف بحق الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم والمسلمون..واقول –واثقا بالله عز وجل- وما يدريك انه صلح حديبية آخر يحقن الله به دماء اليمنيين ويجعل لهم من بعده فتحا قريبا