آخر الاخبار

هربا من الضربات الإسرائيلية..قيادات الحوثي تنقل اجتماعاتها السرية الى إحدى السفارات الأجنبية في صنعاء وعبد الملك الحوثي يفر الى هذه المحافظة المليشيا الحوثية تقوم بتصفية أحد موظفي الأمم المتحدة بكتم أنفاسه وخنقه حتى الموت... رئيس منظمة إرادة يكشف عن إعدامات جماعية للمئات بينهم مختطفين من محافظة صعدة إسرائيل تتوعد سنضرب إيران.. وطهران تهدد: سيكون ردنا أقسى بعد النجاح الكبير وإستفادة 10 آلاف طالب وطالبة من مختلف الجنسيات مؤسسة توكل كرمان تعلن عن فتح باب التقديم للدفعة الثانية من منحة دبلوم اللغة الإنجليزية في لقاء بقطر.. رئيس ايران يتودد السعودية ويعبر عن ارتياحه للعلاقات المتنامية مع المملكة الحكومة اليمنية توجه طلباً للمجتمع الدولي يتعلق بملاحقة قادة جماعة الحوثي وتصنيفها إرهـ بياً مصرع احد قيادات الحرس الثوري الإيراني بدمشق الكشف عن مضمون رسائل تهديد بعثها الحوثيون وصلت عبر البريد الإلكتروني.. الجماعة ترفض التعليق بمبرر انها ''معلومات عسكرية سرية'' أربعة سيناريوهات محتملة للحرب الاسرائيلية البرية على لبنان أمنية عدن تناقش عدة ملفات بينها تحركات مشبوهة لخلايا حوثية

السجن الكبير
بقلم/ أحمد غراب
نشر منذ: 12 سنة و يومين
الأحد 30 سبتمبر-أيلول 2012 07:26 م
 
 

لكأنما هذا الشعب يقضي عقوبة في سجن يديره ساسة حمقى تتغير وجوههم، لكن حماقاتهم تبقى.

22 مليون سجين يعيشون في سجن كبير جنوب الجزيرة العربية، أغلبهم جائعون، ونصفهم أميون من السهل طحنهم وتفريقهم.

ساعات طويلة نقضيها في السجن كما الجدات، نصف بطولات وأمجاد أجدادنا الأوائل.. ثم نلملم بقايا رماد الحروب في محاولة لرسم خارطة التجارة العالمية التي كان يشرف عليها اليمنيون في الزمن القديم.

تارة أخرى نفتش في أصناف العلكة والفراغ بحثاً عن رائحة اللبان والبخور الذي كانت تصدره اليمن لمعابد العالم القديم، وفي كل لحظة بؤس ومرارة نعيشها في الحاضر نحلم برشفة من فنجان قهوة تفوح منها نكهة البن اليمني الذي كان يزرع في مدرجات الجبال.

عبارة يتيمة مكتوبة بحروف مبعثرة على جدران السجن كأنها نقش على قبر امرئ القيس في صحراء الغربة والمتاهة التي وجد نفسه مدفوناً فيها بعد أن انتشرت القروح في جسده.

تلك العبارة نجدها مدونة في كل الجدران "إذا طال الزمان ولم تروني فهذه ذكرياتي فاذكروني"؛ عبارة تختزل حكاية شعب يعيش الماضي ويحلم بالمستقبل.

نسيت أن أخبركم أن ثورة حدثت في السجن مؤخراً، حاولنا أن نرى فيها ربيعاً، والعثور على حرية حدودها السماء لولا أننا اكتشفنا أن السجانين هم من يرسمون تلك الحدود، ويضعون براميل مفخخة أمام أمة تحلم بالخروج من سجن الماضي إلى أفق المستقبل.

تساءلنا بحيرة: هل كل ما فعلناه أننا استبدلنا القيود العتيقة بأخرى مطلية بذهب الحرية، واستبدلنا بزة عسكرية بثوب طويل من تحته بزة عسكرية؟

حاولنا أن نتمرد على كل هذا السواد، فرسمنا على جدران السجن خيال شعب جائع وهو عارٍ من كل شيء إلا من الحقيقة!

وصار كل مواطن يتمنى أن يسمع هاتف "معك زيارة"، حتى لو كان ثمن ذلك أن يبيع كل ما يملك للحصول على فيزا الغربة.

لم نعد نحلم بالبيت والسيارة وقضاء عطلة صيفية. صارت كل أحلامنا أن نجد ساعة كهرباء وشربة ماء.

في هذا السجن الكبير نعلم أطفالنا كيف يلعبون بالخيال، كيف يعلقون آمالهم ورسوماتهم وألعابهم في نافذة السجن الضيقة، ويتعلقون في القضبان وهم يتخيلون أنهم فوق مدرهة أو حصان يكر في الهواء.

الحروب لا تهدأ في هذا السجن، كأنما لم نعد نجد شيئا نأكله، فقررنا أن نأكل بعضنا، وصار كل منا يرى الآخر ويتخيله وجبة لذيذة على صحن. كيف استطاع أولئك السجانون أن يجعلونا نكره بعضنا لدرجة أن نلتهم بعضنا؟

نحاول جاهدين أن نتذكر تلك اللحظات التاريخية التي كنا نبتسم فيها لبعضنا، ونتصافح بعد كل صلاة، ونتهادى، ويعزم بعضنا بعضا، وكل منا يطبخ مرقة ويتعهد جيرانه..

لم نعد نصلي مع بعضنا، لم نعد نتجاذب الحديث، صار لنا وجوه كثيرة، الغيبة والنميمة هي التسلية الوحيدة المتوفرة في هذا السجن.

ولأن السجانين لا يستطيعون أن يسيطروا على أكثر من 20 مليون مسجون، فهم يحكموننا بطريقة الفوضى الخلاقة. وكلما أرادوا الحصول على ترقيات يشعلون داخل السجن الكبير حمى المظاهرات والاعتصامات. وكلما أرادوا أن ينتقموا من بعضهم لجأوا إلى تلك الطريقة في فيلم أميركي عن سجن في المكسيك: السجانون والمتراهنون يلعبون لعبة قمار، ويتراهنون بالمساجين، يفتحون باب السجن، ويختارون عينات من الشعب المسجون ليتصارعوا بينهم، ويقضي بعضهم على بعض، وتسيل دماؤهم مع ارتفاع قهقهات السجانين.

اذكروا الله وعطروا قلوبكم بالصلاة على النبي.