في ذكرى محرقة ساحة الحرية بتعز
بقلم/ د/ ياسين عبدالعليم القباطي
نشر منذ: 12 سنة و 5 أشهر و 4 أيام
الجمعة 01 يونيو-حزيران 2012 12:35 ص

قصر الشعب في تعز هدية مقدمة للشهيد إبراهيم الحمدي من المرحوم الشيخ زايد بن سلطان لم يشاهد الشهيد قصر الشعب فقد تمت المؤامره وإغتيل الرئيس وتحول اسم القصر الى الجمهوري ولم يعد قصرآ للشعب ولا قصرا للجمهور بل أصبح مسكنآ لأعوان الطاغية لايدخله الا كل من يعمل على خدمته وعبادة طغيانه تحاك به المؤامرات ضد أبناء الشعب وخاصة أبناء محافظه تعز الذي وقع القصر على ربوة في قلب مدينتها .

ها هي إحدى المؤامرات تحاك الليلة في ديوان واسع نقشت على حوائطه وعلى سقفه نقوش تجسد الفن اليمني الرفيع وترك حائطه المطل على وادي صالة وجبال الحوبان بدون بناء بل نافذة واسعة من زجاج شفاف يعمل العاملون ليل نهار على بقائها شفافه لا تؤذي عين الناظر من خلالها أي شوائب ويرى من خلالها جمال الطبيعها التي أكرم بها الله مدينة العز التي طال إذلالها من جنود دخلاء لا ينتمون الى أصولها أو فروعها بل هي بالنسبة لهم مدينة كسب القوت الحرام وهي مهجر من يسعى الى الغنى والعز عن طريق نهب سكان هذه المدينة الوديعه وأهلها المسالمون .

في هذا الديوان الفخم يجتمع الطاغية بالفاسدين الذي يغدق عليهم من الأموال والهبات من أراضي واموال الشعب ويغرقهم بالمال والمصالح والسلطة الذين هم ليسوا أهلا لها ليصيروا خداما له يدافعون على مصالحهم المنهوبة من مال الشعب فيصير دفاعهم عن ولي نعمتهم مدعما بدفاعهم عن مصالحهم من المال الحرام .

اليوم 5/29/2011 يشهد ديوان القات الفخم في قصر الشعب اجتماعا إستثنائيا هاما لقادة المعسكرات والأولوية التي تحيط بمدينة تعز وتحتل هذه المعسكرات أهم وأجمل مرتفعاتها وتباع أراضيها لمصلحة الضباط , يشاركهم في الأجتماع بعض القادة من ابناء تعز الذين جعلوا من أنفسهم عبيدا وخدما طائعين للطاغية .

 بعد ان تناول المجتمعون الغداء الدسم متنوع مما تشتهيه الأنفس وتطيب له الأذواق تنوعت أصنافه وأجتهد في إعداده طهاة ماهرون في مطبخ قصر الشعب هاهم يستديرون حول أكوام من القات احضر لهم من اغنى حقول جبل صبر ودفعت قيمته الباهضة من صندوق تحسين المدينة الذي يساهم في ملئ خزانته كل ابناء تعز الذي لم يرون أي تحسين في مدينتهم بل خراب وتدمير مستمر منذ ان تولى احد المهربون القتله المغامرون امر قيادة محافظتهم كانوا الضباط وقادة الأولوية في حالة هائجة تسيطر عليهم مظاهر الجد والتصميم كلهم ينفعلون ويتشنجون عندما تزأر التلفونات الخمسة بالرنين الحاد الذي تحمله الخطوط الساخنة قادما على عجل من العاصمة صنعاء يحمل اصواتا أمرة من سيد لا يرد له قولا ولا يعصى له أمرا تزجر بالتهديد والوعيد ان ولم تنجز المهمة الهامة والخطيرة التي اجتمعوا من اجلها اليوم كلهم جادون، تعلو سماتهم علامات التصميم والغضب ماعدى احدهم كان كثيرا المزاج والضحك يترنح يمينا وشمالا وتبدو من تصرفاته ورائحته المثير للإشمئزاز اثار تناول المشروبات الفاتحة للشهية قبل الغداء الدسم .

كانت الأوامر القادمة من قائد الحرس الجمهوري ابن الطاغية وأوامر وكيل جهاز الأمن القومي ابن اخو الطاغية وأوامر قائد الأمن المركزي إبن أخو الطاغية واضحة ومشدده بإنهاء الثوره التي انطلقت من مدينة تعز يوم 11/02/2011 وإطفاء جذوة اشتعالها المنطلقة من ساحة الحرية بتعز.

كانوا يعتقدون جازمون بأن انطفاء تلك الشعلة سيطفئ النار التي اشتعلت في كل مديرية من مديريات محافظة تعز بل قد يطفئ مشاعل الثورة التي اشتعلت في كل ساحات االحرية والتغيير في جميع انحاء الجمهورية .

كان للقادة المجتمعون في صالة القات الفخمة في قصر الشعب في تعز قلوبا من نار سيشتعل وكان حماسهم متوقد تشتعل منه الصخور كانوا مصممون بأن لابد لهم من أن يظهرون كل مهاراتهم القتالية ولابد ان تستخدم كل معداتهم العسكرية لإخماد الثورة المنطلقة من ساحة الحرية ... اربعة الوية عسكرية بدباباتها ومصفحاتها ستنطلق اليوم الى ساحة الحرية تساندها كل قوات الأمن المركزي والأمن العام وقوات النجدة المتواجدة في مدينة تعز تسبقها قوات التحري السرية من امن قومي وامن سياسي للاستطلاع وللإكتشاف والتأكد من أن هولاء الشباب المتمرد على الزعيم الرمز لا يستطيعون الصمود في المعركة التي أستعد لها القادة وكأنهم سيغزون بلد مجاور.

الوقت يمر والقادة والزعماء المدنيون يحشون أفواههم بقات صبر الذي يرفع الضغط ويهيج المشاعر يثير الجنون والحقد المتأصل فعلا في قادة إقتحام إعتصام الشباب السلمي في ساحة الحرية بتعز

قائد الإجتماع متهم هارب من العدالة بعد إن قتل طفلا في مدينة عدن تبحث عنه محكمة صيرة الإبتدائية التي أصدرت أمرا إلى جميع المنافذ بعدم السماح له بالسفر والقبض عليه وإحضاره إلى حرم المحكمة لمواجهة التهمة بالقتل. لكن الدكتاتور الطاغية الزعيم الرمز أول من يتمرد على القضاء ويتجاهله ويعين الفار من العدالة مديراً عاماً لأمن تعز أثناء إنطلاق ثورتها إعتقاداً منه بأن مجرماً هارباً من وجه العدالة هو الأجدر والأقدر على إنهاء ثورتها .

الساعة الخامسة عصراً ينفذ صبر القادة بعد أن وصل تأثير القات الصبري أقصى مدى له ونرتفع أصوات القادة عبر التلفونات المحمولة بأوامر قاطعة حازمة إلى القادة الميدانيين بأن انطلقوا إلى ساحة الحرية فقد حان بدأ المعركة فقد كان مدير أمن مديرية القاهرة المتواجد بالإجتماع يزيد من هيجانهم بعد أن أبلغهم أن الشباب العزل من السلاح قد أخترقوا مبنى إدارته وقبضوا على جندي كان في فرندة مكتبه يطلق النار على الشباب في الساحة وأقتادوه ليسجن في خيمة في الساحة وبدون إصدار أي أمر مكتوب ، تحرك الضباط التابعين لسبعة ألوية في الجيش اليمني الذي أقسم قادته على حماية الشعب تساندهم فرق الشرطة السرية من أمن قومي وسياسي لابسين ملابس مدنية وبدأ إقتحام الساحة في الخامسة عصر يوم السبت 29-5-2011.

وبداء الجنود الأساوش برش البترول على الخيام وإشعال النار فيها والشباب يجلبون المياه بالأواني البسيطة التي لا تطفئ غير الشمع فما بالك بخيام تشتعل بعد أن أغرقها الجنود بالبترول .

النيران تشتعل في ساحة الحرية والجنود يحاصرون الساحة والشوارع المجاورة لا دخول إليها ولا خروج منها الكل يجب أن يذهب إلى سجون فاتحة أثغارها لإستقبالهم بل وإلى قبور لا يعرف لها مكان فتحت لإستقبال قتلاهم .

 وقاعة القات الفخمة في قصر الشعب صارت معتمة من كثر الدخان والقائد الحازم الفار من وجه العدالة يتلقى الأوامر من قادته في صنعاء ويبلغها للقادة العسكريين والمدنيين في الصالة أمامه والضابط الضاحك المترنح أختفى من الصالة أين ذهب ؟؟ سأل القائد الفار من وجه العدالة ؟ إجابه كبير القادة المدنيين المنتخب زيفاً وكذباً من أبناء تعز ؟ أنه رجل شهم شجاع لقد فظل الذهاب بنفسه لتصفية المتمردين من الساحة .

تنطلق الأسلحة الخفيفة من قرب وتصوب على الشباب في ساحة الحرية والأسلحة الثقيلة تنطلق من بعد لتدك المباني المحيطة بالساحة بدأ إعدام الشباب (( كل هؤلاء الشباب خونة يحركهم أبن الأحمر وحزب الأصلاح والمشترك الخونة )) ، هكذا كان يقول الجنود أثناء إعدام الشباب من تريدون أن يرحل يا ............. (كلام بذيئ) والله لا نرحلكم إلى جهنم ، القتل والحرق والنهب مستمر كل ما في المستشفى الميداني وملحقاته نهب المسجد الذي تحول إلى مستشفى ميداني نهب الجرحى يمسكون بالمصاحف يقرؤن القران عسى أن يرحمهم الجنود وبدلاً من الرحمة يركل الجنود المصاحف من أيدي الجرحى يقتلون بعضهم ويسحبون الأخرين إلى المصفحات التي تقودهم إلى أماكن غير معلومة والقائد المترنح في صالة القات يظهر على مصفحة في ساحة الحرية يسب ويلعن ويطلق الرصاص في كل إتجاه وخيمة تحترق يهرع إليها الشباب من كل صوب الخيمة يقطنها أربعة شبان من ذوي الإحتياجات الخاصة تنبه الشباب لوجودهم بعد فوات الأوان وعندما وصلوا الى الخيمة وجدوا اربع جثث متفحمة .

شابة تدافع عن والدها الذي كان يعاني سكرات الموت في غرفة الأنعاش تتصل أوردته وشرايينه ورئته بأجهزة الإفاقة والإنعاش وثلاثة من الجنود يحاولون نهب الأجهزة وبلهجة تعزية تقول الفتاة ((أنا فدى لكم أتركوا الأجهزة سيموت والدي إن أخذتوها فرد قائدهم (( يابنت ال.... هاتي مامعك!! أخرجت ساعتها وتلفونها السيار وسوار ذهب كان في معصمها ودبلة خطيبها وسلمتها للـقائد الشهم فأمر عصابته أن يغادروا الغرفة .

في الصالة الفخمة في قصر الشعب يواصل القادة العسكريين إدارة العمليات في ساحة الحرية منتصف الليل يقترب غرفة القيادة الميدانية وتوحيد السيطرة على الوحدات المهاجمة للساحة أفادت القادة بأن العملية ناجحة وأن السيطرة على الساحة أوشكت على الانتهاء وبقي قليل من الخيام سيتم حرقها الأن . قتل كثير من المتمردين على الزعيم الرمز وتم نقل الجرحى إلى المستشفى العسكري ومستشفى الثورة والجمهوري وكل تلك المستشفيات تحت سيطرة مدراء يمجدون الزعيم الرمز ويحتقرون هؤلاء الشبان المتمردون .

الليل ينتصف وتمضي الساعات الأولى من صباح يوم الاثنين 30/5/2011م والاجتماع مستمر في الصاله الفخمة في قصر الشعب مستمر قادة عسكريين ومدنيين يحشون بقات صبر افواههم فلا يكادون ينطقون من أفواه كأفواه الغنم يسدها القات وفجأة يتبنه أحد القادة ويبدو عليه دماثة الأخلاق والتواضع ويقول " سيدي القائد" (يقصد ذلك الفار من وجه العدالة – قائد الاجتماع).

لقد أبلغني القائد الميداني للواء 33 بأنه يجب علينا إصدار أمر كتابي لقادة الألوية يشرع للهجوم !! برد الضابط الفار من العدالة " نعم معاهم حق في هذا لا بد من إحترام القانون فلنكتب أمر قيادي بتاريخ متأخر " ما أخبثك يافندم " يقاطعه الضابط المترنح بقهقه عاليه تشبه التشنج .

" إذا هو التطهير لقد طهرنا تعز من هؤلاء الخبثاء" يرد القائد المهذب وبخط يد رديئ وأخطاء إملائية ولغوية يتفق القادة الشجعان عبيد الطاغية على كتابة هذا التعميم أورده كما نصت عليه الوثيقة بجميع أخطائها اللغوية والإملائية والتي أشتراها الثوار من مكتب الضابط الفار من العدالة

نص الوثيقة ( بسم الله الرحمن الرحيم 30-5-2011

تعليمات قتالية أمنية لتطهير الساحة بعد قيام المعتصمين بالإعتداء على مديرية القاهرة ثلاثة عسكريين منها

إلى الإخوة قائد ل / 37 ، قائد ل / 33 ، قائد ل /170 ، قائد ل /17 ، قائد الأمن المركزي ، قائد النجدة ، مدير الأمن العام ، مدير الأمن القومي ، مدير الأمن السياسي، عليكم :-

 1) وضع خطة على ثلاثة مراحل .

 2) احتلال أهم المباني المسيطرة على الساحة

3) تطويق الساحة.

4) إغلاق كل الطرق المؤدية إلى الساحة.

5) إغلاق مدينة تعز وعدم الدخول إليها .

6) متابعة العناصر القيادية وضبطهم .

7) وضع خطة تواصل و اتصال لتوحيد السيطرة على جميع الوحدات المهاجمة للساحة .

8) تكليف القادة كلاً في قطاع مسئوليته واتخاذ الإجراءات اللازمة وعدم السماح بوضع خيام أو تجمعات جديدة

9) على القادة الالتزام بالتوقيت وعند الطلب لأي تعزيز في أي اتجاه أو موقع القوة في وقت قصير والإبلاغ عن الحالة الأمنية في أي قطاع إلى اللجنة إدارة المعركة .

10) مطلوب وضع الخطط واتخاذ الإجراءات الكفيلة بعدم تواجد عناصر داخل المحافظة تسعى إلى الانتشار مرة أخرى داخل المدينة .

توقيع

عميد ركن / عبدالله قيران - مدير أمن المحافظة

عميد ركن/ علي مسعد - نائب قائد محور تعز

وتبزغ شمس الاثنين 30/ مايو 2011م على ساحة نفذ فيها حكم الإعدام لم تعد ساحة الحرية كما كانت أصبحت مع بزوغ الشمس ساحة الفناء ساحة محروقة تنتشر منها رائحة البارود والغاز المسيل للدموع ورائحة الجثث المحروقة لم يعد هناك ثوار يعتصمون بالساحة بل جنود ولصوص ينهبون الدكاكين والمستشفيات الميدانية والفنادق المجاورة.

انتهى النهب مع مساء الاثنين وتلقى القادة المتشنجون في صالة القات في قصر الشعب الشكر والتقدير من قادتهم وزعمائهم من أفراد العائلة المالكة في القصر الجمهوري في صنعاء وظن الخائبون أنهم أخمدوا الثورة

وينشط الأمين العام لمحافظة تعز في تنظيف ساحة الحرية وإعادة المرور إليها.

غير أن الجمعة الرهيبة 3/ يونيو/2011م فاجأت أنصار الطاغية القادة الأساوش في تعز بمفاجئتين عظيمتين أولهما أن الساحة التي أعدمت أنبثقت من جديد في ساحة مجاورة وقريبة منها وعاد الثوار ليعتصمون في ساحة جديدة في ميدان عصيفرة على بعد 200 متر من ساحة الحرية ويعلوا الصوت مرة أخرى ((إرحل الشعب يريد محاكمة الطاغاة ))

 جن جنون الضابط الفار من العدالة فأرسل جنوده إلى الساحة الجديدة ولكن كانت في أنتظارهم مفاجئة لم يتوقعوها .

 لقد تحول الشباب المثقف المسالم إلى جنود مسلحيين أحرقت سيارة مصفحة وناقلة جنود وفر المهاجمون كالنعاج وتحولت مدينة تعز الثقافة والغناء والسلام كلها إلى عصابات مسلحة تدافع عن شرف المدينة التي أنتهكه عبيد الطاغية الثلاثة القائد الفار من العدالة والقائد المترنح والقائد المهذب.

وكانت المفاجئة الثانية أكبر وأعظم من مفاجئة إنبعاث ساحة الحرية الذي ظن الخائبون إنهم قد أعدموها أنطلق صاروخ مزمجر أحرق زعيمهم الطاغية في قصرة المنهوب من أموال الشعب في صنعاء وأحترق الطاغية مع جميع عبيده وذهب مذلولا محسورا إلى غرفة الأنعاش عند أسياده السعوديين.

وعادت ساحة الحرية إلى مقرها الذي أنبعثت منه شعلة الثورة اليمنية و أستمرت الثورة وأنتهى الطاغية إلى الأبد وفقد عرشه الذي ظن أنه سيورثه لأولاده من بعده واولادهم من بعدهم ومازالت الثورة مستمرة بعد مرور سنة من محرقة ساحة الحرية وطرد الضابط المترنح والضابط الفار من وجه العدالة وبقي الضابط اللئيم يغش الناس بإبتساماته الصفراء ولن تتوقف الثورة حتى تتخلص تعز واليمن من بقايا الطاغية وترد حقوق المحرومين والمظلومين ويدفع كل مذنب تبعات ذنبه وتبقى اليمن حره لن يعود إليها طاغية فقد خرجت بلد بأكملها وشعب بجميع فئاته من غرفة إنعاش إسمها ساحة الحرية.

مشاهدة المزيد