آخر الاخبار

الأرصاد يتوقع هطول أمطار رعدية في عدد من المحافظات خلال الـ 24 ساعة القادمة حماس تعلن استعادة قوتها في كل ميادين المواجهة بغزة - قيادي بارز في حماس يتحدث عن فرصة تاريخية للقضاء الكيان الصهيوني كتائب القسام تبث مشاهد لاستهداف طائرة أباتشي.. وأبو عبيدة يوجه رسالة سخرية لـ نتنياهو إسرائيل تنتقم من علماء واكاديميي غزة .. الجيش الإسرائيلي يقتل أكثر من 100 عالم وأكاديمي القيادة المركزية الأمريكية تصدر بياناً بشأن حادثة استهداف سفينة النفط غربي الحديدة صاروخ يستهدف ناقلة نفط غربي الحديدة المليشيات تجدد تصعيدها العسكري صوب مأرب القوات الخاصة التابعة للشرعية تشارك في فعاليات تمرين الأسد المتأهب بالمملكة الأردنية بحضور دولي من بريطانيا وتركيا وعدة دول أخرى...إستكمال التحضيرات بمأرب لانطلاق المؤتمر الطبي الأول بجامعة إقليم سبأ نقابة الصحفيين تستنكر التحريض ضد مؤسسة الشموع وصحيفة أخبار اليوم وتدعو السلطة الشرعية بمأرب الى التدخل لإيقاف تلك الممارسات

صدرت في كتاب للدكتور أحمد الدغشي: دراسة منهجية للظاهرة الحوثية تثير علاقتها الجدلية بالخارج

الأحد 13 سبتمبر-أيلول 2009 الساعة 12 صباحاً / مأرب برس- كتب/نشوان العثماني:
عدد القراءات 12930
 
 

صدر حديثا عن كل من مكتبة خالد بن الوليد, ودار الكتب اليمنية للطباعة والنشر والتوزيع كتاب "الحوثيون.. الظاهرة الحوثية: دراسة منهجية شاملة" للدكتور/ أحمد محمد الدغشي– أستاذ أصول التربية وفلسفتها المشارك بكلية التربية- جامعة صنعاء..

وتطرق الباحث في دراسته للظاهرة الحوثية إلى طبيعة النشأة والتكوين, وعوامل الظهور وجدلية العلاقة بالخارج بالإضافة إلى مشاهد المستقبل.

ويقول المؤلف في مقدمة كتابه المكون من أربعة مباحث, إن ظاهرة الحوثية في اليمن أخذت حيّزاً هائلاً من الاهتمام الإعلامي، ومساحة واسعة من الجدل الثقافي والفكري على الصعيدين الداخلي والخارجي, وظهرت كتابات متباينة الوجهة، تأييداً ومعارضة، بدوافع مختلفة.

منوها إلى أن الكتابة في قضية معقّدة كالحوثية، يختلط فيها الفكر بالسياسة، والتاريخ بالحاضر؛ والأيديولوجيا بالمنفعة؛ مدعاة إلى التريّث، ومجاهدة الذات، كي تخرج – ما أمكن- نوازع الأنا، ودوافع الرضا والسخط، واعتبارات القبول والرفض.

تعريف الظاهرة الحوثية

وعرّف المؤلف الظاهرة الحوثية إجرائيا بأنها "تلك الحركة أو ذلك التنظيم الفكري السياسي المسلّح الذي أعلن عن نفسه في العام 1990م، باسم تنظيم أو جماعة أو منتدى (الشباب المؤمن)، كإطار تربوي وثقافي وسياسي(ضمناً)، بحيث اقتصر اهتمامه على تأهيل الشباب وتأهيلهم بدراسة بعض علوم الشريعة، مع الأنشطة المصاحبة، وفق رؤية مذهبية زيدية غالبة، قبل أن يتحوّل إلى تنظيم عسكري مسلّح بعد ذلك".

الأربعة المباحث التي تطرقت لها الدراسة الصادرة مؤخرا, تعلقت بالخلفية التاريخية, ومراحل التنظيم وتطوّره, وعوامل الظهور, بالإضافة إلى مشاهد المستقبل.

الخلفية التاريخية

تطرق المؤلف, في الخلفية التاريخية, إلى المذهبين الرئيسيين السائدين في اليمن, وهما مذهب الشافعية (نسبة إلى الإمام محمّد بن إدريس الشافعي, ت: 204هـ) والزيدية (نسبة إلى الإمام زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب, ت: 122هـ) والتي قال عنهما المؤلف أن اليمنيين عاشا في ظلهما على نحو من التآخي العام، دون أن يعني ذلك خلوّ الأجواء دون حدوث قدر من المناكفات والمشاحنات بين حين وآخر، وعادة ما يسهم في تأجيجها تسييس أيّ من المذهبين حين تدول الغلبة لأيّ منهما في الحكم والإمارة -وخاصة الزيدي منهما-، ذلك أنه قد تمكّن بعض الأئمة الزيدية من السيطرة على بعض المناطق في اليمن، وجعل المذهب الرسمي للحكم فيها هو المذهب الزيدي الهادوي (نسبة إلى الإمام الهادي إلى الحق يحي بن الحسين بن القاسم الرسيّ ت: 298هـ) لفترة تزيد عن الألف عام.

مراحل التنظيم

في حين قسم الباحث مراحل التنظيم وتطوّره إلى مرحلتين, كانت الأولى خاصة بالتأسيس والتكوين, والتي بدأت منذ إعلان التنظيم عن نفسه عام 1990م، في بعض مناطق محافظة صعدة (تبعد عن صنعاء 240كم شمالاً)، أي بعيد إعلان الوحدة اليمنية والسماح الدستوري للتعدّدية السياسية إطاراً ثقافياً وسياسياً.

وفي هذه المرحلة تلخصت أهداف التنظيم, حسب إفادة الأمين العام الأسبق لتنظيم الشباب المؤمن محمد يحي سالم عزان, كما يقول المؤلف, في:

تعليم الشباب العلم الشريف بمختلف فنونه, وتنمية ورعاية المواهب الإبداعية لدى الشباب في شتى المجالات, وإعداد الداعية إلى اللّه ثقافيا وأخلاقياً وروحيا وسلوكيا بما يمكنه من نشر الوعي والفضيلة, كما هدفت إلى تعريف الطالب على إخوانه من الشباب وتمتين أواصر الأخوة الإيمانية, وترسيخ الوحدة بين المسلمين والبعد عما يثير الخلاف ويمزق الأمة.

في حين كانت المرحلة الثانية مرحلة المواجهة المسلّحة، وهي مرحلة التنظيم المسلّح العلني للشباب المؤمن، أو ما بات يُعرف بجماعة الحوثي، والتي بدأت منذ الشهر السادس من عام 2004م، حيث تحوّل التنظيم – أو قسم منه- إلى تلك الميلشيات العسكرية ذات البُعد الأيديولوجي, التي خاض خمسة حروب مع الجيش اليمني، على مدى يزيد قليلاً عن أربعة أعوام، بدءاً من 18\6\2004م وحتى 17\7\2008م (صدر الكتاب قبل بدء الحرب السادسة).

عوامل الظهور

ويرجع المؤلف عوامل الظهور وبلوغها هذا المدى من التأثير والانعكاس على الوضع العام في اليمن إلى عاملين: ذاتي داخلي، انسجاماً مع المنطق القائل: إنه لا يمكن لأية فكرة قادمة من الخارج أن تجد لها قبولاً أو ترحيباً ما لم يكن ثمّة استعداد ذاتي داخلي لدى أهلها، وقابلية لاحتضانها ورعايتها. وآخر خارجي طارئ، مع الإشارة إلى أنّه يتعذر الفصل الكامل بين العاملين، كما يتعذّر إطلاق أحكام جزافية غير محقّقة من مثل أن العامل الخارجي هو الأساس، بوصف الفكر الحوثي ليس سوى نسخة مطابقة لما عند الآخرين؛ فالحق أن ثمة تداخلاً لا يخفى على متابع جيّد, وفقا للكتاب.

وقال المؤلف إن سبب التمرّد فيما وصفها بـ"الروح المتمرّدة" في خطاب الحوثي تُعزى في تصوّره إلى سببين جوهريين:

الأول: كونها مخرجاً تلقائياً للتربية الزيدية الهادوية الأولى، تلك التي تعلي من قيمة النظر العقلي، وتمنح المرء الحق في الاجتهاد إذا ما بلغ الرتبة التي تؤهله لذلك، ولعل حسين الحوثي قد رأى في نفسه أهلاً للاجتهاد ، والخروج- من ثمّ- عن بعض الآراء السائدة في المذهب الزيدي، وهو ما جلب عليه سخط أبرز علماء المذهب.

في حين أن السبب الثاني يعود إلى أن جزءاً لا يتجزأ من تكوين حسين الحوثي الفكري والسياسي نابع في الأساس من الفكر السياسي الزيدي الذي يعدّ الأصل الخامس عنده, وهو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومن مستلزمات الإيمان به الرفض والتمرّد والعصيان بل المحاربة والثأر على كل حاكم يُعتقد فسقه وفساده.

تصدير الثورة الإيرانية

وفي ما يتعلق بالعامل الخارجي, يسوق المؤلف جملة شواهد تدل على أن له أثره في أن تبلغ ظاهرة الحوثي ذلك المدى.

وقال الباحث في هذا الصدد إن الثورة الإسلامية الإيرانية التي أعلنت انتصارها عام 1979م؛ كانت قد أعلنت كذلك حقّها في تصدير الثورة إلى العالم, وسعت عملياً إلى تنفيذ ذلك في بعض الأقطار.

وكان الكاتب والصحفي فهمي هويدي قد كشف في وقت مبكّر نسبياً ( يناير 1984م) أن الثورة الإيرانية لا تجد حرجاً في إيصال صوتها إلى الناس بعيداً عن فرض ذلك عليهم، لاسيما "أن الأغلبية الساحقة من الشعوب الإسلامية تعاني من مظالم حكامها، الأمر الذي يدفع البعض من أبنائها إلى معارضة الطواغيت في بلادهم بصورة أو أخرى، وربما قوي الأمل لدى أولئك المستضعفين بعد النجاح الذي حققته الثورة الإيرانية..." وهو الأمر الذي استخلصه هويدي من حوار أجراه مع حجة الإسلام هاشمي رفسنجاني رئيس مجلس الشورى- آنذاك, كما أورد في الكتاب.

وأشار المؤلف الدغشي إلى أن مسألة تربية حسين الحوثي وتفاعله مع المحيط البيئي من حوله، ومع العالم الخارجي الذي اطّلع على مجريات الأحداث فيه، مباشرة أو غير مباشرة؛ قد أسهمت بنصيب وافر، في إخراج (سيكولوجيته) على ذلك النحو. ولاشك أن في سفره في 1994م ووالده إلى إيران، ثم لبنان قد جعله يعود أكثر إعجاباً بالتجربة الإيرانية والخمينية وتجربة حزب الله، وهو مما استفاضت به محاضراته ودروسه المسجّلة وملازمه.

وفي الوقت الذي لا يحسب فيه المؤلف أن تشكّل هذه الحقيقة موضع نزاع لدى أحد من أتباع لحوثي, يعدّ – من الناحية المنهجية- تلك الحقيقة دليلاً كافياً على تبعية مطلقة لإيران أو حزب الله ومذهبهما الاثني عشري الإمامي، إذ أن دعم إيران المعنوي والمادي لم يقتصر على جهات أو اتجاهات شيعية فحسب، بل ثمّة أطراف سنيّة تعلن اعتزازها بموقف إيران (الشيعية) ودعمها لها، ولعل أنموذج حركة حماس (الفلسطينية) خير شاهد على ذلك.

ويلخص المؤلف أبرز الشواهد الدّالة على مدى التأثّر بالعامل الخارجي شاهدا: الاحتفاء بيوم الغدير، و الشعار الثوري الإيراني الشهير ( الله أكبر، الموت لأمريكا ،الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإسلام)، على نحو من امتحان الناس به في المساجد الجامعة، والصلوات المشهودة، وعدّ ذينك الشاهدين قضيتين كليتين لا مجال للتنازل عنهما قيد شعرة. 

مستقبل الحوثية

وفي المبحث الرابع والأخير, خلص الباحث إلى أن مستقبل الحوثية يسير في ثلاثة اتجاهات, هي: الاتجاه العسكري والميداني، وكل مفرداته تؤكّد قدوم حرب سادسة- وهو ما حدث بالفعل الشهر الماضي, ومازالت الحرب مستمرة, بل وامتدت إلى منطقة حرف سفيان بمحافظة عمران- ثمّ هناك الاتجاه السياسي والتنظيمي، وقد تبين أنه مشكلة عويصة معقّدة، بل متضاربة حتى في ذهنية القيادات الحوثية الحالية ذاتها، وتأكّد أن الاتجاه التربوي والفكري هو جوهر المشكلة وأساسها المنعكس على أبعادها جميعاً.

استنتاج الدراسة

واستنتج الباحث في ختام دراسته المنهجية الشاملة, حسبما وصفها, أن الظاهرة الحوثية تمثل مشكلة معقّدة تنتمي إلى المدرسة الزيدية (الجارودية)، ومرت بمرحلتين: إحداهما مرحلة التأسيس والتكوين 1990م، وسمتها تربوية تعليمية، وفيها بلغت أعداد الطلاب- حسب بعض التقديرات- نحواً من 18000 طالب، و67 حلقة ومركزاً، وانتشرت عبر تسع محافظات يمنية، بما فيها بعض المحافظات ذات الطابع الشافعي السنّي أو المختلط، ثم مرحلة المواجهة المسلحة التي اندلعت منتصف عام 2004م، وهنا انتقلت الحركة الحوثية إلى طور آخر، نجمت عنه أزمة وطنية كبرى، لا تزال تداعياتها مستمرة إلى أمد لا يعلم مداه إلا الله.

توصيات

في حين أوصى الباحث السلطة السياسية بالتعامل مع الظاهرة الحوثية في مجملها بوصفها ظاهرة مذهبية معقّدة (قَدَرِية) قديمة، وإن تجلّت اليوم بصورة مختلفة نسبياً، بسبب بعض المعطيات والظروف المعاصرة، لكن ذلك لا يحيلها إلى كيان غازٍ فاقد للمشروعية من الأساس، إذ هي – في حقيقة الأمر- امتداد للمدرسة الزيدية (الجارودية)، وهي قائمة باليمن منذ قرون متطاولة.

كما دعا الباحث الاتجاه الحوثي والسلطة معاً إلى الاحتكام الفعلي إلى مؤسسات الدولة ودستور البلاد وقوانينها النافذة، فيما يتصل بأية مطالب مشروعة للاتجاه الحوثي، وعدم اللجوء إلى العنف أو استعمال السلاح لحلّ أي نزاع، واعتماد منهج الحوار أساساً في ذلك.

رفض الاثنا عشرية

وفي الوقت الذي أشاد فيه الباحث بتوجّه حسين الحوثي الرافض لإحلال المذهب الاثني عشري محلّ المذهب الهادوي، طالب أتباعه من بعده بإعلان نظري وعملي للموقف نفسه، ويعدّ الباحث موقفاً كهذا خطوة أساسية وهامة في اتجاه المصالحة الداخلية، وتفويت الفرصة على تجار الفتن، وأصحاب المشاريع الخارجية, كما ورد في الكتاب.

وأكد الباحث على أنه من حق كل مواطن ممارسة حرّية الرأي والتعبير، وعدّ ذلك أمراً مكفولاً في الإطار الدستوري والقانوني؛ إلا أنّه يعتقد أن مما يتعارض معهما، ذلك الإصرار اللافت على إحياء مناسبات تتعارض مع جوهر الدستور والقانون والإعلان بالتزام قاعدة الشورى في الحكم، والتأكيد على الإيمان بالتداول السلمي للسلطة، ورفض الاعتبار النسبي بدل الكفاءة، ومن ذلك الاحتفاء بيوم الغدير، ذي المدلول المكرِّس لمفاهيم مضادّة، كما أن ترديد الشعارات المستفزّة للنظام السياسي، وما يعدّه تحدّيا للسيادة الوطنية، وإعلاناً للولاء الخارجي لهو أمر جدير بالمراجعة والتعقّل من قبل الاتجاه الحوثي، خاصة وأن النتائج على الأرض أثبتت أن ذلك لا يؤذي القوى المستكبرة كالولايات المتحدة, بل يمنحها ذريعة التدخّل في شئون البلاد وابتزاز قرارها السيادي، وفيه ما قد يفضي إلى إدراج اليمن ضمن قائمة الدول غير المستقرة، ومن ثم تدويل أزمة صعدة، وهذا مكسب مؤقت لطرف في النزاع، لكنه كارثة وطنية وقومية وإسلامية في حقيقة الأمر ومؤدّاه على الجميع, طبقا لما أورده الكتاب.

المؤلف

- د. أحمد محمد الدغشي.

- من مواليد الحيمة الداخلية- صنعاء 1966م.

- أستاذ أصول التربية وفلسفتها المشارك- جامعة صنعاء.

- صدر له أكثر من عشرة كتب مطبوعة, وثلاثة بالاشتراك, وله ثلاثة عشر كتابا تنتظر النشر.

من أبرز مؤلفاته:

- نظرية المعرفة في القرآن وتضميناتها التربوية- صادر عن المعهد العالي للفكر الإسلامي بفرجينيا- الولايات المتحدة الأمريكية.

- صورة الآخر في فلسفة التربية الإسلامية- صادر من وزارة التربية والتعليم بالسعودية.