غادة ومحمد.. شقيقان يغنيان للحياة من وسط أنقاض غزة

الأحد 07 يونيو-حزيران 2015 الساعة 07 مساءً / مأرب برس - الأناضول
عدد القراءات 2803

ممسكا بآلته الموسيقية "الجيتار"، يجلس الفتى محمد شومان، فوق تلةٍ لركام وبقايا منازل دمرتها إسرائيل في حربها الأخيرة على قطاع غزة.

وخلف جدار عريض مُدّمر رسم عليه أحد فناني الجرافيتي باللغة الإنجليزية (أنا أحب غزة)، يعزف شومان (16 عاما)، على الجيتار مقطوعة موسيقية ويغنيها في نفس الوقت.

ويصدح شومان عاليا بصوتٍ مشحون بالشجن وهو يُردد "أملٌ خلف الأسوار، يتسلل بين النار، بعزيمته إعصار، لا تبالي يا غزة".

وعلى بعد أمتار قليلة من الفتى شومان، تقف شقيقته "غادة" ابنة العشرين عاما، وهي تُدندن إحدى الأغاني الوطنية بصوتٍ خافت.

وتسير شومان التي تغطي رأسها وترتدي زيا محتشما أنيقا في شارعٍ تصطف على جانبيه عشرات البيوت المدمرة بشكل كلي بفعل الحرب.

ويشكّل الشقيقان، ثنائيا غنائيا، مهمته كما قالا لوكالة الأناضول، أن يُظهرا الوجه الآخر لغزة، بعيدا عن الآلام والوجع اليومي.

ويقول "محمد" الذي يتولى مهمة العزف على الجيتار، للمقطوعات الموسيقية التي تؤديها غادة، إن "الموسيقى لغة كل الشعوب"، مضيفا "أنا وغادة بدنا (نريد) نحكي للعالم إنو (أنه) في غزة حياة، مش بس (ليس فقط) حروب وموت ودمار، بدنا (نريد) نعيش".

ويدرس الفتى شومان العزف في معهد "إدوارد سعيد" الوطني للموسيقى، (وهو المعهد الوحيد في قطاع غزة لتعليم الأطفال والفتيان العزف على الآلات الموسيقية المختلفة، الشرقية والغربية)، وقد حاز على المراكز الأولى في مسابقات محلية ودولية.

وفي داخل منزلهما يؤدي الشقيقان، أغنية "لأجلك يا مدينة الصلاة أصلي"، ويسعيان عبر مواقع التواصل الاجتماعي لنشر ما يملكان من موهبة، والتواصل مع مختصين في العزف والغناء لتنمية مهاراتهما.

غادة التي تمتلك وجها طفوليا، وتدرس في كلية الصيدلة في جامعة الأزهر بغزة، لا ترى في غنائها أمرا غريبا في مجتمع يتسم بأنه "محافظ"، فهي كما تروي لوكالة الأناضول، تختار جمهورها وأغانيها.

وتضيف "أنا أغني للأطفال، لغزة، للقدس، للوطن، لكل الأشياء التي تحمل معانٍ جميلة وهادفة".

وخطوة تلو الأخرى تسعى شومان، إلى تحقيق أحلامها المتمثلة في أن تصبح "منشدة، تحمل صوت غزة إلى الخارج".

ولم تعد غادة تلك الطفلة الخجولة التي قالت إنها في الصف الأول الابتدائي وأثناء حفلة نهاية العام الدراسي، في السعودية حيث كانت تقيم عائلتها، تدربت برفقة أربع صديقات لأداء أغنية عن فلسطين، وما أن خرجنّ للمسرح، وبدأنّ في الغناء حتى شعرنّ بالخجل وانفجرّن بالبكاء، بحسب روايتها.

وتضيف "يومها أنا كنت في المقدمة، وجاءت المعلمة، وقامت بإنزالنا جميعا ونحن نبكي، الآن أنا نفس الطفلة الحالمة، لكن لم أعد أخجل، بت واثقة من نفسي وموهبتي".

ويلقى الشقيقان تشجيعا لافتا من والدتهما، شرط مواصلتهما التفوق في الدراسة، وهو الأمر الذي يواظبان على تنفيذه.

وقبالة بحر غزة، يعزف محمد مقطوعة موسيقية تؤديها غادة بصوتٍ عالٍ وقوي "حلمنا نهار وخيارنا الأمل، تُهدينا الحياة أضواء في آخر النفق، تدعونا كي ننسى ألما عشناه".

ويحلم الشقيقان، وهما يسيران على الشاطئ، بأن تتحول الألحان التي يعزفانها عن الأمل والحياة إلى "واقع" يعيشون في ظلاله.

وخلال ست سنوات شنت إسرائيل ثلاث حروب على قطاع غزة، خلّفت آلاف القتلى والجرحى، والمشردين.

ومنذ أن فازت حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، بالانتخابات التشريعية الفلسطينية في يناير/ كانون الثاني 2006، تفرض إسرائيل حصارًا بريا وبحريا على غزة، شددته إثر سيطرة الحركة على القطاع في يونيو/ حزيران من العام التالي.

واستمرت إسرائيل في هذا الحصار رغم تخلي "حماس" عن حكم غزة، وتشكيل حكومة توافق وطني فلسطينية أدت اليمين الدستورية في الثاني من يونيو/ حزيران 2014.

اكثر خبر قراءة أخبار اليمن