أمريكا والقاعدة : وجهان لعملة واحدة !!
بقلم/ د.رياض الغيلي
نشر منذ: 14 سنة و أسبوعين و يوم واحد
الإثنين 08 نوفمبر-تشرين الثاني 2010 08:15 م

الإستراتيجية الأمريكية مع القاعدة تقوم على قاعدة تحويل المهددات إلى فرص . ونُقلت كلمة الإستراتيجية من الحضارة اليونانية عن كلمتها الأصلية (إستراتيجيوس) strategos و التي تعني علم الجنرال. وارتبط مفهومها بشكل صارم بالخطط المستخدمة لإدارة قوى الحرب ووضع الخطط العامة في المعارك.

ونحن نعلم جميعاً أن السياسة الأمريكية تقوم على الإدارة الإستراتيجية في المنطقة العربية التي وضعت أهدافها منذ أكثر من ستة عقود ، وهذه الأهداف المسطرة في عديد من تقارير مراكز الدراسات والوثائق الرسمية هي :

1. الهيمنة على نفط المنطقة أو منع أي دولة عدوة من السيطرة عليه .

2. تفتيت أو بلقنة دول المنطقة العربية .

3. السيطرة على ممرات ومنافذ الملاحة الدولية في الشرق الأوسط .

4. الحفاظ على إسرائيل قوية ومتفوقة على كل الدول العربية .

5. الحيلولة دون توحد العرب في أي شكل من أشكال الاتحاد الاقتصادي أو السياسي .

6. حماية ودعم الأنظمة الصديقة والحليفة للولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة وخصوصا غير العربية،سواء بطريقة مباشرة أو طريقة غير مباشرة.

7. ربط دول المنطقة بشبكة من المعاهدات والاتفاقات الأمنية و إقامة قواعد عسكرية داخل المنطقة.

وفي سبيل تحقيق هذه الأهداف الإستراتيجية دبَّرت الإدارة الأمريكية أحداث الحادي عشر من سبتمبر إثر تولي المحافظين مقاليد الأمر والنهي في البيت الأبيض بقيادة (بوش الإبن) ومن ثمَّ كان غزو واحتلال أفغانستان ، ثم روَّجت الإدارة الأمريكية لمشروع صدام حسين الوهمي في المنطقة ولفَّقت مزاعم امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل التي لم تستطع إثبات حقيقة وجودها حتى اليوم ومن ثم كان غزو واحتلال العراق .

واليوم هاهي الإدارة الأمريكية وبكل فجاجة تلفق قضية الطرود الملغومة التي تريد من خلالها أن تجد لها موضع قدم في اليمن تسيطر به على أهم ممرات الملاحة الدولية (باب المندب) .

وعودةً إلى مقدمة المقالة عن الإستراتيجية : كيف تحوِّل الإدارة الأمريكية المهددات إلى فرص ؟

أوضح ذلك بالمثال التالي : حدثني أحد الإخوة العراقيين أن القوات الأمريكية بعد احتلال العراق واجهت مقاومة شرسة من قبل فصائل المقاومة الوطنية العراقية ، وأصبحت تشكل المقاومة تهديداً خطيراً في ظل تزايد القتلى والجرحى في صفوف الجيش الأمريكي المحتل ، وبعد أن فكرت الإدارة الأمريكية وقدّرت .. دبرت أمرها وأحكمت رأيها بالتعاون مع عملائها في العراق ؛ فرأت أن تحوِّل هذا التهديد المتمثل في المقاومة الوطنية إلى فرصة تستفيد هي منها على مستوى المنطقة ككل وليس في محيط العراق فحسب فقامت بتشكيل (قاعدة وهمية) بزعامة محكومين في جرائم أخلاقية ودعمتهم بالمال والسلاح فأصبحوا يفجرون أمام المزارات وداخل المساجد وفي الأسواق ، ويفخخون سيارات المواطنين الأبرياء وكانت نتائج هذه العمليات الإجرامية آلاف القتلى والجرحى، وعقب كل عملية كانت تُلصَقُ التهمة بالمقاومة الوطنية العراقية التي كان يطلق عليها من قبل الإعلام الغربي والإعلام العربي المساند له (القاعدة) ، ونتيجة لهذه العمليات المدبرة كره معظم الشعب العراقي المقاومة وتخلوا عن دعمها بل وشكلوا في مواجهتها جيوش شعبية (كالصحوات) ، وهكذا نجحت الإدارة الأمريكية في تحويل التهديد إلى فرصة ، فقلَّ القتل في صفوف الجيش الأمريكي وأصبح الضحايا هم الأبرياء من أبناء الشعب العراقي الذين راحوا ضحية الغزو أولاً ثم ضحية عصابات القتل والإجرام تالياً .

الإدارة الأمريكية اليوم تطبق نفس الإستراتيجية في اليمن ، أرسلت (أنور العولقي) إلى اليمن ليتزعم ما يسمى بتنظيم القاعدة في جزيرة العرب ، وهو الذي ولد ونشأ وترعرع ودرس وتعلم وتثقف وصُبغ في أمريكا ، فهو باختصار (ابن أمريكا) ، ومنذ أُرسل العولقي والجهاد منصب ضد الشعب اليمني البرئ سواءً من خلال العمليات القاعدية أو من خلال قصف وملاحقات الأجهزة الأمنية أو من خلال القصف الصاروخي الأمريكي، الأبرياء من أبناء هذا الشعب هم الذين يُقتلون ، أما الأمريكان فهم بمنأى عن كل ذلك وأعضاء التنظيم كذلك ، ولو كان الأمر غير ذلك فتعال أخي القارئ نحسب : كم أمريكي قُتل منذ ظهر أنور العولقي ؟ لا أحد ... لأن العولقي في الأصل (صناعة أمريكية) ولا يمكن أن تصنع أمريكا آلة تستخدم في إيذائها .

وإن كان هذا المكر الأمريكي بهذه الدرجة من الحياكة والدهاء ، فالله خيرٌ مكراً وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون . 

* أكاديمي وكاتب يمني