عندما يصبح النفق المعلوم قضية أمن دولة وبامتياز ..!
بقلم/ طارق مصطفى سلام
نشر منذ: 10 سنوات و 3 أشهر و 11 يوماً
الأربعاء 13 أغسطس-آب 2014 02:49 م

(هو الانحياز للحق والدفاع عن الحقيقة لا غير, ولو شعرت لوهلة بسيطة أو للحظة واحدة بأن قضية النفق المفتعلة هي قضية حق ومسألة حقيقية, كانت جنائية أو إرهابية ولا تشوبها أي شكوك مناقضة ,وبأنها عن حق وحقيقة تستهدف حياة الرئيس السابق (صالح) لما ترددت لحظة واحدة في ادانتها كعملية إرهابية أو حتى كجريمة جنائية, حيث لا شك بأنها في الحالتين ستكون جريمة وعمل ارهابي في منتهى التطرف وغاية في البشاعة, ولكنت أعلنت تضامني مع الرئيس السابق (صالح) ودون حدود ..) .

ولكن يا رفاق و يا جماعة .. و يا أهل الخير والشهامة, القضية ذاتها (هنا)واضحة المعالم وبينة الدوافع ومكشوفة النوايا والأهداف, بل هي مسرحية هزيلة الاخراج وضعيفة الأداء وللأسباب الوجيهة التي سنأتي على ذكرها لاحقا ..

والنفق المذكور لم يكن يوما مجهول الهوية وغريب الملامح, أو أنه خفي التضاريس والمعالم, بل هو معروف تماما عند (صالح) ومنذُ عدة سنين ..! .

نعم هو نفق قديم تم حفره وشقه في العام 2011م وبناءً على طلب الرئيس(صالح) حينها, عندما كان زخم الثورة الشبابية يتصاعد يوم عن يوم, ويكاد يصل إلى محيط أسوار قصر (صالح) مما أثار رعبه وزاد من قلقه, فما كان منه إلا أن فكر في حفر ذلك النفق السرداب (محل الاشكال الأن) لضمان وجود مخرج أمن له يكون من داخل القصر ويؤدي إلى خارجه (ولأسباب فنية ولدواعي أمنية بدأ العمل في النفق من نقطة النهاية وهذا شيء طبيعي في عمل انشائي كهذا يتم في قصور الرؤساء العرب وقلاعهم الحصينة وفي ظل الظروف العادية والاوضاع المستقرة, فما بالكم ان يتم العمل تحت ضغط ثورة مستعرة وفي ظل تلك الظروف الطارئة والمعروفة لنا جميعا ) فكان له ذلك النفق المعلوم للرئيس والخفي عن أنظار العامة فقط ..إلا ان العمل لم يكتمل فيه (خاصة بعد ان سلم (صالح) السلطة ل(هادي) فطابت النفوس وهدأت الأمور) وتبقى منه عدة أمتار لا أكثر ..لتتحول هذه الأمتار القليلة المتبقية في النفق المعلوم إلى قضية ارهاب مجهول وموضع أتهام شائك لعمل ارهابي غامض ..

لتصبح قضية النفق المعلوم وهويته المعروفة سلفا (قضية مسيسة بامتياز) .. وسبحان مغير الأحوال من حال إلى حال .

نعم, ولأنه كان هناك موعد لاحق مضروب للرئيس السابق (صالح) للمثول أمام لجنة الخبراء الدوليين لتقصي الحقائق يوم الثلاثاء الموافق (12أغسطس2014م) فكان لابد ان تتطور الأمور بشكل دراماتيكي ويصبح هذا النفق المتعوس جريمة ارهابية كبرى وقضية أمن دولة من الدرجة الأولى في اليوم السابق للاستدعاء وهو الاثنين الموافق(11أغسطس2014م) .

وأنظروا كيف تسارعت الأمور وتعقدت كثيرا بعد ان تصاعدت بشكل خطير ومريب ومنذُ بداية الاعلان عن القضية الارهابية باكتشاف النفق المعلوم تحت منزل الرئيس السابق (صالح)!! بل أنهُ ومنذُ اللحظات الأولى لبث شائعة الخبر المفبرك قام مخرج سيناريوا اللعبة (الفتنة) بتسريب كمية هائلة من الاخبار المغرضة ودفعة واحدة, أهمها التأكيد بأن من قام بالعملية (أنفة الذكر) هم زمرة آثمة معروفة (سلفا) من الحراسة الخاصة (لصالح) ممن(تحوثوا) مؤخرا بعد أن كانوا من الصالحيين لا الصالحين !! وأن كبيرهم الذي قاد العملية برمتها ويحمل رتبة عسكرية كبيرة فر هاربا بطقم عسكري إلى عمران, وإلى مدينة عمران تحديدا وتخصيصا !! ولماذا إلى مدينة عمران تحديدا ؟ وليس إلى أي منطقة أو ناحية أو مركز أو مؤسسة أو مديرية أو قرية أو قبيلة الخ مجهولة للتخفي أو معلومة ينتمي اليها جغرافيا أو قبليا فذلك الأنسب لاختفائه أو أنه الأجدر لحمايته عوضا عن علاقات المدينة الهزيلة ومعالمها المكشوفة والمعروفة للجميع ..!!, وكان ذلك من الأفضل له ولصالحه وهو الضابط الأمني المحنك والكبير الذي لا يمكن لهُ ان يغفل جزئية بهذه الأهمية القصوى في هذا الجانب المهم والخطير, وهو المتهم الملاحق الذي فر هاربا من الأخطار المحدقة بهِ من كل حدب وصوب, وهو ذلك الجاني المفترض التي تلاحقه المزاعم وتحيط بهِ المخاطر الوشيكة من كل جهة ومن كل جانب .

والأهم من كل ذلك, كيف وصلت هذه المعلومة الدقيقة وبهذه السرعة الملحوظة إلى طرف المخرج العامل عند (صالح)؟! وكأن هناك من أوصل ذلك الضابط الهارب لمدينة عمران فعلا, ولكن في إطار مسار سيناريوا أخر, حيث يودعه الأمانات هناك (لدى جهة مجهولة لنا ومعلومة عند المخرج الهمام) وكعهدة مؤقتة لحين الطلب ..!.وبهذه الاشارة العابرة للضابط الضحية (هنا) تصبح حياته (هناك) في خطر محتمل بل وموت محدق لشر داهم .

نعم, يقوم العميل المزدوج بإيداع المتهم الضحية أمانات الجهة المجهولة (إلى حين)في تلك المدينة (التي يفترض بحسب السيناريو المرسوم بأنها مدينة عمران) لحين الطلب ثم يعود متعجلا ليخبر ذلك (المخرج المضطرب).. فيطمئن قلبه ويذهب بعيدا في التصعيد (للاتهامات والمواقف) وفي تفاصيل هذا المشهد الدرامي العابث وبتلك الكيفية السينمائية الهابطة ..

ويتعجل (المخرج الذي أصبح واثقا من الأمر) بتسريب الأخبار الكاذبة والشائعات المضللة للمساس بتنظيم (أنصار الله) دون وازع من دين أو مانع من ضمير, ثم يرسل الكلام على عواهنه وكيفما يشاء ليرمي التهم جزافا ويوجه أصبع الاتهام المباشر ل(جماعة الحوثي ) دون براهين تقدم أو ادلة تذكر, معتمدا فقط على بثه للشائعات المغرضة وتزويره للقرائن الكاذبة ومنها ما قاله عن بعض حراسه المخلصين بأنهم قد صاروا متحوثين وكأن ذلك دليل قاطع وكاف, ثم يضيف بلئم غريب, بأن من أشرف على حفر النفق هم أثنين من المهندسين العرب ممن يحملوا (الجنسية اللبنانية) وكأن الهوية اللبنانية محصورة في الولاء والانتماء على (حزب الله) في لبنان و(أنصار الله) في اليمن !! نعم هو كلام مدسوس وحاقد لا يقوله إلا مبتز ومتهور..!.

وتذكرني قصة نفق (صالح) الغريبة بأفلام (الكابوي) الشهيرة, نعم الأمر (هنا) يبدوا وبوضوح شديد كأحد أفلام هوليود (الكابوي) التي تصور فيها الجريمة المتخلفة لرموز الاقطاع في سهول ومراعي ولاية (تكساس) ولكن ذلك كان يتم في ظل علاقات المجتمع الامريكي الاقطاعي البائد وفي مستهل القرن الثامن عشر الميلادي وما قبله ولأغراض الصناعة السينمائية المسلية فقط, وعندما تطور المجتمع الامريكي وتغيرت تلك العلاقات الانسانية المعبرة عن المصالح الاقتصادية فيه رحلت تلك النخبة عن السلطة بسلام, بينما عندنا (هنا في اليمن) يحدث العكس وبعنف شديد لا يصدق ولا يقبله عقل أو منطق لأن السلطة السابقة لا تقبل بسنة الله في التغيير, ولذلك يرفض(صالح) المغادرة بسلاسة وأمان, ويعمل على إخراج فلم رعب (أكشن) في الواقع ولكنه من نسج الخيال!! وتحديدا هو (فلم) من ذلك النوع الرديء في الاخراج والحبكة الدرامية, والمتخلف في التقنية ومواده الصناعة, فجاءت مشاهد الفلم متناقضة الشواهد ومتداخلة المعالم وركيكة التنفيذ والاداء, وهو كعمل درامي عبارة عن مسرحية هزلية وعرض هزيل لا يسير وفق تسلسل المشاهد وترابط الأحداث ومنطق السياق, وتظل كمسرحية غير مقنعة في التفاصيل وكما ينبغي لها ان تكون في مسار تطور الاحداث, وفق سرد سلس ومنتظم لسيناريوا محكم الوقائع ومتناغم المشاهد, ويبدوا أنه عرض مسرحي ضعيف الطاقم مهزوز الاركان وهابط القيم, ولهُ أكثر من مخرج نافذ, بل أنها رواية هزيلة وباهتة لا تحكي القصة وفق رؤية موحدة وشاملة بل يبدوا أن لها أكثر من كاتب واحد غير متمكن وعديم القدرات والمواهب والقيم, فكاتب السيناريو المعني والذي كان يفترض بهِ التمهيد الجيد للوقائع والأحداث والوصول للنهاية المطلوبة بشكل مقنع وجذاب, جاء منذُ البداية متحفزا ومتسرعا على غير ما كان يريده المنتج الممول وعلى عكس ما يتمناه المخرج المنفذ ! فلم يمهل الحبكة لتنضج ولا الوقائع لتكتمل, حيث طغت عليه مشاعر التعالي والغرور الزائد, فتعامل بعقلية العصابة المتخلفة التي لا تحترم ادراك المواطن المكافح ورغبته في التطور والعيش بكرامة وسلام, ولا تؤمن بوعي المشاهد المتابع وحريته في تقرير مستقبله ومصيره باقتدار, ولا تعمل أدنى حساب واهتمام لكل ذلك! نعم هو ذلك الكاتب المغامر والسيناريست المقامر ممن تنحصر كل مواهبه ملكاته في الرهان على نجاح نظرية المؤامرة الظالمة, وكل أمله أن يقتنع بها المواطن المشاهد في الداخل والخارج, لتنجح معها الرواية المسرحية على خشبة المسرح المخادع !!

نعم هو ذلك المغامر الخاسر الذي يراهن في النجاح على حسن الطالع فتنحصر كل فرص نجاحه على ضربة حظ لا يمكن لهُ ان يضمنها أبدا, كما لا يمكن للرب أن يمكنه منها مطلقا وهو يضمر كل هذا الحقد والشر على عباده من عامة الشعب ..

كما أنه ذلك المقامر الخبيث الذي يعقد كل أماله في الفوز على الحالة المزرية للمواطن اليمني البسيط (الذي بات أسيرا للفقر المدعق والحاجة المتزايدة بعد أن نالت منه الجرعات السعرية المتتالية) وعلى ضعف قدراته وموارده وذاكرته وبالتالي استغراقه في الهم الخاص وعدم اهتمامه بالشأن العام ..!.

نعم هو السيناريو الخبيث الذي يعتمد في نجاحه على ضربة حظ عابرة أو الرهان على غباء وضعف المواطن البسيط المغلوب على أمره.. وهي المسرحية الهزيلة لمخرج مغمور أراد بها ومن خلالها التطاول على الشعب بعد أن طال به العمر فأراد قضاء ما تبقى منه في (أذية ومضايقة الناس) وممارسة سلوك الحاقد وتقمص دور المنتقم وهو النهج الظالم والاداء الفاسد الذي نهى عنه (الخالق) في كل مكان و كل زمان ..

والله المستعان .