الإخوان .. القهر يصنع النصر
بقلم/ ابو الحسنين محسن معيض
نشر منذ: 11 سنة و شهرين و 28 يوماً
الإثنين 26 أغسطس-آب 2013 07:10 م

كم حاول المشركون في مكة أن يثنوا النبي ( صلى الله عليه وسلم ) عن تبليغ دعوة الإسلام مستخدمين كل وسيلة ممكنة وكل أسلوب متوفر حتى وصلوا للطرد من الوطن بعد محاولة الاغتيال الفاشلة . وبعد الهجرة زادت محاولاتهم في تفتيت الصف الإسلامي بوجود معاونين ومندسين من يهود المدينة والمنافقين , وتنوعت بين دسائس وتجسس وتثبيط همم وشراء ذمم وبين مواجهات عسكرية مسلحة تم فيها بذل الروح في سبيل الله . وانتهى الأمر باتفاقية هدنة خرقها المشركون , وما بعد الخيانة إلا إثبات الوجود فكان فتح مكة والتمكين . تذكرت محطات هذه السيرة العطرة وأنا أستعرض المسيرة المباركة للإخوان المسلمين في مصر منذ أن أسسها الإمام \" حسن البنا \" في مارس 1928م وما فيها من صعاب وقسوة . فقد قام محمود النقراشي رئيس وزراء مصر آنذاك بحل الجماعة في أعقاب عودة مقاتليها من حرب فلسطين وبتهمة تشابه كل تهمة يتعرضون لها حتى يومنا هذا وهي \" التحريض والعمل ضد أمن الدولة \". ولكن هذا وحده لم يحقق الهدف المخطط له مسبقا فتم اغتيال مؤسس الجماعة مساء السبت12 فبراير 49م . وبعد ثورة يوليو 52م زاد توسعهم وسطع نجمهم حتى وصل بهم الأمر إلى إجبار النظام على مسايرتهم بعد أن رأى حجم المظاهرة التي أحاطت بقصر عابدين في مارس 54م مطالبة بالحكم المدني وعودة العسكريين إلى ثكناتهم , عندها تنبه النظام الناصري لمدى تأثيرهم في الميدان فتم حبك قصة حادثة ميدان المنشية بالإسكندرية في 26 أكتوبر 54م والتي أُتهم فيها الإخوان بمحاولة اغتيال جمال عبد الناصر ليتم حل الجماعة وفتح أبواب الانتقام لقتل وسجن ألاف من الكوادر العلمية والثقافية وخيرة أبناء الأمة دون ذنب يستحق تلك الإبادة الجماعية التي فاقت في بشاعتها كل عملية أخرى على مر التاريخ .

واستمرت الاعتقالات في عهدي السادات ومبارك فمع أدنى معارضة على أي قرار تقوم أجهزة الأمن بالقبض عليهم ومصادرة أموالهم وأجهزتهم الخاصة وتضعهم تحت الحبس الاحتياطي والاعتقال والتعذيب وفقاً لقانون الطوارئ الذي تم العمل به في 1981م . كما ذاق الإخوان مرارة الهجرة فرارا من ظلم الحاكم فتفرقوا في أنحاء الأرض وكان له أثرا طيبا في نشر الدعوة في بلدان هجرتهم . وفي تخطيط الطغاة الشيطاني بفرض مصطلح الديمقراطية في شئون الحكم استطاع الإخوان استيعابه محبطين المخطط المبني على بديهية رفض الجماعة له كمصطلح بدعي لا يتوافق مع شرع الله . ودخل الإخوان الانتخابات البرلمانية عام 2005 م وحازوا 88 مقعدا , وترشحوا لعضوية مجالس النقابات المهنية رافعين شعار ( الإسلام هو الحل ) فاكتسحوا نقابة المحامين والمهندسين والأطباء والصيادلة إلا أن الدولة جمدت معظم أنشطتهم ووضعتها تحت الحراسة . وبهذه الديمقراطية وصلت الجماعة إلى كرسي الحكم بعد ثورة 25 يناير , حيث أسس الإخوان حزب الحرية والعدالة في 6 يونيو 2011م وانتخب مجلسُ شوراهم محمد مرسي رئيسا للحزب وعصام العريان نائبا ومحمد الكتاتني أمينًا عامًّا , وخاض الحزب أول انتخابات تشريعية ضمن التحالف الديمقراطي ونجح في الفوز بنحو 47% في مجلس الشعب و 59% في مجلس الشورى . وبعد هذا النجاح تنبه اللوبي الرابض في جسد الأمة إلى خطورة توليهم حكم مصر ومدى صلتهم مع سلطة الإخوان بغزة وليبيا وتونس وتركيا وكيف ستتشكل خلافة إسلامية راشدة ينبعث منها خطر حقيقي على كيان إسرائيل ومصالح أمريكا وحكام المنطقة , فكان لزاما عليهم جميعا إيقافهم والعودة بهم إلى عهود مضت . فتم القبض على مرسي ومئات من إخوانه وتم إعادة أحكام الطوارئ وتنشيط عمليات الاعتقال والقتل واكتساح الاعتصام السلمي القانوني , معتقدين أنهم بذلك سيحققون ما فشل فيه من هو أشد منهم قوة . لم يتعظ الظالمون بما مضى من أحداث ولم يدركوا جيدا أن هذه الجماعة لديها مصل يقيها شر فيروسات الخيانة الساعية للقضاء عليهم , وأن لديها حصانة ضد الوهن والتفتت أخذتها من تجارب وأحداث غابرة زادتهم فيها الشدة قوة والعذاب ثباتا والمحنة تلاحما والقتل صبرا , ويزدادون يقينا أن تلك البأساء والضراء والزلزلة الحالية ستحقق لهم التمكين وأن ما يعانونه اليوم أنما هو التمحيص والتمايز وليتخذ الله منهم شهداء . وأن بعده البشارة المحببة \" نصر من الله وفتح قريب \". وإن عدتم عدنا وأن الله معنا .