سفارات اليمن.. منفى أم مكباً للنفايات؟!
بقلم/ د. عبد الله أبو الغيث
نشر منذ: 12 سنة و أسبوعين و 3 أيام
السبت 03 نوفمبر-تشرين الثاني 2012 06:02 م

"رجحت المصادر أن يصدر الرئيس هادي قرارات بتعيين بعض القيادات العسكرية والأمنية الموالية للرئيس السابق علي عبدالله صالح ولقائد الفرقة الأولى مدرع اللواء علي محسن الأحمر، في مناصب دبلوماسية بسفارات اليمن في الخارج كسفراء أو ملحقين عسكريين . ورجحت المصادر أن يكون إرجاء الرئيس هادي إصدار قرارات بتعيين سفراء جدد بدلا عن الممثلين الدبلوماسيين الذين تم استدعاؤهم من قبل وزارة الخارجية في وقت سابق، يعود إلى رغبته في استغلال المناصب الدبلوماسية الشاغرة لتحقيق تسويات توافقية ومرضية مع عدد من الشخصيات العسكرية والأمنية المثيرة للجدل التي يعتزم تغييرها من المناصب التي تشغلها حالياً للتهيئة لبدء خطة إعادة هيكلة الجيش بما يسهم في الحد من احتمالات اندلاع حركات تمرد عسكري كالتي تزعمها بعض القيادات الموالية للرئيس السابق احتجاجاً على إقصائها من مناصبها \".

الخبر السابق نقلناه بالتنصيص من موقع صحيفة الخليج يومنا هذا الأربعاء 31 أكتوبر، ويتضح من خلاله أن الرئيس هادي ومعه حكومة الوفاق قد قرروا السير على نهج النظام السابق في التعيينات؛ خصوصاً داخل السلك الدبلوماسي، فنحن نعرف بأن سفارات اليمن ومنذ أن نشأت الدبلوماسية المعاصرة لم تقم على المعايير المتعارف عليها عالمياً، بحيث يعين فيه أهل الاختصاص والكفاءة والخبرة والقدرة.

لكنها مع ألأسف الشديد تحولت إلى منفى للمسؤولين المستغنى عنهم أو غير المرغوب فيهم، وكذلك بعض المرضى والطلاب من النافذين الذين تم تعيينهم فيها بغرض مساعدتهم بواسطة المرتبات التي يحصلون عليها، وهو ما حول تلك السفارات والقنصليات إلى مكب للنفايات، صارت معه سفاراتنا مع الأسف الشديد وكراً منتناً للفساد، وهو ما أوصل السياسة الخارجية لليمن إلى الحضيض.

واليوم ها هو الرئيس هادي وحكومته يصرون على السير في نفس النهج العابث، متناسين أنهم لم يصلوا إلى مواقعهم إلا بفضل ثورة فبراير الشعبية وتضحياتها الجسيمة، والتي لم تشتعل إلا ضد سياسات الفساد والإفساد التي كانت قائمة قبلها، وخرجت جموع الشعب فيها تنشد التغيير نحو الأحسن والأفضل، ولم تخرج لتطالب بتدوير قوى العبث والفساد من مواقع إلى أخرى.

وعلى افتراض أن ذلك يتم من أجل إتمام عملية هيكلة قوات الجيش والأمن كما ورد في الخبر، فكيف نسمع لأنفسنا أن نصلح موقعاً على حساب تخريب موقع آخر؟ ولماذا نوحد الجيش مقابل تدمير سياستنا الخارجية بمدها بعناصر ليست مؤهلة لإدارة مواقع دبلوماسية ولا تمتلك الخبرة لذلك؟.

ذلك الأمر لا ينطبق على العناصر الفاسدة فقط، ولا على العناصر العسكرية والأمنية وحدها، لكنه أيضاً يشمل الفاسدين المدنيين، وكذلك كل من يفتقد للخبرة الدبلوماسية حتى إن كان منزه عن الفساد.

خلاصة القول: الثورة إنما خرجت تنشد التغيير الشامل والكامل، والتغيير هنا لا يقصد به تغيير الأشخاص ولكن تغيير السياسات وثقافة الإدارة العابثة التي كرسها النظام السابق، وبدون أن يتحقق ذلك سنظل ندور في حلقة الفساد المفرغة ولن نبارحها.

ومن بداهة القول أن التغيير الذي نتحدث عنه هنا لا يشمل المجال الدبلوماسي فقط لكنه يشمل كل جوانب حياة الدولة اليمنية دون استثناء.. وما لم يتحقق ذلك فالثوار لن يتكيفوا مع الواقع الجديد كما يعتقد البعض لكنهم سيرفعون شعار: ليرحل الجميع.