يوم من حياة الرئيس المخلوع
بقلم/ عبدالعزيز العرشاني
نشر منذ: 12 سنة و 7 أشهر و 15 يوماً
الأحد 08 إبريل-نيسان 2012 05:35 م

يعاني المخلوع من حالة نفسية سيئة أشبه بسكرات الموت أشّقّى نفسه ومن حوله بيومه المسرحي الروتيني فهو يقوم في الصباح الباكر ليلبس بزته العسكرية وليظهر على شرفة قصره ملوحا بيديه الاثنتين (كصنيعه في الأيام الخوالي ورفعه ليديه ملوحاً لمناصريه) لمرافقيه المستعدين ليل نهار لمجاراته خوفا على رواتبهم ثم يأخذون في التصايح وبلغط وفي إيقاع موسيقي مختلط وبإيقاع جنائزي.. بالروح بالدم نفديك يا علي.. وقسما بالله الجبار غيرك يا علي لن نختار.. يواكب كل ذلك لمعان لفلاشات كاميرات التصوير بينما كاميرات الفيديو تتابع كل حركه وتسجل ما يحدث ويدور.. يتحرك ليطوف في قصره وفي الممرات وأمام الأبواب ويستقبله الجند بأداء التحية العسكرية في صفوف منتظمة وفي عرض عسكري كبير وعلى وقع صوت اصطكاك البلاط تحت أقدامهم ويظل في جولته العسكرية يمشي بتؤدة مارا بكل ركن وزاوية وممر من قصره الفاره.

يعود لداخل قصره ليغير ملابسه العسكرية ببدلة عصرية وكرافتة ويرجع على عجل مطلا من شرفة قصره ملوحا بيديه على مرافقيه وبدورها تبدأ الجوقة الموسيقية الوصلات الإنشادية.. بالروح بالدم نفديك يا علي.. بينما تلمع فلاشات كاميرات التصوير وكاميرات الفيديو تتابع كل حركة تصدر منه.. وينزل من الشرفة وحوله جمع من المدنيين وكأنهم وزراء ومسئولين في الدولة ويجلس يحيط به الجمع مستمعا تارة وهم يدلون بتقاريرهم المصطنعة وتارة أخرى يرفع عقيرته بأوامر ملكية لمن حوله.

يعود بعدها إلى داخل قصره وحوله الجمع ليغير ملابسه بالزي الشعبي ويخرج على عجل بالثوب الأبيض والكوت وحول كتفيه يتموضع الشال وبدون جنبيه تزين وسطه لعجزه عن حملها وعلى نفس النمط يطل من الشرفة ويرفع يديه ملوحا لمرافقيه وجوقة المنشدين تزعق.. بالروح بالدم نفديك يا علي.. بينما تلمع فلاشات كاميرات التصوير وكاميرات الفيديو تتابع كل حركاته.. وينزل على مهل وحوله جمع من المدنيين أشبه بالمشائخ والعقال ليمر على حديقة قصره متبادلا أطراف الحديث مع من حوله بلغة فعل الأمر وتكون الساعة في الغالب العاشرة صباحا.

يعود ليدخل إلى قصره لينتهز الفرصة مرافقوه ويزدردوا لقيمات إفطارهم سريعا مستعدين لنداء الواجب في أي وقت.. يخرج المخلوع سريعا وقد لبس بنطلون وفانيلة طويلة الأكمام ويطل على جمع المرافقين من شرفة قصره لتصدع التراتيل.. بالروح بالدم نفديك يا علي.. ولمعان فلاشات كاميرات التصوير مع كاميرات الفيديو تتابع حركاته أولاً بأول .. وينزل من على الشرفة ويتجه نحو حظيرة السيارات وجمع من مرافقيه بانتظاره ويعتلي أحدى السيارات ويتحرك الموكب ببطء نحو ميدان السبعين ويطوف حول مسجده الصالح سبعا.

يعود الموكب إلى القصر وقد أصبح الوقت ما بعد الظهيرة ويتناول الجميع غداءه على عجل استعدادا لأي طارئ.. يدخل السابق إلى القصر ليبدأ الهاتف بالعمل من بعد الظهر حتى المغرب في اتصال مستمر داخليا وخارجيا, فأحيانا يتم أجابته وبخاصة ممن لازالوا ضمن عقد المسبحة وأحيانا كثيرة يتم تجاهله.

في المساء يبدأ زوار الليل بالتوافد ابتدأ بالحوثيين معهم قيادات من الحرس الثوري الإيراني والأمن القومي المنضوين تحت مسمى القاعدة وعناصر يندرجون في قائمة السفارة الأمريكية وعلى رأس كل هؤلاء العوبلي ذائع الصيت في مجال التنجيم وقراءة الطالع فلا يكاد يتخلف ليلة واحدة ويجتمع مع المخلوس (كلمة تجمع بين كلمتي المخلوع والسابق وتدل على تعريه من الجلد – اللهم لا شماتة - بفعل الحروق الناتجة عن حادثة النهدين التي خطط لها للتخلص من أسماء يرى أنه بقتلها يلعب بورقة أخرى ضد الثورة. كما تدل على تعريه من المصداقية والأمانة والأخلاق) بالساعات الطوال وأحيانا يجتمع به مع شخص آخر من المتعاطين للسحر والتنجيم وقراءة الطالع قريبا من مسبح داخلي بالرغم من أن له من قبل رمضان لم يعرف جسده الماء سواء غسل أو استحمام بسبب منع أطباءه من وصول الماء لجلده المزروع على حروقه الواسعة التي تغطي جسده ومنعه من التعرض للهواء الطلق الذي يسبب الالتهابات وتعفن جسمه, وبعد خلو زوار الليل يختلي بنفسه مع كتاب شمس المعارف وكتب أخرى تحمل الكثير من الأرقام والرموز ويحاول بقدر الاستطاعة قراءتها بالرغم من المشقة والصعوبة الكبيرة التي تظهر من خلال تكسيره للحروف والتا تاءه للكلمات مع طقوس غريبة وعجيبة تتخللها رائحة البخور كجزء من الطقوس التي يقوم بها ولتغطي على نتن رائحته.