الدكتور عمر عبد العزيز: اليمن ما زال يعيش حالة من المخاض العسير
بقلم/ مأرب برس
نشر منذ: 12 سنة و 5 أشهر و 21 يوماً
السبت 02 يونيو-حزيران 2012 06:02 م

 

قال الدكتور عمر عبد العزيز في حوار له مع صحيفة الجمهورية إن اليمن ما زال يعيش حالة من المخاض العسير الذي يقتضي استحقاقات كثيرة ماثلة أمام الحكومة التوافقية وأمام القيادة السياسية ممثلة بالرئيس عبدربه منصور هادي لاتخاذ تدابير عاجلة تفضي إلى حلول جوهرية..

حاوره/ ثابت الأحمدي

ـ بداية قراءتك لآخر مستجدات المشهد الراهن؟

أعتقد أن الوضع الحالي امتداد لفترة الأزمة ولكن هناك انفراجة نسبية أو أمل بانفراجة نسبية على قاعدة التوافقية اليمنية على المبادرة الخليجية وبناء على مبدأ التحول والتغيير. الجديد ربما التوافقية الداخلية جرت مؤخراً.. ونحن نتكلم هنا عن تسوية سياسية في البلد لكن هذه التسوية لاتزال مفتوحة على برنامج شامل، ربما تعثر هذا البرنامج إلى حد ما خاصة فيما يتعلق بإعادة هيكلة المؤسسة العسكرية وأيضاً إعادة هيكلة الدولة.. الدولة بالمعنى الكامل للكلمة، نحن نتكلم عن عنصرين هنا في آن واحد، عنصر يقبل بالتغيير ويقول به وأنه مسألة حتمية استناداً إلى الحقائق الموضوعية الماثلة على الأرض، والآخر عنصر جدلي يتعلق بمن يرفض هذا التغيير، وهذا أمر طبيعي أن يكون هناك متطلعون للتغيير ويكون هناك آخرون رافضون للتغيير، هذا الصراع يأخذ أشكالاً متعددة نأمل ألا يتطور إلى حالة من الاحتدام خاصة إذا ما علمنا أن الصراع قائم الآن بين المؤسسة الأمنية والعسكرية على وجه التحديد، باختصار قراءة المشهد بكل بساطة يكمن في أننا مازلنا نعيش حالة من المخاض العسير، يقتضي استحقاقات كثيرة ماثلة أمام الحكومة التوافقية وأمام القيادة السياسية ممثلة بالأخ عبدربه منصور هادي، وبالتالي لابد من اتخاذ تدابير عاجلة للقيام بحلول جوهرية وحقيقية، ولابد من فضّ الاشتباك الحاصل المكبوت وغير واضح الملامح، لكنه ماثل من خلال ثقافة الاستقطاب وثقافة التسابق لذلك ورؤية البعض أنه يمتلك الحقيقة لمفرده.

ـ ربما أشرت إلى الخلل في بنية النظام أو الدولة بشكل عام ولكن أين يكمن هذا الخلل تحديداً؟

الخلل قائم في بنية الدولة نفسها، الخلل ليس وظيفياً ولكنه خلل هيكلي يكمن في أن طبيعة النظام الذي كان سائداً في اليمن نظام جمهورية أوتوقراطي يعتمد على الشخصانية والفردية، وهو جزء من خلل الجمهوريات العربية، لأنها جمهوريات بالاسم لا علاقة لها بفقه الجمهوريات ولا بأدبها، لقد تحولت إلى جمهوريات أوتوقراطية وتفردنت وتشخصنت حتى أصبحت عائلية، وبالتالي فهذا وجه من وجوه الخلل بين السلطة والمؤسسة، بين السلطة والشارع، حصل هذا النوع من الشرخ البالغ بين هذه المستويات الناظمة للحياة، وأصبحت السلطة كالفلين معلقة ورجراجة مثلما أصبحت المؤسسة مخطوفة من قبل السلطة، بعد أن تماهت معها في قضايا الفساد فيما يتعلق باستباحة المال العام، بعدم احترام قدسية الوظيفة باعتبارها واجباً ومسئولية، كل هذه الأشياء حصلت في ظل هذا الوضع، نحن اليوم نتكلم عن الخلل الهيكلي، وهذا الخلل الهيكلي لا يطال العلاقة بين المؤسسة والسلطة فحسب بل يطال بنية الدولة الشاملة التي يجب إعادة ترتيبها على قاعدة الدولة الاتحادية أو أي شكل كان، المهم أن تكون هناك مبادرات خلاقة على الأرض وأن تكون هنالك مشاركة حقيقية ومواطنة متساوية وأن تقرن الهوية بهذه المواطنة باعتبار أن الهوية تعني بكل بساطة هذا التضمين الكلي للحق والواجب، نحن اليوم أمام حالة مغالبة من الوضع غير السوي، أمام مغالبة ثقافة طارئة على المجتمع تخالف العادات الجميلة في القبيلة وتخالف السائد مما كان قد عهده المجتمع المدني من خطوات متقدمة سابقاً ابتداء من مدينة عدن أو تعز أو غيرهما، كل هذه الأشياء تمت مصادرتها بفعل الأتوقراطية التي مورست بعد أن كنا نأمل أن نأخذ أفضل مما عند الشطرين سابقاً عقب الوحدة اليمنية وإن كان ما حصل في الجنوب أكثر تراجيدية لأن التجربة المدنية في الجنوب تمثلت معنى الدولتية ومعنى النظام والقانون والحقوق والحماية المجتمعية وما إلى ذلك من القيم المدنية والحضارية.

ـ دكتور.. المشهد الثوري تراجع مؤخراً ويكاد يكون انتهى، المشهد السياسي هو الغالب الآن وهو سيد المشاهد كلها مع ما يمكن أن نسميه عملية كر وفر بين النجاح والفشل؟

ما يحدث اليوم انتظار محفوف بالأمل وبالتحفز في آن واحد وعلينا أن نعرف أننا لن نستطيع مغادرة الماضي بطريقة بسيطة وبالتالي لدى الكثير نوع من الأمل بأن تؤدي هذه التوافقية السياسية إلى حلحلة بعض الأمور، وحل بعض المشاكل، وأنا أعتقد أن ذلك ممكن في حالة التعايش، وكلا المشهدين موجودان، المنطق السياسي والمشهد الثوري الذي يراهن على ما يمكن أن يسمى بالممكن السياسية في إطار أحزاب اللقاء المشترك ومن يتحالف معه، وهناك للأسف بعض الفئات المقيمة في وهم اللامعنى إن جاز المعنى، هذه الفئات لاتزال تتمترس خلف أوهام تاريخية معتقدة أن التاريخ سوف يعود إلى الوراء.. هناك من يعيش حالة استيهام بأن التاريخ سيعود إلى الوراء وهذا أمر مستحيل لأنه ضد نواميس الكون، وضد المنطق العاقل، وبالتالي فمن لا يلتحق بركب المتغير ويؤمن بالتغيير سينحشر إلى زاوية ضيقة وحرجة.

ـ طيب برأيك ما هي أولويات المرحلة القادمة؟

أعتقد أن هناك محطات مهمة جداً تتعلق بالتنفيذ الحقيقي للمبادرة الخليجية ولابد من شرعنة المبادرة على قاعدة احترام المؤسسات واحترام القرارات، لأن أي قرار يتأجل تنفيذه يعني ببساطة شديدة أكثر من سلطة، وهناك تكتلات لكانتونات أشبه ما تكون بكانتونات الطوائف اللبنانية التي أفقدت الدولة اللبنانية معناها الحقيقي هناك، وليس بعيداً أن يكون لها نفس الأثر عندنا، الأمن ليس موحداً، والجيش ليس موحداً، والإعلام ليس موحداً، وبالتالي فقد تنشأ خطوط متساوية ومتوازية وهذا شيء خطير، لابد أن تسير المسيرة اليوم على شرعية التوافق بحقها الكامل حتى تستطيع أن تنجز ما توافقت عليه، هذا أمر في غاية الأهمية.. ثانياً على الحكومة الحالية أن تقوم بسلسلة من المبادرات التي تعيد الاعتبار للناس من جهة والتي تظهر حسن النية خاصة فيما يتعلق بمسائل الإدارة اللامركزية والإدارة الاستثمارية والاقتصادية اللامركزية، ليس هناك ما يمنع على الإطلاق من أن تباشر المحافظات اليمنية الاهتمام بالتنمية والاهتمام بالميزانيات الجارية، والاهتمام بالإصلاح الحقيقي عاجلاً بدلاً من أن نظل نمارس نفس السلوكيات التي كانت سبباً للاحتقان وسبباً لهدر المال العام بطريقة غير منطقية.. نحن حتى الآن لم نقم بعملية انزياح فعلي وعملي للتدابير التي يمكن أن تنفذ بدون أدنى مشكلة، وإذا تم اتخاذ مثل هذه التدابير فسيكون لها انعكاس إيجابي مباشر على الصعيد القريب خاصة في المحافظات الجنوبية، وكذا أينما وجد اليمنيون الذين يستشعرون المظالم، أما إن تكلمنا نظرياً فقط فالأمر سيبدو مختلفاً.

ـ حضرت الأطراف الإقليمية والدولية بصورة مباشرة في الشأن اليمني كان لذلك بعض العوامل الإيجابية السريعة لكن ألا ترى أن ثمة أضراراً سلبية قد تلحق اليمن ولو مستقبلاً جراء ذلك؟

نعم.. والحقيقة أنه من حسنات الثورة اليمنية أن الاهتمام بها إقليمياً ودولياً كان حاضراً لأسباب استراتيجية وجيوسياسية، هذا الاهتمام في حقيقة الأمر أدى إلى أن تأخذ المبادرة الخليجية موافقة دولية لم يحصل مثلها في أية حالة أخرى، لكن لولا الحالة التوافقية اليمنية الداخلية لما نجحت المبادرة الخليجية.. في نهاية المطاف علينا أن نعترف بأن التوافقية اليمنية الداخلية هي المنصة وهي المنطلق الأساس، والاهتمام الدولي والإقليمي كان لصالح اليمن حتى الآن، ومن الضرورة بمكان أن يتم تنفيذ آلية وبنود المبادرة من جهة وتحويل هذه التوافقية إلى توافقية من أجل التغيير لا من أجل صنع كانتونات متقابلة، لابد من معرفة معنى الدولة ومعنى الهيكلة في الدولة.. الآن نحن في منزلة بين المنزلتين، أن تتحول بنود هذه المبادرة إلى فعل حقيقي وجوهري على أرض الواقع للتغيير أو تتحول إلى قاعدة يتعايش عليها الفرقاء على قاعدة الاتفاق المخاتل أو الاتفاق الذي لا يخدم البلاد.

ـ الحقيقة أن التوافقية وخاصة التوافقية اليمنية هذه هي في مضمونها الفلسفي والحقيقي نصف حل ونصف الحل لا يحل كل المشكلة؟

بما أنك قد ذكرت الفلسفة، وقلت أن التوافقية نصف حل أقول لكن قد تفضي هذه التوافقية وأنصاف الحلول إلى حلول كاملة وقد لا تنفتح على حلول كلية، بمعنى أن أنصاف الحلول تعني ما يمكن أن أسميه بالممكن السياسي من جهة والممكن الجيوسياسي الإقليمي والدولي من جهة أخرى، لكن هذا الممكن السياسي كما أسلفت وقلت يمكن أن يتحول إلى توافقية مخاتلة يؤدي في نهاية المطاف إلى تكريس كانتونات متقابلة ضد منطق الدولة وضد وحدة البلد أو أن تؤدي إلى التطوير، إذن نحن اليوم في منزلة بين المنزلتين، نحن الآن في منطقة وسطى نستطيع أن نحول هذه التوافقية إلى ممر آمن وحكيم أو توافقية على غرار ما يجري في لبنان أو العراق.

ـ دكتور ألا ترى أن مشاكل اليوم هي إلى حد كبير مشاكل الأمس نجرجرها اليوم بلغة جديدة وآلية مختلفة؟

لا أريد أن أعود إلى جرجرة التاريخ والماضي، ومخاضات ما حصل في التاريخ السياسي اليمني، وحرب سبتمبر والملكيين وحروب الشطرين، ولكن أقول: هناك محطات كثيرة في تاريخنا المعاصر خلقت ثقافة الحوار والتوافق بين الفرقاء السياسيين، هذه التوافقية والمصالحة انطوت في حقيقتها على بعد برجماتي إلى حد ما، بل بالبعد الميكافللي فيما يرتبط بتمترس كل طرف خلف مطالبه كما رأينا مثلاً بعد وحدة عام 90م، حيث ذهب الطرفان إلى العاصمة صنعاء وكان كل منهما متمسكاً بنموذج ما، وخاصة الرئيس علي عبدالله صالح كان يتمسك بنموذج الجمهورية العربية اليمنية، وعلى أية حال فالتوافقية ليست كلها سيئة، بعضها حميد، الأمر يتعلق بكيفية الإمساك بهذا المنجز الذي يمكن أن يقينا من فتنة الانقسام والتشرذم.

ـ ما قراءتك للنتوءات السياسية والمشاريع التي طفت على السطح مؤخراً ماذا تريد تحديداً؟

السبب الجوهري لظهورها هو سياسة النظام السابق للأسف الشديد.. ففيما يتعلق بالتعامل مع الوحدة أفرزت في نهاية المطاف هذه السياسة.. حراكاً عادياً فحراكاً مطلبياً حقوقياً، فحراكاً مطلبياً حقوقياً وسياسياً، السبب الأصيل هو النظام الذي تعامل مع هذه الوحدة باستخفاف، وتعامل معها على قاعدة نفي الآخر والسيطرة عليه بكل بساطة، النظام تعامل باستخفاف كبير مع هذه المسألة حتى أوجد هذا الشرخ مع أن الحركات السياسية اليمنية نشأت موحدة من بدايتها في الشمال وفي الجنوب، النظام تعامل مع الوحدة بالمغالبة التي انتهت إليها حرب 94م، ونفس التعامل مع ما يتعلق بالقضية الصعداوية، هذه الجماعة بدأت عام 1990م كحركة سياسية ضد حزب الإصلاح، دعمها المؤتمر الشعبي العام الذي هو السلطة، والذي نتمنى له أن يتحزب اليوم ويتغير، الفكرة آنذاك قامت على دعم هؤلاء رغم أن الإصلاح كان متحالفاً مع المؤتمر إضافة إلى استزراع السلفيين التقليديين الذين يرمون بحرابهم على حزب الإصلاح، والذين كانوا يقولون عن حزب الإصلاح أنه حزب طاغوتي، ثم بعد ذلك هذا الاستزراع غير المنطقي وغير السوي في عقل الزيدية التاريخية أفرز رد فعل طبيعي وهو أن يأتي ذلك الشباب المؤمن الذين دعموا من المؤسسة الرئاسية في السلطة، هكذا كانت تدار المسائل السياسية على قاعدة إدارة الأزمة وإدارة تناطح الفرقاء وانتظار النتائج على الدوام، للأسف الشديد وأنا لا أريد أن أفصل في هذه المسألة، نفس الأمر يتعلق بما يسمى القاعدة، وفيها درجة كبيرة من الالتباس، هناك جماعات شبابية طهرانية تعتقد تماماً أنهم يجاهدون في سبيل الله، لكن المشكلة ليست هذه، الذين يصنعون هؤلاء الشباب ويحركونهم ويوجهونهم هم دوائر خفائية تدير الأمور من غرف مظلمة ويلتبس جزء من النظام الأمني بهذه الحالة، واليوم عندما نرى ما يحدث اليوم في المحافظات الجنوبية ونستشعر أن هناك تغذية مباشرة لهؤلاء تبرز عدة أسئلة، من يعطي هؤلاء السلاح؟ من وراء تسليم الأسلحة للبلاطجة على نحو واسع وخاصة في مدينة عدن؟ من وراء عملية الانتشار للمسلحين في أبين؟ من سلّم معسكرات بكاملها لهؤلاء؟

ـ علي عبدالله صالح لطالما صرّح في أحاديثه أنه يحارب الإرهاب؟

هذه قصة طويلة عريضة، وما يتعلق بالإسلام السياسي العائد من حرب أفغانستان عقب الحرب الباردة، ومن كان يقف معهم أو خلفهم هم حلفاء للولايات المتحدة ذاتها، ثم بعد ذلك انفرط الخيط بعد أن تم تأسيس هؤلاء الناس على أساس «ديني ـ سياسي ـ طهراني ـ متطرف» سمّه ما شئت، جاءت ردود الأفعال بشكل فردي أو بشكل جماعي مصغر، حتى بدا مخلاً بالأمن العالمي، والعجيب الغريب أن ما حصل في سبتمبر في الولايات المتحدة الأمريكية كان بمثابة الترجمة للبرنامج الانتخابي في المرشح الجمهوري آنذاك لأن هذا الحزب الجمهوري انفرد ببرنامج انتخابي غريب في محتواه ومضمونه وصيغته، إعادة وإحياء حرب النجوم بعد أن وجد الفرصة سانحة بعد سقوط الاتحاد السوفيتي، وكان في هذه المعادلة تخليق نظري وفكري لما سمي بالفوضى الخلاقة، وهي نظرية فكرية سياسية عقائدية اقترنت بالولايات المتحدة الأمريكية نابعة من رؤية فلسفية نيتشوية مقارنة أيضاً بالاعتقاد بمبدأ الصراع الدائم وانتصار القوي على الضعيف، وانحسار الضعيف جبراً لا خياراً، ولهذا ثقافة الحرب قائمة في الولايات المتحدة الأمريكية هي ثقافة مجيّرة على المؤسسات التي تؤمن بهذه العقيدة، سواء كانت مؤسسة البنتاجون العسكرية أو مؤسسة وول ستريت المالية التي تتحكم في العالم من خلال الوثن المالي أو مؤسسة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي واتفاقية الجات التي تشرعن أو تعمل على شرعنة الهيمنة على الاقتصاد الدولي وعلى مقدرات العالم...

المهم كانت هناك ضرورة لنشوء فزاعة الإرهاب بعد الشيوعية الحمراء، وكانت هناك ضرورة أيديولوجية لنشوء هذه الفزاعة وتغذيتها من المستفيدين من نتائجها، وعندما نتكلم عن هؤلاء لا ندعي أنهم عملاء لأجهزة استخباراتية، المحترقون في الميادين هم من الشباب الذين لا يفقهون شيئاً في هذه الأمور، والتبست أيضاً الأنظمة العربية بهذا القدر أو ذاك بها، وصنفت الولايات المتحدة الأمريكية هؤلاء بأنهم أصدقاء مستبدون لكنها تعرف أنهم يؤدون دوراً معيناً فحسب..

وأريد أن أقول أن الولايات المتحدة الأمريكية لا تقدم ضوءاً أخضر بالمطلق ولا ضوءاً أحمر بالمطلق، هي تتحرك في المنطقة الصفراء، حتى يكون لها القدرة على تغيير مواقفها على قاعدة أن ماهو معلن في الديبلوماسية العامة في الصف الأول غير ماهو في الصف الثاني أو الصف الثالث، هم دولة مؤسسات تصنع قراراتها على قاعدة إدراك المتغير وفهمه ومتابعته واستباقه، وهذا الشيء الذي ينبغي أن يفهم من قبل العقل السياسي اليمني والعقل السياسي العربي والعالمي، هذه البلدان لا تتعامل مع الحقائق تعاملاً وجدانياً أو عاطفياً أو استيهامياً أيديولجياً على الإطلاق، تتعامل ببراجماتية حقيقية متوحشة حتى وإن بدا في ظاهرها الرحمة.