الحنيشي : قوة الثورة في سلميتها والنظام يلفظ أنفاسه الأخيرة
بقلم/ مأرب برس
نشر منذ: 13 سنة و يوم واحد
الثلاثاء 22 نوفمبر-تشرين الثاني 2011 06:49 م
 
 

حاوره/ علي الغليسي

الأستاذ/ناجي الحنيشي مقرر ملتقى مأرب وسكرتير أول منظمة الحزب الاشتراكي اليمني بالمحافظة يتحدث في الحوار التالي عن الثورة الشعبية السلمية في تسعة أشهر.. لباقة الحديث وسرعة البديهة والحنكة السياسية بدت في ثنايا الإجابات وما بين السطور..نترككم مع التفاصيل:

* ثمانية أشهر من عمر الثورة ما هي المكاسب التي تحققت خلال هذه الفترة من وجهة نظرك ؟

ـ لو نظرنا إلى فترة الثورة الزمنية وهي تقارب التسعة الأشهر لوجدنا أنها تعتبر مدة قصيرة مقارنه بصعوبات الواقع وممارسات النظام الفاسد خلا ل فترة 33عاما ،فقد مارس القبح والتدمير الممنهج لكل البنى المجتمعية ورغم ذلك فقد تحقق خلال هذه الفترة الكثير والكثير من المكاسب أهمها هدم معبد النظام وأركانه ،هذا النظام الذي حول البلد إلى ركام على مختلف الأصعدة وفوق ذلك لقد وقف الشعب على قدميه بعد إن جثا طويلا وهتف وقدم التضحيات من أجل مستقبله الذي سرق في غفلة منه وهذا بحد ذاته إنجاز عظيم خاصة وقد مر زمناً طويلاً وشعبنا في سبات عميق، حتى اعتقد الفاسدين والظلمة أنه قد وصل إلى درجة لا يستطيع المطالبة بحقه المشروع في حياة كريمة تليق به ،كذلك تحقق في زمن الثورة إنجاز آخر ذو أهمية قصوى إلا وهو أن الشعب اليمني قد اسمع صوته المجلجل للعالم بأنه شعب حر لا يقبل الضيم ولا يستكين للظلمة وناهبي خيراته,لقد تمكن هذا الشعب من إظهار مدى عظمته عندما تحول إلى براكين جارفة لكلما في طريقها من قبح وعفانه ،وبكلمة أخرى المكاسب عديدة وهي في توالي يومي.

* برأيك ما هي الأسباب التي أدت إلى تأخير حسم الثورة في بلادنا ؟

- الأسباب عديدة...أولها إن هذا النظام قد جثم على صدور اليمنيين لأكثر من ثلاثة عقود فيها عجن البلد بكل ما هو قبيح وجعل من هذا القبح المثال السائد وفوق ذلك فقد تفنن في خلط كل العوامل السلبية المعيقة لكل نزوع نحو التغيير ، وهنا أحكم سيطرته على كل المرتكزات الاقتصادية للبلد وحول الثروة إلى أداة يتحكم من خلالها ببسط قبضته على الحكم وأوجد مؤسسات عسكرية وأمنية خاصة زاوج بينها وبين الثروة لها مهمة وحيدة وهي الحفاظ على الحكم وشرعنة توريثه ،ولم يستثني شراء الذمم وإنفاق أموال الشعب لتدمير البنى المجتمعية سواء السياسية منها أو الاجتماعية أو الاقتصادية وبعبارة أخرى سخر كل ممكنات البلد في سبيل بقائه حتى القتل والإرهاب والحروب الداخلية ناهيك عن تدمير البلد وضرب وحدته في الصميم ، وفي المحصلة النهائية ترك واقع مثخن بالتراكمات السلبية المعيقة لكل محاولة إلى الأمام .لقد حسب لكل شيء حساب وصنع له ند إلا الثورة الشبابية الشعبية السلمية فاته الأمر ولم يفطن لها ، لذلك زلزلت أركانه وجعلته يتهاوى قطعة قطعة ومربع مربع حتى بات اليوم يلفظ أنفاسه الأخيرة .

* يقول عدد من المراقبين أن المبادرات الإقليمية والمفاوضات التي خاضها المشترك ساهمت في تحويل الثورة الشعبية إلى أزمة سياسية ..كيف تنظر إلى هذا الأمر؟

- تشكل اليمن أهمية بالغة للمحيط الإقليمي والدولي لذلك سارع هذا المحيط بالتدخل عبر وساطات ومفاوضات عديدة هنا وهناك حتى جاءت المبادرة الخليجية كرؤية لحل أزمة سياسية بين فرقاء سياسيين من وجهة النظر الإقليمية والدولية وهي وجهة نظر خاطئة تجاهلت عمداً ثورة شبابية شعبية سلمية عارمة تطالب بالتغيير الشامل ، وهنا كان على المشترك كقوة سياسية قائمة ومؤثرة التعامل السياسي مع تلك المبادرة مما سبب الفهم الذي أشرتم إليه في سياق سؤالكم ، وبرأيي أنه لم يكن لدى المشترك من خيار آخر إلا المسلك الذي سلكه حينها، ولاشك أن التعامل مع المبادرات والخليجية خاصة قد كان لها دور سلبي على الثورة ،غير إن هذا التعامل لم يكن السبب الرئيسي لتأخير الحسم فهناك أسباب عديدة لذلك ،وإذا كان من عيب في تعامل المشترك مع المبادرات والمفاوضات بشكل عام فانه يكمن في انعدام المناورة والقبول السريع لكل ما يطرح دون وجود بدائل مما شجع النظام على الاستمرار في المراوغة واستمراء التنازلات السياسية من قوى الثورة اعتقاداً إن مثل ذلك سيضع المشترك في مواجهة الثوار الذين رفضوا كل مبادرة لا تفضي إلى إسقاط هذا النظام الذي ثاروا من أجله وهنا وقع المشترك بين مطرقة الضغوط الإقليمية والدولية وسندان الثوار، وقديما قال الصينيون لا تضع بيضك كله في سله واحدة أما المشترك فقد وضع البيض والدجاجة في سلة واحدة .

* يتردد في الأوساط الشعبية أن تاريخ عدد من المنضمين للثورة و الذين تخلوا عن النظام أفقد الثورة التعاطف الشعبي ،هل هناك مصداقية لتلك الأقاويل أم أنها جزء من دعاية النظام الموجهة ضد الثورة ؟

- نحن أمام ثورة شبابية شعبية كبرى وفي هذه الحالة لا يحق لأحد أن يضع علامات استفهام حول هذا أو ذاك من كل من التحق بها أو انضم إليها ،فالثورة كفعل جمعي لا يفرق بين الأشياء والمسميات ، وشخصياً اعتبر كل من انضم إلى الثورة ثائر أسهم في الدفع بعجلتها إلى الأمام وهذا هو المهم ،وعلينا بدلا من ترديد هذا (جزء من النظام السابق أو شريك للنظام الفاسد) أن نقدر المواقف الشجاعة التي أبداها المنضمين والملتحقين بالثورة، لقد تهاوت البنى التي كان يقف عليها النظام بفعل هذه الثورة ، وهو الأمر الذي أفقده كل ممكنات البقاء ،وهنا علينا الترحيب بمن انضم إلى الثورة ودعوة الباقين إلى اللحاق بركبها لا العكس، والحقيقة التي لا جدال فيها أن من التحق بالثورة سواء أفراد أو جماعات أو منظمات أو وحدات عسكرية قد اختار الموقف الصائب والشجاع وهذا يحسب لهم لا عليهم وعلينا تقدير مثل ذلك ، وعلينا الإدراك إن من يردد مثل تلك المزاعم والدعاوي تجاه هذا أو ذاك من المنضمين والمساندين للثورة لا يختلف كثيراً عما يردده عبده الجندي وإعلام النظام العائلي المتهاوي وعلى قوى الثورة والثوار إن يربأوا بأنفسهم عنه .

* منذ انخراط أحزاب اللقاء المشترك في الثورة تصدرت قياداته المشهد الثوري سواء من خلال إدارتها للثورة أو تصريحاتها لوسائل الأعلام مع أنها ثورة شبابية أشعل جذوتها جيل المستقبل .. ما هي وجهة نظرك حيال هذا الموضوع؟

 ـ لاشك أن المشترك قوة فعالة ومن مكونات الثورة الرئيسية وهذا أمر جلي وواضح لا يمكن لأحد أن يتجاهله ،غير إن صبغ كل شي بصبغة المشترك قد ترك أثر سلبي على مجريات الأمور في أحيان كثيرة ، للأسف أن قيادة وكوادر المشترك أو البعض منها على الأقل لم تتمكن من التفريق بين الثورة الشعبية كفعل جمعي عام ومتنوع وبين العمل السياسي والتنظيمي الذي تعودوا عليه وهنا علينا أن لا ننسى بأن هذه الأحزاب وإن بأشكال مختلفة نشأت وترعرعت في بيئة هذا النظام الذي خرج الملايين لإسقاطه .. لذلك فإن ممارسة تصدر مشهد كل شيء والظهور بمظهر العارف بكل شيء ظل ملازم حتى الآن .

* التباينات والخلافات في وجهات النظر التي برزت في صفوف الثوار ..هل أسهمت في إطالة عمر النظام ؟

- النظام يستفيد من كل شيء حتى الخلاف في وجهات النظر إزاء هذه القضية أو تلك .. غير إن الثوار وقد خرجوا بالملايين لإسقاطه عليهم أن لا يجعلوا لهم شاغل إلا هذا الهدف في الأول والأخير، وهم بهذا الفعل لا يعنيهم أي شي أخر لا يرتبط ارتباطا وثيقا بتحقيق هدفهم المنشود . الثورة فعل عظيم وكبير وقواها هي الأخرى عظيمه ومتعددة وذات مشارب متنوعة وكل لديه فهمه للحسم والإنجاز ،وهذا أمر محمود غير أن التمسك والإصرار على فهم ورأي معين دون مراعاة الآخرين ومستويات فهمهم وآرائهم عمل لا يخدم القضية الكبرى المجمع عليه، علينا قبول بعضنا البعض واحترام جميع الآراء على تنوعها والابتعاد عن أي ممارسات اقصائية أو تهميشية وهو ما يؤسس لعيشنا المشترك مستقبلا ،مع الإدراك إن أي ممارسات من هذا القبيل ستؤدي في نهاية المطاف إلى خسارة من يمارسها .

* كيف تنظر إلى انسحاب (23)قيادياً جنوبياً من المجلس الوطني لقوى الثورة بحجة غياب المناصفة بين الشمال والجنوب في المجلس؟ وماذا عن القضية الجنوبية بعد إسقاط النظام؟

- شخصياً أصبت بالخيبة من هذه الخطوة خاصة وأن لنا اتصالات ببعض من أعلن انسحابهم ،صحيح كان من المفروض التشاور والإقناع أكثر مما كان غير أن ذلك لم يكن مبرر كافي ومقنع للإقدام على خطوة الأخوة الموقعين على البيان ، لأن الأمر قابل للحوار والحل بالطريقة التي ترضي مما كان سيجنبنا ثغرة استفاد منها النظام ونفث عبرها سمومه ودعاياته المشككة في صوابية تشكيل المجلس الوطني ، ورغم ذلك فالفرصة لازالت متاحة للحوار والتشاور الأخوي ولا ريب أن الجميع سيصل إلى توافق .. أما القضية الجنوبية فقد أصبحت قضية وطنية تحتل صدارة المشهد العام لكل القوى والفعاليات وهي في أولويات اهتماماتها وهذا يعني أن الجميع شمالاً وجنوباً أصبح على قناعة بها وبصوابيتها ومشروعيتها كقضية عادلة لا يمكن لأحد أن يتقدم قيد أنمله دون إن تحل لا جنوب ولا شمال . ورأيي أن حل القضية الجنوبية بعد إسقاط النظام يجب أن يخضع للحوار الصادق الغير محدد بأي شرط أو سقف أو استثناء، لقد ضربت وحدة 22مايو السلمية عام 1990م في الصميم بفعل حرب 94م الظالمة هذه الحرب التي أسقطت وحدة التراضي بين أطرافها واستبدلتها بوحدة الغلبة والقوة من طرف واحد وهو ما يجب إن ينتهي بعد نجاح الثورة.. وعلينا التوجه نحو البحث عن أسس جديدة لوحدة تعيد الحقوق لأصحابها وتلبي مصالح الجميع .

* يفرط النظام في قتل الشباب العزل واستخدام العنف ضد المتظاهرين عند بروز أي مساعي للتسوية السياسية ..كيف تفسر ذلك؟

ـ لقد أوغل النظام في قتل الشباب العزل واستخدام العنف ضدهم إلى أقصى درجة ليس عند المساعي السياسية فحسب بل في كل الأوقات وهذا نابع من طبيعة النظام العائلي ذاته الذي يعتمد على القتل والإرهاب من أجل بقاءه وقد تمادى إلى درجة استخدامه للأسلحة الثقيلة التي عادة ما تستخدم في مواجهات خارجية ، أستخدمها ضد شباب عزل لا لشيء، إلا لأنهم خرجوا يعبروا عن أرائهم ومطالبهم بالتغيير بطرق سلمية وهذا هو الإرهاب بعينة .فالإرهاب عبارة عن استخدام السلاح والقتل من أجل تحقيق غايات سياسية، والغاية لهذا النظام هو بقاءه .

* وصل عدد الشهداء إلى ما يقارب الألف شهيد وبلغ عدد الجرحى أكثر من(15000) جريح وحوالي (300)يوم والناس في الشوارع متمسكين بسلمية الثورة ويقتلون بدمٍ بارد هل تقلصت فرص الوصول إلى حلول جذرية بالطرق والوسائل السلمية ؟

ـ لاحياد للثورة عن سلميتها ولا طريق غير السلم من أجل تحقيق أهداف الثورة...فسلميتها هي السلاح الأمثل لزعزعة هذا النظام الفاسد، قوة الثورة في سلميتها،فالشعب بكامله باعتباره طرف أختار النضال السلمي في مواجهة عصابة تمتلك ترسانة عسكرية كبيرة لا تحجم في استخدامها ضد العزل، ولإفشال مساعي تلك العصابة علينا التمسك بسلمية الثورة و هو الكفيل بإسقاط النظام وبناء اليمن المنشود، الشعب لدية أخلاقيات عالية وكرامة وسمو ، بينما من يقتله يفتقر إلى هذه الصفات . وسلمية الثورة تظهر الفرق بين الطرفين .

* بمجرد وصول شباب الثورة في صنعاء إلى جولة النصر"كنتاكي سابقاً" كادت الأوضاع أن تؤول إلى مواجهة عسكرية مسلحة ..لماذا يستنفر النظام قواه العسكرية للحد من تقدم الشباب ؟

ـ بقايا النظام لم تعد تسيطر إلا على أجزاء وبقع صغيرة سواء في العاصمة صنعاء أو المحافظات (كنتونات) ولهذا تستميت للدفاع عن حدود هذه البقع والمربعات، وما حدث في جولة النصر "كنتا كي سابقاً" بتاريخ18 سبتمبر2011م وفي عصر15 اكتوبر2011م وفي الزراعة بتاريخ16اكتوبر2011م دليل على ذلك.. وبقايا النظام باستماتتها للدفاع عن هذه الحدود تتوهم أنها قادرة على إيقاف زحف الثوار على اعتقاد إن في ذلك امكانيه لبقائها بينما الحقائق تؤكد العكس ، لقد قامت الثورة وعلي عبد الله صالح ونظامه يفرض سيطرته على اليمن من شماله إلى جنوبه ومن شرقه إلى غربه ولم يجدي ذلك نفعاً أمام بركان الثورة لذلك دعهم يتوهمون أن استماتتهم على أطراف تلك المربعات يبقيهم .

* ما الذي يقف وراء استهداف تعز وقبائل نهم وأرحب بمختلف آلة القمع العسكرية من قبل النظام طوال الأشهر الماضية من عمر الثورة ؟

ـ استهداف تعز بدرجة أساسية هو استهداف لقلب الثورة النابض ، فتعز مرجل الثورة وهي مددها وقوتها وعنفوانها .أما استهداف قبائل نهم وأرحب من قبل النظام فيندرج في خانة العقاب لهذه المناطق على مواقفها المؤيدة للثورة، والشيء المهم أن لا استهداف تعز ولا نهم ولا أرحب ولا غيرها من المناطق بقادر على إيقاف طوفان الثورة مهما تفنن القتلة في وسائل قتلهم للمواطنين وتدمير القرى والمدن . 

* أثبت أبناء القبائل أنهم أكثر نضجاً ووعياً وظهروا بعد انخراطهم في النضال السلمي بصورة مغايرة لتلك التي كان يروجها عنهم النظام وكانوا أكثر حرصاً على سلمية الثورة ..إلى ما تعزو ذلك ؟

ـ أبناء القبائل هم جزء من النسيج الاجتماعي للبلد، ولهم أحلام وتطلعات بيمن آخر غير ما عاشوه شأنهم في ذلك شأن بقية مكونات المجتمع اليمني قاطبة ،لذلك اشتركوا اشتراك فعال في الثورة باعتبارها المنقذ لهم مما عانوا بفعل غياب الدوله الوطنية وغياب القانون الذي من شأنه أن يجنبهم مما يقعون فيه من ثارات واقتتال وغير ذلك. وبمعنى آخر فقد سئموا من واقع فرض عليهم قسراً فيه دفعوا أثمان باهظة من حياتهم وأقواتهم ما كان لهم إن يدفعوه لو وجدوا دولة وقانون .. لقد جربوا الحروب والقتل بأشكال مختلفة ومن تجربتهم وصلوا إلى قناعة أن القوة تكمن في شي جديد لم يعهدوه من قبل، ألا وهو النضال السلمي كنهج وأسلوب جديد لنيل الحقوق، وعندما انخرطوا في هذا النهج الجديد تأكد لهم أن قوته وفعاليته أكبر بكثير مما تعودوا عليه، لذلك تراهم أكثر الناس حرصا على سلمية الثورة بعد أن تركوا أسلحتهم وراء ظهورهم في بيوتهم وقراهم واليوم تراهم وهم يسجلون آيات البطولة في ساحات وميادين الحرية والتغيير بنضال سلمي أذهل العالم .

* هل هناك ما يبعث على الطمأنينة من عدم دخول بلادنا في حرب أهلية ،خصوصا وأن النظام لا يألوا جهداً في محاولة تفجير الأوضاع؟

ـ المخاوف من دخول البلد في حرب أهلية مخاوف لا أساس لها لأن الحرب الأهلية تكون بين طرفين لهم أجندة سياسية معينة وهذا ما لا يتوفر في وضعنا فمن جانب هنا الشعب بكاملة خرج من أجل التغيير سلمياً في وجه عصابة مغتصبة للحكم والثروة والقوة والاحتمال الأكبر أن تلجأ بقايا النظام إلى توجيه كل ما تمتلك من وسائل دمار تجاه الشعب الثائر سواء في ساحات وميادين الحرية والتغيير أو تجاه قوى الجيش المنضمة للثورة والقوى المجتمعية الأخرى المساندة لها وهذا أمر وارد خاصة وأن هذه البقايا تعيش أيامها الأخيرة ، وتاريخ الطغيان والطغاة دوماً يعلمنا بأنهم لا يتورعون في استخدام كل أنواع القوة المتوفرة لديهم في سبيل تنفيذ مآربهم، وهم كذلك لا يكترثون لشعوبهم . وعلى الثوار أن يفوتوا عليهم هذه الهواية اللعينة .

* تعرض النظام خلال الثورة الشعبية لموجة من الانشقاقات والاستقالات ومع ذلك لا يزال يظهر أنه قادر على البقاء..برأيك ما الذي يقف وراء هذا التماسك؟

ـ أولا نظام الحكم هو مجموعة من الأسس والمؤسسات والمرتكزات التي تشكل في مجموعها نظام الحكم ولو نظرنا إلى واقع نظام علي صالح من هذه الزاوية لوجدنا أن كل مقوماته قد سقطت فالمؤسسة التشريعية والتنفيذية والعسكرية والاجتماعية بما في ذلك البنى المجتمعية المدنية قد تهاوت ولم يعد لديه إلا المرتكزات الأسرية الخاصة التي بناها كبديل للمرتكزات الوطنية ، فهناك الجيش والأمن الأسري والإعلام الأسري وبنك المال الأسري ، وكلها خاصة يرتبط مصيرها بمصير المالك لها فبسقوطه تنتهي أتوماتيكيا .وانطلاقا من ذلك نجزم القول إن هذا النظام قد سقط سقوطا مدويا تحت ضربات الثورة حتى وإن كان معتمد على مؤسساته الأسرية والتي وإن مكنته من البقاء خلال الفترة الماضية من عمر الثورة إلا إنها اليوم قد استنفذت كل مقومات استمرارية بقائها وهو الأمر الذي سيودى إلى الانهيار الفجائي لها .

* استمر النظام في استعراض ما تبقى له من شعبية من خلال جماهير السبعين والمؤتمرات التي يعقدها تارة باسم المؤتمر وأخرى باسم القبائل..إلى أي مدى تعتقد أنها شعبية حقيقية ؟

ـ لقد فقد النظام كل مقومات البقاء فلم تعد تجدي المؤتمرات الشعبية والقبلية وفتاوى العلماء ولا استعراضات السبعين وهو يدرك ذلك غير أنة من أجل الإيهام يبذر أموال الشعب على تلكم المسميات من منطلق "يوم فائدة".

* سقطت معظم الأوراق التي كان يراهن عليها الرئيس ،لكنة استطاع استخراج بيان من جمعية العلماء المؤيدين للنظام ،هل يمكن أن يكون للورقة الدينية أي دور في الأوساط الشعبية ؟

ـ استخدام ورقة الدين ليست بالجديدة فقد تفنن هذا النظام باستخدامها بشكل متقن في كل حروبه ومواجهاته مع من يخالفه، غير أنه هذه المرة وقع في شر أعماله فقد أكدت عدم مشروعية نظامه وحكمه من حيث أراد الشرعنه وفوق ذلك فما صدر من فتوى لعلماء البلاط لم يترك أي تأثير في الأوساط الشعبية ،أولاً:لأنهم مدفوعين الأجر ولا يتمتعون بأي مصداقية في الأوساط الشعبية.. ثانياً:أن العلماء الأجلاء سبق لهم وأن حددوا الحكم الشرعي في نظامه وأقروا بشرعية المظاهرات والإعتصامات المطالبة بالتغيير باعتبارها أمر بالمعروف ونهي عن المنكر.

* كيف تنظر إلى الصمت الدولي والموقف السلبي للقوى الدولية من ثورة شعبنا السلمية؟

- مواقف الدول تحددها مصالحها.ومصالح الدول الغربية وأمريكا في اليمن في ظل نظام علي صالح تتحقق دون أي مقابل ولا يقف في طريقها أي عقبات ، فقد أباح لهم الأرض والسماء بما في ذلك قتل اليمنيين بالجملة خارج القانون ، ونظام من هذا القبيل لا يستغرب إن كانت بعض المواقف الدولية مسانده أو داعمة له ، وإجمالاً فان الغرب بما في ذلك أمريكا يبني مواقفه على المصالح ومدى تحققها .إذن هم ضامانين مصالحهم مع هذا النظام ولأنهم يعرفون أن الثورة الشبابية الشعبية السلمية ستفضي إلى وجود نظام وطني يقيم علاقاته معهم على أساس المصالح المشتركة والنفع المتبادل ولا يقبل التدخل في الشؤون الداخلية للبلد فهم لا يحبذون مثل ذلك القادم، وفي هذه الحالة فهم يعيقون التغيير بهذا الشكل أو ذاك ، ورغم ذلك فإن الأيام القليلة الماضية أظهرت تبدل في المواقف الدولية باتجاه ضرورة إلزام علي صالح بنقل السلطة والاستجابة لتطلعات اليمنيين في التغيير .

* ما هو تفسيرك للموقف السعودي المساند للنظام ؟

- للأسف بأن الجارة السعودية لم تستفد من دروس التاريخ ولذلك تكرر نفس الأخطاء السابقة ولكن بشكل جديد،والملاحظ أن مراكز صنع القرار السعودي ظلت على ديدنها السابق ولم تدرك المتغيرات الجديدة والتحولات الجذرية في العالم العربي خاصة وفي العالم عامة، ولو لم يكن الأمر كذلك لما اختارت السعودية الوقوف مع الحكام على حساب مصالح الشعوب وهو ما يعرضها لموجه من السخط الشعبي العام ليس في اليمن فحسب بل في مختلف البلدان العربية . إنها العقدة التي أصيبت بها ولازالت ، ومع ذلك فإننا لازلنا نأمل إن تعيد النظر في مواقفها تجاه ثورة الشعب اليمني وتطلعاته في يمن جديد فيه دولة نظام وقانون وامن واستقرار ورخاء اقتصادي وكلها متطلبات بتحقيقها تنعكس ايجابيا على امن واستقرار السعودية .

* باختصار ..أين موقع محافظة مأرب في ظل الثورة الشبابية الشعبية السلمية؟

ـ موقع مأرب في ظل الثورة الشبابية الشعبية السلمية في الصدارة وهذا الموقع اختطه أبنائها وشبابها عندما انتهجوا نهج النضال السلمي من أجل التغيير وانخرطوا انخراط فعال في مجريات هذه الثورة العظيمة سلمياً ،وهم من يمتلكون أنواع الأسلحة ويجيدون استخدامها منذ الصغر.. انه مثال يحتذى به وقد رفع اسم مأرب عالياً .وإذا كانت الثورة هي من أجل اليمن قاطبة فهي بالدرجة الأولى من أجل مأرب هذه المحافظة المعطاءة التي ترفد الخزينة العامة بما يقدر ب70%من الموارد وتمد الوطن بالخيرات من نفط وغاز وكهرباء في وقت لا تحصل على شي تقريباً .. الثورة ستصحح المعادلة فبقدر ما تعطي تأخذ دون منه أو انتقاص .

* هل يمكن أن تحصل مأرب كموطن للنفط والغاز على حقوقها المسلوبة عقب نجاح الثورة؟

- نعم .

* رسالتك في سطور لـــــ: ـ من تبقى من صفوف النظام ـ لأحزاب اللقاء المشترك وقوى ثورة التغيير السلمية .

ـ للفئة الصامتة . ـ للشباب المرابطين في ساحات التغيير وميادين الحرية .

-  لمن تبقى في صفوف النظام أدعوهم لأن يلتحقوا بالثورة فالثورة هي طوفان والطوفان لا يستثني أحد ولا عاصم منه ، فأنتم جزء من هذا الشعب وخياركم يجب أن يكون خياره،وعليكم أن تكونوا في المقام الأول لأنفسكم وناسكم ووطنكم لا أن تكونوا لفرد وأسرة فهذا عار في حقكم وإنسانيتكم .

- لأحزاب اللقاء المشترك : بأن تقبل بالأخر وتبتعد عن أي إقصاء أو تهميش أو استئثار أو تفكير بدلاً عن الغير، فالثورة جاءت من أجل تحقيق تطلعات الجميع ولا مكان فيها لمقولة أنا وبعدي الطوفان ..ومن لم يتعظ من ممارسات النظام وأساليبه فسيخسر بعده، أما قوى الثورة السلمية فنقول لهم الوحدة الوحدة ، فالوحدة بها تهون الصعاب وتتحقق الإرادات وأن النصر يلوح في الأفق القريب بأذن الله .

- للفئة الصامتة :إن اعتصام وتظاهرات الملايين في مختلف ساحات وميادين الجمهورية وتقديمهم لقوافل الشهداء والجرحى ليس من أجلهم فقط ولكن من أجلكم فلا تتخلفوا إن كنتم عشاقاً للحرية والحياة الكريمة .

-  للشباب المرابطين في ساحات التغيير وميادين الحرية : اصبروا وصابروا ورابطوا فأنتم الفجر الجديد الذي بدد دياجي الظلمه ..أنتم النور الذي انتظرناه عشرات السنين بل مئات السنين .أانتم أمل الأمة وصناع مجدها ومستقبلها ..أنتم من أعدتم لليمن سمعتها ومكانتها وللشعب كرامته.. لقد فعلتموها ونحن بكم فخورون .