لله ولليمانيين وللتاريخ تعلموا من تعز
بقلم/ حسن الاشموري
نشر منذ: 13 سنة و 8 أشهر و 8 أيام
الإثنين 21 مارس - آذار 2011 10:57 ص

إنظروا قائمة المستقيلين الذين تركوا الرئيس وقفزوا بالمظلات من قلعته ليهبطوا في الشوارع التي قدموا منها لمصلحة أتت ذات يوم ولتوقع أن تأتي ذات يوم، غالبية الذين سقطوا من مناطق جهوية أخرى ليس منهم من أبناء تعز ذات المروءة إلا فردا ً فردا لاجماعات ، ليبقى شرف تعز ومروئتها الأغلى ثمنا وقيمة يعربية ، فهاهنا تظهر معادن المدن ورجالها وكبريائها ومجد قومها، تعز وقبلها حضرموت تاج مدائن وحواضر اليمن فيهما يكتمل عقل ورشد كل يماني نقص في مكان آخر وعندما تشتد بالناس مصائب السياسة ومنكرات أفعالها نستفسر عن ذلك تعز لنتعلم منها ونبحث عن حضرموت أين تكون لنعرف أين نقف، لكن قبل ذلك دعوني أولاً أجيب على استفسار تكرر سؤالي عنه، لماذا يماني في كتاباتي ؟، سألني عنه قراء ورؤساء صحف ، وقد أجبت في أزمنة الأسئلة تلك على المستفسرين ، فاعتبروا ذلك ضربا ًمن تميز أردته لنفسي فجازوا لي " يماني " وتفهموها بضاعة لم يبتاعوها ولم يردوها، لأنهم عشعشوا في محطة كلمة يمني عقود عددا ، لم يستسيغوا الانتقال لمحطة كلمة يماني ، صفتنا التاريخية، ولو أن هذا الجمع اليماني سعى في مناكبها عند عرب وعجم الخليج مغتربا ً، لعرفوا مدى سعة النشوة عند النطق بكلمة يماني في المطارات ومنافذ الحدود وبالذات في العراق حيث معنى كلمة يمني مستقرة أيقاعاتها بين الأوساخ في الطرقات ، وتعنى يمني عند القوم الكربلائيين والنجفيين الحذاء والنعل، قد تجدون إجابة عند الحوثة وذاك الذي أسمه فلان زيد، ثم من يدري ربما كان أول من ألبس العراقيين في الكوفة والبصرة الأحذية تاجرا ً اسمه فلان يمني، فسميت السلعة الحذائية باسم الرجل كعادة ، الفقهاء الشعبيين العرب في الحاق السلع باسم تُجارها ، كشاهي الكبوس مع أن لا أراضي للكبوس تنتج شاهيا إلا إذا كان قد ضم سريلانكا أو كينيا وشيئا من الصين إلى عقاراته ، وثمة ديدن أهم عندي ، أنني لم اتنازل في  حياتي لحظة عن نشوتي المتطرفة وفخري بأي يماني كما أُصر على أن أقدم نفسي في كل مكان أسافر إليه بإني فلان من أصل يماني بشموخ وسمو اليمانيين كابرا ً عن أكبر.

وهي أي لفظة يماني من الألفاظ الفاتحة للفم، لأن طبيعة شخصية وبناء كلمة يماني، أنها كلمة رافعة لفكي الفم، عليك أن تفتح فمك وبمد تجويدي أيضا إذا ما أردت أن تنطق يماني، ويمانيتي أيها العزيز الأكرم لاتقتصر على قبيلة أو قرية أو مكان معين، وما انزلقت يوما الى التفريق الجهوي والاجتماعي للإنسانية اليمانية، مالم يحمل أحد علينا سيفه، بل أحسب كل يماني وكل مليميتر من اليمن الجغرافي جزء مني ، ومثلي كثرة هُم اليوم في أركان اليمن الأربعة وفي أركان الأرض الأربعة وفي ساحات التغيير التي تهدينا في كل جمعة حزنا ً يكفي لسبعة أيام، لتأتي جمعة ثانية بحزن سبعة أخرى وأخرى حتي نوشك أن نسمي عامنا هذا عام الحزن ، فمن منا لم يصاب بالكمد والغيض والصدمة والترويع على ما حدث في جمعة الأسبوع المنصرف والجمعة التي قبل والتي قبل ، المجرمون السياسيون في الدولة وفي المعارضة يُنقصون من اليمانيين عدد الأخيار فيزداد تلقائيا فينا عدد الأشرار إلا في تعز حرسها الله ، ولأن مخارجنا السياسية السلمية صارت محدودة جدا بعد سقوط عشرات الضحايا فإن تعز وحدها، تلهمنا حسن رشادها وعلينا في صنعاء وعدن أن نتعلم من تعز والمهرة وحضرموت لتغيير قواعد اللعبة السياسية في الحكم والمعارضة وفي كيفية التظاهر السلمي لإسقاط النظام بس بنظام.

وبدون رشاد تعز لن يصل اليمن السبأي مأرب وحاشد وبكيل والحميري الهضبة الوسطى والجنوبية إلى الطريق المضيئ ، فقد استحكم بشوارع صنعاء وشوارع عدن ويكاد يكتمل ليعم شوارع مدن اليمن شيئا فشيئا ظلاما ً تأبط شرا ً في عمائم تحمل القرآن ولا تحتكم له ، وصنفا من البشر بسراويل ليبرالية تأبطت شرا مع المتظاهرين وليس لها من ليبرالية الغرب سوى نغمة مزامير بوش على صدام الرحيل وإلا العودة للعصر الحجري،هؤلاء المتابطون موجودون أيضا في تعز شخوصا ً، لكن ليس منهم حوثي جهول وحراكي غرور فكانت مظاهرات تعز " نارا ً موقدة يراها الرئيس ، ويعيشها المتظاهرون بردا ً وسلاماً ، فلا تجد في تعز حديث الضحايا كماهو في عدن وصنعاء ومأرب وعمران بفضل ما جُبل عليه أهل تعز من حكمة وتبصر ، ترى مابال تعزيو صنعاء وتعزيوعدن لم يُحسنوا وهم كل الأحزاب السياسية وقاداتها وكل الصحافة وإعلامييها وهم غالبية ناشطي المجتمع المدني نساءً ورجالا ،مابالهم لم يحسنوا تقليل مستويات الاندفاع في شخصياتهم نحو المواجهة، ربما صدقت القاعدة الاجتماعية من عاشر القوم أربعين يوما ًصار منهم ، فمرحى مرحي لمن ترك المدنية الحضارية ليتقبيل ويتحورك وربما يتحوث حيث البهجة بالنار والموت وإنقاص اليمن من وسطه كما أطرافه، وطالما وأنا في ضيافة تعز فسأمسك عن الغازيات من الكلام ولن أستطرد ، لأن تعز مخزننا الفكري والسياسي ، تعز وقبلها حضرموت معجزتا اليمن عندما يريد اليمن أن يقدم نفسه للبشرية في أبلغ صورة حضارية إنسانية حديثة، وتعز هي الثورة السبتمبرية والإكتوبرية عندما يقدم اليمن للعالم ثورته، تحالف رجالها أي تعز مع ثوار ردفان والشعيب والضالع وأبين فكانت ثورة أكتوبر وتحالفت تعز قبلها مع إب والبيضاء وذمار والحديدة وصنعاء ومع قبيلة حاشد فصمدت الثورة السبتمبرية ونجحت تعز في كبح 1978 المضطرب فقدمت لليمن علي عبد الله صالح رئيسا وأزرته بعد أن تبنته اجتماعيا وسياسيا ، تعز هم القوم النخبة يمانيا ،على أ يديهم درس اليمانيون في المدارس والجامعات وعلي أيديهم تطبب اليمانيون وتعالجوا في العيادات والمستشفيات وعلي أيديهم لبس اليمانيون ملابس العصر والمدنية ملابس الإفرنجة وعلى أيديهم تاجروا واتجروا وتعلموا لغة السوق والأهم من هذا لايوجد يماني لم يأكل من يد أبناء تعز وفوق ذلك يتكفل يوميا أصحاب المطاعم من تعز وإب ومن رداع بجائعي اليمن من فقراء ومتسولين ومختلين عقليا ، تكفلوا بهم في كل التجمعات السكانية الكبيرة ، ثم الأكثر إحياء ً للإنتباه أن أبناء تعز وحضرموت حافظوا على كرامة اليماني في شوارع وطنه وفي شوارع جيران وطنه ، فلا تجد في صنعاء وبقية المدن متسول من حضرموت وتعز وصعدة رغم الحروب الستة وكثرة اللاجئين من هذه المحافظة لقد أرد ت ضم صعدة لكرامات تعز في هذه الجزئية، ولاتجد شيخ من حضرموت وتعز ذهب للتسول خارج الحدود.

تلك من مكرمات تعز وأهلها وهم يقودون الأحزاب وصحافة المعارضة والشارع السياسي إلا أن على تعز أن تسمع نصيحتي لها ومفاد النصيحة أن عليها أن لاتسعى لإرضاء الجميع فما هكذا يكون القائد السياسي أبد ا ً، ثم لأن المطاف سينتهي بها لإغضاب الجميع تماما مثلما صنع إبنها بالتبني علي عبد الله صالح الذي سعى طيلة حكمه لإرضاء الجميع فانتهى به الحال إلى أن أغضب الجميع ، وليس أمام تعز ومعها حضرموت اليوم إلا أن تقولا لليمانيين إن قضية إسقاط النظام لن تكون سوى قضية سياسية في بداية المطاف أو في نهايته ، ولايمكن حلها إلا بصيغة سياسية متفق عليها بين السلطة والمعارضة والمتظاهرين المستقلين وما عداها ستبقى السلطة بشخصيتها والمعارضة بتشددها حتى يأتي سيدنا عزرائيل عليه السلام إلى اليمن في مهمة مستعجلة.

*إعلامي يماني