ابن خلدون في بلاط الملكة بلقيس
بقلم/ صالح احمد الموساي
نشر منذ: 6 سنوات و 10 أشهر و 13 يوماً
الأربعاء 27 ديسمبر-كانون الأول 2017 03:12 م
 

ذكر مؤسس علم الاجتماع العلامة ابن خلدون (١٣٣٢هجري _ ١٤٠٦هجري) أن البدو اصل المجتمعات كلها وهم تبعا لذلك أقدم من الحضر و قام بتقسيم المجتمعات إلى بادية وحاضرة و قال أن ساكني المدن ماهم الا بدو تمصروا ، وفي المقابل أكد ابن خلدون على أهمية التغييرات التي قد تحدثها المجتمعات البدوية ( غير ساكني المدن ) في شتى مجالات الحياةومنها السياسية و اشترط في ذلك ضرورة التأهيل كأساس لتفعيل دور المجتمعات البدوية و درجة نجاحهم في تغيير المعادلات رغم بعدهم عن معترك التمدين و الحياة المدنية بشكل عام .

و منذ أكد ابن خلدون هذه المعلومة جاءت الأيام لتثبت صحة كلام ابن خلدون و كيف أن المجتمعات البعيدة عن مراكز التمدن تصنع التحولات التاريخية قاهرة بذلك إرادة جميع المتمدنين و من يظنون أنهم المتحكمون بزمام الأمور والسلطة في أي مكان وفي اي وقت.

بعد قيام الاتحاد الأوروبي قامت بريطانيا بطرح تصويت للخروج من الاتحاد وهي من اهم الدول المؤسسة واستمرت فيه لما يقارب ٤٤ سنة ، ومع ذلك فإن مدينة لندن وليفربول و نيوكاسل ، اي المدن الرئيسية ( اي المتمدنيين ) استنكرت طلب التصويت و كانوا ضد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وأقاموا مظاهرة شعبية و أسماها منظموها بـ"مسيرة الشعب من أجل أوروبا"، على طول ميدان ترافلغار، وتجمعوا بالقرب من مقر رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، في داوننغ ستريت للتعبير عن عدم رضاهم عن الانسحاب من الاتحاد.
بينما المدن الأقل تمدنا ( بدو بريطانيا و مدن الأطراف ) صوتوا لخروج بريطانيا فخرجت بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

في الانتخابات الأمريكية الأخيرة صوتت اهم الولايات المتمدنه لصالح هيلاري كلينتون بينما الولايات الريفية واشباه الضواحي صوتت لصالح ترامب مثل أوهايو وأيوا وبنسلفانيا ووسكونسن وفلوريدا .. فماذا كانت النتيجة ؟ فاز ترامب رغم انف اهم الولايات الأكثر نموا ومدنية.

في اليمن . انهارت الدولة و مؤسساتها في عاصمة الجمهورية و في اهم المحافظات المتمدنه ( صنعاء ، عدن ، تعز ، اب .. الخ ) و اجتاحتها مليشيات الحوثي و صالح و أحكمت السيطرة عليها كليا و شبة كليا في بعضها، بينما المحافظة البدوية و البدوية جدا ( مأرب ) قالت ( لا ) و وقفت في وجه المليشيات الانقلابية و الظلامية و استبسلت في الدفاع عن الجمهورية و الشرعية والهوية اليمنية والعربية و الحمد لله انتصرت و منها عادت الشرعية بعد أن وصلت فنادق الرياض و انضم الجيش الوطني بجيوش و قيادة المنطقة العسكرية بمأرب التي كان يقودها مؤسس الجمهورية الثانية الشهيد البطل عبدالرب الشدادي، ومن مأرب انطلقت الشرعية لتطهير المحافظات اليمنية.

نعم يا ابن خلدون هذه مأرب البدوية تؤكد اليوم صحة ما قلت عن إمكانية التحولات الجذرية التي تستطيع المجتمعات البدوية احرازها و ما كان لذلك أن يكون لولا الله ثم الوعي الوطني العميق لأبناءوقيادة المحافظة إضافة إلى وقوف أبناء اليمن المخلصين و الشرفاء من كل المحافظات كعامل ثانوي و مهم.

نتمنى من قيادة المحافظة و القيادة السياسية الاهتمام بالتعليم و رفع كفاءة الشباب وخاصة المحافظات البدوية المحرومه من العلم ليس عنصرية منا لصالحهم ولكن لان اخلاصهم الوطني ليس له حدود ابدا و لأن فائدة تعليمهم و رفع وعيهم يكون مردودة عطاءا بحجم الوطن و أعمالا يخلدها التاريخ في انصع صفحاته كما هو تاريخ أجدادهم المنقوش على حجار حضاراتهم القديمة.