الزعيم يبدأ المعركة الثانية لحرق كروت الحوثيين
بقلم/ أحمد عايض
نشر منذ: 10 سنوات و 3 أسابيع و 3 أيام
الأربعاء 22 أكتوبر-تشرين الأول 2014 12:28 م

  "صنعاء لم تسقط ولم يكن لها أن تسقط "عبارة شهيرة للرئيس الفخري والقابع حالياً تحت الإقامة الجبرية عبدربه هادي, طبعاً عندما تسمعها بلكنته الجنوبية فهي تتحول إلى معني آخر في قاموس اللغة العربية .

دائماً خطابات هادي تذكرني بمقولة كنت أسمعها من والدي رحمة الله حيث كان يقول أن الرئيس الغشمي سُئل يوماً كيف وصلت إلى رئاسة الجمهورية فقال "صلاة الفجر وطاعة الوالدين" وهما صفتان لا أعرف مدى إلتصاقها بهادي من عدمه .

سخر الناس من هادي يومها عندما قال أن صنعاء لم تسقط , لأنه كان على إطلاع على مخطط الغدر والخيانة الذي إستهدف من أوصلوه إلى سُدة الحكم وباع صنعاء بثمن بخس .

هادي كان على علم أن صنعاء لم تقع في يد الحوثيين وإنما وقعت في يد القوات المتمردة عليه – الحرس "العائلي " الجمهوري – التي تربت طيلة أكثر من عقدين من الزمن على أن الوطن هو"علي عبدالله صالح ونجله أحمد " وليس الوطن الذي يُقصد به المساحة الجغرافية للجمهورية اليمنية .

لكن صالح ونجله أصرا على عقد "زواج متعة" قصيرة الأجل بشهود الزور العشرة من رعاة المبادرة الخليجية , فكان زفاف العرسان من بغاة تلك المؤامرة والمشاركين فيها بكل تلك البجاحة التي أصر الجميع فيها إعلان حرب أهلية في اليمن وبكل برود إنساني غير عابئين من وصول الدماء إلى الركب كما هدد صالح في أوائل عام 2011م , فكان هؤلاء الشهود يذكروني بحديث الخمر الشهير الذي لعن الله فيه "عشرة " (شاربها ، وساقيها ، وبائعها ، ومبتاعها ، وعاصرها .. إلخ ) .

لن أخوض في حماقات هادي وترأسه لذلك العقد المائع شرعاً وعُرفاً .. لكن عن بوادر تفاقم الخلاف الأسري في مكونات "زواج المتعة السياسي" بين الزعيم والسيد , حيث يبدو أن إنسحاب حزب الإصلاح من تفاصيل المؤامرة التي نصبت له أربك طرفي المتعة , حيث كان من المفترض أن صنعاء تسقط بعد عدة أشهر بسبب مقاومة حزب الإصلاح – هكذا خططوا – لكنهم فوجئوا أن صنعاء سقطت في 11 ساعة فقط ببركات وزير الدفاع ودعممة هادي ومباركته لكل الخطوات التآمرية التي يبدو أنه إنقلب على نفسه بها وليس طرفاً سياسياً معنياً.

تداعيات المشهد الحربي والسياسي يكشف أن ثمة خروج عن النص الأصلي لوثيقة "زواج المتعة " وحسب إتفاق الشهود العشرة .

تحذيرات أمراء المملكة لكبار مشائخ العلم عن الحديث عن الحوثيين والوضع في اليمن , يكشف عن حماقات شيوخ – الشاة والبعير – حيث أن الرجل الذي وعدهم بعودة النظام السابق وسحق الإخوان المسلمين وحرق الحوثيين من المشهد السياسي لن يصدق معهم ولا مع أي طرف سواء كان خارجياً أو داخلياً، صالح ليس صادقاً إلا لنوازع نفسه الشريرة .

فتوحات الزعيم تحت عباءة السيد :

الزعيم بدأ يخوض الفتوحات الإسقاطية للمحافظات تحت عباءة " الموت لأمريكا وإسرائيل " وبدأ يجوب البر والبحر فاتحاً أمام رايات المؤامرة المصطنعة , وخلال هذا المشهد التراجيدي يذكرني بالفيلم التاريخي الذي عرضوا فيه ناقة الرسول الأكرم عشية دخوله المدينة المنورة "وكان الكل يتسابق للأخذ بزمام ناقته طمعاً في إستضافة الرسول فقال صلى الله عليه وسلم دعوها فإنها مأمورة "وكذلك اليوم وجه هادي ووزير دفاعه لكل مكونات الجيش والأمن في كل المحافظات لا تعترضوا رايات السيد وأنصاره من الحرس العائلي" فإنهم مأمورون بذلك المخطط .

الجيمع بات يشعر أن الحوثيين وقعوا في ورطة هذا التوسع الأسطوري فكل هزيمة يتسبب بها الزعيم ستلصق بهم وكل غرفة نوم يُنتهك عرضها ستلحق بهم , وكل بيت ينهب أو يسرق محسوب على سمعتهم , صالح غارق في حب الإنتقام والحوثيون مازالوا مشروع يبحث عن أرض .

الزعيم يقحم الحوثيين في حرب إستنزاف قاتلة :

الحوثيون وجدوا أنفسهم اليوم في مواجهة حرب إستنزاف مخيفة يفتح جبهاتها "الزعيم " بصورة مرعبة في المقياس الحربي " وخاصة في وسط أكبر مكون بشري من سكان الجمهورية اليمنية .

هناك من هتف من قيادات الحوثيين وأنصارهم في لحظة من نشوة النصر وسقوط أكبر عقباتهم العاصمة صنعاء وتداعوا بالقول في ظل تحريض الزعيم " تقدموا فاتحين , فقد أذلينا رجال حاشد وبكيل وهم أشرس رجال اليمن قتالاً وما بقى أمامنا سوى "البراغلة وأصحاب منزل" في إشارة إلى أبناء محافظتي تعز وإب وذمار والحديدة .

الحوثي اليوم يقف أمام خيارات صعبة لا يمكن الصمود أمام أي منها , فإما الإنسحاب من خط المواجهة الحربية وجبهات الحرب التي فتحت في محافظة إب والبيضاء , وذلك سيكلفهم ثمناً باهظاً , كما أنه سيُمثل لهم خسارة عسكرية تكشف حقيقة الأسطورة الحوثية أمام الرأي العام المحلي وأمام الأطراف الدولية التي قدم الحوثيون أنفسهم أنهم السيف المسلول الذي سيُسلط على رقاب تنظيم القاعدة وداعش حسب وصفهم , والثاني هو الوقوف صامدين في مواجهة رجال القبائل الذين تداعو من كل حدب وصوب بصورة لم تكن في الحسبان إضافة للوقوف في مواجهة القاعدة التي تحولت اليوم إلى بوابة جهنم تلتهم مقاتلي الحوثي عبر وسائل موغلة في الوحشية والعنف حسب وصف مقاتلي الحوثي أنفسهم.

الزعيم يتفوق على السيد في الرقص على رؤوس الثعابين :

الزعيم هو المستفيد الأول من كل هذه الخيارات التي ستقصم سمعة وظهر الحوثيين في كلا الحالتين , وهنا على السيد أن يحدد موقفه من الفتوحات التي تفتح بسيوف غيره – الحرس العائلي – وهو من يتحمل تبعاتها ونكباتها , كما أن عليه أن يُعلن فسخ العقد الفاسد "مالم فسيوغل الزعيم في تمتعه وصولاً إلى مرحلة الهوس, والتحول إلى مرحلة الشبق التي تُفقد الإنسان توزانه وعقله .

أيام زمان... قال الأوائل من حكماء اليمن " مدد على قدر فراشك " أي لا تمد رجليك إلى مكان ربما لا تجد فراشاً لقدميك فربما أصبت بعدد من أمراض المفاصل" .

الحقائب الوزارية ستكشف حقيقة شروط هذا العقد , ومن خرج على النص المتفق عليه ومن بقي وسنرى من سيثبت من قام بثورة أو إنقلاب هل الزعيم أو السيد .

ويبدو أن أعلان الحوثيين الذي أعلن الليلة عن إنسحابهم من الحكومة القادمة يأتي في سياقين أما مناورة للحصول على كعكة أكبر أو رضوخ لتهديدات الزعيم وخلافاتهم الداخلية .