اليمن يصل أسوأ مرحلة في التاريخ
بقلم/ علي العقيلي
نشر منذ: سنة و 6 أشهر
الجمعة 19 مايو 2023 10:37 م

 مركز واحدة من اقدم وأعرق وأعظم الحضارات البشرية على مر التاريخ، يشهد اليوم صراعاً قبلياً.. وكل قبيلة تحاول فرض سلطتها وقرارها على مناطق نفوذها في جغرافيا ذلك المركز الحضاري الذي كان عاصمة لواحدة من أعظم الدول في تاريخ البشرية. قبل آلاف السنين كانت تلك الجغرافيا التي تشهد اليوم صراعاً قبلياً مقيتاً ومتخلفاً وتعيش واقعاً مفتت.. تحتضن عاصمة دولة عظمى شيدها الانسان اليمني، تربط العالم ببعضه شرقاً وغرباً، لها سلطتها ونفوذها حتى خارج حدود دولتها.

قبل آلاف السنين كان الانسان اليمني متحضراً يمتلك قدرات عالية من العلم والثقافة والحكمة والعبقرية جعلت منه يبني دولة عظمى وحضارة عريقة حاضرة بآثارها إلى اليوم وستظل.. واليوم الذي يعيش فيه الانسان اعظم تطور في مختلف المجالات يعيش الانسان اليمني واقع سيء جداً لم يعشه قبل آلاف السنين.

ما الذي جعل الانسان اليمني يتخلف في أكثر عصور البشرية تحضراً وتطوراً، بعد أن كان صاحب حضارة قبل آلاف السنين، قبل اكتشاف بعض القارات وقبل حضارات معظم الأمم..؟؟. نحن اليوم أصبحنا نعيش أسوأ تخلف في تاريخ البشرية، ومن الطبيعي أن نصفه بأسوأ تخلف في تاريخ البشرية، لأننا نعيش ذلك التخلف بعد الاسلام الذي يحرم الكثير من اسباب تخلفنا كالتعصب للقبيلة والثأر والقتل خارج القانون ورفض الدولة وقوانينها واحكامها التي شرعها الاسلام.. ولأننا نعيش ذلك التخلف في أكثر العصور تطوراً في تاريخ البشرية، ولأننا نعيش ذلك التخلف وقد كنا أصحاب حضارة قديمة وعريقة ودولة عظمى قبل آلاف السنين.

يجب أن نفكر كيف قامت حضارة سبأ قبل آلاف السنين.. ما هي العوامل التي أسهمت في قيام تلك الحضارة المتقدمة والمتطورة في ذلك الزمن القديم في زمن محدودية العلم والانتاج وشح الامكانات..؟؟. يجب علينا أن نفكر ما هي العوامل التي تمنعنا من استعادة حضارتنا، أو حتى إقامة دولة كبقية البلدان من حولنا والتي لم تكن شيئاً من قبل.. وما الذي يمنعنا في ظل التطور والتحضر وكل الامكانات والاحتياجات والمقومات باتت متوفرة وسهلة..؟؟.

دولة سبأ تلك الدولة اليمنية العظمى التي قامت قبل آلاف السنين وعاصمتها مأرب، مؤسسيها وملوكها وحكامها وقادتها ومهندسوها من أبناء مأرب من أبناء اليمن، الذي فيه احفادهم اليوم يفتقرون إلى الدولة والقيادة في أوج حضارة يعيشها العالم من حولنا.

سنجد من أبرز العوامل التي أسهمت في قيام دولة وحضارة سبأ أن المتجمع الماربي أو المتجمع اليمني في مأرب كان مجتمعاً مدنياً، ولو لم يكن مدنياً لما قامت تلك الدولة.. التعصب للقبيلة والتمسك بها والاصرار على التمسك بفرض سلطتها وسيادتها على جغرافيا معينة ورفض الانصهار في المجتمع وعدم القبول بالدولة وبسلطتها ونفوذها واحداً من أبرز العوامل التي تمنع الانسان اليمني من التطور والتحضر واستعادة حضارته ودولته..

المجتمع اليمني الماربي المدني جعل من مأرب عاصمة لواحدة من أعظم الدول واعرق الحضارات على مر التاريخ، على يد ابناء مأرب وجعل منهم ملوكاً وقادة خلدهم التاريخ.. واليوم المتجمع القبلي المتعصب يحول دون استعادة تلك الحضارة واعادة بناء الدولة اليمنية واستعادة مكانة الانسان اليمني وانتشاله من وحل الجهل والتخلف، ويحول دون صناعة قادة عظماء من مأرب بناة ومؤسسون ومجددون.

دولة سبأ لم تكن مستوردة فقادتها من ابناء مارب ولو لم يكن المجتمع الماربي مدنياً ومتحضراً لما كانت مأرب عاصمة لتلك الدولة ولما قامت تلك الحضارة لو لم يكن الوضع مستقراً في مأرب، ولو لم يكن ابناء مأرب في ذلك الزمان عباقرة ومفكرون ولديهم طموح كبير ورؤية ناجحة.

أسوأ عذر قد يبرر به الانسان فشله عندما يقول هناك من لا يريد له النجاح، أو هناك من يقف عائقاً في طريقه ويحول دون تحقيق طموحه.. وربما هذا المبرر بات عالقاً في أذهان وعقول الكثير من اليمنيين، وهو العائق الحقيقي لعدم استعادة الانسان اليمني دولته وحضارته.. المتجمع هو الدولة، والدولة من المجتمع.. فهو الذي يسهم في بنائها إن شاء، وهو الذي يكون عائقاً وعقبة في طريق قيامها ونهوضها.. ومتى ما شرع المتجمع في بناء دولته وأذاب العوائق والصعاب التي يصنعها ويضعها في طريق قيامها، نهضت واستقرت وازدهرت وتحسنت احواله وزانت أوضاعه..