مليشيات الحوثي تختطف مواطناً من جنوب اليمن للضغط على شقيقه عاجل .. دعم سعودي لحكومة بن مبارك ووديعة بنكية جديدة كأس الخليج: تأهل عمان والكويت ومغادرة الإمارات وقطر دراسة حديثة تكشف لماذا تهاجم الإنفلونزا الرجال وتكون أقل حدة نحو النساء؟ تعرف على أبرز ثلاث مواجهات نارية في كرة القدم تختتم عام 2024 محمد صلاح يتصدر ترتيب هدافي الدوري الإنجليزي .. قائمة بأشهر هدافي الدوري الإنجليزي مقتل إعلامية لبنانية شهيرة قبيل طلاقها قرار بإقالة قائد المنطقة العسكرية الأولى بحضرموت.. من هو القائد الجديد؟ دولة عربية يختفي الدولار من أسواقها السوداء تركيا تكشف عن العدد المهول للطلاب السوريين الذين تخرجوا من الجامعات التركية
يشدك المشهد في مصر، فما نراه الان يعتبر حدث تاريخي يجب ان يأخذ حقه من المتابعة والتحليل وهذا لأنه سينعكس بنتائجه على المنطقة بأكملها وستكون تداعياته خطيرة مالم يتم البحث في اسبابه ومحاولة تفادي أخطائه ونتائجه المؤلمة.
ولأنه في اليمن توجد نسخة أخوانية مطابقة أو لنقل تابعة للتنظيم العالمي للإخوان المسلمين في مصر فمن باب الحصافة أن نتوقع خروج المظاهرات في صنعاء اعتراضا على ما حدث لتنظيمهم في القاهرة بعد أن اعتقدوا أن الأمور استوت لهم في قاهرة المعز وخاصة أن الأنموذج المصري كان مختلفا جدا عن باقي النماذج الأخوانية في بقية دول الربيع العربي، فأخوان مصر حكموا منفردين وهذا بخلاف تنظيم الإصلاح في اليمن الذي مازال حتى الان يتدثر بعباءة ياسين نعمان والعتواني واللذان منحاه غطاءً زائف بأنه تنظيم مدني لديه من القواسم الكثيرة مع الأحزاب القومية واليساريةـ ، لذا سقوط اخوان مصر يعني فقدان الكعكة الكبرى والأهم والتي كان بالإمكان من خلالها انتقال هذا التنظيم الدولي ولأول مرة في تاريخه إلى الخطوة التالية التي لم يكشف عنها حتى الان.
تنظيم الأخوان يمتاز بإتساعه وتشعبه وتغلغله في النسيج الوطني وايضا يتسم بمقدرته على تلونه حسب البيئة والوضع السياسي السائد، لكن الأهم من كل هذا أنه يتصف بعالمية لا محدودة من اتساع الرؤية وأن الوطن أو الوطنية هي لفظة لا وجود لها إلا مرحليا، ولعلنا نلحظ السيدة توكل كرمان وهي القيادية في هذا التنظيم إهتمامها المطلق بأحدث مصر متجاهلة كل ما يحدث في وطنها مما اثار موجة استياء عارمة من اليمنيين وايضا حالة إندهاش من المصريين الذين يعرفون مثلنا أنه لدينا مشاكل كافية وربما تفيض عن الحاجة، وأن الإهتمام بمشاكل الآخرين والتحريض فيها تعتبر عملية خالية من المنطق والعقل.
واضح جدا أن الأمور تسير نحو حل جماعة الأخوان المسلمين في مصر ، وهذه تعتبر كارثة بالنسبة للتنظيم وعودة إلى المربع الأول بالنسبة لهم، وهذا ما كان له أن يحدث ابدا لولا ارتكاب أخطأ كبيرة ومكررة رغم صرخات الاعتراض المستمرة على مدار عام كامل من حكمهم، كان الأخوان يتصرفون بطريقة مخيفة حتى لأشد المتعاطفين معهم غير مبالين برأي أو نقد أو اعتراض.
ربما سبب هذا التعالي كان قائما بسبب تواجدهم ضمن تفاصيل الحياة اليومية للمواطن المصري البسيط وانشغالهم بأعمال خيرية وتعاونية مما أتاح لهم أفضلية عمن سواهم في التنظيم والأداء ناهيك عن تصنع الدين والتقوى في التعامل اليومي ووضع اليد على معظم المساجد والزوايا في الأحياء الفقيرة والعشوائية حيث تعتبر تلك المناطق هي المخزن البشري للجماعة في الانتخابات وفي الحشد الجماهيري الذي تمتاز بها عن غيرها.
وهنالك نقطة أخرى دعم هذا الصلف لجماعة الأخوان في مصر، وهو الاعتراف الأمريكي الواضح بها وعدم وجود أي اعتراض عليهم مما جعلهم يشعرون أنهم آمنون دوليا وأنه وكل في ما في الأمر هي بضع التزامات دولية كالتعهد باستمرار معاهدة كامب ديفيد التي طالما اعترضوا عليها وايضا العلاقة مع اسرائيل ليستتب لهم الأمر .بل استمر هذا التعالي حتى آخر يوم من قرار الجيش المصري إزاحتهم عن ألحكم، وكان الخطاب الأخير للرئيس السابق مرسي غاية في الغباء السياسي الذي يعكس فعلا مدى غياب الجماعة عن الواقع المحيط بها، لقد عزلت نفسها مبكرا عن عما يدور وانشغلت بنهم كبير في الانقضاض على المناصب والوظائف وإزاحة أي شخص لا ينتمي الي تنظيمهم، ولنا أن لا ننسى ايضا بأنهم عقدوا صفقة منفردة مع المجلس العسكري وأنهم لم يشركوا احد معهم في صياغة الدستور المصري.
قد يكون وضع أخوان اليمن مختلف نوعا ما، فلا المجتمع اليمني يشبه المجتمع المصري، كما أن تنظيم الإصلاح أدرك مبكرا بأنه لا يستطيع ولو في المرحلة الحالية أن ينفرد بالعمل السياسي لوحده دون أن يشرك الآخرين معه ، إلا أنه و بعد تنحي علي عبدالله صالح أظهر تنظيم الإصلاح شيء من تلك التصرفات الشبقة تجاه وضع اليد على كل المناصب والمراكز، وكانت أية وظيفة تخرج عن نفوذه يقوم مباشرة بإخراج كوادره للتظاهر واقتحام الدوائر الحكومية وفرض الأمر الواقع بطريقة بربرية غاية في السوء، كما أن تصرفاتهم حيال محاولة فرض ارآهم على الآخرين بشان بنود الدستور اليمني واستخدام اللغة التكفيرية مع معارضيهم أعاد صورة مؤلمة قد سبق وان حدثت في عام 94م وهذا ما أستخدمه بالضبط أخوان مصر مع معارضيهم في صورة تكاد تكون متطابقة.
وأن كانت أدبيات التنظيم العالمي للأخوان المسلمين حسب ما اسسه سيد قطب والتي تنص على ان المجتمع هو بطبيعته مجتمع جاهلي بعيد عن الدين الإسلامي وان إعادته إلى الإسلام عمل مناط إلى الجماعة دون سواها ، فمن المتوقع أن نرى أخوان اليمن يسلكون ما سلكه اخوان مصر في التعامل مع الآخرين، وايضا من المتوقع وان أنكروا ذلك فان تنظيم الإصلاح لا يرى في المجتمع اليمني إلا مجتمع غير إسلامي وأنه بات من الضروري أن يتم تأكيد إسلاميته من خلال التنصيص على ذلك في كل القوانين الدستورية والتشريعية والحقوق المدنية والمناهج التربوية والذي هو بالتالي يمنحهم درجة أعلى طبقيا من باقي افراد الشعب كونهم المرشدين الربانيين لهم نحو الدين ودخول الجنة.
هذا هو الهذيان الذي تبثه قنواتهم الإعلامية ومنابرهم الدينية على مدار الساعة وهذا بالضبط ما أوصلهم الي هذه الدرجة من النبذ، وعلى اخوان اليمن تأمل الحالة المصرية جيدا حتى يفهموا لماذا الكل تخلى عنهم، ولماذا بات أخوان مصر يشكلون جهة واحدة بينما الشعب المصري وبكل فئاته السياسية والاجتماعية والأدبية والفكرية والثقافية والعسكرية تمثل الجهة المناهضة لهم ، وكيف تغاضى الشعب المصري عن عملية استئصالهم بهذه الصورة دون أن يعترض احدا على ذلك وخاصة انهم حصلوا على السلطة عن طريق الصندوق والانتخابات النزيهة.
الأمر ليس سهل أو عابر، وان لم يتفهم أخوان اليمن ويتعلموا جيدا من دروس الحالة المصرية وان يعيدوا النظر في كل تصرفاتهم ، فأنه لا يوجد شيء ابدا يمنع من تكرار ما حدث في القاهرة أن يعاود حدوثه في صنعاء وان تظاهراتهم تشبه الصراخ من الألم أكثر منها تأييدا لنظام مرسي المعزول.
أسلمة الدستور والحياة السياسية ليست ضمانة لتنظيم الإصلاح، وعليهم أن يتخلوا عن هذه الفكرة لأنها قد تكون سبب نهايتهم كحزب سياسي، ولكن تأسيس دولة مدنية يتشارك بها الجميع ويعمل الجميع لأجل الوطن وكرامة المواطن هي الضامن الوحيد لهم ولبقية الأحزاب اليمنية، وأن أخوان مصر خير دليل على ما اقوله هنا، فهم حاولوا اسلمة كل شيء في مصر لاعتقادهم بأن هذا يؤسس ويجذر وجودهم في السلطة، وبلمح البصر انقلب كل شيء عليهم وعادوا إلى السجون والمنافي ومطاردين في كل مكان كما كانوا عبر كل تاريخهم.