لا صوت يعلو على صوت رياح الخريف!
بقلم/ هناء ذيبان
نشر منذ: 13 سنة و شهر و 10 أيام
الخميس 06 أكتوبر-تشرين الأول 2011 08:00 م

عندما انتهت ولاية الرئيس البرازيلي (لويس سلفا )وقف يودع شعبه والدموع تنهمر من عينيه, كان المشهد مؤثرا, وقد شاركه البكاء جموع الشعب البرازيلي الذين يحملون له مشاعر الود, وهو الذي نشأ نشأة فقيرة وكافح حتى وصل إلى سدة الرئاسة.. شاركوه البكاء نعم, اخلصوا له في فترة رئاسته نعم, أحبوه من أعماق قلوبهم نعم, ولما أزف موعد الرحيل ودعوه بالدموع.. لم يخرج واحد من بينهم يهتف بالروح بالدم..لم يخرج أحدا منهم يطالب بتعديل الدستور ليبقى الرئيس مدى الحياة, فهو موظف قام بأداء واجبه كما يجب , ثم عاد لصفوف المواطنين, مواطنا عاديا..

ما يحدث في بلادنا العربية لا شأن له بما يحدث في سائر بلاد العالم, فنحن لا نختار رئيس لمقعد الرئاسة,أنما نحن نستلهم تراثنا الفرعوني القديم فنختار( إذا كان لنا الخيار) فرعونا إلها غير قابل للمحاسبة, أو التبرم من سياسته أو سياسة أي عضو يختاره ضمن حاشيته.. ومادامت هذه طباعنا فأن ما يحدث حاليا من سقوط الفراعين واحد تلو الأخر, هو أمر شديد الغرابة, فما الذي تغير؟ هل نحن تغيرنا, أم أن التغير جاء من خارجنا ورغما عنا؟هل نحن الذين تخلينا عن أخلاق العبيد وكفرنا بالفرعون الإله؟

الأغلب أننا لم نتغير وأن التغيير جاء من خارجنا بفعل قوى خفية دفعت بنا إلى هذا المسار المدهش..نعم مدهش لأننا نحبه ونريده حتى لو لم يكن من اختيارنا وصنع أيدينا, ودليل ذلك أن القاسم المشترك لردود فعل الفراعين الذين سقطوا والذين مازالوا في طور السقوط, أن هناك مؤامرة خارجية وأجندة أجنبية هي وراء ما يحدث لهم.. هم على حق في قولهم هذا,فالشعوب التي اعتادت حياة الفقر والذل والعبودية, لم يتصور فراعينها أن تهب فجأة وبدون مقدمات بالعبث بالألة وتسقطها من فوق عروشها..

لم يكن الفراعين يتصورون ولا في أحلك كوابيسهم سوادا, أن الشعوب يمكن أن تنتفض وتخرج إلى الشوارع منادية بإسقاطهم..

قديما أخبرنا علماء النبات أن تساقط الأوراق في الأشجار، يحدث بسبب ضعف المنطقة التي تربط الأوراق بساق النبتة أو البرعم, وتأخذ الطبيعة مجراها فيتم سقوط الأوراق عندما يصبح النهار قصيرا, فتبطئ عملية البناء الضوئي وتقل كمية الضوء الواصلة إلى الأوراق، وتتكون خلايا طرية عبر قاعدة العنق الواصل بين الورقة والساق فتسقط الورقة..

ألا تعتقدون أن هناك سمة مشتركة بين هذه الورقة وبين حكامنا، حيث إن حكامنا يعانون الآن من نفس هذه الأعراض فقد ضعفت بين حكام العرب وبين شعوبهم المنطقة التي تربط بينهم , إن لم تكن ماتت منذ زمن بعيد, وتباطأت عمليات الإصلاح إن لم تكن انعدمت تماماً , وازداد حجم التلوث المحيط بالشعوب، والذي أصبح متجذرا في خلايا الأوطان ..

 

تساقطت أوراق حكامنا ولا تزال تتساقط, ويبدو أن فصل الخريف أضحى الآن فى أوجه رغم أن هناك بعض الأوراق لا تزال تترنح, محاولة التشبث بالأشجار التي أعلنت أنه لم يعد هناك مجال, إذ كيف يكون هناك مجال وقد حل فصل الخريف معلناً أن كل الأوطان, عذراً أعنى كل الأشجار قد آن لها أن ترتدي حلة جديدة, من صنع أبنائها, عذراً أعنى من صنع أوراقها , ولا صوت يعلو حينها على صوت رياح الخريف وغباره, ولا على صوت أبناء الوطن وثواره...