بعد الربيع يأتي الصيف
بقلم/ غادة محمد أبولحوم
نشر منذ: 12 سنة و 6 أشهر و 15 يوماً
الأحد 29 إبريل-نيسان 2012 12:17 ص

حقوق الأنسان إذا كانت تقتصر على فئة دون اخرى و لها شروط و مقاييس و هناك من يحددها، تصبح بهذا حقوق أفراد وليست حقوق الأنسان. الحرية حق يؤخذ لكل مطالب بها، وأذا أصبحت محتكرة بحسب قناعات و سياسات، تحتكر لمجموعة دون أخرى هل نستطيع أن نسميها حريه بما أنها تعطى حسب شروط و قيود.

عندما يحضى شخص بحقوقه و حريته كأنسان و لكن يعجز عن إستيعاب حقوق الأخرين و حريتهم تكون معادلة خاطئة ينتج عنها ظلم و إضطهاد. هذا الإحساس سبب أساسي في خلق العداوة و البغضاء بين الناس، ومبرر لصراعات تبدأ بمطالب وغالبا ما تنتهي بكارثة.

أصبحت الحقوق و الحريات مقسمة بين الطرف الأول و هو صاحب النفوذ و المالك الحصري للحقوق و الحريات لذا فهو من يضع مقاييسها بحسب ما تقتضيه مصالحه.

رغم ان إحتكار مثل هذه الأمور يتعارض مع حقيقة ما بنيت مجتمعاتهم عليه، و إستخدام الأخرين كأدوات يعتبر انتهاك لكل ما يتشدقون به.

أما الطرف الثاني وهم المطالبون بالحقوق و الساعيين للحصول على الحرية، سواء من منحت لهم او من لايزال قيد الإنتظار او حتى من كان مصيرهم الرفض و التهميش.

وبرغم ما يوهمون انفسهم به إلا أنهم في رحلتهم هذه يسعون لجلب انتباة الطرف الأول والسعي خلف إستكمال شروط قبولهم ليحصلوا علي مطلبهم.

لو نظرنا الى ثورات الربيع العربي لوجدنا الأمر واضح جلي، الشعوب الثائرة سعت لإيصال صوتها عالمياً و كان النصر اسرع لمن كان صوته مسموع اكثر. برغم انه لم يكن السبب الرئيسي إلا انه لا يمكن إغفال اهميتة. المحرك الأقوي لنجاح الثورة إعتمد إلى حد كبير علي المصالح المشتركة بينهم و بين الدول المانحة "للحرية". فكان من السهل نجاح الثورة التي إستوفت الشروط و في زمن قياسي وباقل الخسائر الممكنة، مثل مصر و تونس.

جاء الخلاص من القذافي بأسلوب مختلف يتناسب مع وضع ليبيا و أهميتها وبالطبع كانت المصالح هي التي حركت الجيوش و جعلت السباق علي تحرير ليبيا سريعا و بإجماع كبير . لبيبا وضعها خاص فالمصالح التي تربط القذافي بالأطراف المتنازعة لم تكن كفاية لتدخل احد الاطرف في إنقاذة . السبب يعود لإعتماد القذافي علي الدعم المالي بينما كان تعاونه مع الجميع بشكل متضارب غير منظم جعل تحالفه معهم جميعا ركيك.

اليمن كان اكثر تعقيد بحكم حالة الفوضي التي شكلها النظام السابق، فاصبح حلبة صراع دول متنازعة علي ارض خصبة بالفقر و الجهل و غياب الدولة الحقيقية. سياسة اليمن والتراكمات الزمنية التي اعتمد في مجملها علي تدخل خارجي لم يكن محصور علي النظام و حسب و لكن كانت هناك ولاءات كثيرة لأطراف متعددة، جعل مسار الثورة يتجة نحو حلول ترضي الجميع و تحقق مكاسب لأطراف عدة. جاء الحل السياسي مرضي للجميع متجاهل انه يتطلب الكثير من الوقت، طبعا المتضرر الأول والأخير منه هو الشعب اليمني.

الربيع العربي في سوريا يعتبر معركة دائرة بين شعب ونظام فتاك، ليس فقط في قدرته على إبادة الشعب ولكن لإن معركته خارجيا كونت له أعداء و في المقابل جلبت له مواليين.

برغم مما يقوم به من جرائم إلا ان هناك من يعتقد بأن مؤامرة ضد النظام تقف خلف الثورة وليس رغبة الشعب. المصالح المشتركة التي تجمع الاطارف الخارجية شكلت مخاوف جعلت من سوريا ثورة تسودها المساومات فأصبح الشكل الليبي مرفوض و الحل اليمني مستبعد حتى الأن. وإلى أن تصل أطراف النزاع الخارجية الى حل يلبي جزء من مبتغاهم ستظل سوريا بين شقي الرحا.

لاتزال هناك ثورة وإن تناسيناها أو غضينا الطرف عنها إلا أنها موجودة، ثورة مختلفة تمام تجري في ظلام دامس، حضيت بتهميش و تعتيم إعلامي يكاد ينعدم حتى أصبحت غائبة تماماً عن خارطة الثورات. الوضع هناك يختلف كليا فالثورة هناك تعتبر نشاز خارج عن قاعدة ممالك مجاورة و وتختلف في مضمونها للحرية. ولإن هذا كله مرفوض كانت سرعة ردة الفعل لإخمادها هو حل الذي يتناسب مع حساسية الأمر.

التهميش الإعلامي العربي و العالمي خضع لمصلحة مشتركة غابت علي إثرها البحرين تماما وكأنها شئ لم يكن. بالطبع هناك طرف آخر في البحرين وهو أيضاً العدو الأبرز داخليا و خارجيا، و بما ان تدخله يعد عدوان علي سيادة ممالك أصبح دورة من خلف الستار غير فعال.

مانح الحقوق و الحريات أصبح من يمتلك صكوكها يمنحها كيف يشاء، يعيش وهم اسماه حقوق و حريات و هو لا زال في زمن الإحتكار. إنتهاك حقوق الانسان بدء بهم لأنهم من أجل بلوغها خسروا إنسانيتهم، ولأن الحرية تعني التحرر من كل شي كيف لمن تستعمره المصالح أن يكون حر؟

الحرية تؤخذ و لاتعطى لانها إن منحت لا تكون حرية و لكنها منحة نصبح بعدها مملوكين لمن منحنا إياها. والحقوق تعني الحق في إمتلاك شئ فكيف نحوله الي هبة نظل بعدها في حكم المديون. عندما يفتقد الأنسان حقوقه و حريته يعرف معنى المعاناة الإنسانية ناقصة و حياة بائسة. رحلة الثورة تبدأ بكائن حي و تنتهي بإنسان، ندرك خلاها ان الأنسان ولد ليكون حر. هل يمكن لمن مرت عليه مراحلها أن يتجاهل حق الغير في الحصول عليها.

الحرية من حقي و من حقك و من حقنا جميعا

ولا تكون حرية إذا إستثنت أحد،

وهي لا تأتي من بعيد و لا تكون علي حساب شخص ايّن كان. الحرية قد تكون بثورة تنتصر، او بثورة لم تكتمل و يمكنها ان تكون بثورة أجهضت لكنها أنجبت عدل و مساواة لحرية ليس فيها إستناء او تمييز.

الربيع العربي كما أسموة مانحوا الحريات اصبح تحت شعار الحرية ليست للجميع، لهذا فإن الربيع مازال بحاجة لصيف يأتي بعده محمل بثمار عربية خالصة لا يحصدها سوانا. صيف عربي تتحقق فية العدالة لتزدهر الدول الثائرة و تستقر بالأمن والرخاء.

سوريا ثورة قيد التنفيذ تذبح و هي تنتظر، لا نصر لسوريا او حرية لزينب الخواجة،

الى ان يأتي الصيف بحرية خالية من المعايير و الشروط ليس فيها استثناء او إقصاء، عندها فقط نصبح أحرار.