حول توحيد اليمنيين وما بعد شبوة
بقلم/ علي المعمري
نشر منذ: سنتين و 11 شهراً و 10 أيام
الأحد 16 يناير-كانون الثاني 2022 06:39 م

للمرة الثانية يجيب ناطق التحالف عن سؤال ماذا بعد شبوة ، فيرد أن توحد اليمنيين هو من سيحدد طبيعة المعركة . 

والكلام في معناه الكلي صحيح ولا غبار عليه، غير أنه يمكن أن يتحول لمجرد فخ يوقف العمليات العسكرية عند تحرير بعض مديريات شبوة، ومارب ويكسر نشوة الانتصار ويوقف تماسك اللحظة اليمنية ضد الحوثي. 

والسؤال هنا ما الذي يقصده المالكي بتوحيد اليمنيين؟ 

اذا كان المقصود هو الأحزاب السياسية اليمنية فإن اتفاقها ضد الحوثي مسألة محسومة سلفا ولا يوجد يمني من أي حزب لا يسعى لهذا الهدف النبيل، صحيح أن هذه الاحزاب لديها خلافاتها ، ولكنها في الغالب ليست السبب الرئيس في أن المعركة تراوح مكانها ولم تحسم منذ سنوات. 

توحيد اليمنيين ضد الحوثي مرهون بتوحيد الجبهة العسكرية وليس باستجداء قيادات الأحزاب أو السياسيين خاصة وأن قرار الحرب والدعم والتمويل هو قرار التحالف وهو الذي يدير العمليات العسكرية. 

توحيد القيادة العسكرية وتوحيد القرار العسكري وجعل اليمن كلها مسرح عمليات واحد بغرفة سيطرة واحدة وخطة عسكرية واحدة ودعم عسكري واحد لكل الجبهات هو من سيوحد الجبهات العسكرية، ويحقق الحسم وليس السياسيون اليمنيون. 

انسحب العمالقة من مناطق في الحديدة والدموع في أعينهم ، ولم تؤثر فيهم وحدة المشاعر السياسية والغضب الشعبي ضد هذا القرار ، فهو قرار عسكري وليس سياسي ، ثم اتجهوا الى شبوة بقرار عسكري أيضا وصفق لهم الشعب اليمني كله شمالا وجنوبا وشرقا وغربا وكبرت المساجد فرحا بقدومهم، ولم تؤثر فيهم خلافات السياسة ولا عثرات السياسيين . 

حينما اتجهت قوات المقاومة الوطنية والقوات التهامية صوب مناطق تعز الغربية لتحريرها رحب كل الشعب اليمني بمختلف فصائله بالرغم من أنه قرار عسكري ولم يكن قرارا سياسيا محكوما بتوافقات سياسية . 

مع ذلك نسي اليمنيون كلما كانوا يقولونه عن طارق وقوات المقاومة والعمالقة وعلاقتها بالجيش الوطني وتوحدوا جميعا . 

قال رئيس الجمهورية لأكثر من مرة إن كل بندقية تقاتل الحوثي هي بندقيتنا وقال طارق صالح كلاما مشابها وفي ذات المعنى وأعلن عيدروس في مقابلته الأخيرة أن التشكيلات المنضوية تحت قيادته ستقاتل بجانب التحالف . 

فالتشكيلات اليمنية مختلفة بشكل واسع وكبير ولكنها تتفق كلها ضد الحوثي وهذا يلاحظ بشكل كبير حتى في لقاءات السياسيين في كل المشاورات المعلنة والمغلقة ، فبمجرد حضور حوثي واحد في الاجتماع ينسى الجميع خلافاتهم ويتوحدون ضد ذلك الحوثي. 

ماهي المشكلة إذن ؟

المشكلة تكمن في القرار العسكري وتوحيد أرض المعركة والتعامل مع الجيش الوطني والقوى الوطنية والتشكيلات العسكرية وفقا لأجندات مختلفة، وليس في التشكيلات السياسية المتباينة، فالخلافات السياسية يمكن أن تحدث حول تشكيل حكومة أو تعيينات ومع ذلك اتحدت جميعها في حكومة وطنية واحدة عقب اتفاق الرياض . 

يلاحظ كل اليمنيون اختلاف مستويات الدعم ومخصصات التغذية وفوارق التسليح وانتظام الرواتب من منطقة لأخرى ومن مكون لآخر ومن جبهة لأخرى ، مرات لمتطلبات المعركة ومرات أكثر لأغراض وأجندات لاعلاقة لها بالمعركة ومتطلباتها بل ببناء تشكيلات ذات اعراض محدودة، وهو مايجعل الخلاف حاصلا والقلق مشروعا خاصة مع وجود تحيزات واضحة ضد أطراف بعينها وهو مايعني أن المشكلة في القرار العسكري وليس السياسي . 

نظرة سريعة لما يقدم للجيش الوطني في تعز أو في جبهة الضالع أو في ميدي أو شبوة ومارب وأبين والحديدة و المقاومة الوطنية مقارنة بجبهات أخرى تكشف بوضوح هذا الأمر وتجعل القلق من جعل موضوع توحيد الأطراف اليمنية مسألة تهدف إلى وضع أعذار استباقية أكثر منها حقيقة عسكرية أو حتى سياسية . 

يتوفر الدعم العسكري بذات النمط للجبهات المختلفة وتوحد جهات الدعم وأغراضه ويرتبط ارتباطا وثيقا بمتطلبات المعركة وفق خطة عسكرية واحدة تدار من غرفة عمليات مشتركة بقيادة التحالف توجه اوامرها العسكرية وتوفر متطلبات المعركة كفيلة بتوحيد الصف وكفيلة ايضا باسكات كل المزايدين وكل المتصيدين و كفيلة ايضا باسكات كافة الخلافات السياسية التي لم تكن يوما سببا في تعثر المعركة الوطنية. 

وهذا القرار يبدأ من قيادة التحالف العربي، وقيادة القوات المشتركة المنوط بها إدارة هذه الحرب والمنوط بها أيضا توحيد الصف الوطني اليمني ودهس كافة أشكال الخلافات السياسية وهو الطريق الوحيد والصحيح لانجاز معركة وطنية يلتف حولها اليمنيون جميعا. 

التعامل مع الأطراف اليمنية ومع قيادة الجيش الوطني والمقاومة الوطنية وقيادات القبائل وكل الاطراف المقاومة للحوثي وتطمين الجميع بأن التحالف يمتلك خارطة طريق تمنح كافة اليمنيين الأمان الكامل بجدية التحالف ونظرته للمعركة اليمنية واليمنيين بعين وحدة لا تفرق بين أحد منهم ، تلك هي الطريق الوحيد والآمن لنزع أظافر الحوثي وإجباره على الخضوع لإرادة الشعب اليمني .

سيقول البعض لماذا لا تقوم الشرعية بذلك سواء في مؤسساتها في الرئاسة أو الحكومة او حتى في وزارة الدفاع ؟ 

وهو سؤال صحيح ومسئول لو أن كل التشكيلات العسكرية - التي يحظى بعضها بامكانيات تفوق إمكانيات الجيش ذاته - كانت تخضع لقيادة الشرعية أو قيادة وزارة الدفاع . 

تذكروا كيف رد رئيس الاركان على سؤال مذيعة تسأله كيف تدفعون رواتب منتظمة وتغذية منتظمة في الساحل الغربي ولا تفعلون هذا في مارب ؟ 

كان رد رئيس الاركان يشبه رد وزير الدفاع على ذات المذيعة، الارتباك والتلعثم، فالمذيعة والوزير ورئيس الاركان يعرفون الاجابة ولكنهم لا يقدرون على قولها ولديهم كل الحق في الامتناع وعدم الرد حفاظا على وحدة الصف، ومنعا لاساءة وتأويل الكلام من قبل المتصدين. 

يقولون الفساد والاسماء الوهمية في الجيش، وهي أقوال صحيحة ولكنها ليست هي التي تمنع النصر وتقف ضد توحيد اليمنيين، فهذه المعضلة كانت قديما وبقيت وهي تتمظهر في كل التشكيلات العسكرية دون استثناء بما في ذلك حتى تشكيلات الحوثي نفسها ، فقادة مليشيا الحوثي حققوا ثروات طائلة من وراء الفساد في هذه التشكيلات المليشاوية والاسماء الوهمية ، تلك قصة حقيقية وهي ليست حكرا على الجيش وحده بل هي في كل التشكيلات بدون استثناء ويمكن أن نقدم بالأرقام كافة الوحدات العسكرية في كل التشكيلات العسكرية، فمشكلة الفساد والأسماء الوهمية نسبية وليست هي السبب الاساس في عدم حسم المعركة في نظري. 

الآن هناك نقطة أمل كبيرة ينبغي ان نبني عليها، البداية كانت في شبوة ولقد احسن السيد المالكي في اختيار المكان والزمان لإعلان عملية حرية اليمن السعيد والتي قال إنها ستكون على كافة الجبهات والمحاور ، وهذه العملية التي تفاعل معها اليمنيون وشكلت رعبا حقيقيا للحوثيين تجعل هذا الحديث حول وحدة القرار العسكري ضروريا في هذه اللحظة كمقدمة ضرورية للوحدة السياسية وتوحيد اليمنيين ، فليس هناك ما يخافه الحوثيون أكثر من أن تدار المعركة الوطنية بنفس وطني واحد وقيادة موحدة تخوض الحرب على كافة الجغرافيا اليمنية وتبعث الطمأنينة لكل من يشترك في هذه الحرب ضد هذه الميليشيات التي ظلت طوال السنين السابقة تقاتل كل جبهة منفردة ولم يحدث أن قاتلها اليمنيون متحدين إلا مرة واحدة وصلت فيها القوات اليمنية إلى مشارف صنعاء.