إسرائيل تكشف عن 13 قياديا حوثيا وتنشر صورهم ضمن بنك أهدافها.. والمختبئون في الجبال من مقربي عبدالملك الحوثي تحت المراقبة دبلوماسية أمريكية تتحدث عن عملية اغتيالات لقيادات جماعة الحوثي وتكشف عن نقطة ضعف إسرائيل تجاه حوثة اليمن رئيس الأركان يدشن المرحلة النهائية من اختبارات القبول للدفعة 35 بكلية الطيران والدفاع الجوي هكذا تم إحياء الذكرى السنوية ال 17 لرحيل الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر بالعاصمة صنعاء مسيرات الجيش تفتك بقوات الدعم السريع والجيش السوداني يحقق تقدما في أم درمان محمد صلاح في طليعتها.. صفقات مجانية تلوح في أفق الميركاتو الشتوي حلف قبائل حضرموت يتحدى وزارة الدفاع والسلطة المحلية ويقر التجنيد لمليشيا حضرمية خارج سلطة الدولة مصابيح خلف القضبان.... تقرير حقوقي يوثق استهداف الأكاديميين والمعلمين في اليمن الإمارات تعلن تحطم طائرة قرب سواحل رأس الخيمة ومصرع قائدها ومرافقه بينهم صحفي.. أسماء 11 يمنيًا أعلن تنظيم القاعدة الإرهـ.ابي إعدامهم
هل عادت موسكو إلى «النغمة الأولى» التي عزفت عليها عند بدء تدخلها العسكري في سوريا قبل ثلاث سنوات؟؟ ربما، فقد قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قبل يومين إن «موسكو لم تتخذ قرارها بشأن سوريا من أجل التباهي بالأسلحة أو لعرض قوتنا، بل انطلقنا من البيانات التي كنا نملكها والتي أثارت قلقنا، والمتمثلة بوجود 2000 شخص من روسيا كانوا ضمن صفوف داعش وجبهة النصرة بالإضافة إلى 4500 شخص من آسيا الوسطى».
كان هذا فعلا هو التبرير الروسي في البداية قبل أن تتعقد الأمور ويتجلى بوضوح أن المسألة أبعد من ذلك بكثير. وقد روى الدكتور برهان غليون أنه مع بداية إرسال القوات الروسية إلى بلاده التقى في سفارة موسكو في باريس بميخائيل بوغدانوف المبعوث الرئاسي الخاص لمنطقة الشرق الأوسط بناء على طلبه فكان أن قال له إن هذا التدخل إنما جاء فقط لتصفية هؤلاء المقاتلين الجهاديين من الشيشانيين وغيرهم قبل أن يعودوا إلى البلاد ويسببوا فيها الكوارث وأن المسألة برمتها لن تستغرق أكثر من شهرين أو ثلاث.
ابتسم الدكتور غليون لهذا الكلام وقد كان محقا في ذلك. يبدو اليوم أن ما دعا موسكو إلى التعلل من جديد بهذه الحجة هو هذه الهجمة الدبلوماسية الغربية الكبيرة ضد موسـكو وتصعيد الضغوطات عليها عبر طرد الدبلوماسيين وزيادة العقوبات وما صاحب ذلك من تأكيد الاتهام عن استعمال أسلحة كيمياوية على التراب الأوروبي لأول مرة منذ الحرب العالمية الثانية. لقد جعلت القيادة الروسية تفضل العودة من جديد إلى مربع الحديث عن «محاربة الإرهاب» في سوريا، من أضيق أبوابه، أي الدفاع عن روسيا من إرهاب محتمل سيعود إليها عبر أبنائها المنخرطين في النزاع هناك.
بوتين، وفي مقابلته مع قناة روسية وردت ضمن البرنامج الوثائقي «النظام العالمي 2018»، لم يكتف بذلك وإنما أضاف محذرا أن «انهيار الدولة في سوريا محفوف بمخاطر ظهور بؤر إرهابية واسعة ستمتد لعقود طويلة، ولو لم تقدم روسيا على ضرب الإرهابيين ولم تساهم في إعادة بناء هياكل الدولة لكانت العواقب سيئة للغاية ولكنا أمام حالة شبيهة بأفغانستان».
هذه الإشارة إلى أفغانستان لا تبدو عبثية ففيها تلميح واضح المعالم من أنه لولا روسيا لتورطت الدول الغربية، وأساسا الولايات المتحدة، في مستنقع لا يقل بؤسا ودموية عما حصل لها هناك. وحتى لا يكتفي الروسي بإشارات تبريرية وأخرى تحذيرية، ها هو بوتين يبدي في نفس المقابلة تفهما «غاية في البراءة» للمصالح المتشابكة الإقليمية والدولية في المنطقة. لقد قال في ذات المقابلة إن «لكل دولة في الشرق الأوسط مصالحها، وأعني هنا إيران والسعودية وتركيا ومصر وإسرائيل، والأردن، كما أن هناك مصالح اللاعبين الدوليين، كالولايات المتحدة والصين والهند وروسيا، لذا ينبغي التعامل باحترام مع مصالح الجميع علما بأن العملية صعبة».
ولا يقف بوتين عند هذا الاعتراف بل ويذكر الجميع أنه «مهما كانت درجة صعوبة العلاقات بين دول المنطقة، إلا أننا جلسنا إلى طاولة واحدة مع تركيا وإيران ولعبنا دور الضامن للاتفاقيات في سوريا». إنها إشارة إلى أنه لا غنى عن روسيا في مثل هذا السياق، إنها الوحيدة القادرة اليوم على الجلوس على نفس الطاولة مع لاعبين أساسيين في سوريا، تركيا وإيران، فمن قادر غيرها على أن يفعلها؟!!
و سواء جاء كلام الرئيس الروسي حديثا، و بالتالي مراعيا للوضع الحالي الصعب لبلاده في علاقاتها مع الولايات المتحدة و معظم الدول الغربية التي يبدو و كأنها اجتمعت عليه كنوع من «الشيطنة المنظمة» كما تراها موسكو، أو أن كلامه مسجل قبل فترة، خاصة و أنه قيل في برنامج وثائقي، فإن الكلام في كلتا الحالتين عبارة عن رسالة واحدة مفادها أن ما تفعله موسكو في سوريا هو تقريبا دفاع شرعي عن النفس يجب أن نشكر عليه، لا أن تنتقد، لأنه جنبكم ويلات عدة و نحن، مع ذلك، مستعدون لتفهم هواجسكم و مخاوفكم و قادرون على تسوية الأمور مع أنقرة و طهران و لا أحد أقدر منا على ذلك.
يأتي كل هذا الكلام الروسي عن سوريا في وقت يعيش فيه أهالي الغوطة الشرقية مذلة الاعتقالات والتجنيد الانتقامي وتقسيم العائلات وتشريدها، بعد أسابيع من القصف المتوحش عليهم من الطيران الروسي وطيران النظام معا بذريعة أن إرهابيين يوجدون هناك وهو كلام على افتراض صحته الكاملة أو المنقوصة لا يعطي لأحد الحق في تدمير ممنهج للمباني وقتل للمدنيين وبالأسلحة المحظورة دوليا لمجرد أن ما قيل هو فعلا كذلك.
ربما لو حصلت روسيا من العرب، أو بعضهم على الأقل، على معاملة مماثلة لما يفعله الغرب بها الآن لما تجرأت على السوريين كما تجرأت، ولما واصلت كما تواصل، سواء على الأرض أو في تصريحات قيادييها الذين يبدون كمن يحركون السكين في الجرح بعد رشه بالماح أيضا.
٭ كاتب وإعلامي تونسي