الرأسمالية ودودة القزّ
بقلم/ د عبدالله الحاضري
نشر منذ: 12 سنة و 6 أشهر و 26 يوماً
السبت 21 إبريل-نيسان 2012 05:24 م
  انهارت النظرية الشيوعية كفكرة لتبقى النضرية الرأسمالية متفردة كفكرة ونظرية تسود وتحكم العالم فهي ليست قيمه إقتصاديه فقط بقدر ماهي قيمة إيدولوجيه أيضاً حاكمه وصلت ذروتها في بدايات القرن الواحد والعشرين غير أنها بدأت تتراجع على المستوى الكُلي بشكلٍ مروّع خاصة مع التغيرات الطارئه في القيم المعنويه كنتيجةٍ حتمية لمفهوم الحرب على الإرهاب الذي أثَّربشكل مباشر وغير مباشر على فلسفة النظرية الرأسماليه على الصعيد الإنساني والمادي في نفس الوقت فالإنسان إفتقد لمقومات الحُريه والعداله والمساواه وبدءَ الدولار يفقد قيمته مُتزامناً مع انهيارات السوق العقاريه العالمية وإفلاسات البنوك ووصول منضمة التجارة العالميه وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي إلى طُرق مسدوده كل هذه الوقائع والأحداث أثَّرت على القيمه الإيدولوجيه النظريه للرأسماليه ودللّت بوضوح أنها وصلت بالبشريه الى أفق مسدوده وأن الفكره باتت قاب قوسين أو أدنى من الإنهيار كما إنهارت سابقتها النظريه الشيوعيه فالإستخدام المُفرط للسياسه العنيفه (أعني الأعمال العسكريه)تحت مسوغ مكافحة الإرهاب سيُعجّل في إنيهار فكرة الرأسماليه وكذلك إستخدام سياسة الميل الكامل في القضايا التي تمَسُّ حقوق الشعوب لصالح طرفاً ما سيُسارع بنفس القدرفي تحقيق نفس النتيجه فسياسة أمريكا تجاه قضية فلسطين مثلاً يُبيّن إلى أي مدى ممكن أن تصل إليه الأمم المُتحضرة من الإجحاف إذا استبدلت القيم الإنسانية بالمصلحة السياسية وليت الأمرتوقف عند ضُلم الشعب الفلسطيني بل تعدّاها إلى ضُلم الأمة العربية من أجل الحفاظ على ميزان القوى لصالح إسرائيل ففي الوقت الذي تسعى فيه الأمة العربية للتحرّر من الأنظمة الاستبدادية وتتمثّل في نفس الوقت بالقيم الديمقراطيه تقف أمامها حائلاً الأمم المؤدلجه بالرأسماليه خوفاً من ميل ميزان القوى لغير صالح إسرائيل,كُنا نتوقع منها أن تقف مع الثورات العربيه التوَّاقه للقيم الديمقراطيه فلم تفعل وأضهرت ميكافيليه مصحوبة بنرجسيه غريبه ليس لصالح شعوبها ولكن لصالح إسرائيل فأعلنت على استحياء دعمها للثورات في الظاهر السياسي وتآمرت عليها أيضاً في الخفاء السياسي لتبقى الشعوب العربيه في أزمات طاحنه مشغولة بنفسها وبصراعها مع أنظمتها الفاسده المُستبده وبذلك يضل ميزان القوى لصالح إسرائيل الديمقراطيه الذي ينبغي أن تضل الوحيده الموصوفة بهذا الوصف في المنطقه بكاملها,هذه المنهجيه في التعامل مع الشعوب العربيه تكاد توصل الفكره الرأسماليه كقيمةٍ أخلاقيه إلى العدم في الذهنيه والجهاز المفاهيمي العربي قبل أن تتلاشى أصلاً في في الوجود ذاته,واليوم في سوريا أصبحت القيم الإنسانيه المتحضرة تحتضر أمام المصالح السياسيه وسيضل الدم السوري ينزف حتى تكتمل المصلحه الدوليه المتوافقة بالضرورة مع المصلحه الإسرائيليه ويصبح الوضع السوري في مُحصلته النهائيه قابل للتعايش وفقاً لميزان القوى المنطقي لصالح إسرائيل وفي اليمن نشعر بوضوح أن هناك إراده خفيه في إشعال حرب قاتله تصُبُّ في نفس المصلحه التوافقيه السابقه وقد بدأت إرهاصات هذا التوجّه في تصوري مُنذ أن سارعت بعض المنُضمات الدوليه في طلب التحقيق مع الرئيس السابق أثناء تواجده في أمريكاء وكذلك التسريبات الصحفيه أن هناك طلب قضائي لسماع أقواله في بعض القضايا كانت هذه دلالات تسير في إتجاه واحد يجب عودة الرئيس السابق لليمن لإفتعال أزمات ولزعزة الإستقرار فيها وهوما حصل بالفعل فبمجرد عودته تأزم الوضع السياسي والإجتماعي بالتمرُّد والتحريض على الرئيس وإنعاش الجماعات المُسلحه المُنحرفه فكرياً ووطنياً خاصةً في المناطق الجنوبيه وحشد القوى والأسلحه لتفعيل هذه الرغبه وصولاً لتحقيق الإنفصال في الجنوب وإقامة إمارات دينية (ذو إتجاهات فكرية مختلفه)في أقصى الجنوب وأقصى الشمال وعلى نفس السياق تعاني لييبا من نفس الإشكاليه وإن تغيرت مُعطياتها وأهدافها الآنيه لكنها على المدى البعيد تكاد تتوافق مع السيناريو اليمني وكذلك تعاني منها الآن السودان ومصر وإن اختلفت سيناريوهات المعاناه فالنتيجة واحده يبقى ميزان القوى لصالح إسرائيل,أقول هذه الكلمات وأنا لستُ من مُدمنيّ نظرية المؤامرة لكنّي فقط أستقرء الواقع على ضوء المستوى القيميّ السياسي الإنساني ككُل لأُدلّل موضوعياً أن النضريه الرأسماليه المؤدلجه كانت مؤتمنه كحتميةً حضارية على القيم والتُراث الإنساني غير أنها لم تُراعي حق هذه الأمانه فاستبدلتها بالمصلحة السياسية الأنانية وبدأت تقفُ حائلاً أمام الشعوب التي تسعى لنيل حريتها من مستبديها والأشدُّ ألماً أن تقف مع أعداء هذه الشعوب بداعي الإفاده من قدراتهم المزعومه على محاربة الإرهاب معها كماهو حاصل في اليمن,إن هذا المأزق الأخلاقي التي وضعت نفسها فيه هذه الدول المُتحضره المعتنقه للأيدولولجيا الرأسماليه تسوقنا إلى نتيجةٍ واحده وهي أنهُ حان الزمن التاريخي لنرتقب بجديه انتقال الحضارة الغربيه إلى شعوب أخرى لديها من القدره والإراده ما تراعي فيها القيم الإنسانيه المتوارثه وهذا هوالتوجّه العام للتاريخ الذي سنحياه نحنُ أو الأجيال التي تأتي من بعدنا,كما أن على أولئك الذين يقفون أمام شعوبهم ولم يستوعبوا عظمة التغيير التاريخي أن يدركوا أن طُغيانهم يسوقهم إلى الموت في نسيجهم الذي نسجوه تماماً كدودة القزّ التي تأبى أن تموت إلا في نسيجها...