كرمان سَبَقَتِ النشر
بقلم/ محمد عمر الضرير
نشر منذ: 12 سنة و شهر و 3 أيام
الأحد 14 أكتوبر-تشرين الأول 2012 05:25 م

لا أستطيع السير في خط نهج الريادة اليمنية دون الترحم والتهنئة؛ فأترحم على روح حبيب القلوب فقيد الأمة الشهيد الحمدي، ولعل ما كُتب عنه هذا العام بالذات من التميز والكثرة والقرب ما ينبغي أن يُجنب كتابنا التكرار، إلا فيما يرد بجديد يتماهى وعظمة الشهيد رحمه الله، وأهنئ شعبنا العريق بذكرى ثورة الحرية والكرامة الأكتوبرية المجيدة، الممثلة لمحطة بارزة من أهم محطات نضال شعبنا ضد القهر والاستبداد والاستعمار.

ومن ثم سأدلف مهنئا المناضلة الساكنة بأفياء المجد بنت اليمن توكل كرمان بالذكرى الأولى لاستحقاقها العالمي لنوبل، واكتسابها للجنسية التركية من قيادة مسلمة تركت بصمتها المتغلغلة في قلوب المسلمين لمواقفها الدينية والإنسانية العظيمة، أكتب هذا المقال معترفا بصيغة معظم عباراته قديما، لتنعطف فكرته من مجال التقعيد والتنظير، إلى مجال الاستشهاد والتطبيق، فقد مثَّل تميز المرأة اليمنية وتفوقها هاجسا شغل بالي منذ سنوات، ولتأكيد وصولها لمراتب القيادة كتبت قبل أكثر من عشر سنوات مقالا ربما بالغت في تسييسه، وسلمته حينها لأستاذي القدير الدكتور الهنادوة مدير تحرير صحيفة ( التربية) الصادرة عن كلية التربية بجامعة الحديدة، وهو يشغل الآن عمادة الكلية.. في نظرة مستقبلية لما سيكون عليه الدور الريادي للمرأة اليمنية على كل المستويات، فهي لا تقل تفكيرا وإبداعا عن أي امرأة في العالم، فقط تقهرها الظروف والعادات المتخلفة، المجافية للدين وتعاليمه السامية، ومنبع ذلك مما عايشته في البيئة التعليمية التي هي المقياس الحقيقي لواقع المستقبل.

فقد لاحظت وبخاصة أثناء إشرافي على مجموعات التربية العملية بالكلية، وقبلها عملي في الحقل التربوي مدرسا وإداريا، فخرجت بحصيلة تؤكد أفضلية الإناث اليمنيات على إخوتهم الذكور في معظم إن لم أقل كل مكونات العملية التعليمية، ومنها المعلم والمتعلم والمدير، فتجد الطالبة أكثر حرصا وأكبر مثابرة واهتماما واجتهادا من الطالب، وكذلك المعلمة تُظْلَمُ إن قارنتها بالمعلم، وهكذا المديرة تفوق المدير مثابرة ونشاطا وتنظيما وانتظاما وحرصا على مصلحة وتطوير المدرسة، وبالطبع يستثنى من ذلك القليل في مكوناتهم الثلاثة المذكورة، والحكم للغالب دون شك، ولما كان التعليم ببوابته المدرسية هو الترمومتر الدقيق لتطور المجتمعات أو العكس، ولما كان الأبناء هم مستقبل البلد وبانوه، ولأن الواقع العلمي في اليمن يؤكد التفوق الأنثوي، بل وفي مختلف مجالات العمل وصولا إلى المواقع القيادية والمناصب العليا، زد على ذلك كثرة الإناث على الذكور مما هو معلوم في المحصلات التعدادية الرسمية، مما يؤدي لنتيجة واضحة في استنارة اليمنيات وتفوقهم العلمي ولاحظوا النتائج السنوية لأوائل الجمهورية في الثانوية بل الجامعات مثلا.

 وإذا ما وضعنا في الاعتبار الضغوط الغربية في دعوة المساواة والتشدق بحقوق المرأة في مجتمع ظالم لها كمجتمعنا، مما يسهم في إبراز هذه المحصلة بشكل واضح وتدخل فاضح، وإن كان سيلجأ في بعض تدخلاته لطرق غير مباشرة؛ لمعرفته بطابع البيئة وعادات مجتمعنا، مستعينا في ذلك بالعولمة، ووسائل الاتصال المتعددة، وبناء على ما ذكرت مضيفا إليه من حقائق تاريخ اليمن المجيد، في بروز ماجدات خالدات أنجبتهن البلدة الطيبة كبلقيس وأروى، قدن اليمن قيادة حكيمة سطرت بحروف من نور الحنكة والاقتدار اليماني، ولا شك أن أرضا أنجبت بلقيس وأروى، لهي حبلى على الدوام بمثلهن.

وما ذكرته آنفا يستوفي لتوقع أن يوما سيأتي تتربع فيه المرأة اليمنية مكانة عالمية بارزة، وها قد توجت الكرمانية توكل رأس اليمنيات بل والعرب قاطبة بعالمية نوبل (للسلام)، فكم هو شرف أن يكون لليمن نصيب فيها، ولفتاة.. يغلب على تفكير كثير من رجال مجتمعها السطوة الذكورية، لدرجة أني سمعت بعضهم يصرح أن بقرته أو جزمته أنفع وأفضل منها، والمرأة في نظره وأشباهه لا تستحق إلا الدعس على حد قولهم.

فهذا تقدير دولي يعطي لنموذجٍ من يمنيات كثيرات ما ينبغي أن يقدرن به وينزلن المنزلة اللائقة بمكانتهن المستحقة لجهودهن في مختلف المجالات، واليمنيات الرائدات قادمات بقوة، بكل ما يسهم في تنوير مجتمعاتنا، وتقدم مراتبنا( فالأم مدرسة..)، وصولا لرفعة وطننا، ورقي يمننا الحبيب.