الرئيس هادي .. التغيير بقص الأجنحة
بقلم/ عارف الدوش
نشر منذ: 12 سنة و 8 أشهر و 10 أيام
الثلاثاء 06 مارس - آذار 2012 05:46 م

• بين التغيير بالمفهوم الثوري والتغيير بالتوافق مسافة واضحة وضوح الشمس برابعة النهار فالأول يعرف بأنه جذري ويأخذ شكل الصدمة من خلال عنفوان الثورة عندما تكون مسلحة كما حدث في ليبيا فهجمات الثوار هناك التي كانت مسنودة بهجمات جوية من طائرات الناتو أبطلت فعالية ترسانة المقتول القذافي فسقطت العزيزية معقل الحكم في طرابلس وأقتحمها الثوار وتجولوا في أرجائها واستولوا على ما وصلت إليه أيديهم وكلنا شاهدنا السيوف والمسدسات والكلاشنكوفات الذهبية والشكل الثاني من التغيير الثوري يأخذ شكل جبروت وقوة الثورة عندما تكون سلمية من خلال تدفق الجماهير كالبركان صوب معاقل السلطة كما حدث في تونس ومصر في ظل تواري المعارضة وحياد الجيش والشكل الثالث رأيناه في اليمن فالثوار مسنودين بالمعارضة بشكليها “ الأحزاب والجيش حامي الثورة” وهنا اختلف نموذج الثورة والتغيير وسمي التغيير بالتوافق فكان يتم تبريد أي عنفوان ثوري يجنح باتجاه التغيير وفقاً لنموذج الثورتين التونسية والمصرية أو محاولة الإنزلاق الى نموذج الثورة الليبية وهو ما شاهدناه في مواجهات جولة كنتاكي سابقاً “النصر حالياً” أو خلال خروج مسيرات خارج ما كان يسمى الخط الأخضر أو خلال مسيرة الحياة القادمة من تعز أو مسيرة الكرامة القادمة من الحديدة وحجة وأخذ شكل تبريد عنفوان الثورة والثوار بالإتفاقات والتهدئة ولجان الوساطة والإنسحاب كما حصل في مواجهات جولة كنتاكي أو شكل الإغراق بالجماهير الثورية والصمت ازاء الإعتداءات ضد مسيرة الحياة خوفاً من التدخل الفج من للسفير الأمريكي الذي لوح بإعطاء الضوء الأخضر بسحق مسيرة الحياة أن تحولت الى عنفوان ثوري يهدف الى التغيير بالصدمة بإقتحام القصر الجمهوري أو السيطرة على ساحة السبعين وجعلها ساحة ثورية جديدة في صنعاء وقلب الطاولة على الجميع كما لاحظنا أساليب وأشكال التبريد للعنفوان الثوري في تعز من خلال سيطرة الثوار على جبل “جرة” ومن ثم تسليمه عبر وساطات ومفاوضات ولجان تهدئة وعودة القوات المعتدية على ساحة الحرية إليه أو من خلال منع الثوار من إيجاد ساحة جديدة للثوار بالقرب من مبنى المحافظة و القصر الجمهوري.

• أذن نحن منذ البداية أمام تغيير بالتوافق وغير مسموح لا محلياً ولا اقليمياً ولا دولياً بأن يتم التغيير في اليمن من خلال النموذج الثوري الجذري” دفعة واحدة وهو ما شاهدناه في تصرفات الوسطاء “مجلس التعاون الخليجي والدول الغربية “ عبر المبادرة الخليجية واليتها التنفيذية والتدليل الزائد عن اللزوم الذي منح الرئيس السابق الحصانة والخروج من السلطة كما يريد هو برغم التضحيات التي قدمها الشباب “شهداء وجرحى ومعاناة عاشها الشعب اليمني كله “ وهذا عكس ما تم التعامل به مع الرئيسين المخلوعين قبله “بن علي ومبارك » أو الرئيس المقتول “ القذافي “ وقد أثمر خيار التغيير بالتوافق التوقيع على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية سواء أرغمت المعارضة على قبول التغيير بالتوافق أو هددت أو سارت إليه راضية فإنه في كل الحالات يختلف جذرياً على التغيير بالمفهوم الثوري« التغيير بالصدمة” وأحداث التغيير الجذري باجتثاث النظام السابق وإحلال بدلاً عنه نظام جديد كما حصل في تونس وفي مصر الى حد ما وهو يسير باتجاه استكمال ما تبقى من التغيير الجذري ففي تونس هرب بن علي وحاشيته ومن تبقى من النظام ابعد من مفاصل الدولة والجيش وفي مصر مبارك وأولاده وحاشية ومعاونيه وحكومته في القفص وفي زنازن السجون يحاكمون وصدرت باكورة الأحكام الخميس الماضي السجن المشدد 10 سنوات لكل من الدكتور عاطف عبيد رئيس الوزراء الأسبق والدكتور يوسف والي نائب رئيس الوزراء وزير الزراعة الأسبق و15 سنة لحسين سالم ونجله المستفيدان من التسهيلات في قضية أرض البياضية .

• و الحضور الأقليمي والدولي في الثورة الشبابية السلمية اليمنية كان طاغياً وتم من خلال “ الأحزاب السياسية وقوى الجيش المساندة للثورة” وبشكل غير مسبوق في الثورتين التونسية المصرية الى درجة الحديث عن وصاية اقليمية ودولية على اليمن تبدو واضحة من خلال نشاط السفراء الغربيين ودول الخليج على الأرض أو تصريحاتهم وتشكيلهم غرف عمليات نشطة للمتابعة اليومية والتدخل المباشر بالأفعال والأقوال ولم يعد خافياً على أحد فيما يتعلق بالثورة اليمنية أن هناك فيتو اقليمي و أمريكي غربي على انتهاج طريق التغيير الثوري الجذري أو إيصال الأمور الى ما وصلت إليه في تونس و مصر أو في ليبيا وهو الأمر الذي جعل قادة المعارضة” الأحزاب و قوى الجيش المساندة للثورة” تقبل بالتغيير من خلال التوافق وتوقيع المبادرة الخليجية واليتها التنفيذية والبدء بالتنفيذ بمنح الحصانة غير المسبوقة ايضاً في أي تغيير او ثورة لا سلمية ولا مسلحة وإجراء الإنتخابات الرئاسية المبكرة والسير على طريق التغيير بالتوافق الذي جوهره التغيير بالتدريج والعمل بالمثل اليمني “أكل العنب حبة حبة” ويجري الترويج للنموذج اليمني في التغيير محلياً وإقليماً ودولياً ابتداء اً من بارك أوباما رئيس اكبر دولة في العالم ومروراً بقادة أوروبا و الجامعة العربية وقادة دول مجلس التعاون.

• مما سبق يتضح ان خيار التغيير بالتوافق هو ما سينتهجه الرئيس عبد ربه منصور هادي خلال المرحلة الإنتقالية الثانية كما نصت على ذلك المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية وما على الذين يطالبون الرئيس عبد ربه منصور هادي بسرعة اتخاذ قرارت قوية وعاجلة تأخذ شكل الصدمة ألاّ ينتظرون مثل هذه القرارات فهي في تصوري غير واردة ، ويبدو واضحاً ان التغيير سيأخذ اشكالاً متعددة ومنها” قص الأجنحة” لكن كل أساليب التغيير التي ستكون متنوعة سوف تنتج عن توافق ورضا بين الموقعين على المبادرة الخليجية واليتها التنفيذية وبموافقة الأطراف الإقليمية والدولية وأي رفض للتوافق سيكون من خلال رفض القرارات التوافقية أما بإعاقة تنفيذها او بالإعتذار عنها وربما اعلان التمرد وتسهيل تسليم اسلحة لعناصر القاعدة المفرخة وخاصة عندما يتعلق الأمر بإبعاد القاده العسكريين أنصار صالح وسنقرأ وسنرى قصصاً كثيرة لقاده يرفضون قرارات التغيير بالتوافق ويعملون من تحت الطاولة او علناً على تسريب السلاح لعناصر القاعدة المفرخة .

• يبقى موضوع موقف الولايات المتحدة من أقارب صالح محل جدل وتسريبات هنا وهناك فهناك تقارير صحيفة تتحدث بأن الولايات المتحدة ترغب في التدخل الهادئ لتخفيف نفوذ أقارب صالح في قيادة قوات الجيش و الأمن و الانتقال الى جيش أكثر احترافا ، وهو ما قالته صحيفة واشنطن بوست مؤخراً حيث أكدت إن الولايات المتحدة تريد أن تلعب ببطء، تدريجيا لكي تزيح أقارب صالح من قيادة قوات الجيش والأمن والانتقال إلى جيش أكثر احترافاً.. وهذا عكس ما يشاع او يسرب عنها من دوائر الرئيس السابق صالح أو المرتبطين به حتى وان كانوا سفراء دول كبرى مثل السفير الأمريكي بأن واشنطن ترغب في بقاء اقرباء الرئيس السابق في الجيش والأمن وتؤكد التقارير الصحفية أن عدم التعجيل في إبعاد أقرباء صالح من مواقعهم في الأمن والجيش في الفترة القليلة القادمة تدليلاً لهم. وهذا التدليل الأمريكي او الخليجي قد شاهدناه مع صالح نفسه ولكن في الأخير جرى تغييره بعد التدليل الأقليمي والأمريكي والغربي الذي كان ملفتاً ومستغرباً فالنتيجة كانت التغيير وتسليم السلطة لرئيس جديد.. صحيح هناك خلافات بين المؤسسات الأمريكية حول محاربة الإرهاب في اليمن وأقرباء صالح ولكن ما سيحسم الأمر في الأخير هو موقف الخارجية الأمريكية والرئيس أوباما ولا يعتقد الخبراء والمحللون السياسيون أن امريكا ستضحي بمصالحها في اليمن من أجل أفراد معدودين وستقف ضد رغبه الشعب اليمني الذي سيصعد من المظاهرات ومن ثورته من أجل استكمال أهداف الثورة السلمية ومنها إقاله أقرباء صالح من قيادات الجيش وإعادة هيكلته على أسس وطنية وليست عائلية