مليشيات الحوثي تختطف مواطناً من جنوب اليمن للضغط على شقيقه عاجل .. دعم سعودي لحكومة بن مبارك ووديعة بنكية جديدة كأس الخليج: تأهل عمان والكويت ومغادرة الإمارات وقطر دراسة حديثة تكشف لماذا تهاجم الإنفلونزا الرجال وتكون أقل حدة نحو النساء؟ تعرف على أبرز ثلاث مواجهات نارية في كرة القدم تختتم عام 2024 محمد صلاح يتصدر ترتيب هدافي الدوري الإنجليزي .. قائمة بأشهر هدافي الدوري الإنجليزي مقتل إعلامية لبنانية شهيرة قبيل طلاقها قرار بإقالة قائد المنطقة العسكرية الأولى بحضرموت.. من هو القائد الجديد؟ دولة عربية يختفي الدولار من أسواقها السوداء تركيا تكشف عن العدد المهول للطلاب السوريين الذين تخرجوا من الجامعات التركية
" مأرب برس - خاص "
أحتاج الرئيس علي عبد الله صالح إلى أن يصطحب معه إلى مؤتمر الدول المانحة الذي عقد في العاصمة البريطانية لندن من 15-16 نوفمبر الجاري قافلة كبيرة من الصحافيين اليمنيين ليقنع الشعب عبرهم بنجاح المؤتمر ، وليصور له أن أنظار العالم كله كانت متجهة في تلك الفترة إلى عرس تكريم اليمن والخروج بعشرات المليارات من المنح المالية لتحسين أوضاع هي مخلفات 28 عاما من حكم فردي أوصل اليمن إلى أن تقف على عتبة باب الدول الغنية طلبا للمساعدة ، في الوقت الذي لم يعد الشعب يثق بوعود من دولة بلا مؤسسات ، وبات المواطن لا يفكر بالمستقبل بل في كيف يعيش يومه .. ولم يكتفي فخامته بطابور الإعلاميين اليمنيين الذين لم ينقلوا الا أحداث جلسة المؤتمر الصحافي ولدقائق محدودة فقط ، وجاءوا من مختلف الوسائل الإعلامية ومع ذلك رفض حتى الاستماع إلى أسئلتهم .. بل أضاف إليهم محلل وصحافي لبناني يبدو أنه يعمل متعهد مع دار الرئاسة في بلادنا للوقوف " بمقابل " طبعا أمام الكاميرات التلفزيونية ويكتب على صفحات الجرائد العربية ليعطي صورة عن الرئيس وسياساته عكس ما نعرفها نحن اليمنيين ، ويتحدث عن اليمن بصورة لا يعيشها المواطن في البلاد ..
لقد تفنن الرئيس ومطبخه في تشغيل ماكينة التضليل الإعلامية لإعطاء صورة غير مطابقة وغير حقيقية عن مؤتمر لندن ، منهم من أطلق عليها ثورة يمنية ثالثة تنطلق من هناك ، ومنهم من وصف المؤتمر بأنه الخطوة الأولى نحو الانضمام الكامل لليمن بمجلس التعاون الخليجي .. فلا ثورة خرج بها مؤتمر لندن لصالح اليمن بل زاده استسلاما واعترافا من رئيس الجمهورية نفسه بفشل 28 عاما من حكمه عندما قال علنا : "ان التحدي الأبرز أمامنا اليوم هو كيف نأخذ بيد اليمن بعدما حقق هذه الانجازات ( يقصد بها الديمقراطية على الطريقة اليمنية وتوابعها ) ونأخذ بأيدي الشعب اليمني لانتشاله من المحطة التي يراوح فيها وهي محطة الفقر والبطالة والجهل والأمية " ، كلام صريح واعتراف حقيقي بالواقع ، ولكن أليس من حق الدول المانحة إقليميا ودوليا اليوم توجيه السؤال للرئيس " عفوا ماذا عملت طيلة 28 عاما وأين هي إنجازاتك الحقيقية " ، إذا كان الهدف الحقيقي من المؤتمر ومن تحمس له مساعدة الشعب اليمني وليس إنقاذ النظام .. ولم نسمع أيضا على لسان أي مسئول خليجي باستثناء ممثلي قطر وزير خارجيتها والأمين العام لمجلس التعاون الخليجي " قطري أيضا " ، بأن المؤتمر هو الخطوة الأولى نحو الانضمام إلى المجلس ، ناهيك عن الإعلان الكويتي الصريح بأن مساعدة اليمن ماليا لا يعني بالضرورة انضمامه إلى مجلس التعاون .. وهذه إشارة ثانية بأن المؤتمر لا علاقة له بتهيئة اليمن للانضمام إلى مجلس التعاون الخليجي كما روج له الرئيس وماكينته الإعلامية ، التي سعت إلى ترويج أحلام وردية كاذبة عن أمنيات الانضمام التي لم نسمع أي مسئول خليجي يتناولها حتى من باب المجاملة الدبلوماسية وأمام الرئيس نفسه .. كان الطرح واضحا وصريحا وهو توفير المساعدات المالية لتنمية اليمن وإنقاذه من الفقر وعبر ضمانات دولية فقط .
ومع هذا لم تحقق اليمن التي لا تزال تتحدث عن انتصارات وثورات حققها الرئيس في لندن ما كانت تتمناه ، او اعتقدت أنها ستحصل على ما تريد من أموال لسد فجوة ميزانية الخطة الخماسية 2006 – 2010 والمقدرة بأكثر من 10 مليار دولار ولم تتحصل إلا على نصف المبلغ ، بل أن الرئيس قد أستسلم لأهم شرط لم تتحدث عنه الصحافة اليمنية على الإطلاق ، وصرح بهذا الشرط وزير الدولة للشؤون التنمية الدولية غاريث توماس الذي قال علنا وفي مؤتمر صحافي موثق : " أن جميع الشركات النفطية العاملة في اليمن ستكون ملزمة بفتح دفاترها الحسابية ، وستقدم كشفا يوضح حجم الإنتاج اليمني من النفط كل شركة على حدا ، وكم وردت كل شركة من الأموال إلى خزينة الحكومة اليمنية " ، وأضاف توماس " كما ستقوم الحكومة اليمنية بالإعلان عن عائداتها النفطية وأين أنفقتها ، كما يلزم الاتفاق أن يعرف الشعب اليمني إيراداته من النفط وأين صرفت من خلال إعلان الحكومة ذلك بشكل مفصل ودوري لوسائل الإعلام ، وأحزاب المعارضة وأعضاء البرلمان " .. هذا الإعلان الذي جاء على لسان الوزير البريطاني لم تتناوله وثيقة الأجندة الوطنية للإصلاحات المقدم من قبل وزارة التخطيط والمكون من 10 صفحات ، والتي اعتبرت في الفقرة 11 عن الشفافية في الاستكشافات النفطية إطلاق موقع على الانترنت لهيئة استكشافات وإنتاج النفط إنجازا كبيرا ، الغريب أن أية صحيفة يمنية ولا حتى من رافق الرئيس إلى لندن من الصحافيين لم يتطرق الى كلام الوزير البريطاني ، ولا أعلم هل بسبب حاجز اللغة أو أن الجميع جاء ليكتب بما يريده الرئيس والحكومة فقط .
من وجهة نظري أن شرطا كهذا يبقى ناقصا ما لم يتم وقف كل المتنفذين ومن المقربين للرئيس والعاملين كشركاء بالإنتاج أو في مشاريع من الباطن مع كثير من الشركات النفطية ، وإغلاق المكتب المشبوه في مدينة كاليغاري الكندية القريبة من مقر شركة نكسن التي تقوم بإدارة حقول وادي المسيلة في حضرموت ، وهو المكتب الذي يشاع بأنه يدار عبر يمنيين لا علاقة له بالسفارة اليمنية في أوتاوا ، حتى ولو اعتبر هذا الشرط انتصارا للشعب في اليمن الذي ظل محروما منذ أكثر من 12 عاما من معرفة حجم الإنتاج النفطي والذي لا نشاهد عائداته إلا في فنون وأشكال وفخامة القصور التي انتشرت داخل العاصمة صنعاء لحيتان الفساد الذين أفقروا الشعب ونهبوا أمواله ، وحساباتهم الموزعة في بنوك أوروبا وأمريكا .. إعلان الوزير البريطاني عن هذا الشرط هو تسليم من قبل الفاسدين بهزيمتهم بعد أن أصبح بقاؤهم في السلطة مرهونا بقبوله وشروط كثيرة كانت قد وردت في وثيقة " العهد والاتفاق " منها الفصل بين السلطات وتوسيع الحكم المحلي ، التي رفضت من قبل الطرف الحاكم اليوم ، وبسببه قامت حربا مدمرة في عام 1994 .. فالفساد لن ينتهي ولن تتعزز مصداقية الدولة لدى العالم الضامن والدول المانحة ما لم تتطاير رؤوس الفساد المعروفة ويتم استعادة أموال الشعب المنهوبة ، واشتراط الدول المانحة والضامنة بوضع يدها على حسابات المسئولين اليمنيين في الخارج وتجميدها تمهيدا لإعادتها إلى خزينة الدولة.. ويكفي أن توجه الحكومة البريطانية سؤالا عن مصدر ما يملكه مسئول صغير في اليمن بحجم محافظ المهرة من عقارات في مدينة ليفربول في وسط انجلترا ليقارنوا حجم الأموال المنهوبة والتي يجري تهريبها وغسلها في عقارات واستثمارات في الخارج لهم ولأولادهم .
مؤتمر لندن هو مؤتمر الفرصة الأخيرة للنظام في اليمن الذي هدد العالم بعواقب الصوملة او انتشار الإرهاب الذي لن ينجو منه أحد كما أشار إلى ذلك الرئيس علي عبد الله صالح بشكل صريح في كلمته بالجلسة الافتتاحية ، ومع ذلك تعهد اليمن بشخص الرئيس يعتبر نهائي ولن يتكرر ، مهما حاول التمترس خلف إنجازات الديمقراطية التي أعادت انتخاب 28 عاما من الفشل ، او حرية الصحافة التي فضحها طلب رئيس تحرير صحيفة الثوري الأستاذ خالد سلمان اللجوء إلى بريطانيا ومن وفد الرئيس نفسه ، او كذبة حقوق الإنسان التي كشفها اعتقال الناشط علي الديلمي واقتياده من مطار صنعاء إلى سجن الاستخبارات بدون اية تهمة .. فالعالم الذي تهمه مصالحه لن تنطلي عليه أكبر عملية تزوير في انتخابات رئاسية أدت إلى نكسة سبتمبر الماضي كما أطلق عليها الأستاذ صالح الدكاك ، لان الديمقراطية الحقيقية هي ما يجري اليوم إرساؤها لأول مرة في العالم العربي في موريتانيا ، حيث يستعد العسكر لتسليم السلطة للمعارضة التي تشير كل الدلائل بفوز تجمع القوى الديمقراطية من اجل التغيير فى موريتانيا برئاسة احمد ولد دادا ، ولا يمكن مقارنة ما جرى من إرهاب وتخوين وإفزاع الشارع في بلادنا أثناء الانتخابات الرئاسية الماضية ، مع ما يجري بهدوء وسلاسة في موريتانيا ، ولكن النتائج تبرهن الفرق بين عسكر وعسكر .
لقد ترك مؤتمر لندن للحكومة اليمنية فجوة للتحدي لتأكيد مصداقيتها وجديتها في التغيير وتحمل المسؤولية في البناء بغض النظر عن مبالغة السلطة بفقر الدولة وعدم وجود موارد لها ، فتقليص حجم المساعدات إلى أكثر من النصف بعد أن علق اليمن كل آماله على دبلوماسية الرئيس عبر " الهاتف " والاتصالات التي أجراها بالتلفون مع حكام مجلس التعاون الخليجي لمضاعفة مبلغ السخاء ، حيث كان وزير التخطيط والتعاون الدولي اليمني عبد الكريم الارحبي قد قال أن اليمن تحتاج إلى حوالي 48مليار دولار لبلوغ أهداف الألفية الثالثة للتنمية، فيما يبلغ حجم الفجوة المالية في هذا الصدد 17مليار دولار وأن حجم الفجوة المالية المتعلقة بتنفيذ البرنامج الاستثماري في خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للتخفيف من الفقر 2006م- 2010م لا تزيد عن 10ر10مليارات دولار، في حين يبلغ حجم البرنامج الاستثماري في الخطة 25مليار دولار، منها 16مليار دولار تتعلق بإنشاء مشاريع جديدة.
فكما وجه المانحين ضربة لليمن بتقليص المساعدات إلى النصف ، كانت واشنطن وبالرغم من تطمينات نبيل خوري نائب السفير الأمريكي في صنعاء ، تجهز ضربتها التي قصمت ظهر اليمن قبل المؤتمر ، حيث أعتبر التقييم الذي أعلن عنه قبل أسابيع في واشنطن والصادر عن صندوق حساب تحدي الألفية أن اليمن لن يكون بإمكانها "تلقي المساعدات الاقتصادية والمالية الأميركية للسنة المالية 2007".
وقالت مؤسسة حساب تحدي الألفية في تقريرها ان اليمن رُشحت بالفعل لتلقي مساعدات اقتصادية ومالية أميركية للسنة المالية 2007، إلا أن أداء الحكومة اليمنية الضعيف بكوادرها غير المؤهلة علميا والتي تفتقر إلى الكفاءة المهنية قد أدى إلى تغيير دراماتيكي في المؤشرات 16لمؤسسة حساب تحدي الألفية، مما حدا بصندوق حساب تحدي الألفية إلى توقيف اليمن من استلام المساعدات الاقتصادية والمالية للسنة المالية 2007، توقيت التقرير الأمريكي جاء ليزيد من مخاوف دول الخليج الداعمة ، وانعكس أثره بوضوح على قيمة المبلغ المعلن عنه 5 مليار دولار في الوقت الذي يريد اليمن ما لا يقل عن 10 مليار دولار لتنفيذ خططه التي رسمها حتى عام 2010 .
الكارثة في اليمن ستبقى ان بقي الحزب الحاكم يجدد تهمه للمعارضة وإلصاق فشله على الغير ، فلم يعد الأمر مجديا للكلام وإلقاء فشل السلطة على المعارضة كما فعل رئيس الوزراء عبد القادر باجمال أمس ، عندما أتهم المعارضة بأنها فاسدة ، ولكنه أخفق عندما وضع نفسه محل مقارنة مع رئيس الوزراء اللبناني الراحل رفيق الحريري الذي عاد بملياراته ليبني البلد لا ينهب ملياراتها إلى الخارج ، او يحصل على فلل عمولات لصفقات مشبوهة في ضواحي لندن ، الراحل رفيق الحرير كان غنيا قبل ان يعود الى بلده ويتسلم الحكومة ، ولم يصبح رجل أعمال له شركات بعد أن عاد الى وطنه وأصبح فجأة رئيسا للحكومة كما هو الحال مع رئيس وزرائنا الذي قال لي بنفسه قبل عدة سنوات في جناحه بفندق كلاريدج ، أنه لم يكن راغبا بالمنصب الحكومي لأنه يريد التفرغ للعمل بشركاته التي لم يفصح عنها وقته .
الكرة صارت في ملعب السلطة في اليمن فهي أمام امتحان صعب ، فلا الخليجيين سيتراجعون عن ما أعلنوه في لندن ، ولا واشنطن ستتراجع عن أبعاد اليمن من منح صندوق الألفية للعام المقبل حتى ترى نوايا الإصلاح بالتغيير له وقع على الأرض بعيدا عن كلام ممجوج وتهم يعرف العالم من المتهم .. أعتقد أن الرئيس علي عبد الله صالح كان مبالغا عندما صرح بعد عودته من الصين التي زارها هذا العام حاملا وعد بمليار دولار مساعدات ، عندما قال أن اليمن سيتجه شرقا ولن يقبل مساعدات مشروطة من أمريكا او الغرب .. فلماذا قبلها ألان مادام الوضع الداخلي لم يتغير .. ام أن عائدات الفوائد من أرباح مليار دولار أقل بكثير من عائدات فوائد 5 مليارات كما قال الرئيس صالح بنفسه خلال مؤتمره الصحافي " المرتجل " في لندن .. في كل الأحوال مؤتمر لندن يعد الفرصة الأخيرة للنظام في اليمن ورسالة واضحة لرئيسة وحزبه الحاكم.. إما أن يغير او سيتغير ولن تنفع بعدها حتى ولو هدد الرئيس بالسير على خطى نيرون في روما وأحرق اليمن ومن عليها .