رسائل عاجلة إلى أحرار اليمن الميامين
بقلم/ د. محمد معافى المهدلي
نشر منذ: 12 سنة و 10 أشهر و 6 أيام
الثلاثاء 10 يناير-كانون الثاني 2012 01:46 ص

Moafa12@hotmail.com

من المهم في هذا الوقت العصيب والمنعطف الخطير في مسيرة الثورة اليمنية الظافرة أن نضع بعض النقاط على الحروف ، حتى يستقيم السير، ونبلغ الغايات، ونحقق الأمنيات، وننجز الأهداف، ونسير نحو بناء يمن جديد لطالما حلُم به الأحرار والشرفاء والمفكرون والعلماء، ألخص هذه النقاط في الرسائل الآتية :

الرسالة الأولى :

يا ثوار اليمن الأحرار وثائراتها الحرائر سلام عليكم ، أولاً وآخر، ومن قبل ومن بعد ، وسلام على كل ذرة من أرض اليمن الكريمة التي أنجبت جيلكم الفريد ، الذي ضرب أروع المثل في التضحية والفداء، دون أن يلتفت إليه أحد من الأقربين أو الأبعدين ، فدول الشرق والغرب ..التي تنادي كل يوم بحقوق الإنسان والحرية والديمقراطية ، وحرية اختيار الشعوب لحكامها ، هاهي تتفرج على شعب ثائر مكلوم مقهور ، جائع مضطهد مظلوم ، مهدد في كل مقومات حياته وأمنه واستقراره ، من عائلة فاجرة ظالمة باغية عاتية ، جثمت على صدره على مدى 33 عاماً.

إنه شعب يخرج بالملايين كل يوم ، بل في كل ساعة من ساعات الليل والنهار، ، في صنعاء وعدن وإب وتعز وحضرموت والحديدة وصعدة وأبين ، وسقطرى ، وغيرها من مدن اليمن ، دون أن تُحرك هذه المسيرات المليونية في عالمنا البليد ، ذرة إحساس أو مشاعر ، فليست هذه المسيرات والمظاهرات المليونية للشاذين جنسيا ولا لمرضى الإيدز ولا الرقّاصين والجنس الثالث ولا الرابع .. ولذا لا مجيب ولا سميع.

ألا هل سمع العالم عن مسيرة الحياة التي قطعت أكثر من 350 كم ، مشيا على الأقدام ، وكانت هذه المسيرة التاريخية بعشرات الآلاف، ألا هل سمع العالم بالملايين التي خرجت في نحو 47 جمعة، كلها على قلب رجل واحد ، كلهم يجأرون إلى الله مستغيثين بجلاله وعظمته وقدرته وجبروته، من ظلم الطاغية وظلم أزلامه وحاشيته وبغيهم وفسادهم، وهتكهم الحرمات، واستباحتهم الدماء ، وهدرهم الأموال والمقدرات، ألا هل سمع العالم الحر بصرخات الثكالى في تعز والحيمة وأرحب وصعدة وحجة والحديدة وعدن وأبين ..الخ . أي عالم سقيم هذا ، ثم في نهاية المطاف يوقّع العالم ويشهد على حصانةٍ للقاتل السّفاح المجرم ، ويقضي بحكم مؤبد للضحية، مقابل حفنة من الوعود والأمنيات، وذر الرماد في العيون، في إشارة واضحة جلية لطغاة العالم ومجرميه وسفاحيه أن يقتلوا ما شاءوا من البشرية، وأن يرتكبوا كل جرائم هتلر، ثم بجرة قلم عفى الله عما سلف، أليس اليمانيون شعب حر أبيٌ مجاهد ثائر، ألا يستحق أن يعيش هذا الشعب العريق والعظيم أن يعيش بعيداً عن الوصاية والتدخل الخارجي السافر، وأن تصان دماؤه وحرماته وكرامته.

أليس هذا الشعب منه خرج المجددون والعباقرة والعلماء والفاتحون من المهاجرين والأنصار ، كأبي موسى وسعد وأبي ذر وعبد الرحمن الغافقي وخوله.

فيا أيها الثوار الأحرار لا تحزنوا ولا تيأسوا فإنْ كان العالم لا يراكم فإنّ الله يراكم ، وثقوا بنصر الله ووعده ، ولا تلتفتوا إلى الدنيا ولا إلى المحيط الدولي والإقليمي ، فإنهم لا يملكون لكم نصراً ولا عزا ، وإنّ الله وحده بيده النصر وبيده العز ، فلا تسألوا أحداً غيره. ألا فالثبات الثبات .

الرسالة الثانية:

إنّ الثورة اليمنية الكل يدرك أنها ليست ثورة جماعة ولا حزب ولا مشيخات وهرطقات، أو معارضة وعسكر، كما يروّج النظام البائد، فلو كانت ثورة جماعة أو حزب أو مشيخات لتم شراؤها كما جرت العادة، ببضع آلاف من الدولارات، كما هي عادة الطاغية وحلفاءه في الداخل والخارج، لكنها ثورة أمة وثورة شعب وثورة وطن، لا مجال للمساومة عليها والبيع والشراء بمواقفها، ولذا يجب أن تصل هذه الحقيقة إلى العالم كله، سيما الجيران منهم ، وبالأخص منهم النخب والقيادات الفكرية والسياسية في الجزيرة والخليج.

إنّ من الخطأ بمكان أن يلام شعب قَتَلَه الجوع والظلم والفساد والاضطهاد والقتل والتدمير والحروب التي أشعلها النظام في كل ناحية من نواحي اليمن وزاوية من زوايا البلاد، حتى لا يكاد يأمن إنسان على مال ولا عرض ، وتحولت اليمن إلى مرتع للكلاب والنسور الجائعة ، فهل يلام الشعب اليمني على ثورته، أم يلام الطغاة والمجرمون الذين لم يتركوا جريمة من جرائم التاريخ الأسود إلا وارتكبوها.

ولذا فعلى الجميع في الداخل والخارج والإخوان والجيران إدراك هذه الحقيقة، وما هي عنهم ببعيد، فالعالم كله شاهد أنّ بعضاً من الأسر اليمنية باتت تأكل من القمائم والزبالات، وبالتالي فلا لوم على أمة صرخت وخرجت عن بكرة أبيها، تنشد وتروم الحرية والسلام والخبز النظيف، فما كان لهذه الملايين أن تخرج لولا الدمار الذي حاق بالبلاد على يد ثلة من الزبانية والعفافيش، لم ينجب مثلهم التاريخ الأسود.

الرسالة الثالثة:

إنّ الثورة اليمنية الظافرة تحاك ضدها المؤامرات التي تَزلزل لها الجبال ، ولنا في التاريخ أعظم عبرة وشاهد، فهاهي ثورة سبتمبر وأكتوبر التي طبّل لها النظام وزمّر لها حملة المباخر، والدجاجلة والأفّاكون وأراذل الخليقة، خداعاً للشعب وتضليلاً له، هاهو الشعب اليمني اليوم يكتشف حقيقة ثورته، وأنها كانت ثورةً ضد الظلم والطغيان والاستبداد والكهنوت، إلا أن البديل عنها كان أشد ظلماً وأفتك إجراماً وتدميراً ، وأشنع طريقة، وأنه على مدى أكثر من أربعين عاماً، لم يجد اليمانيون سوى الفقر والمجاعة والسغب والمرض والحروب، والظلم والظلام الحالك، فبئس الخلف وبئس السلف، ولذا فإنّ الثورة اليمنية اليوم على مفترق طرق، وأخشى ما يخشاه العقلاء والحكماء أن تتكرر محنة ثورة سبتمبر وأكتوبر، فليس للأحرار منها إلا الدماء التي سكبوها والأشلاء والجماجم والمهج التي جادوا بها رخيصة، دون تغيير حقيقي شامل، يجتث الظالم المستبد وأركان دولته ومملكته البائدة إلى مزبلة التاريخ، إلى غير رجعة.

فيا أيها الثوار الأحرار، يجب أن تُحرس ثورتكم، وأن تحمى وأن يذاد عنها، وأقترح أن تُشكِّل قوى الثورة وشبابها الميامين الأحرار لجنة عليا لحماية مسيرة الثورة ، وتحقيق أهدافها، هيئة أو لجنة من أساتذة الجامعات والمفكرين والعلماء والساسة الأحرار.

صحيح أن الشعب اليمني بات كله حامٍ للثورة، ومنافح عنها، بحمد الله تعالى ، لكن الأولى أن تُحمى الثورة بعدد من السياجات والدروع، في تقديري، وكلما كثرت السياجات والدروع كان ذلك أفضل وأمتن لتحقيق أهداف الثورة.

الرسالة الرابعة:

إلى مهجّري النظام في الخارج الذين تئن بهم الجامعات والمدارس والمصانع والشركات، في شتى أنحاء المعمورة ، تالله إنّ الله سائلكم عن نصرة الشعب اليمني ، وسائلكم عن هذا الجزء الغالي من الكرة الأرضية، أرض الإسلام، ومهد العروبة، ومهبط الرسالات، وتالله إن الله سائلكم عن نصرة أحفاد المهاجرين والأنصار، فهل قمتم بواجبكم في نصرة هذا الشعب المكافح المناضل، أليس يجب عليكم نصرة المسلم، ألم يقل الله تعالى (وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر) ، إن واجب الساعة يفرض على كل مسلم نصرة الشعب اليمني والوقوف معه في محنته مادياً ومعنوياً، حتى تتحرر هذه الأرض الطيبة من أخبث نظام استبدادي عرفته اليمن.

الرسالة الخامسة:

أتدرون لم جنّ جنون النظام وتساقطت أركانه وخارت قواه، وتصدعت مؤسساته، وتقطعت به السبل والطرائق، وأصيبت مقاتله، وتشتت جموعه، ونفدت خزائنه، وعجزت وسائله، إنّ السبب في كل ذلك هي وحدتكم أيها الثوار وائتلافكم وقوة أخوتكم وتراص صفوفكم، حيث التقى السلفي والإخواني، والاشتراكي والناصري، والقبلي والمثقف، والجامعي والأمي، التقى الجميع على أمر قد قدر، فلم يملك بقايا النظام بعد كل هذه الوحدة والتلاحم الأسطوري إلا أن ينفثوا ويفرغوا سمومهم هنا وهناك فباءت كل تلك المحاولات بالفشل، وتحطمت كل تلك المحاولات على صخرة الإخاء والمحبة والائتلاف الثوري، فالله الله في وحدتكم وأخوتكم وجمع كلمتكم، فالنظام سقط، ولم يسقط إي وربي إلا بأخوتكم ووحدة قراركم، فمزيداً من الالتحام والإخاء، فلم يفرق بين أبناء اليمن سوى النظام ، ودهاقنته ، ومظلليه.

ختاماً همسة حانية من محب مخلص، في آذان إخواننا ممن ناصر المستبد الفاجر وأعانه بالفتاوى والمبررات، أما آن لكم أن تستلهموا الدروس والعبر من زملائكم في مصر الكنانة الذين نفضوا عن أنفسهم التعصب الأعمى، ولم نسمع منهم فتوى واحدة تؤيد الطاغي وتؤازره وتناصره، بل كانوا في مقدمة المتظاهرين المنادين بإسقاط النظام الفرعوني، أليس من العار بمكان فتاويكم الجائرة لنصرة سفاح قاتل على حساب شعب بأسره يئن من الظلم والمجاعة والاضطهاد، على المنافذ والحدود، أليس من العار عليكم مثل هذا الموقف، أما آن لكم الأوبة إلى صف الأمة وسوادها الأعظم، من الأحرار والشرفاء والمخلصين !!.

نسأل الله تعالى لثورتنا الظفر والتمكين والعزة والسؤدد، شاكرين لكل من مد يد العون والمساندة للشعب اليمني سيما من إخواننا في الجزيرة والخليج، وفقهم الله، والله تعالى غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.