الإعلام بالنسبة للقاعدة.. باطنه الرحمة وظاهره العذاب
بقلم/ محمد جمال الدين
نشر منذ: 14 سنة و 9 أشهر و يومين
الإثنين 15 فبراير-شباط 2010 02:11 ص

يشن الإعلام العربي والغربي حملة ضد تنظيم القاعدة, بهدف إضعاف هذا التنظيم والقضاء عليه, ومن خلال ما تعرضه وسائل الإعلام سأطرح لكم بعض الملاحظات:

أنتم تعلمون بأن هناك ما يسمى بالسلوك الظاهر والسلوك الخفي من وراء أي رسالة, فالمرسل يهدف إلى توجيه المستقبل إلى سلوك ما, بينما المستقبل (المشاهد, أو المتعلم) يأخذ ما يناسبه من مضمون الرسالة الموجهة إليه, أما السلوك الخفي فإن المرسل لا يقصد أن يوجه المستقبل أو المتلقي, بل المتلقي يأخذ هذا السوك بقصد أو بغير قصد, ومن ذلك كأن يأخذ المتلقي من المستقبل طريقة اللبس, أو قصة الشعر, أو بعض الحركات الجسدية... الخ.

(س) من القنوات عرضت تقريرا عن بعض قيادات القاعدة أثناء استضافة أحد الباحثين, وسأوضح لكم بعض من السلوك الخفي في ذلك, وإن كنت غير متخصص فيه.

أولا, التقرير. ألقي الضوء على حياة أحد عناصر التنظيم, قال "إنه رجل متميز في دراسته, فقد حاز على درجة الأوائل في دراسته الثانوية, ودرس في أعرق الجامعات ونال الماجستير, وهو من أسرة ميسورة ومن قبيلة عريقة ..."

السلوك الخفي الذي سيتلقاه الإنسان البسيط أن هذا الشخص متميز وذو عقلية متميزة وصاحب رؤى سديدة. إذن فالصواب معه, ولعله –أي المتلقي- فكّر أن يكون معه أو مثله.

ثانيا, من خلال إجابة الضيف عن سؤال طرحته المذيعة "ما إذا كان هناك قيادة خفية للقاعدة غير تلك الرموز؟".

أجاب الضيف "لا فالقاعدة لا يهمها القيادة ولا من يتولى القيادة فلا يهتمون بجنسية القائد أو منطقته ...".

السلوك الخفي المستشف من ذلك, أن القاعدة لا تكذب بينما الأنظمة أنتم تعرفونها....

والقاعدة "لا يهمها من يتولى القيادة" بينما الأنظمة لدينا تسحق الشعوب وتزرع الدمار, من أجل البقاء على الكراسي, ومن هذا أيضا أن القاعدة تسير على الُمثل والقيم التي نفتقدها, والإنسان السوي يميل بفطرته إلى الُمُثل والقيم.

ويستطرد الضيف قائلا: "إن القاعد تقول للناس عند استقطابهم: نحن سنخلصكم من هذه الحكومة الفاسدة" ومن من الناس لا يريد التخلص من الفساد والمفسدين؟.

ثالثا, تكرار الرسالة يثبتها لدى المتلقي, ويروّج لها مما يجعلها عالقة بذهن المتلقي, وهناك أشخاص مولعون بالشهرة والمغامرة, وخاصة في دول الغرب, حتى لو كان ثمن هذه الشهرة أو المغامرة حياته, وخير دليل على ذلك هو ذلك الشخص الذي قُتل برصاص الشرطة في أحد المطارات الأمريكية حينما هرول وهو يصرخ "أنا من القاعد ومعي قنبلة" وقد تبين أنه لا من القاعدة ولا هم يحزنون ولا يعرف عن القاعدة إلا ما يسمعه أو يقرأه في وسائل الإعلام, وإنما شخص مغامر يريد أن يعتلي الشهرة فدفع حياته ثمنا لذلك.

رابعا, تلك الإجراءات الأمنية التي قامت بها دول الغرب أعتقد أن القاعدة أوقعت تلك الدول في الفخ الذي نصبته لها, فمن له مصالح هناك ويسافر ربما أسبوعيا, ما عاد يفعل ذلك؛ لأنه لا يريد أن تُصّور مؤخرته ومقدمة زوجته في كل مطار. وبهذا تكون القاعدة قد نجحت في ضرب الاقتصاد الغربي, وما تلك الخسائر التي تكبدتها شركة الطيران البريطانية إلا فيض من غيض, وستُظهر الأيام القادمة أرقاما غير متوقعة. ولا أعتقد أن هذا يخفى على الساسة والمنظرين هناك, إلا إذا كانت القاعدة أصلا كرت من الكروت التي يلعبون بها على دول المنطقة والهدف الأساسي حماية طفلها المدلل (إسرائيل).