انتخابات المحافظين.. الفيدرالية على الطريقة المؤتمرية
بقلم/ علي الشاطبي
نشر منذ: 16 سنة و 7 أشهر
الجمعة 18 إبريل-نيسان 2008 08:10 ص

مأرب برس – خاص

لا يبدو أن المرحلة القادمة ستشهد أي تغيرات في إدارة الأوضاع الداخلية، فالقرارات التي تتحكم في مصير البلاد مازالت تُتخذ بانفرادية، مما يجعل من تأزيم الوضع رغم كل الحلول الجزئية التي تقدم من جانب الرئيس لحلحلة ركود الحلول السابقة نقطة تضاف إلى رصيد فارغ.

أحال مجلس النواب السبت إلى لجنة السلطة المحلية مشروع تعديل المادتين "38" و"118"والفقرة "2" من المادة "101" من قانون السلطة المحلية لعام2000، جميل جداً أن النظام بدأ يفكر بإيجاد مخرج، بعد استهتار وتغاضٍ متعمد في تناول وحل كل قضايا الوطن والمواطن.

فالحكم المحلي واسع الصلاحيات، كما ذكر الرئيس في أكثر من خطاب، وأكثر من مناسبة، هو الحل لأي احتقان أو تزمت لأبناء المحافظات، فهم بأنفسهم ينتخبون محافظهم، كلام متفق عليه، وأيضاً الطريقة التي يتم بموجبها تنفيذ التعديل القانوني ديمقراطية، يعني هناك الكثير من الموجبات التي تستدعي التروي قبل رفض التعاطي مع التعديل الواسع"الصلاحيات".

1 طرح الرئيس فكرة الحكم واسع الصلاحيات كمخرج وحيد للسلطة، فتعاملت معه القيادات في المؤتمر كما لو أنه المنقذ الذي سيخرجهم من المأزق الذي كاد يدمر مستقبل استمرارهم في هرم القيادة، فصاروا يروجون له، ويؤجرون الأقلام، مستغلين ما يحدث في الجنوب، كذريعة اتكأ عليها المؤتمر، وحاول تجييرها قدر الإمكان لصالح الدفع بالتعديلات على قانون السلطة المحلية إلى حيز التنفيذ، وهو ما تم فعلاً فقد نجح في قلب الطاولة، والخروج بمبادرة الحكم المحلي واسع الصلاحيات، وهو الحكم الذي ظلت السلطة ترفضه على مدار عامين، بل إن معظم الذين تقدموا بفكرة الحكم الذاتي للمحافظات تعرضوا لأبشع حملات التشهير والإساءات، من قبل قيادات وإعلام الحزب الحاكم.

ورغم أن مبادرتهم كانت قد تطرقت إلى الفصل بين المركزية والسلطة المحلية، على أساس أقاليم، وهي للتذكير كانت دعوة للفدرلة، إلا أن التعامل الرسمي مع الدعوة قوبل بصفعة مؤلمة، وإدراج من كانوا ينادون بتطبيق تلك المبادرة، ضمن من يعرضون الوحدة الوطنية للخطر، وما إلى هنالك من أوصاف، إلا أن ما جرى إحالته إلى مجلس النواب، كان نموذجاً مكافئاً لدعوة أقلمة اليمن، ولكن تحت مسمى آخر"الحكم المحلي واسع الصلاحيات".

2 إن قراءة سريعة للفقرة "و" التي تطرقت إلى عنصر استقالة المحافظين، تكفي لصبغ التأويلات بجدوى نجاح التعديلات من فشلها بصباغ خاص، حيث ورد في منتصف الفقرة إن الرئيس يجوز له إن يقيل أي محافظ من منصبه، بمعنى آخر: أن الرئيس إذا لم يطمئن لذلك المحافظ أو لم يرتح لأدائه، والأداء دائماً ما يقاس من منظور حزبي، يمكن له أن يقيله، ويصدر بعد ذلك قرار وزاري بانتخاب محافظ بديل..القصة سهله جداً.

وإدراج هذه الفقرة، معناه إن الرئيس ليس مطمئناً إلى الشخص الذي ينتخب محافظاًَ، وإلى درجة وطنيته، حتى وإن كان مؤتمرياً.

3 إذا ما نفذت الانتخابات فإن الأغلبية ستكون مؤتمرية، ولن يكون هناك تمثيل موازٍ، كون الأغلبية التي تحتل المقاعد المحلية هي مؤتمرية ضامنة لوصول محافظ ينتمي إلى المؤتمر، مما يغيب بقية القوى السياسة الأخرى، ويصعد محافظ يجيد فن التبجيل..ويؤدي يمين الولاء والطاعة قبل تأدية اليمين الدستورية.

والسرعة التي يمضي بها المؤتمر في الدفع بالتعديلات خير دليل على أن المؤتمر تسكنه مخاوف إذا تأجلت الخطوة إلى ما بعد الانتخابات القادمة، لذلك كان تصريح طارق الشامي واضحاً، عندما أكد أن المؤتمر سيمضي في إقرار التعديلات حتى وإن لم يوافق عليها من قبل الكتل الأخرى، والترجيح الأغلب أن السلطة ستحكم قبضتها من جديد، ضمنياً عبر انتخابات ديكورية، على واقع البلاد والعباد.

4 إن المرحلة التي ستتلو ما بعد الانتخابات، والتي يراهن مجازاً المؤتمر على نجاحها، لأن وجهها الحقيقي لن يستمر كثيراً، ستشهد صراع قوى داخل فروع الحاكم، فانتخابات المحافظين هي براءة ذمة للمسؤولين الفاسدين الذين هبرو ونهبوا خيرات المحافظات، وبروز نخبة مؤتمرية أخرى ستكون إضافة جديدة إلى قوائم الإحصاء للهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، التي لا شغل لها عدا حصر أملاك المسؤولين وأرشفتها، حد وصف الكاتب والصحفي نبيل الصعفاني، وستولد تكتلات مصلحية داخل إطار الفرع الواحد، الذي سيعمل على استغلال المناخ للتنمية الشخصية.

** هناك مكسب عظيم مقارنة بحجم التعديلات، فالشرط الذي يفرض على من يريد الترشح لمنصب المحافظ، وهو بدرجة وزير حسب التعديل الأخير، التخلي عن المنصب أو المناصب التي يعمل بها بمجرد فوزه وبقوة القانون، مكسب لحملة الشهادات الجامعية والعليا، لتقديم ملفاتهم إلى الدوائر الحكومية التي كان يعمل بها "المقاول" السابق. وباعتقادي لو كل محافظ ترك المناصب التي يترأسها فإن مشكله البطالة ستحل ولو جزئياً.