دولة ... أم حكم عصابات ( 2 )
بقلم/ ريما الشامي
نشر منذ: 17 سنة و أسبوعين و 3 أيام
الأربعاء 31 أكتوبر-تشرين الأول 2007 05:34 م

مأرب برس – خاص

اهداء :

الى السيدة أم حبيب أرملة شهيد اليمن الجديد صلاح الرعوي وهي تطلب المستحيل في هذه البلاد وهو أن يقول شرع الله كلمته في قتلة زوجها وأن ينتصف (القضاء) من الذين يريدون نهب أرضها بالقوة والنفوذ .

الى ضحايا اليمن الجديد المخدوعين بالمستقبل الأفضل الذي حلموا بأنه سيكون بدون متنفذين وجرائمهم حسبما وعدهم الرئيس فكان الواقع كابوسا وجحيم عصابات .

لا نطالب عصابات المتنفذين بأكثر من أن تخفف من وطأة جنونها قليلا في دماء الناس وأعراضهم وأن تحتكم الى اخلاقيات المافيا و قوانين الاجرام في ممارستها أما السيدة زوجة المواطن صلاح الرعوي فعليها أن لا تذهب بعيدا وتطلب الاحتكام الى القانون والقضاء وشرع الله في قضية زوجها الذي قتلته قيادات أمنية كبيرة في الدولة ثأرا على ذمة قضية نزاع أرض وجريمة قتل لم تثبت عليه لأنه لم تتح له محاكمة عادلة لمعرفة الحقائق الكاملة رغم تسليم نفسه لأجهزة الدولة التي تم قتله داخلها مباشرة ، وجريمة مقتل الرعوي داخل سجن البحث الجنائي على أيدي مدير البحث الجنائي بذمار ومدير أمن جامعتها وأستاذ جامعي واحتضانهم من قبل شخصيات قيادية كبرى في الدولة تدخلت للحصول على توجيهات عيا لاطلاق سراح كافة المتورطين بجريمة الثأر ، هذه الجريمة روتينية جدا ولا تثير الغضب في واقع حكم الفوضى و تسيد العصابات التي تقتل وتنهب وتستبيح الدماء والأعراض والحقوق بمنتهى الأريحية اتكاء على النفوذ والقوة التي توفر الحماية والحصانة المطلقة ، غير أن التداعيات اللاحقة لجريمة مقتل الرعوي هي التي تستدعي النظر ومناشدة عصابات القتل أن تراجع تصرفاتها وان تلتزم بالقوانين التي تنظم عملها اذ لايستقيم حتى في شرع الغاب أن يتم الانتقام من أسرة الضحية وتشريدها والتنكيل بها وهدم منزل أطفالها كما حدث لأسرة المواطن صلاح الرعوي ، وكان يكفي المصير الذي لاقاه الرجل داخل أروقة البحث الجنائي سواء كان هو القاتل أو غيره في ظل العبثية و الفوضى التي تطبق على البلاد أما القانون والقضاء وشرع الله الذي تطالب السيدة زوجة الرعوي الاحتكام اليه في الفصل في قضية زوجها وقتلته والأرض المتنازع عليها فهذا غير ممكن أما لماذا ؟ فلأنه ببساطة جاءت توجيهات عليا لتطلق سراح القتلة الكبار و بالضرورة فبعد ذلك ليس امامها وأولياء الدم وأصحاب الحق من خيار غير الاحتكام لشرع الغاب و القبول بقانون القوة وتقدير موقف رئيس الجمهورية الذي شكل لجنة رئاسية لانهاء القضية حسب الطريقة القبلية التقليدية التي تنتهي الى ذبح 4 أثوار مقابل دم الضحية أما المطالبة بان تأخذ القضية مجراها في القضاء فهذا أمر غير مقدور عليه في بلد يحظى المجرمون بالحصانة من أعلى المستويات القيادية التي تتدخل لتضييع دماء الناس وتمييعها بعيدا عن شرع الله .

معركة خاسرة : المواطنة في مواجهة النفوذ

المواطن الرعوي الذي تم قتله ثأرا بعد ساعات من تسليم نفسه لأجهزة الدولة على ذمة قضية نزاع أرض وجريمة قتل كما ذكرت لم تتح له محاكمة عادلة لمعرفة الحقائق الكاملة والقاتل الحقيقي ان كان الرعوي أو غيره ، غير ان المعاناة التي تعرض لها الرعوي وأسرته قبل مقتله وبعد مقتله تكشف مدى تفلت عصابات القتل والاجرام عن أية اخلاقيات أو أعراف في اغتصاب حقوق الناس ونهب أراضيهم استقواء بالنفوذ والسلطة فمستوى المعاناة التي ظل يعيشها الرجل وصلت حد الاعتداء على عرضه وتعرض امرأته للضرب على أيدي ذلك العقيد المتنفذ الذي ظل يستخدم نفوذه ومركزه من أجل نهب أرض الرجل و اكراهه على التسليم والتنازل عنها تحت مبرر القوة السافرة التي يمتلكها خصمه والتي تبرر له أن يفعل ما يشاء وقد فعلوا به مايشاؤن .

مأساة الرعوي أنه وقف بجسده النحيل دون سند من قبيلة أو نفوذ سلطة ليدافع عن حقه وأرضه في مواجهة خصم يمتلك ثلاثي القوة والتسلط والنفوذ الذي يشرعن نهب أراضي المساكين واغتصابها بل وكافة صنوف العذاب والاعتداء التي لاقاها الرعوي من اعتداء على عرضه وضرب امرأته وحبسه من قبل خصمه في سجون دولة النظام و القانون لأكثر من 6 أشهر التي لم يستطع قضاؤها العادل والنزيه على البت والفصل في قضية نزاع الأرض بين خصمين خلال مدة 3 سنوات لأنه أصلا لا وجود لقضاء في ظل شرع الغاب وتسيد قانون القوة الذي يستند اليه المتنفذين في استباحة دماء الناس ونهب حقوقهم والاعتداء على أعراضهم وهذا هو ماحصل بكل بساطة للمواطن الرعوي الذي كانت نهايته البشعة ب 40 طلقة رصاص و 20 طعنة جنبية بتوقيع مباشر من مدير بحث وضابط أمن وأستاذ جامعي ودعم واسناد محافظ صنعاء ومحافظ صعدة ووكيل وزارة الداخلية وأركان حرب أمن مركزي وكل هؤلاء الطحاطيح اجتمعوا على وضع نهاية لحياة عبده مسعد الرعوي الذي مات دون عرضه وأرضه في مواجهة عصابة متنفذين لم يقتنعوا بقتله بل راحوا يهدمون بعد ذلك بيته وينكلون بأسرته ويعلم الله أي مصير ينتظر أم حبيب وأطفالها .

وصفة الرئيس السحرية : 4 أثوار بدلا عن شرع الله

رئيس الجمهورية المسؤل الأول في البلد عن النظام والقانون وحماية حياة مواطنيه وصيانة حقوقهم وأعراضهم والذي دائما مايتحدث عن دولة المؤسسات والأمن والاستقرار و بدلا من أن يتخذ اجراءات تعيد الاعتبار لهيبة الدولة ويقدم المسؤلين عن جريمة مقتل الرعوي داخل أجهزة الدولة للمحاكمة والقضاء والذين هم في نفس الوقت مسؤلين كبار في السلطة لكن مشكلته انه لايعترف الا بالأقوى فتكا وقتلا وقبيلة ولأنه يعرف كيف يستخدم القبيلة في توازنات حكم الثعابين ويواجه بها فئات أخرى من الشعب لذا لم يجد أمامه غير أن يصدر توجيهات عليا باطلاق سراح ثلاثي القتلة الكبار المتورطين بالجريمة ( مدير البحث ، ضابط أمن الجامعة ، الأستاذ الجامعي ) ومن ثم راح يشكل لجنة لحل القضية قبليا حسب الأعراف القبلية المتبعة التي تنتهي الى الهجر وذبح 4 من الأثوار مقابل دم الضحية مثل غيرها من الجرائم التي يتعرض لها أبناء هذا الشعب على أيدي المتنفذين كجريمة مقتل الحامدي الذي احتمى قتلته بالرئيس و الذي استطاع تمييعها وأنهاها بدوره بعيدا عن القضاء بواسطة فرض الهجر القبلي على أولياء الدم وذبح 4 أثوار .

عصابات متنفذين . . أم يمن جديد ؟

وجريمة قتل الرعوي ليست الا عينة بسيطة تحكي شواهد انهيار الدولة وسيادة الفوضى وانعدام القضاء العادل المستقل وتكشف واقع المظالم المستفحلة التي يعيشها المجتمع وتلقي بالضوء على جرائم نهب الأراضي التي تعد أحد مفردات الحياة اليومية لسكان هذه البلاد والتجارة الرائجة التي تزدهر خصوصا في مناطق التجمعات السكانية الحضرية التي تؤمن بقيم المدنية والمواطنة المتساوية التي لاوجود لها في الواقع والقانون الذي يحكم الجميع ولكن نظريا فقط وعادة يكون أبطال جرئم النهب والقتل هم عصابات المتنفذين الذين يستمدون قوتهم من مواقع مسؤوليتهم ومراكز نفوذهم في السلطة التي يستخدمونها في القيام بعمليات الفساد والنهب واغتصاب حقوق أناس بسطاء مسالمين لاحول لهم من قوة وتسلط وقبيلة بالقوة الهمجية السافرة حتى وصلت بلدنا حسب توصيف المنظمات الدولية الى مستوى درجة الدولة الاجرامية بدلا عن اليمن الجديد والمستقبل الأفضل وذلك بسبب تسلط مراكز الفساد على كيان الدولة و تحولها الى مجموعات من عصابات متنفذة تمارس كلا منها أعمال الفساد والنهب والعبث في موارد البلاد وحقوق الناس بحسب مراكز نفوذها وقوة تسلطها ودرجة سيطرتها على المقدرات الوطنية .

اعتبروا يا أولي الألباب

هي دعوة صادقة باطنها و ظاهرها الرحمة لكل من يؤمن بأن هناك من بقية لنظام وقانون ودولة في هذه البلاد أن يعتبروا من مصير شهيد اليمن الجديد الذي وعد الرئيس بأنه سيكون خاليا من المتنفذين وجرائمهم و محتوى هذه الدعوة الموجهة خاصة لضحايا بلطجة عصابات المتنفذين : ان كنت تمتلك قطعة أرض في بلاد اليمن لتبني عليها بيتا يضمك وأطفالك تحت سقف واحد ثم ظهر عليك عقيد (رأس) أو مسؤلا متنفذا كبيرا في السلطة ويريد أن ينهبك اياها ويغتصبها بالقوة فالأفضل لك أن تتنازل عنها وتسلمها له وأنت صاغر لأنه لا يوجد في هذه البلاد دولة تحمي الحقوق وقضاء ينصف المظلوم أو قانونا يوقف الظلمة عند حد أما أن تثبت على حقك وتختار أن تدافع عن أرضك فليس أمامك الا مصير الرعوي وعليك أن تنتظر أن يعتدون على عرضك ويضربون امرأتك ويحبسونك وأنت المظلوم في سجون دولة النظام والقانون ويسلطون عليك عصابة مسلحة تأتي ليلا لتعتدي عليك وتهدم بيتك وبعد ئذ سيصلون اليك ليقتلونك ولو كنت في بروج مشيدة وسيسدل الستار عن جريمة قتلك بالتنكيل بأسرتك وتهديم بيتك وسيختتم المشهد بتوجيهات رئاسية عليا بالأفراج عن القتلة وحل المشكلة قبليا بالهجر وذبح 4 أثوار مقابل دمك.

من المسؤل ؟ : القبيلة . . أم سلطة القتل والفوضى والفساد

وقطعا المصير المأساوي الذي انتهى اليه صلاح الرعوي وأسرته لا ترتضيها أعراف القبيلة لأن اخلاقها أصيلة وكريمة ولا يمكن أن تقبل بالظلم والاستقواء على الضعفاء ونهب عباد الله حقوقهم وأرضهم اتكاء الى حمايتها وتحت مبرر الانتماء اليها ، ولم تكن قبائل الحدأ أو غيرها لتقبل مطلقا ابتداءا أن يقوم أحد أفرادها بمحاولة اغتصاب أرض غيره بالقوة لأن اخلاق القبيلة تقوم على أساس نصرة المظلوم والوقوف الى جانبه حتى يتمكن من حقه وحتى عندما قامت حرب داحس والغبراء في الأزمنة الغابرة بين قبيلتين عربيتين قامت تلك الحرب على أساس مبدأ نصرة المظلوم بسبب أنه كان هناك شعور بالغبن والظلم الذي وقع على الخيل داحس فسبقته الغباء نتيجة خديعة وحيلة وضعت في طريق داحس كي يسقط ويتأخر وتسبقه الغبراء والمواطن الرعوي هو انسان اعتدي عليه وضربت امرأته ومورس في حقه شتى أنواع القهر والمعاناة لنهب أرضه بالقوة وجاءته عصابة مسلحة ليلا الى عقر داره لتعتدي عليه وتهدم بيته فوق رؤؤس أطفاله ومع ذلك لم يعرف القاتل الحقيقي للعقيد الذي ينتمي لقبائل الحدأ فهل هذه هي اخلاق القبيلة حتى يتم التنكيل بأسرة الرعوي وتهديم منزله واختطاف أطفاله بعد قتله .

قطعا ليست هذه هي اخلاق القبيلة ولكنه منهج سلطة ترى في حكم البلاد بالفوضى والفساد وبث النعرات وخلق الصراعات وزرع العنصريات عن طريق تقسيم المواطنة الى درجات واحالة الدولة الى عصابات ومراكز نفوذ للتسلط والنهب وارتكاب الجرائم هو افضل فلسفة وطريقة للحكم من أجل البقاء على الكرسي وتوريثه للأسرة والأبناء وفي اطار هذه السياسة الجهنمية التي أحكمت بالجهل والفوضى والفساد خناقها على الشعب واستطاعت تحويله الى عدو لنفسه وتوجيهه ضد مصلحته استطاعت أيضا ادخال القبيلة ومكوناتها واحالتها الى احدى اليات وأدوات الفوضى والقتل والدمار وتم اللعب بأعرافها وإفساد أخلاقها الأصيلة وشاهد الحال هو هذا المواطن الرعوي الذي مات دون عرضه وأرضه وكان يفترض أن لا يلقى مصرعه مظلوما على أيدي القبيلة التي دائما تنتصر للمظلوم وتثأر له ويكون جهلها أشد وطأة وقوة على أي حد كان يمارس الظلم والاعتداءعلى أي أحدا كان حد قول الشعر الجاهلي :

الا لا يجهلن أحدا علينا فنجهل فوق جهل الجاهلين

حلف فضول يمني جديد

حلف الفضول الذي اجتمعت عليه قبائل العرب قبل الاسلام وزكاه محمد صلى الله عليه وسلم وقال ( لو دعيت الى حلف مثله لأجبت ) يشهد هذا الحلف للقبيلة ككيان اجتماعي سموها ورفعة اخلاقها الأصيلة عندما اتفقت جميع القبائل العربية ووقعت عهدا وميثاق شرف يقوم على مبدأ سام و خلق رفيع وهو نصرة المظلوم فهل تحتاج القبائل اليمنية اليوم الى حلف فضول جديد طالما وبلدنا تعيش انهيارا شاملا في كافة جوانب الحياة المادية والقيم الانسانية وذلك من أجل أن تحرر القبيلة نفسها وقيمها الأصيلة من دائرة الارتهان لسلطة تحصرها في نطاق الفوضى والقتل وتسخرها فيه الى مجرد أدوات لتنفيذ اجندة الفساد والاستبداد لخدمته واطالة عمره على حساب وطننا وأمنه واستقراره وحياة أبنائه ، نعم القبيلة بحاجة الى فك الارتباط المفروض عليها مع سلطة الفوضى والقتل والفساد التي أحالتها الى معمل لتفريخ عصابات النفوذ واستخدامها في ارهاب فئات أخرى في المجتمع من أجل أن تستمر حالة الفوضى والصراعات كبيئة ضامنة وحاضنة لتسيد حكم الفساد والاستبداد ولهذا فان القبيلة بحاجة لأن تنتصر لنفسها وتعود لقيمها وتحافظ على اخلاقياتها وأن تكون عامل قوة وبناء واستقرار للمجتمع وليس اداة بيد الاستبداد للهدم والتدمير واشاعة الفوضى لأن القبيلة جزءا من الوطن ومصيرها مرتبط به الى الأبد أما حكم الفساد والاستبداد فهو حالة مؤقتة ومصيره الى زوال .