الوحدة بخير ولكن..!!
بقلم/ احمد الحمزي
نشر منذ: 15 سنة و 6 أشهر و يومين
الجمعة 15 مايو 2009 07:30 م

الوحدة اليمنية بخير وستظل كذلك...وذلك لأنه أريد لها أن تكون كذلك منذ الأزل، وما كان 22 مايو 1990م إلا توقيع شكلي وبروتوكولي، ولم يكن ذلك التاريخ هو تاريخ الوحدة أو نهاية التشطير، ولكن الوحدة أتت بقناعة ورغبه شعبية من كل أبناء اليمن رغبة منهم أن يعود اليمن إلى أصله يمنا واحدا لا يمنيين، فهو في الأصل واحد وشعبه واحد، والاستعمار البريطاني هو من شطر الوطن الواحد إلى شطرين وقسم شعبه إلى شعبين.

الوحدة لم تتعمد بالدم، ولم تتعمد بمجرد توقيع بروتوكولي وحفل رسمي أقامه رئيس الجمهورية علي عبدالله صالح وعلي سالم البيض، فلو كانت كذلك لانفرط عقدها عندما تخلى البيض عن توقعيه وأعلن انفصاله، وعليه فليعلم الجميع أن الوحدة هي الأصل وهي الحقيقة التي ستظل ماثلة أمامنا، وهي عود على بدء، والوحدة ليست استحداث أو اختراع وليست خيار ولكنها حياة وقدر يجب أن يدرك الجميع ذلك، وهي مصير كل اليمنيين وحياتهم وعزتهم، فهل يتخلى احد عن عزته وكرامته؟ لا مساومة عليها لأنها ليست مشروع استثمار لشريكين تجاريين متى ما أرادا أن يفضا شراكتهما فعلا .

وعليه فان الوحدة لا قلق عليها مهما ارجف المرجفون وعبث العابثون، وستظل حتى يرث الله الأرض ومن عليها، ولكن اليمن اليوم يواجه تحديات ومخاطر خارجية تحاك ضده، كما انه يعاني من مشاكل وأزمات داخلية تتفاقم على مستويات عدة والتي من أهمها الأزمة الاقتصادية والسياسية والأمنية، وتتمثل هذه التحديات والأزمات في الآتي:

أولا: اليمن بتاريخه وموقعه وموروثة الحضاري أصبح هدفا لقوى خارجية تريد أن تخضعه لتوجهاتها، وتسعي إلى استغلال عناصر فيه تتطلع إلى بناء مواقع نفوذ وامتلاك ثروات، ومن ثم هي مهيأة لارتكاب أي حماقة حتى ولو كانت تمزيق أواصر الوطن الواحد تحت حجج ومبررات، وتحت ضغط المعضلات الاجتماعية والاقتصادية، ولا أظن أن موقعا في اليمن لا يكابدها، بل أن كل البلدان العربية تعاني من شظف العيش وتدني الخدمات، وارتفاع معدلات البطالة، واتساع الفجوة بين الأغنياء والفقراء، وصعود مجموعات من أصحاب السلطة والثروة على حساب الآلاف من المواطنين، ولكن لم نسمع في أي دولة عربية أن أصوات وشعارات انطلقت تدعوا لتشطير هذه الدولة أو تلك.

ثانيا : من الملاحظ في السنوات الأخيرة أن القوى الخارجية "دولية وإقليمية" باتت تركز على هذا النمط من المعضلات خاصة فيما يتعلق بالأقليات والمناطق والفئات والأديان والمذاهب في محاولة لإشعال نيران الكراهية بين سكان البلد الواحد، والتي تمهد لإعادة رسم خارطته السياسية والديموغرافية ربما على نحو يخدم بالأساس مصالح القوي الأجنبية والتي تعمق ارتباطاتها وتحالفاتها مع بعض المنتمين إلى هذه الدوائر وقد اثبت الواقع أن لديهم استعدادا للخروج عن الإجماع، وقد خرجوا فعلا .

ثالثا: الممارسات الخارجة عن القانون والمتعارضة مع أهداف الثورة أولا ، والمخالفة لأهداف الوحدة، تلك الممارسات التي تمثلت في الفساد المالي و الإداري، و عدم محاسبة الفاسدين و المفسدين، والنهب للأراضي و الثروات من قبل أولئك المتنفّذين الذين لا يهمهم وطن ولا شعب ولا وحدة، والذين يعتبرون اليمن مجرد بئر نفط ومنجم ذهب وضرائب وجبايات، وشركات استثمارية يتقاسمونها فيما بينهم، فهذه الممارسات والاعتبارات أوجدت جرحا كبيرا في جسم اليمن الواحد و هي التي أوجدت من يهتفون ضد الوحدة اليمنية.

وهذه الممارسات تمهد الطريق أمام ما يسعى إليه من يريدون تقسيم اليمن وتشطيره، والنيل من وحدته وأمنه واستقراره وفقا للاعتبارات المذكورة آنفا، حيث بادرت القوى الانفصالية في الاستفادة من هذه الممارسات التي يقوم بها الفاسدون والعابثون في السلطة والذين لا يقلون خطرا عن ما تسعى إليه هذه القوى علانية لتقسيم اليمن وشرذمته إلى دويلات وممالك، وقد شرعت هذه القوى في تجميع قواها سعيا لإعادة تشطير الوطن مستغلة سخط الناقمون على الفساد والمتضررين منه، كما يستغلون قضية التمرد الحوثي والأخطاء التي وقعت وما زالت تقع فيها الدولة في مواجهة التمرد، حتى أصبح أمرهم مستفحلا وأصبح كل يوم اقوي من ذي قبل، كل ذلك جعل الانفصاليون يعتقدون أن هذا التمرد قد أضعف من قدرات البلاد وربما يهيئها للوقوع في فتنة التقسيم.. ونتيجة لهذه التحديات والأزمات فان مستقبل اليمن "السعيد" اليوم على كف عفريت، ومهدد ومرشح للعنف إن لم يدرك أبناؤه خطورة الوضع والوقوف صفا واحدا لمواجهة ما يحاك ضده.

كما أن اليمن في حاجة إلى أن تحتشد الجهود العربية إلى جانبه للحيلولة دون تنفيذ ما يخطط ضده، وبما يحفظ لليمن أمنه واستقراره والذي يعتبر حفاظا على أمن واستقرار المنطقة برمتها.