عين على توتال اليمن .. بين التصريحات الحالمة والواقع الفاشل!!
بقلم/ صالح علي احمد
نشر منذ: 16 سنة و 4 أشهر و 17 يوماً
السبت 28 يونيو-حزيران 2008 09:35 م

عندما أستقبل نائب رئيس الجمهورية عبد ربه منصور هادي منذ اسبوعين وفد شركة توتال النفطية العالمية برئاسة نائب رئيس الشركة لشؤون الشرق الأوسط "لادسلاس باركيفتش" , قد يعتقد البعض إن الوضع الاستراتيجي لمخزون النفط والغاز اليمني مميز ، ولكن المتتبع لفشل المشروع الاستراتيجي لتصدير الغاز في منطقة بلحاف سيجد في مضمون نص الخبر الرسمي الذي اذيع ان نائب رئيس الجمهورية لديه معلومات تؤكد التعثر الجاري لهذا المشروع الكبير ، ويمكنك تتبع ذلك من خلال النص الذي قال "وشدد نائب رئيس الجمهورية على ضرورة الاستفادة من الغاز الذي يتم حرقه ، في قطاع10 شرق شبوة" (ولمعلوماتكم إن ما يتم حرقه يعادل 25-30 مليون قدم مكعب).

والذي كان ملفت للقارئ ان نائب رئيس شركة توتال العالمية "ابدى استعداد شركته للعمل بوتيرة عالية لإنجاز مشروع تصدير الغاز قبل حلول عام 2009م، والبدء بالتصدير , فيما لو تعاونت الحكومة مع الشركة وعملت على تنفيذ كل التزاماتها" وهنا نضع (20) خط احمر تحت هذه العبارة!! خصوصا انها انتهت بعبارة مضحكة وهي "لما تقتضيه مصلحة اليمن والشركة" والجديد هنا من اللازم عليه تنفيذ الالتزامات ؟؟ ومن الواجب عليه تحقيق مصلحة اليمن ؟؟

هل هي الحكومة اليمنية التي فتحت أراضيها لاستثمار شركة توتال الذي أثبتت تعنتها للمصلحة اليمنية ، وعدم مراعاة أي اولوليات لثروة اليمن النفطية او البشرية ؟؟ في تقريري هذا سأحاول او أوجز أهم النقاط التي تسعى من خلالها شركة توتال إلى اهدار الثروات اليمنية تحت الارض وفوقها؟؟!

هل تعلم الحكومة اليمنية ممثلة بمن شاءت من الوزارات والمؤسسات ان شركة عالمية بحجم توتال هي الوحيدة،على الأرجح التي تعمل في اليمن ولا تمتلك نظاماً للتوصيف الوظيفي(والدراجات الوظيفية والتامين علي الحياة وبدل المخاطر) وتماطل وترفض في تأسيسه ، وهذا من غير المنطقي خصوصا إذا ما عرفنا ان لها ما يزيد من اثني عشر عاماً منذ إعلان قطاع(10) قطاعاً تجارياً (1995م) – وهو أهم قطاع تصديري لشركة توتال- وحتى الآن وما زال الموظفون اليمنيون بالشركة يعانون من غياب هذا النظام .. وهذا يعني أن قيادات شركة توتال اليمن المتتابعة تتعمد وترفض بحث تطبيق هذا النظام برغم وجودها في اليمن لأكثر من 12 عاماً.. وهذا يثبت مما لا يدع مجالا للشك ان توتال اليمن تعمل وفق عشوائية -لم ولن تتكرر في شركات بترولية مماثلة- في التوصيف الوظيفي وتوزيع الدرجات ، وهذا بطبيعة الحال يتناقض مع توجه الدولة في التوصيف الوظيفي.

وتشير التقارير والأولويات أن الجهود التي بلغت من قبل القائمين على اللجنة النقابية لعمال ومهندسي توتال تسعى منذ ما يزيد عن خمسة سنوات لإثبات حقوق الموظفين ولا حياة لمن تنادي ، ما يثبت هذا رفض قيادة (الإدارات المتلاحقة) توتال –وهي رابع أكبر شركة نفطية في العالم- في فترت سابقة دخول اللجنة النقابية كطرف مشارك وفعال في عملية التقييم للتوصيف الدرجات الوظيفية وكذلك مسح الرواتب الميداني للشركات النفطية العاملة في اليمن ، برغم أن هذا حق يفرضه قانون العمل اليمني والذي يقضي انه في حال رغب صاحب العمل إجراء أية تعديلات في العقود الجماعية يجب أن يشرك معه اللجنة النقابية التي يتبعها العمال.

وهذا ما دفع عمال(وموظفي) ومهندسي توتال الى التهديد باتخاذ الخطوات القانونية التي كفلها القانون والدستور اليمني للدخول بإجراءات الإضراب التدريجي وصولاً للإضراب الكامل والتوقف التام عن العمل ، وبرغم ان عدة مفاوضات بين العمال والشركة وصل لطريق مسدود بسبب تعنت قيادة شركة توتال وإصرارها على رفض مطالب النقابة التي تمثل ما يزيد عن الـ300مهندس وإداري وعامل .

وتطالب بنقاط واضحة ياتي في مقدمة المطالب زيادة نسبة الأجور بصورة متساوية مع الشركات النفطية الأخرى العاملة في اليمن .

وتبرر اللجنة النقابية ذلك بان توتال يمن حققت عدة إنجازات لعام 2007م يعد أهمها تحقيق أعلي معدل ساعات عمل سنوية من بين كل فروع توتال في العالم ، وإنهم الشركة الوحيدة التي تحقق زيادة للإنتاج النفطي مقارنة بباقي الشركات العاملة في اليمن(90000 الف برميل 2009م)، أضف إلى ان تقديرات ميزانيتها للعام 2008م هي الأكبر بالمقارنة بالأعوام السابقة.

ومع عدم متابعة الوضع السيئ الذي يعيشه عمال ومهندسي توتال ، تستمر قيادة الشركة إلى رفض ابسط المطالب التي تتلخص في إعطاء ما يتعلق بالتأهيل والتدريب الوظيفي أولوية وكذا مطالب أخرى تتعلق بـ(التامين علي الحياة وبدل المخاطر ومكافئه نهاية الخدمة والتمييز الغذائي والسكني في الحقول) ، ومراعاة تطبيق برنامج اليمننه كما هو متفق عليه مع وزارة النفط والمعادن ، وضرورة إيجاد نظام للقروض المتعددة الأغراض الخالية من الأرباح السنوية ، لإمكانية الجمع بين ثلاثة قروض في وقت واحد ، إضافة إلى نظام القروض الشخصية والقروض الاستثماريةِ والقروض السكنية.

كما تضمنت المطالب أهمية النظر في نظام التأمين علي الحياة والإصابات الشخصية كونه لا يف بمتطلبات العاملين وضرورة تطويره خصوصا في مجالات-التأمين على الحياة،الموت العرضي،العجز الكلَي الدائم،العجز الجزئي الدائم.

وعندما تبحث عن الأسباب التي تجعل الشركة الفرنسية تصر على عدم منح أي حقوق لليمنيين ، ترى ان هناك معاناة حقيقية يعيشها اليمنيون في الشركات النفطية الأجنبية ، وما يجعلها تتمادي في ذلك على مدى عشرات السنوات ، هو غياب دور الدولة في المتابعة الحقيقة لأصول الخفايا.

وهذا يدعو النقابات العمالية العامة والمتخصصة لضرورة البحث عن آليات الإصلاح للوضع الخطير الذي تمر به علاقة الدولة مع الشركة الأجنبية ، وما يدفع الجميع إلى أهمية النظر لهذا الموضوع وهو ما تغفله الدولة ، والذي يفترض بها الاستعداد له ويتمثل ذلك في الحكومة اليمنية قد تكون متناسية بان عليها أن تكون جاهزة لاستلام ثلاثة قطاعات خلال اقل من (7) سنوات، وهي على التوالي نكسُن قطاع 14 ، جنه هنت قطاع 5، توتال قطاع 10 شرق شبوة.

علماً أن كلً من الثلاثة الشركات تسعى بكل الطرق غير الشرعية لتمديد العقود لعشرة سنوات أخرى ، وذلك يشير إلى دلالات بان الكميات النفطية المتواجدة تحت الأرض كبيرة وتجارية ، وهذا ما يجعل الشركات النفطية الاجنبية ترغب بالتجديد؟! وهذا ملف يمكن لمن يرغب بفتحه ان يملأ عشرات التقارير.

وإذا ما استمرينا في عرض نموذج توتال ، فان الملاحظ لإستراتيجيتها منذ بداية إنتاجها التجاري في عام 1997م إلى ما قبل 4 أشهر ماضية ، يلاحظ اعتمادها على مقاولين من الباطن للقيام بتشغيل حقولها ، وهذا بطبيعة الحال سيصعب استلام الدولة للقطاع لعدم وجود المشغل اليمني (المؤهل)، إضافة إلى سياسية "تطفيش" القدرات الوطنية التي تنتهجها توتال بحرفية عالية ، وقلة الأجور ،والتدريب ، والدرجات الوظيفية ، كل هذا يسهم في إفشال أي نية لاستلام اليمن لقطاع (10) الذي تحتله توتال وبالتالي فان لجؤ الحكومة اليمنية إلى التجديد سيكون حاجة ملحة ، وهنا ستكون توتال قد حققت مرادها.

ومن مبررات شركة توتال الغريبة والمثيرة للضحك عدم وجود يمنيون من ذوي الخبرات الفنية لتوظيفهم ، وأنها تعاني في إيجادهم مما يجبرها لاستقدام خبرات أجنبية من الخارج ، وفي نفس الوقت تعمل توتال اليمن على استخدام الموظفين اليمنيين المؤهلين في فروعها العالمية(مثل: قطر, ليبيا, اندونيسيا وعدد من الدول الإفريقية) بعقود مغرية وذلك لإفراغ الشركة من الكوادر اليمنية المؤهلة ، وذلك يتم تحت عين ومسمع وزارة النفط ومكتب اليمننة بالوزارة.. وما يزيد الطين بله هو استقدام أجانب للقيام بتلك الأعمال التي كان يقوم بها الكادر اليمني.

وفي قول شهير للكاتب الكبير محمد حسنين هيكل: يصنف فيه ثروة النفط بأنها "تمس الأمن القومي لأي دولة"، ونحن هنا نرى العبث المتعمد لهذا الأمن من قبل الشركات النفطية ، ويعد المشغلون اليمنيون "رهائن في الوقت الراهن:موظفين من غير عقود" ، وهم الذين يفترض بهم القيام بعملية استلام القطاع عام 2015م( قطاع10 توتال كشريك ومشغل) .

وأخير لابد من أن يعرف القارئ الكريم أن توتال اليمن هي الشركة الوحيدة التي تنتج أقل من قدرتها الحقيقية وذلك للأسباب مختلفة منها عدم قدرته على استيعاب كميات أكبر، وان أنبوب التصدير شبه متهالك ، وبالتالي لا يصدر بأقصى كمية ممكنة ، إضافة إلى عدم قدرته على التعامل مع الغاز بل يتم حرقه وهو إهدار لثروة اليمن وتلويث لبيئتها.. وهي الشركة الوحيدة المسموح لها بحرق الغاز .

وهنا نسجل علامة استفهام كبيرة تتجلى في إن اليمن حكومة وشعبا وقيادة دائما ما تبدي حسن نيتها مع المستثمر الفرنسي(قطاعات 05,10, 69,71 مشغل او شريك) ، فهل آن الأوان لكي يبدي الفرنسي حسن نواياه لليمن ولعمالته ،هل من مجيب؟.