دجالون من صهاينة العرب
بقلم/ محمد مصطفى العمراني
نشر منذ: سنة و أسبوعين
الثلاثاء 31 أكتوبر-تشرين الأول 2023 08:22 م
 

من الحقائق التي أدهشت الكثير من الناس في " بلاد العرب أوطاني " وجعلتهم في حيرة من دخل متاهة كبيرة في ظلام دامس ظهور صنف غريب من العرب ، لاهم من العرب العاربة ، ولا من العرب المستعربة ، وإنما هم من " العرب المتصهينة " ، عرب من أبناء جلدتنا ويتكلمون بلساننا ولكن عقولهم وقلوبهم أكثر صهيونية من النتن ياهو وغالانت وإيتمار بن غفير .! وهؤلاء الصنف الغريب من " العرب المتصهينة " قد ظهروا الآن قبل ظهور الدجال والدابة التي تكلم الناس ، يمارسون الدجل ويتخذهم الاحتلال دواباً له ، فإذا كانت الدابة التي ستظهر كإحدى علامات الساعة الكبرى تختم على وجه الكافر فإن هؤلاء الدواب يتهمون كل مقاوم فلسطيني بـ " الإرهاب " .!

لقد صدم " العرب المتصهينة " بما حدث لأحبابهم الصهاينة في فلسطين المحتلة يوم السابع من تشرين أكتوبر الجاري من الهزيمة والخيبة وسقوط الهيبة ، وبدلا من التواري خجلا بعد الفضيحة المخزية راحوا يملئون الأجواء بالجعير والنهيق والزعيق والنقيق ، ينشرون الأراجيف والأكاذيب ، ويتباكون على " المدنيين " في الأراضي المحتلة ، ويهاجمون حماس " الإرهابية " و " الداعشية " التي أعتدت على إسرائيل داعية السلام والمدنية ، وأصل الحضارة الإنسانية ، وأم الحنية والمهلبية .!

وقد تعرض أهالي غزة قبل عملية " طوفان الأقصى " لمجازر وقصف همجي وحصار إجرامي من قبل الاحتلال الذي منع عنهم آلاف المنتجات فلم نسمع لهذا الطابور الخامس ركزا ، وشغلوا وضع الصامت ، بل وذهب الكثير منهم يبرر تلك الجرائم الوحشية .!

المدنيون عند هذا الطابور الخامس من " المتصهينين العرب " هم الذين في الأراضي المحتلة " إسرائيل " أما الفلسطيني فليس مدني ولا هو إنسان .! وأنا أشاهد في مقطع فيديو منتشر مواطن بحريني من " المتصهينين العرب " يهدي أفيخاي أدرعي علبة حلوى من البحرين ، من حلويات الشويطر ، وفي وجهة فرحة من حاز كنوز سليمان ، تذكرت حينها والدم يغلي في عروقي نبوءة المفكر الراحل الدكتور عبد الوهاب المسيري ـ رحمة الله تغشاه ـ الذي قال قبل سنوات طويلة :

" من الآن فصاعدًا سنجد يهودًا في ثياب مسلمين ، سنجد اليهودي الوظيفي ، مسلم يصلي معنا العشاء في المسجد لكنه يقوم بنفس الدور الذي يقوم به الجنرال اليهودي، وعليه يجب تحليل تلك الظاهرة الصهيونية حتى لا يتحول كثير منا إلى يهود دون أن يدروا " .!

◾- أكذوبة " المدنيين في إسرائيل " :

من الاكاذيب الواهية التي يرددها هؤلاء قولهم " حماس تستهدف المدنيين في إسرائيل " ، مع أن الجميع يعلم أن المواقع التي اقتحمتها حماس يوم 7 / تشرين أكتوبر الجاري كلها مواقع عسكرية ، وقد تم تصوير هذه الاقتحامات وشاهدها العالم أجمع ، أما المنازل التي دخلها أبناء حماس والتي هي للمستوطنين المحتلين للأراضي الفلسطينية فلم يعتدوا فيها على طفل ولا امرأة ولا مسناً ، وهذا ما أكدته أسيرات إسرائيليات تم الإفراج عنهن ، وأخريات تم تركهن في منازلهن دون مسهن بسوء ، بل لقد قاموا بتطمينهن ، وشاهدنا شهادتهن في وسائل الإعلام التي أكدت على رقي أخلاق جنود المقاومة .

وهذا أولاً ، ثانيا : لا يوجد مدنيين في الأراضي المحتلة فسكان الكيان الصهيوني هم من العسكريين ، وأغلبهم جنود " احتياط " يتم استدعائهم وقت الحاجة فالجميع ـ باستثناء الحاخامات والمتدينين ــ جنود سابقون أو لاحقون ، فخدمة التجنيد في الكيان إجبارية ، حيث يخدم الجميع في جيش الاحتلال لمدة لا تقل عن 3 سنوات بعد سن الـ 18. وقد شاهدنا كيف قام جيش الكيان باستدعاء ما يقارب 400 ألف جندي خلال أيام ، وهؤلاء هم " المدنيون " الذين يتباكى عليهم العرب المتصهينة .!

كما أن كل مستوطن في الأراضي المحتلة هو مسلح مدجج بأحدث الأسلحة ، وكثيرا ما أرتكب المستوطنون الذين يشكلون عصابات إرهابية جرائم قتل وجرح وتنكيل بالفلسطينيين العزل ، وعلى مرأى ومسمع من العالم .! ثم يأتي " متصهين عربي " ليتباكى على " المدنيين " والمستوطنين الإسرائيليين الكيوت النواعم حمائم السلام الذين يكادون يفيضون بالرقة والسلمية ، أو كما قال عادل إمام " هيعيطوا من الإيمان والتقوى " .!

◾-أكذوبة " الزج بالمدنيين في الحرب ":

من الأكاذيب التي روجها " الصهاينة العرب " أكذوبة " الزج بالمدنيين في غزة في أتون حرب غير متكافئة " وكأن حماس ليست من غزة وإنما من كوكب آخر ، ثم دعونا نسأل الطابور الخامس هذا : ـ عندما قصف جيش الاحتلال مدينة غزة في الفترة التي سبقت يوم السابع من تشرين أكتوبر ، لماذا قصفها رغم أن حماس لم تكن قد قامت بعملية " طوفان الأقصى " ؟!

ـ وعندما قصف جيش الاحتلال الأبراج السكنية في غزة وهدمها على رؤوس ساكنيها ، لماذا فعل ذلك رغم أن حماس لم تهاجمه حينها ؟! وكم كرر " المتصهينين العرب " أكذوبة أنه لولا حماس لكان أهالي غزة ينعمون بالأمن والاستقرار ، وأن حماس جنت عليهم وووألخ طيب :

حماس لا تحكم الضفة الغربية فكيف الوضع فيها ؟! أليس أهالي الضفة كل يوم تحت الاحتلال يعانون من عنف وقتل ومداهمات وتضييق وتنكيل فعلى من تضحكون ؟! الاحتلال أرتكب مئات المذابح في حق الفلسطينيين العزل منذ عقودا من الزمان ، منذ الأربعينيات من القرن الماضي ، أي قبل وجود حماس بعقود ، ذبح جيش الاحتلال عشرات الآلاف من الفلسطينيين العزل في قراهم وحاصر وهجر من بقي منهم ، ونكل بهم ، وظلت هذه هي سياساته الإجرامية أمام مرأى ومسمع العالم أجمع ، ثم يأتي " متصهين عربي " في عام 2023م ليقول أن حماس هي السبب فيما يحدث للفلسطينيين من تنكيل وقصف وقتل وحصار من قبل الاحتلال .!

ويقولون أن القوة ليست متكافئة فلماذا يهاجمون جنود الاحتلال ؟ وهذه مغالطة وأكذوبة فلو أن حماس وغيرها من الفصائل الفلسطينية انتظرت حتى توجد دول كبرى كالولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وبريطانيا تمدها بكل ما تحتاجه من المال والسلاح ومختلف أنواع الدعم لربما انتظرت عقودا من الزمن إن لم نقل قرونا حتى يحدث التحول العالمي لصالحهم ، وحتى تأتي دول كبرى تدعمهم .!

وكل قوى التحرر الوطنية في العالم بدأت بإمكانيات محدودة حتى أجبرت الاحتلال على الرحيل ، فهل انتظر أبناء الجزائر وفيتنام وليبيا وغيرها من الشعوب التي قاومت الاحتلال تغير الموازين وامتلاك القوة التي توازي قوة المحتل حتى تبدأ نضالها ضده ؟! بالتأكيد : لا ، ولم يقل لهم أي أحد يومها : " أنتم تزجون بالمدنيين في حرب غير متكافئة ".!

لم يقل هذا إلا أذناب الاستعمار وأدواته وعملائه ، كما يتهم هؤلاء المقاومة الفلسطينية اليوم .! والأهم من هذا أن هذه القوى المناضلة لم تهزم الدول التي تحتلها هزيمة عسكرية ساحقة ، ولكنها أثخنتها ثم استنزفتها عسكريا واقتصاديا وكبدتها الخسائر الفادحة حتى صارت كلفة الاحتلال أكبر من عوائده فاضطر المحتل حينها للانسحاب لتحصل تلك الشعوب على استقلالها ، ولكل استقلال ثمن ، وأبناء الجزائر ــ مثلا ــ قدموا أكثر من مليون ونصف مليون شهيد ، ولم يأت حينها أحد ليقول لهم : " القوة غير متكافئة " و " لا تزجوا بالمدنيين في حرب لا طاقة لهم فيها " .!

◾- أكذوبة " المقاومة أخطأت بسبب عدم تكافؤ القوة " :

ولنا مع أكذوبة عدم تكافؤ القوة بين المقاومة والاحتلال وقفة شرعية فحين ننظر في المعارك التي خاضها المسلمون بقيادة رسولنا صلوات الله وسلامه عليه نجد أنها لم تكن متكافئة من ناحية القوة مع الأعداء ، لقد خاضوا معارك ضد قوى كبرى مقارنة بقوة جيشهم ، ومع ذلك انتصروا عليها ، كما خاض الصحابة والخلفاء المعارك الفاصلة ضد فارس والروم وغيرها من القوى الدولية الكبرى حينها وانتصروا عليها ، فالنصر ليس بالعدد والقوة لأن النصر من عند الله قال تعالى : (وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) . الآية 10 سورة الأنفال .

وما على المسلمين إلا بذل القوة التي يقدرون عليها لخوض معاركهم العادلة قال تعالى : (وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُونَ ) الآية 60 سورة الأنفال .

لقد نصت الآية على كلمة " ما استطعتم " أي ما قدرتم عليه ، وقد جاء لفظ القوة في الآية نكرة " قوة " بدون أل التعريف ، بمعنى أي قوة تقدرون على إعدادها . ويرى العلماء أنه في جهاد الدفع أي الدفاع ، كما يحدث في غزة لا يشترط تكافؤ القوة مع العدو ، ولهم تقدير القوة المناسبة ، وكذلك التوقيت المناسب والوسيلة المناسبة التي تلحق بالعدو الضرر " الاستنزاف ". يقول شيخ الإسلام ابن تيمية ــ رحمة الله تغشاه ــ في الفتاوى المصرية :

" أما قتال الدفع فهو أشد أنواع دفع الصائل عن الحرمة والدين واجب إجماعًا، فالعدو الصائل الذي يفسد الدين والدنيا لا شيء أوجب بعد الإيمان من دفعه، فلا يشترط له شرط -كالزاد والراحلة- بل يدفع بحسب الإمكان، وقد نص على ذلك العلماء أصحابنا وغيرهم".

والمقاومة الفلسطينية اليوم تجاهد بما تستطيع ووفق امكانياتها لاستنزاف الاحتلال الصهيوني ودفعه للرحيل من أرضها المغتصبة ، أما منطق " الصهاينة العرب " أنه طالما أن الاحتلال أقوى عسكريا فمن حقه أن يفعل بأبناء فلسطين ما يشاء ، يقتل ، ينكل ، يهدم البيوت على ساكنيها ، يحاصر المدنيين ، وليس من حق أبناء فلسطين المقاومة والرد عليه فالقوة غير متكافئة .! وهذا ما يؤكد أنهم جهلة ينشرون ما يصلهم من مموليهم من مغالطات وأكاذيب وأراجيف وشائعات ولو كانت ضد الحقائق والمنطق .! ◾ مغالطة " تبعية المقاومة لإيران " :

ومن مغالطات الطابور الخامس من " المنافقين " و" المتصهينين العرب " أن المقاومة بكل فصائلها تتبع إيران ، وهذه وأكذوبة واهية كخيوط العنكبوت فحماس كبرى فصائل المقاومة صحيح أنها تتلقى بعض الدعم من إيران ، كما تتلقى بعض الدعم من قطر وتركيا وجهات خيرية أخرى ، ولكنها مستقلة في قرارها وتوجهاتها وعملياتها ، وقد اضطرت حماس لقبول هذا الدعم اضطرارا لعدم وجود خيارات أخرى لديها ، وفي الشريعة الإسلامية " الضرورات تبيح المحظورات " والمضطر يجوز له أكل الميتة .

وللأسف لقد اضطرت المقاومة لقبول دعم إيران لأن الأنظمة العربية خذلتها وحاصرتها وتحالفت مع الصهاينة في التآمر عليها ، وهاهي اليوم عاجزة عن إدخال مساعدات إليها ، وبعض الدول احتجزت قيادات من حماس لسنوات ولم تفرج عنهم إلا بوساطات كبيرة ، إلا بعد سنوات من احتجازهم ، ومع هذا يتهم الطابور الخامس من المنافقين والعملاء والصهاينة العرب حماس بأنها تابعة لإيران ودليلهم وجود صور لقيادات من حماس مع قيادات إيرانية ، مع أن قيادات حماس يلتقطون الصور مع كل من يقابلون من العرب أو المسلمين أو غيرهم ، فمثلا مؤخرا زار وفد من حماس موسكو وألتقى بقيادات روسية فهل حماس تابعة لروسيا ؟!

ثم إنك حين تطرد ابنك من بيتك لماذا تغضب إذا بات في بيت الجيران ؟!

تكفلوا لحماس بالإمكانيات المطلوبة لتظل خط الدفاع الأول أمام احتلال توسعي اجرامي لا حدود له ويستهدف الأمة كلها وحينها لن تتلقى مساعدات من أحد ، أما أن تحاصرها وتتآمر عليها ثم تعيرها أنها تلقت مساعدات من تركيا أو قطر أو إيران فليس هذا من العقل والمنطق ناهيك عن كونه من الشرع والأخلاق .! ثم يقولون إيران تتخذ من حماس والجهاد دعاية لها ولمشروعها في المنطقة العربية ، طيب :

ادعموها أنتم وخذوا أنتم الدعاية لكم أمام شعوبكم بأنكم مع القضية الفلسطينية ووو ألخ . لا يقدرون على دعم المقاومة حتى بكلمة ، ويتآمرون عليها ليلا ونهارا ، ولا يجرؤون على فتح المجال لشعوبهم لدعمها ، ومع هذا يعيرونها بأنها قبلت مساعدات من الآخرين ؟!!

عجيب أمركم أيها العرب المتغربة والمتصهينة .!

وقيادات وأعضاء الفصائل المقاومة هم بشر يجتهدون في ظروف بالغة الصعوبة وغير طبيعية ، وقد تقع منهم بعض الأخطاء وجوانب القصور ، لكن هل من المرؤة والشهامة وهل من الدين والإنصاف أن تترك أخيك المسلم في قلب المعركة يجاهد وحيدا وقد تآمرت عليه شراذم الغرب وكل شذاذ الآفاق وأنت تتفرج عليه وتطعن فيه ، وتنصر عدوه ، والله ما كان في الجاهلية يفعلها إلا كل منافق معلوم نفاقه ، أما العربي الحر فما يفعلها مع أخيه وإن خالفه في الدين والرأي . والله المستعان.