إعلان صنعاء .. وخفايا المؤامرة !!
بقلم/ مأرب برس
نشر منذ: 16 سنة و 7 أشهر و 18 يوماً
الخميس 27 مارس - آذار 2008 01:03 ص

ما أن طيرت وسائل الإعلام بشرى توقيع إعلان صنعاء للمصالحة بين فتح وحماس ، إلا وفوجىء الفلسطينيون بصدمة مدوية عندما سارعت الرئاسة الفلسطينية لإبداء تحفظها عليه ، ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل خرجت أيضا تصريحات متضاربة واتهامات متبادلة من داخل الرئاسة وكأن ما حدث هو أمر شاذ وغريب ولم يكن على مرأى ومسمع القاصي والداني.

فمن جهته ، أكد الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة رفض السلطة الفلسطينية التعامل مع المبادرة اليمنية كإطار لاستئناف الحوار مع حماس من أجل العودة بالأوضاع في الأراضي الفلسطينية إلى ماقبل أحداث غزة ، قائلا :" يجب تنفيذها بكل بنودها، وليس التعامل معها كإطار للحوار، لأن ذلك لن يؤدي إلى نتيجة. بنود المبادرة اليمنية واضحة ونريدها للتنفيذ وليس للتحاور".

كما وجه مستشار الرئيس الفلسطيني للشئون السياسية نمر حماد انتقادا لرئيس كتلة فتح في المجلس التشريعي الفلسطيني عزام الأحمد وعضو الوفد المفاوض بأنه كان يفترض به الاتصال مع الرئاسة الفلسطينية قبل توقيع إعلان صنعاء ، فيما أكد عزام الأحمد في اتصال مع فضائية "الجزيرة" أنه كان على اتصال دائم مع الرئاسة في رام الله ، قائلا :" يبدو أن السيد نمر حماد لا يعرف شيئاً".

وأمام هذا التخبط في المواقف والتصريحات ، سارع الناطق باسم حماس سامي أبو زهري لاتهام الرئاسة الفلسطينية بعدم الجدية في الحوار وعدم الرغبة في إنجاح المبادرة اليمنية ، مؤكدا أن إعلان صنعاء الذي وقعت عليه فتح وحماس في 23 مارس 2008 بحضور الرئيس اليمني علي عبد الله صالح كان واضحا فيمايتعلق بالتعامل مع المبادرة كإطار لاستئناف الحوار وليس التنفيذ الفوري لبنودها .

ويرجح البعض أن ثمة ضغوط تعرض لها الرئيس الفلسطيني في اللحظات الأخيرة للتراجع عن تأييد إعلان صنعاء ، فالتحفظ على المبادرة جاء بعد دقائق من انتهاء اجتماع نائب الرئيس الأمريكي ديك تشيني مع الرئيس محمود عباس في رام الله وتسرب تقارير حول تهديدات أطلقها تشيني في وجه عباس وكان مفادها أن قبول عباس باستئناف الحوار مع حماس معناه الخروج عن طاعة واشنطن ومواجهة بالتالي الحصار الخانق الذي تفرضه إسرائيل وأمريكا على قطاع غزة. 

وفي هذا الصدد ، يقول عريب العرنتاوي مدير مركز القدس للدراسات السياسية إن جولة تشيني في الشرق الأوسط التي بدأت في 16 مارس جاءت بهدف توتير الأجواء في المنطقة وإحباط القمة العربية والمبادرة اليمنية وتشديد الحصار على حماس وحزب الله وسوريا وإيران .

ومن الأمور الأخرى التي تشير إلى ممارسة ضغوط شديدة على الرئيس الفلسطيني ، تصريحات نقلها راديو سوا الأمريكي عن مسئول إسرائيلي عقب خلالها على إعلان صنعاء ، قائلا :" إن على عباس أن يختار بين المفاوضات مع إسرائيل أو التحالف مع حماس لأنه لايستطيع أن يحصل على الاثنين معا ".

مؤامرة تشيني - أبرامز 

ويبقى التقرير الذي نشرته "مجلة إكزكتف إنتلجنس ريفيو " الأمريكية أقوى برهان في هذا الشأن ، حيث كشف أن هناك لعبة دموية لزرع الحروب الأهلية في المنطقة العربية تمهيدا لسايكس بيكو جديدة تقودها دوائر أمريكية صهيونية يعتبر نائب الرئيس الأمريكي ديك تشيني الرمز والأداة الأكثر شهرة فيها ، قائلا :" لم يكن مستغربا أن تندلع أحداث نهر البارد في لبنان وغزة مباشرة بعد زيارة تشيني للمنطقة العام الماضي ، وهو مايحصل في كل مرة يأتي فيها تشيني ليبث شروره في هذه المنطقة الجالسة دوما على برميل من البارود ". 

مخطط نتنياهو وتشينى يهدد العرب جميعا 

وجاء في التقرير أيضا " يبدو الصراع بين فتح وحماس وكأنه لعبة عبثية على السلطة بين أجنحة فلسطينية متصارعة للسيطرة على منطقة محاصرة أصلا وشعب محروم من قوته اليومي ويرزح تحت نير الصواريخ الإسرائيلية. لكن في حقيقة الأمر، هذا الصراع من إنتاج مصنع تشيني وأليوت أبرامز ، نائب رئيس مجلس الأمن القومي الأمريكي ، وحلفائهم الرئيسيين من فاشيي إسرائيل أمثال بنيامين نتنياهو. هؤلاء استخدموا النصر الانتخابي لحركة حماس في الانتخابات التشريعية عام 2006، لإطلاق حملة لزج الحركتين الأساسيتين في فلسطين في صراع ضد بعضهما البعض " . 

واستطرد يقول :" ينبغي أن يتذكر من يقول هنا أن هذا الكلام مجرد نظريات مؤامرة وأن الصراع الفلسطيني هو ظاهرة اجتماعية عربية وأن حماس هي التي خلقت الأزمة برفضها الاعتراف بإسرائيل وعملية السلام، ماذا فعل الأمريكيون والإسرائيليون بالرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، الذي قدم كل التنازلات الممكنة شرعيا بلا طائل. لقد تمكن الأمريكيون والصهاينة من استغلال عدم رغبة أجنحة معينة من حركة فتح في التنازل أو المشاركة في السلطة، لإشعال حرب أهلية شعواء" .

 سايكس بيكو جديدة

وحددت مجلة إكزكتف إنتلجنس ريفيو الدور المحوري لنائب مستشار الأمن القومي الأمريكي إليوت أبرامز، الحليف اللصيق بتشيني، قائلة :" أبرامز يعمل بشكل سري للترويج لسياسة هدفها إشعال صراع مسلح بين حماس وفتح . هو يدير صندوقا سريا تحت لافتة "دعم الديمقراطية" يتم من خلاله تزويد السلاح لأجنحة فلسطينية معينة، لإشعال القتال بين فتح وحماس" ، مشيرة إلى أن نوعية التدخلات الخارجية التي يديرها أبرامز كانت قد انكشفت في شهر يناير 2007 حينما كادت حرب أهلية تندلع في غزة لولا تدخل العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبدالعزيز من خلال رعاية مباحثات تشكيل حكومة وحدة وطنية في مكة والتي قادت إلى تأسيس حكومة فلسطينية مشتركة تتضمن وزراء من حماس وفتح ومستقلين وبعدها ركز أبرامز على إسقاط هذه الحكومة وإجراء انتخابات مبكرة لإضعاف نفوذ حماس.

واختتمت المجلة تقريرها ، قائلة :" في حقيقة الأمر، الصراع الداخلي الذي نراه الآن في العراق وفلسطين ولبنان يتم تحريكه من خارج المنطقة، تاركا اللاعبين المحليين ليؤدي أدوارهم التراجيدية. إن دور أبرامز وتشيني أكثر سطوعا من الشمس في ظهور الحروب الأهلية بالشرق الأوسط كصيغة جديدة لاتفاقية سايكس بيكو لعام 1916، التي قامت بريطانيا وفرنسا من خلالها بتقسيم غنائمهما الجيوسياسية في المنطقة ".

وبناء على ماسبق ، يتفق المراقبون أن تراجع عباس أمام الضغوط الأمريكية لن يفيد الفلسطينيين في شيء ، فالمؤامرة واضحة وضوح الشمس وأكدها تشيني بنفسه أيضا عندما أعلن أن واشنطن لن تمارس أبدا أية ضغوط على إسرائيل لكي تتخذ قرارات تهدد أمنها ، محملا الصواريخ الفلسطينية مسئولية عدم إقامة الدولة.

المصدر : محيط

المصدر : محيط