المؤتمر الجنوبي في القاهرة .. والإبتذال السياسي
بقلم/ د. عبيد البري
نشر منذ: 12 سنة و 11 شهراً و 25 يوماً
الأربعاء 23 نوفمبر-تشرين الثاني 2011 05:13 م

بوسعنا القول أن رؤية الفيدراليين قد خلطت بين قضية احتلال الجنوب الهمجي وبين حروب صعدة ( الحركة الحوثية ) والمشكلات التي تواجهها الدولة اليمنية ، وأعتبروا ذلك تهيأة للثورة الشبابية الشعبية التي أشعلها أبناء محافظة تعز فامتدت فيما بعد إلى صنعاء وبقية محافظات الجمهورية .. وهم بذلك يكررون خطاب أحزاب اللقاء المشترك ، مقررين بأن سلطة 7 يوليو هي فقط سلطة علي عبدالله صالح المحتضرة ، أما بقية ركائز النظام الأساسية المنضوية في أحزاب اللقاء المشترك فهم ، في رأي الفيدراليين منزهون من ما حصل في الجنوب ، بل ضمهم الفيدراليوين إلى جانب الحراك الجنوبي كمناوئين للسلطة !!.. وهذا ما حوته الفقرة التالية من رؤية فيدراليي القاهرة تحت عنوان

"أسباب الانهيار ... سلطة أسرية قبلية فاسدة" :

(( لقد استغلت سلطة 7يوليو الأسرية حالة التفكك والتشويش والارتباك بين أوساط القوى الوطنية المناوئة لها، والمتمثلة في أحزاب اللقاء المشترك والحراك الجنوبي الشعبي السلمي والحركة الحوثية وبقية القوى والتنظيمات السياسية عموما، فواصلت بعناد امتناعها عن إظهار ولو الحدّ الأدنى من التجاوب مع مطالب شعب الجنوب ثم التوجه نحو المعالجات الجادة والشاملة للمشكلات التى تواجهها البلاد. ان إصرار السلطة الحاكمة في صنعاء على الاستمرار في احتقار وقمع ارادة الشعب في الشمال والجنوب، أدّى الى حالة من الانسداد السياسي الخطير، وحالة من الانهيار والتآكل لما تبقى من أطلال وهياكل صورية للدولة، نتج عنها ما نراه اليوم من الشروخ العميقة التي حدثت في بنيان ووشائج الإخاء والمحبة بين مختلف شرائح وفئات الشعب جنوبا وشمالا. وكحصيلة طبيعية لتلك الحالة غدا من المستحيل استمرار الأوضاع على ما هى عليه، فتهيأت الظروف لانطلاقة الثورة الشبابية الشعبية العارمة والمظفرة بمشيئة الله. ))

إن اللافت للنظر هو تأكيد الفيدراليين الجازم أن الإنتفاضة الشبابية ضد النظام هي إستمرار للثورة الشعبية الجنوبية عام 2007م ضد الإحتلال ، محاولين بذلك الخلط بين ثورة الجنوب التحررية وبين مقاومة النظام الذي تتبناه وتديره المعارضة اليمنية ممثلة بأحزاب اللقاء المشترك في إطار التنافس على السلطة .. وهذا الهدف مكشوف في الفقرة التالية تحت عنوان

" النضال السلمي .. الطريق إلى الثورة " :

((وسيؤرخ المؤرخون الحقيقة التاريخية التي لا يمكن نكرانها أو تجاوزها البتة ، والقائلة بأن الثورة الشبابية والشعبية اليمنية استلهمت نهج النضال السلمي الدؤوب والمثابر الذي بدأه الحراك الجنوبي الشعبي السلمي عام 2007م )) .

وبوسع المحلل الحصيف أن ينظر إلى ما جاء في رؤية الفدراليين من حصافة في نظرتهم الثاقبة إلى مسار الأحداث ويوميات الثورة التي تفيد أن حل معضلة الوحدة هي السبيل الضامن لإسقاط النظام ، ويتجلى ذلك من خلال الفقرة التالية في رؤيتهم :

(( إن أية قراءة حصيفة لمسار الأحداث وتطورات وقائع ويوميات الثورة – بجوانبها الايجابية والسلبية - تفضي لا محالة إلى ضرورة الاعتراف بحقيقة إجهاض واهتزاز الركن الأساس لبنيان الوحدة، وهو الشراكة الندية بين طرفيها المتعاقدين، وبالتالي الإقرار بطبيعة الخلل في علاقة الشراكة الندية بين الشمال والجنوب. ولا يستقيم هذا الاعتراف بتلك الحقيقة دون التأكيد كذلك على ان حل معضلة الوحدة، ، انما هو الضامن الوحيد لتوفير وإنماء الشروط الضرورية للتسريع في عملية إسقاط النظام وتحقيق الانتقال الآمن إلى المرحلة التالية لإعادة البناء.)).

وعلى تلك الطريق التي سلكها الفيدراليون ، فلم ولن يفوتهم أبداً أن يؤكدوا أن شعب الجنوب هو جزءاً من العملية السياسية الجارية في اليمن ضمن العملية الإنتقالية بما نتج عنها من تشكيل للمجلس الوطني الإنتقالي بشكل ندي شمالاً وجنوباً ، وهذا ما توضحه الفقرة التالية :

((وبما ان القضية الجنوبية هي المهمة التالية الأكثر إلحاحا فمن الضروري التوافق بين كل القوى المنضوية تحت لواء الحراك الشعبي السلمي الجنوبي والثورة الشبابية الشعبية على المشاركة الحيّة النديّة لممثلي شعب الجنوب بكافة رؤاهم ووجهات نظرهم في العملية السياسية الجارية حاليا، وخصوصا ما يجري من مداولات وحوارات حول طبيعة المرحلة الانتقالية وأجندتها وأهدافها.)).

ويبقى القول أن الخوض أكثر في تفتيش دلائل وإتجاهات مشروع الفيداليين المدمر لمستقبل كل من ، ما يسمى الشمال والجنوب ، ليس إلا لزيادة القلق وتعميق للشعور بالخوف من المجهول الذي ينتظر اليمن ، لا يستفيد منه إلا تجار الحروب والمتطفلين على مآسي وآلام الشعوب .