المؤامرة الخليجية
بقلم/ ياسر عبد الله
نشر منذ: 13 سنة و شهر و 20 يوماً
الإثنين 19 سبتمبر-أيلول 2011 11:13 م

لم يعد خافياً بعد هذه الأشهر السبعة من عمر الثورة اليمنية وسقوط الآلاف من الضحايا بين قتيل وجريح في صنعاء وتعز وأرحب وأبين وغيرها من محافظات اليمن الثائرة أن هناك مؤامرة على الثورة اليمنية لإجهاضها أو على الأقل لخروجها بنتائج مشوهة المعالم يرتضيها اللاعبون بأوراق اليمن على المستوى الإقليمي منذ زمن غير يسير .

فمقارنة بما حدث في ليبيا ويحدث في سوريا وما حدث ويحدث في اليمن من إراقة الدماء المسالمة وصمت المجتمع الدولي وسعي دول الخليج وعلى رأسها اللاعب البارز بالورقة اليمنية المملكة يظهر جلياً عدم رضى الجارة الكبرى لليمن عن ما يحدث فيها من ثورة يصعب على النظام الملكي استيعاب نتائجه على المستوى الداخلي لليمن مرورا بتأثيره مستقبلاً على جيرانه من دول الخليج وبخاصة الجارة الكبرى.

دول الخليج التي وقفت بقوة إلى جانب الشعب الليبي المسالم ضد نظامه القمعي وأيدت تدخل قوات النيتو واستنكرت قبل ذلك ونددت جرائم القذافي, وسحبت المملكة وبقية دول الخليج سفراءها من سوريا للتنديد بجرائم آل الأسد ضد المتظاهرين العزل ( لأن ذلك ليس من الدين ولا من القيم والأخلاق ولا تقبل به المملكة فالحدث أكبر من أن تبرره الأسباب ) كما في بيان العاهل السعودي عن أحداث سوريا ,هذه الدول كان موقفها مغايراً تماماً من ثورة اليمنيين وهي ترى هذه الدماء تسفك وأعداد الضحايا في ازدياد وجرائم النظام ضد المتظاهرين سلمياً لا يمكن أن تغفل ومع ذلك فقد كان السقف الأعلى للمملكة ودول الخليج ظاهرياً أن تلوذ بالصمت لتساوي بين القاتل والضحية وبخلت أن تصدر بيانا يندد بهذه الجرائم وغاية ما في الأمر أن تطالب المتصارعين بضبط النفس حفاظا على وحدة اليمن واستقراره ولتترك اليمنيين تحت رحمة جلاديهم ثم تقدمت بمبادرة أو مؤامرة خليجية يفلت بمقتضاها الجاني من العقاب وتذهب دماء الأبرياء هدراً .

 الرئيس اليمني ينعم بضيافة كريمة في الرياض لدوافع إنسانية كما يقول مضيفوه وتتاح له الفرص ليخرج على الإعلام بتصريحاته وخطاباته وكأنه في قصره الجمهوري بصنعاء وقد تملص مرارا وتكراراً من توقيع تلك المبادرة التي اقترحها مضيفوه عليه ومع ذلك لم يسأم أصحاب المبادرة من التعديل تلو التعديل لإرضاء الرئيس ونظامه وتفصيل مبادرة على قياسه وليمت الشعب اليمني في الساحات فالدماء اليمنية عند الخليجيين ليست ذات قيمة كدماء السوريين أو الليبيين الذين صحت نخوة الخليجيين وحميتهم لأجلها وإن كانت الحقائق لتؤكد أن الثارات القديمة بين النظام الليبي ودول الخليج وكذا البعد العقائدي والصراع بين إيران والسعودية والمصالح هو المحرك الأساس لموقف الدول الخليجية من الثورتين الليبية والسورية وليست حمية أو دافع إنساني بسبب الدماء التي أريقت بغير ذنب وإلا فلست أدري أين غابت تلك الدوافع الإنسانية والضمير من هذه الدماء التي تسفك في الجارة اليمن لمتظاهرين مسالمين فهل يعتبرها الخليجيون دماء أم أنها عندهم كشراب التوت البري ؟!

هناك بعد آخر للموقف الخليجي السعودي فقد أثبتت الثورات العربية أنها كالعدوى المتنقلة أو كأحجار الدمينو التي يتبع بعضها بعضاً ويتساقط الواحد منها بعد الآخر فثورة تونس أسقطت النظام هناك وتبعته الجارة مصر ثم جارتهم ليبيا وهذا الواقع المشاهد لن يمر على دول مجاوره لليمن تريد أن تنأى بنفسها عن أي تغيير قد يطالها في موسم الربيع العربي ولذا فإن إجهاض الثورة اليمنية أو خروجها بنتائج ترضاه تلك الدول هو أمر مهم بالنسبة إليها ولسان حالها ( اللهم حوالينا ولا علينا).
إن نجاح الثورة اليمنية يتوجس منه الخليجيون خيفةً فهو عندهم ناقوس خطر وقيام نظام جديد ودولة قوية كنتيجة لانتصار الثورة اليمنية معناه فقدان السعودية لأوراقها المهمة في جارتها اليمن وضعف دورها كلاعب أساس في المتغيرات المستقبلية لهذا البلد وسيكون له تأثير على تلك الشعوب المجاورة التي لازالت تحكم بنظام العائلة سواء سميت بدولة أم مملكة .

إن السؤال الذي يطرح نفسه هو ما سر تلك الضيافة الكريمة التي يتلقاها الرئيس اليمني في الرياض مع ما مرت به علاقات البلدين من توتر يصل حد القطيعة بعد موقف اليمن من احتلال العراق للكويت وطرد العمالة اليمنية والذي أدى إلى تدهور الاقتصاد وسوء المعيشة الذي يكتوي ببعض آثاره المواطن اليمني إلى الآن ؟ فهل نست السعودية ذلك الأمر ؟ وهل ما يقال عن استضافتها للرئيس اليمني أنها لدوافع إنسانية بحته أم لحاجة في نفس يعقوب لم يقضها بعد؟ وهذا الشعب اليمني الذي يقتل ويراق دمه في الساحات أليس له حق في الجوار والإنسانية ليقف معه الأشقاء الجيران قبل غيرهم ولو بكلمة تدفع عنهم شبهة التآمر الذي يوصمهم به كثير من اليمنيين بعد مواقفهم التي يعتبرها الثوار مريبة أو متخاذلة ؟