معهد أميركي يكشف أسباب الحذر السعودي من الملف اليمني وكيف جعل التصنيف الأمريكي للحوثيين يتخبطون الجيش السوداني يقترب من القصر الرئاسي وقوات الدعم السريع توسع عمليات الهروب من الخرطوم قرار قضائي يثير غضب إيلون ماسك.. عصابة أثيوبية تختطف اكثر من أربعين شخصا من جنوب اليمن وأجهزة الأمن تتدخل قناصو المليشيات الحوثية تستهدف النساء بمحافظة تعز الرئيس من الرياض يوجه بعودة جميع مؤسسات الدولة للعمل من الداخل ويؤكد على الوفاء بالالتزامات الاقتصادية والخدمية أمام الشعب جيش الإحتلال ينسحب من محور نتساريم الإستراتيجي.. شاهد كيف أصبح عدن: الداخلية تعلن بدء صرف مرتبات منتسبيها لشهر يناير وتعليمات لغير الحاصلين على البطاقة الشخصية الذكية تراجع مستمر في قيمة العملة اليمنية.. ''أسعار الصرف الآن'' مأرب في عين العاصفة... هل يدق الحوثيون طبول الحرب مجددا؟ وماهو أخطر ما يقلقهم اليوم ...تحركات خطيرة ومريبة
الدعوة التي وجهها المبعوث الخاص للأمم المتحدة «مارتن غريفيث» إلى طرفي الحرب الأهلية للاجتماع في جنيف مطلع سبتمبر القادم، لعقد لقاء هو الأول منذ ما يقارب العامين ربما مثل كسرا للجمود الذي استمر منذ انتهاء المفاوضات التي استضافها أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد منذ أكثر من عامين، وأصاب بالشلل المسار السياسي الذي تدعو له القرارات الصادرة عن مجلس الأمن وكذا الدعوات المتكررة من كافة الأطراف الإقليمية -بما فيها دول التحالف- لجلوس الجميع على طاولة مفاوضات تبحث كافة الإجراءات والالتزامات المطلوبة من الجميع لإنهاء الحرب التي سقط فيها اليمنيون ضحايا الصراع الحالي، كما تسببت بالكثير من الدمار النفسي والقطيعة الاجتماعية الداخلية، وكذا انشغال الإقليم بها والانغماس في تفاصيلها.
من المهم ألا يرتفع منسوب التفاؤل حول ما ستخرج به اجتماعات جنيف، إذ أتصور أن اللقاءات التي سيعقدها المبعوث الخاص وفريقه مع الطرفين لن تتطرق في البداية إلى القضايا السياسية والعسكرية، وستركز على محاولة بناء الثقة بين الجانبين في مسعى لتوسيع نطاق التباحث حول القضايا الإنسانية وإطلاق الأسرى وتخفيف المعاناة القاسية التي يتعرض لها المواطنون الأبرياء المحاصرون بين الطرفين، وهي تستدعي إجراءات تجنيب هؤلاء ويلات الحرب، وسيكون رفع الحصار عن تعز وإعادة فتح الطرقات داخلها أهم خطوة تسهم في تخفيف حدة المعاناة التي ترزح تحتها المدينة منذ بدايات الحرب، وسيكون ذلك مؤشرا على استعداد الحوثيين في الفصل بين العقاب الجماعي والمعارك العسكرية، وهو أمر صارت الميليشيات المحلية جزءا منه بعد عجز السلطة المحلية عن الحصول على الوعود التي تلقتها بالمساندة والدعم.
مدينة وميناء الحديدة سيكونان ملفا آخر قد يطرح للنقاش لتجنيبهما معركة مدمرة.
طرح كثيرون فكرة الإشراف الخارجي على الميناء للتحقق من عدم استخدامه لغير الأغراض التجارية والإنسانية وكي يساعد في سرعة تدفق المساعدات الطبية، وأيضا تسليم المدينة لسلطة محلية من أبنائها مع ضمان خروج كافة المسلحين القادمين من خارجها الذين لا يتبعون الحكومة، من محيطها ومن داخلها، وستشكل في حال نجاحها نموذجا يحاكي إدارة محافظة مأرب التي تنعم بالحد المعقول من الهدوء والتنمية بعيدا عن تعقيدات الإدارة المركزية.
سيواجه لقاء جنيف -كما حدث في بييل والكويت- وما قد يتم بعده، عقبة أن الرغبة الحقيقية لدى الأطراف المحلية في التوصل إلى اتفاق صلب ومستدام تحتاج ارتفاعا كبيرا في مستوى المسؤولية الوطنية والأخلاقية، وتستوجب منهما تقديم تنازلات جادة وكبيرة وهم ليسوا جاهزين حاليا لاتخاذ مواقف تعرض مصالحهم للخسارة، ومن الطبيعي أن الفوائد التي تنتجها الحروب الأهلية الطويلة وشبكة المنافع الشخصية التي تنشأ وتربط بين عدد من أصحاب المصالح تجعل مهمة الخروج منها صعبة، وإذا ما أضفنا إلى ذلك بروز مليشيات تدور في مدارات خاصة غير مرتبطة بالأطراف الرئيسية وتتخذ مساراتها الخاصة بعيدة عن الإطار العام، فإن كل هذ العوامل تجعل من التفاؤل مسألة عصية على القبول، ويعلم الجميع أنه بدون توافق داخلي يجعل المصلحة الوطنية العامة وارتفاع منسوب المسؤولية الأخلاقية لدى القوى المحلية الكبرى فإن أي جهد يبذله أي مبعوث لن يصل إلى النتيجة التي يتمناها اليمنيون في الداخل والخارج، وقد تكون إحدى الفرص الكثيرة التي ضاعت لوقف النزيف والدمار.
كتبت في هذه الصفحة إثر زيارة قمت بها إلى الكويت خلال المباحثات التي جرت هناك عن غياب البعد الإنساني فيها (لقد خلقت الأشهر الأربعة عشر الماضية قطيعة نفسية لا أتصور أن اتفاقا سياسيا وإجراءات أمنية ستتمكن من إنهائها ومطلوب من الطرفين بذل جهد إنساني وأخلاقي، لا أعلم مدى قدراتهم في هذا المجال).
واليوم بعد مرور عامين آخرين، عليهم إدراك أن الأمم المتحدة والمجتمع الدولي ليسا أحرص على اليمن من الذين سيشاركون في لقاء جنيف، وعليهم أن يشعروا في ضمائرهم باستحضار مأساة إخوانهم اليمنيين العالقين والمحاصرين الذين يحتاجون منهم التعاطف مع محنتهم.