إنها ثورة يا يمن السعيدة
بقلم/ صباح مالك الارياني
نشر منذ: 11 سنة و 9 أشهر
الأحد 10 فبراير-شباط 2013 04:22 م

لفبراير في نفوسنا نحن اليمنيون اثر خاص اذ في الثامن عشر من فبراير 1968 انتصرت قواتنا من جيش ومقاومة شعبية على التجمع الذي كان يهدف لإجهاض ثورة سبتمبر 1962 وفي 18فبراير فُك حصار العاصمة "صنعاء" والذي ضرب عليها باحكام لإسقاط النظام الجمهوري والذي لأول مرة يعلن فيه دستور تنص اهم مواده وهي المادة الرابعة والخامسة والسادسة  على التالي:

المــادة(4): الشعب مالك السلطة ومصدرها ويمارسها بشكل مباشر عن طريق الاستفتاء و الانتخابات العامة كما يزاولها بطريقه غير مباشرة عن طريق الهيئات التشريعية والتنفيذية والقضائية وعن طريق المجالس المحلية المنتخبة

المــادة(5): يقوم النظام السياسي للجمهورية على التعددية السياسية والحزبية وذلك بهدف تداول السلطة سلميا وينظم القانون الاحكام و الاجراءات الخاصة بتكوين التنظيمات والاحزاب السياسية وممارسة النشاط السياسي ولا يجوز تسخير الوظيفة العامة او المال العام لمصلحة خاصة بحزب او تنظيم سياسي معين

المــادة(6): تؤكد الدولة العمل بميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان وميثاق جامعة الدول العربية وقواعد القانون الدولي المعترف بها بصورة عامة تؤكد الدولة العمل بميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الانسان وميثاق جامعة الدول العربية وقواعد القانون الدولي المعترف بها بصورة عامة .

كانت تلك المواد الأساسية للدستور حافز للقوى الظلامية في المنطقة ان تتكاتف على الثورة اليمنية بالمال لشراء الذمم الخائنة والضعيفة وبالسلاح لتحطيم المد الثوري بين ابناء الشعب اليمني والذي انتشر في عموم المحافظات لكن ارادة الشعوب لايمكن صدها والغضب الجماهيري حين يزأر لايمكن إخفات صوته وهكذا كان انتصار الثورة في 18 فبراير 1968 .

ماحدث من انتكاسات بعد ذلك يرجع الى عوامل داخلية وخارجية عديدة والى بنية وثقافة لاواعية سادت طويلا وكان من الصعب تفتيتها في وسط قومي متكامل يحمل نفس الخصائص ويعمل على ان تظل هي المعلم البارز لشعوبه تلك الخصائص حولت مجرى الثورة في اليمن من ان تتحول الى حكم ديمقراطي جماهيري كما نصت مواد الدستور الى ان تصبح دكتاتورية فرد في الشمال ودكتاتورية حزب في الجنوب وزادت هيمنة الدكتاتورية الفردية حين أعلنت الوحدة في 1991 واستتب الوضع على حكم عموم اليمن تحت اسم الجمهورية اليمنية في 1994.

لن أتحدث طويلا هنا عن خلل البنية الاجتماعية في اليمن ابان تلك الحقب الطويلة والتي فيها استتب فساد إداري وسياسي شنيع دل على ان النفوس التي ظن الشعب انها من صلبه والتي تملكت الحكم لم تكن الا نفوس ضعيفة لاتمتلك من الحس الوطني مثقال ذرة اذ باعت واستباحت وتملكت وهدمت ودمرت ونهبت وسرقت وأعلنت دستور هو قانون الغاب الذي يسود مجموعة الحيوانات وهو قانون "البقاء للأقوى".

سادـ دولة اليمن الواسعة الامتداد ـ ساد فيها تصحر قالح في الأرض وفي النفوس انتشر الفقر والمرض والجهالة ووجدت مدارس لاتحقق غايتها من النهوض والتطور التربوي ومشافي ترتع فيها الفئران وبالمثل كانت بقيت مؤسسات الدولة الاقتصادية والخدمية الاخرى والتي سادت فيها الرشاوي والمخالفات ونبذ كل من لا يد طولى له في جهاز الدولة تبقيه في محل عمله او تساعده على الحصول على عمل انتشرت العطالة بين شباب مؤهل وتفشت الأمراض وتصحرت الأراضي وساد تفاوت شنيع ولا تجانس في البنية الاجتماعية .

في ظل وضع مثل هذا لم يجد الشعب بدا من الانتفاض وإعلان ثورة جديدة لتحقيق مواد الدستور اليمني والذي وضعته إرادة شعبية حرة وهذا ماحدث في 11 فبراير 2011 بعد إرهاصات كثيرة سابقة.

أعلن الشعب ثورته لا باسم قوات مسلحة او جيش ولا باسم قبائل مسلحة او شيخ ولكن باسم الشعب الذي لايملك الا الحياة وهي الإرادة الفعلية للوجود وهكذا امسك شباب اليمن بأرواحهم في اكفهم وأعلنوها ثورة سلمية صنع الأخوة والأخوات من صدورهم دروع لحماية إخوانهم وواجهوا ما واجهوه من الرصاص والحرق والضرب والاعتدآت بكافة أشكالها لكن غضب الشعب الهادر لا يمكن صده فإرادة الحياة اقوى من سكون الموت حقق الشعب اليمني في غضون اقل من شهر صمود مشهود بثورته السلمية وبدأت أصوات من كانوا جهاز الدولة من سفراء ووزراء تعلن انضمامها الى ثورة الشباب السلمية وتوالت التاييدات من الكثير من القوى القبلية والعسكرية وانبرى الخبير السياسي ومستشار الحاكم الدكتور عبد الكريم الارياني ليعلن على الملاء ان ثورة الشباب السلمية التي أنهت النظام "قد احدثت تغييرا هائلا في النظام السياسي والاجتماعي ونجحت في جعل التغيير امر حتمي

هذا التصريح من مستشار الدولة اشاع الرجفة في فرائص قوى النظام السابق وأعلنت ثورة الشباب انتصارها حينها وفي مارس من نفس العام وبعد حوالي شهر او ازيد قليلا انبرى علي محسن الاحمر اليد الطولى للحكم السابق في كل شيئ والمنافس الأشد والأقوى لحكومة صالح اعلن هذا اللواء مع سلاح المدرعات التي يقوده انضمامه لثورة الشباب السلمية ونشر قواته ومعداته في ساحات التغيير باسم حماية الشباب .

كان لانضمام اللواء محسن الأحمر دوره في ان تتجراء الكثير من القوى القبلية والعسكرية على إظهار نفسها علنيا وإحلال دورها باسم الثورة محل دور الشباب السلمي وصاحب الثورة الحقيقية وعادت الكتلة التقليدية للدكتاتورية السابقة الى بسط خيامها ومحاولة فرض وصايتها على ثورة الشباب السلمية .

هذه الكتلة عرفت على مدى طويل أسلوب تعامل واحد هو أسلوب الاعتداء والهيمنة داخل ساحات الثورة وفرض منطق القوة الخاطئ ورش مايبرق من الدراهم وكانت بكل الطرق تعمل على محاولة استفزاز لتتمكن من اخماد صوت الثورة وتحقق استتاب سلطتها الا ان ذلك لم يتحقق اذ ظل الشباب ومازالوا على إيمانيهم بتحقيق انتصارهم بالأسلوب السلمي حتى لو كان هو الطريق للموت.

ظنت هذه الكتلة الموهومة انها قد التفت على الثورة وأعلنت كثير من الأصوات المتخاذلة ان الثورة قد تم الالتفاف عليها لكن تلك الرؤية لم ترى بعين الصواب والحقيقة ان الثورة الجماهيرية السلمية لها اكثر من وجه حضاري لا يمت للعنف او السلاح والقوة باية صلة

لقد انتصرت الثورة و فرضت نفسها وواهم من يظن غير ذلك لقد انتصرت الثورة بسلوكياتها التي استنها وشارك بها الوحدة المتكاملة من الشباب والممثلين لكل فئات الشعب وطبقاته ولقد عمل الجميع على إنجاح تلك السلوكيات الثورية وتحقيق أهدافها والوصول بها الى ساحة أمنه بعيدا عن هؤلاء الذي افسدوا في اليمن ودمروا ما دمروه والذين يظنون ان السلاح هو القوة الوحيدة .

  لقد توالدت بداخل الثورة ثورات على كل المستويات الشعبية الجماهيرية الحضارية تعلن في كل يوم نجاحها في تحقيق غاياتها وانتصارها المترادف مع انتشارها المستمر في سلوكيات الشباب في كل الالويه من تريم الى صعدة تمثلت تلك القوة السلمية ب... :

المقال

الشعر

المسرح

الفن كرسم وتصوير وغناء

حرية القول واحترام الرأي الأخر

السلوك الحضاري السلمي في الاعتراض

نفي مبدأ القوة والصراع

الحملات الوطنية الثورية في اظهار الحقائق التاريخية التي شوهت تاريخنا وكشف ماخفي منها بالأساليب الفنية السابقة وأسلوب المعايشة والبحث العلمي والتنقيب والاهم من ذلك الحوار الديمقراطي وترك مبدأ الحوار بالسلاح

ظهرت ثقافة شعبية لم ترها الكتلة التي تحاول فرض سيطرتها, هي الثقافة المجتمعية للثورة والتي تختلف تماما عن ثقافة الثورات العسكرية المسلحة وهذه هي التي ستحقق النصر للثورة وستدعم استتاب السلم وستحقق التغيير الحتمي؟

ان ظنت الكتلة المتسلطة من عسكر ومشايخ ومدعي دين ومنتحلي علم ممن لايحمل تاريخهم الا اللصوصية بأوضح صورها والخيانة الوطنية والإجرام انها قد التفت على الثورة الجماهيرية فهذا ظن خاطئ والانشطة الثقافية والاعتراضات القائمة سلميا بكل أشكالها لابد ستصل بهم الى المحاكم بالأسلوب المعارض السلس والسلمي في كشف الحقائق.

تحية لثورة 11 فبراير 2011

تحية للثوار الذين مازالوا يقفون في خطوط المواجهة نساء ورجال يد بيد

تحية للجرحى الذي مازالت جروحهم تدعونا لمواصلة الثورة

تحية للشهداء الذين حمونا بصدورهم وحموا مستقبل اطفالنا

تحية لكل أسرة قدمت شهيد على هذا المدى الطويل من الحكم الدكتاتوري الظالم

تحية لشعب اليمن الذي لن يسمح بوأد ثورته بعد ان أعلنها على الملا:

ان صوت الشعب أقوى من صوت البندقية

"ثورة يايمن السعيدة" سلمية سلمية سلمية.