من كهوف الظلام إلى صدور الأبرياء.. كيف يُصاغ القهر؟
بقلم/ حافظ مراد
نشر منذ: يوم واحد و 3 ساعات و 12 دقيقة
الجمعة 11 إبريل-نيسان 2025 08:14 م
  

منذ أن اجتاحت جماعة الحوثي الإرهابية العاصمة صنعاء، لم تعد الحياة في اليمن كما كانت، بل انقلبت إلى كابوس مرعب يعبث بكل ما هو إنساني ومدني وأخلاقي، لم تترك هذه الجماعة شيئاً إلا ودنسته، فاستباحت الساحات، وصادرت الحقوق، واغتالت الحريات، وتجرأت على البشر والشجر والحجر على حد سواء، فكانت آلة هدم لا تعرف معنىً للسلام أو للحياة.

 

لقد أحكمت هذه العصابة الخناق على أعناق الناس، لا بالعدل أو القانون، بل بالخرق والحبال والسلاح، في مشهد أقرب إلى العصور المظلمة، لم يسلم منها أحد، فتحت السجون للنساء، وهو أمر غير مسبوق في تقاليد اليمن واعرافها، وسرقت المال العام والخاص، ودمرت مقومات الحياة، وزرعت الصرخة الطائفية والموت بدلاً من السلام والحوار.

 

 المأساة اليمنية لا تتجلى فقط في الدمار المادي، بل تتعدى ذلك إلى التدمير المنهجي للكرامة الإنسانية، انتهجت الجماعة سياسة الإذلال والإهانة لكل من يقف في طريقها، وأهانت الجميع دون استثناء، من مشائخ القبائل إلى أحفاد بلال، ومن أساتذة الجامعات إلى عمال النظافة، في محاولة لصناعة مجتمع منزوع الكرامة والهوية.

 

فرضت الرعب كأداة حكم، ونشرت الخوف بين الناس كما لو كان قانوناً مقدساً، وكرست التبلد واللامبالاة حتى يصبح وعي المواطن مجرد وعاء أجوف، يتقيأ فيه ما يريده سيد الكهف – ذلك الذي يُعتبر بحق من أقبح الشخصيات التي عرفتها الإنسانية – دون اعتراض أو حتى تساؤل.

 

وتمتد المأساة إلى تفاصيل الحياة اليومية، حيث يمكن رصد أسوأ لحظات الانكسار الإنساني في وجوه أولئك الذين يُجبرون على حضور فعاليات الجماعة الطائفية، تراهم يجلسون بوجوه جامدة، تخنقهم الحسرة ويطاردهم الخوف، لا لشيء إلا لأنهم وقعوا تحت سلطة لا تعترف إلا بالخضوع المطلق والتصفيق الأعمى.

 

إن ما يعيشه اليمن منذو عشرة أعوام ليس مجرد أزمة سياسية، بل هو سقوط مدوٍ لقيم العدالة والحرية والكرامة، وما تمارسه جماعة الحوثي هو مشروع طائفي قمعي، يسعى إلى مصادرة الإنسان ذاته، وتحويله إلى أداة طيعة ضمن آلة الموت والتسلط.

غير أن التاريخ علّمنا أن الكابوس، مهما طال، لا بد أن ينتهي، وأن شمس الحرية لا يمكن أن يغيب نورها إلى الأبد، وان صمت اليمنيين لن يطول بل انه بركان يتحضر.