توكل كرمان: هناك طريقة واحدة فقط لإسقاط انقلاب ميليشيا الحوثي والغارات الخارجية التي تستهدف اليمن إرهاب مرفوض عاجل : قيادي حوثي من صعدة يقوم بتصفية أحد مشائخ محافظة إب طمعا في أملاكه عاجل: أول فوز تاريخي لليمن في كأس الخليج كاد أن يموت هلعا في مطار صنعاء الدولي.. المدير العام لمنظمة الصحة العالمية يكشف عن أحلك لحظات حياته . عاجل لهذه الأسباب تسعى إسرائيل الى تضخيم قدرات الحوثيين العسكرية في اليمن؟ إسرائيل تسعى لإنتزاع إدانة رسمية من مجلس الأمن ضد الحوثيين في اليمن وزارة الأوقاف تكرم 183 حافظاً وحافظة بمحافظة مأرب وزير الأوقاف يدعو الى تعزيز التعاون مع الدول العربية التي حققت نجاحات في مجال الأوقاف رئيس دائرة العلاقات الخارجية بمؤتمر مأرب الجامع يلتقي رئيس المنظمات الأوروبية المتحالفة لأجل السلام غارات جديدة على اليمن
فجأة وبدون سابق إنذار تجد المدينة الصغيرة والتي لا يتجاوز عدد سكانها الستين ألف نسمة تجد نفسها وسط لعبة كبيرة تتجاوز لعبة الثارات القبلية التي طالما عكرت صفو المدينة وجعلت منها مسرحاً لتصفية خصومات القبائل المحيطة بها. هذه القبائل التي أنهكها الثأر وحطم أحلام شبابها تجد نفسها اليوم في معادلة جديدة ومختلفة تماماً حساباتها متداخلة ومعقدة يختلط فيها الثأر القبلي مع العصبية المذهبية الديني بوجود قوة للحوثيين في المدينة، وكذلك بتداخل الحسابات السياسية والثقل الذي يمثله الإصلاح في المدينة، وتكبر اللعبة ليتداخل فيها مصالح القاعدة مع النظام، وفي خضم ذلك يفرك تجار الحروب أيديهم فرحاً بسوق واعد لاستدرار الدعم المادي سواء للوقوف مع المسلحين أو الوقوف ضدهم من مصادر متعددة سواء من الداخل أو من الخارج، وفي وسط هذا التعقيد تكون المدينة هي الخاسر الوحيد حين يتحول أهلها إلى لاجئين ويتوقف نبض الحياة فيها .
لم يكن اختيار رداع ضرباً من العشوائية لتكون الإمارة الإسلامية التالية بعد إمارات أبين فنسيج القبائل المحيطة بالمدينة مزقته الثارات والإقتتال فيما بينها مما يجعل تكوين تحالف قبلي لحماية المدينة والدفاع عنها ليس بالأمر السهل، وهو مما ييسر اللعب علي هذه الورقة ويجعل القبائل تنقسم بين مؤيد ومعارض وذلك حسب الخصومات بين هذه القبائل. كما أن عملية إخراج المساجين التي حدثت يوم أمس من سجن الأمن ومن بينهم أكثر من خمسين شخص متهمين بجرائم قتل يخرج هذه الثارات مرة أخرى ويعيدها لساحات القبيلة لتصفيتها ليزيد من إشعال الفتن بين هذه القبائل ويزيد من خلط الأوراق لتجد القبائل نفسها في دوامة من الإقتتال تحت مسميات الثأر مرة وتحت حسابات المصلحة المادية مرة أخرى. من الناحية الجغرافية فان خروج رداع من حظيرة الدولة يعني عزل البيضاء و أبين عن صنعاء ولا يستبعد ان يسعى هؤلاء المسلحون لاحقاً للسيطرة علي المناطق الواقعة بين " الإمارتين الإسلاميتين ".
تساؤلات كثيرة تطرح نفسها بالنسبة لموقف الدولة من الحدث، فكيف يمكن تفسير دخول مجموعة من المسلحين للمدينة وسيطرتهم عليها خلال بضع ساعات دون أن تحرك قوات الأمن العام والأمن المركزي ساكناً، ثم أن معسكر الحرس الجمهوري لا يبعد سوى بضع كيلومترات والمدينة بأكملها تقع تحت مرى نيرانه فلماذا تترك رداع لتخرج عن التغطية و وأين ذهب حراس الشرعية الدستورية في رداع والذين طالما وقفوا مع نظام صالح!. في اليوم الأول تم السيطرة علي قلعة رداع ومسجد العامرية وفي هذا الوضع لم تقم الدولة بأي رد فعل سوى الإنتظار لليوم الثاني حتى يتم اقتحام الأمن وإطلاق المساجين والسيطرة على بقية الدوائر الحكومية. ولا يمكن تفسير ما يحدث في رداع بمعزل عما يجري في البلاد فبالنسبة لنظام علي صالح فان ثارة الفوضي في أي مكان في البلاد يصب في مصلحته للتملص من الإنتخابات وتأجيلها وبالتالي التخلص من المبادرة برمتها وتبدو رداع برميل بارود شديد الإنفجار ومناسباً لإحداث المزيد من الإرباك والتوترات الأمنية .
يبدو الرهان في هذا الوقت هو علي العقلاء في المحافظة بشكل عام وفي رداع بشكل خاص لإنتزاع هذا اللغم بهدوء قبل انفجاره وتجنيب المدينة كارثة الدمار والهلاك ويتحقق ذلك بادراك الجميع بقذارة اللعبة والتي لن يسلم من شرها أحد حتى وان تصور ذلك مؤقتاً، وتبدو السذاجة في تصور دولة مستقلة في رداع يباع فيها البنزين بالف وخمس مائة ريال وفي نفس الوقت يباع فيها دم المواطن بأرخص من ذلك بكثير. ويبقى التساؤل هل سيثبت أبناء البيضاء عموماً أنهم يجمعون بين أصالة القبيلة وقيمها الحميدة وبين فهم المؤامرات وحفر السياسة وألاعيبها! وهل يمكن أن يقدموا نموذجأ متميزاً في التعامل مع هذا الوضع حتى تقتدي به بقية المحافظات المشابهة! بالتأكيد سيفعلون ذلك .