السعودية توجه ضربة موجعة لقوات الدعم السريع
ابوظبي تخطط لاستثمار 40 مليار دولار في إيطاليا
الكشف عن انطلاق أضخم مشروع قرآني عالمي في السعودية
الطائرات المسيرة واجزائها المهربة الى اليمن وأنباء عن سلسلة إمداد معقدة بين الحوثيين والصين
عاجل : تعرف على الدول التي أعلنت أول أيام شهر رمضان المبارك.. والدول التي ستصوم يوم الأحد
اليمن يعلن السبت أول أيام شهر رمضان المبارك
للمرة الأولى عالمياً.. دولة خليجيه ترصد هلال رمضان بطائرات درون
المنطقة العسكرية الثانية توجه تحذيرا شديد اللهجة لحلف قبائل حضرموت وتحركاته العسكرية
ماذا تصنع الطائرات الأمريكية المسيرة إم كيو-9 فوق مناطق سيطرة المليشيات الحوثية .. وكيف خضعت الصواريخ الروسية للجيش اليمني السابق للتطوير على يد إيران ؟
أول تعليق من الحكومة اليمنية على دعوة السعودية لضم اليمن إلى عضوية مجلس التعاون الخليجي ..
كتبت قبل شهر منشورا في صفحتي على الفيسبوك بعنوان (لصوص في زمن الكوليرا) تناولت فيه تقاعس وضعف الحكومة (الشرعية) تجاه الظروف الإنسانية التي يقاسي منها أغلب المواطنين في حين يتمتع فيه منتسبوها مع أسرهم بحياة آمنة مريحة خارج البلاد، منهمكين في ترتيب أوضاعهم الخاصة وتجاهلوا معاناة الناس في الداخل والخارج ما أفقدها الثقة بالقدرة (وربما الرغبة) على القيام بواجباتها الأخلاقية والوطنية.
الأسبوع الماضي أقامت جامعة صنعاء (نعم الجامعة) التي يتحكم في إدارتها مناصرو (جماعة) أنصار الله ــ الحوثيين ما أطلقت عليه (الذكرى السنوية لأسبوع الصرخة) تحت شعار (الصرخة وتأثيرها على واقع ومستقبل الأمة)، وقدم المشاركون أوراق عمل حول (أهمية الشعار ودوره كسلاح مهم في مواجهة الحرب النفسية وفضح عملاء أمريكا ومرتزقتها)، وكان مؤلما انتهاك هذا الصرح العلمي للترويج لأغراض سياسية لا تلزم إلا المقتنعين بها ولا علاقة لها بالواقع البائس الذي يعيشه أكثر من 90٪ من المواطنين بسبب الانقلاب على الدولة من طرف وتقاعس الطرف الآخر عن أداء مهامه الأخلاقية والوطنية.
كانت الصور التي نشرت مخزية ومؤسفة؛ إذ أظهرت حضورا لأساتذة كنّا نفترض فيهم احترام المقام الذي ينتمون إليه وأنفقت الدولة عليهم أموالا طائلة ليدرسوا في أرقى الجامعات كي يعودوا لتدريس أجيال جديدة علوما مفيدة لمستقبل الوطن، لكنهم انتهوا بالجلوس منصتين ومشاركين في محاضرات حول (الصرخة) التي كانت شعار الخميني لحشد الجماهير في بداية حركته ضد الشاه، لكن الإيرانيين توقفوا عن استخدامها لسذاجة الشعار وعدم تحقيقه لشيء أكثر من تحريك المشاعر وحقنها بجرعات تملأ جماجم أتباعها، لكن (جماعة) أنصار الله تواصل استخدامه بديلا عن شعارات حب الوطن والحرص على حقوق الناس واحترام حرياتهم، كما أنها صارت تعتبره شهادة العبور لمن يريد الاستفادة من سيطرتها على مؤسسات الدولة وسطوتها على مقدرات البلاد التي تتمكن منها.
بداية فأنا لست ضد الشعارات التي ترفعها أي جماعة سياسية مهما بلغت سذاجتها وابتعادها عن الواقع وتلبية احتياجات الناس النفسية، ولست معترضا على أي تجمعات تدعو لتبنيها في حدود ما هو متاح لغيرها، لكن ما ليس مقبولا ولا يجب السماح به هو استغلال السلطة لتحويل المسجد والجامعة ساحات للترويج المذهبي والسياسي، ونحن نتذكر الاعتراضات التي وجهت إلى حزب الإصلاح لاستغلاله غير القانوني للمساجد ليروج لأفكاره وللمذهب الذي كان منتسبوه يؤمنون به وكذا استغلالهم لسيطرتهم على ما كان يعرف بالمعاهد العلمية التي كانت أبعد ما يكون عن العلم المفيد للمجتمع، واليوم تمارس جماعة أنصار الله ما كانت تشكو منه وبدأت بمسيرة ممنهجة للسيطرة على مدخلات العملية التعليمية وإجراء تعديلات بالحذف والإضافة وفرض نصوص تدعو لتمجيد فئة اجتماعية بعينها.
ما لا تدركه (الجماعة) أن العملية السياسية بالوسائل القسرية تنجح في إخضاع المجتمعات لفترة قد تطول أو تقصر بحسب الوعي المجتمعي وقدرة احتمال المعارضة السياسية الجمعية للمضايقات والملاحقات والقهر، لكن الخطر الداهم المدمر هو في انتقال الصراع إلى الحالة المسلحة فقط؛ لأن السيطرة على مخرجاته تصبح غير ممكنة، إذ تنشأ جماعات متناثرة غير منضبطة وغير خاضعة لقيادة تعي المستحقات المستقبلية التي تنتج عن العبث المقرون بالبطش.
دافع يمنيون عن مبدأ تواجد جماعة أنصار الله في مسار العملية السياسية وكانوا يتصورون أن دخولهم إلى المعترك السياسي سيكون تدشينا لتخليهم عن استخدام السلاح لغة للتفاهم مع خصومهم، لكن الجلي هو أنهم تمرسوا عليه وصار وسيلتهم الوحيدة للتعبير عن مواقفهم والتعامل مع مخالفيهم، وهو مسار يفسح المجال أمام منائيهم لمقاومتهم بنفس الأدوات المتخلفة بعيدا عن الحوار ومتطلباته.
كثيرون وأنا منهم مازالوا يأملون أن تتوقف (الجماعة) قليلا لتراجع تصرفاتها وخطابها وعبث وفساد أتباعها، وأن يحاول قادتها التواضع قليلا وقراءة تاريخ اليمن الدامي وأحداثه المحزنة وأسبابها، وإن فعلوا فلربما تمكنت من استعادة رشدها السياسي، وتوقفت عن القسوة المفرطة تجاه أبناء وطن يعيشون فيه جميعا، قد يخضعون لفترة ولكنها لن تطول وستكون عواقبها أشد كارثية مما شاهدنا خلال الأعوام الثلاثة الماضية وستدرك أي منقلب سينقلبون وسيكون الثمن باهظا.