عبدربه في مواجهة الحقائق الفاجعة
بقلم/ عبدالقوي الشامي
نشر منذ: 12 سنة و 8 أشهر و 6 أيام
الجمعة 24 فبراير-شباط 2012 06:42 م

ما الذي يبعث العاهل السعودي والعم سام على الدفع بالعم عبدربه لـ (الرقص على رؤوس الثعابين) على حد التعبير الذي درج صالح استخدامة! هل هو الأقتناع بمقومات الرجل القيادية, لادارة شئون اليمن, بعد ان تركه صالح وقف للقبائل والعساكر؟ وهل اعتمد الدفع على قناعه بلملكات الرجل في التعامل مع تعقيدات البيئة القبلية الشمالية التي شكلها صالح بالدم والدموع؟ ام ان هذا الدفع الكاسح استند على مكانة الرجل في الواقع الجنوبي الذي يموج بالحركة المناهضة لنزعة السيطرة والتهميش وعلى قدرته في اعادة اللحمة التي دمرها صالح بتأني طوال 18 عام خلت؟ ام ان المؤشرات تدل على ود للرجل في قلوب الصعداويين سيعتمد عليها في حلحلة مشكلة الحوثيين واعادة تبعية صعدة لصنعاء قبل ان يقع فأس الولي الفقيه في رأس مذهبية اليمن؟

الأجابات على كل ما ورد اعلاه يمثل النصف الفارغ من كأس الرجل اما نصف كأسه المترع, فالحق يقال بان ايادي الرجل غير ملطخة بالدماء التي سفكت بعد العام 1994م, ومظهر الرجل ينضح بالرغبة الصادقة وبالنوايا الخالصة لكن تصاريف الأقدار لا تستجيب للنوايا ولا للرغبات, بل لترجماتها العملية في مجريات الأحداث, وهنا رصيد حضور الرجل, لم يكن ذا شأن منذ ان عين نائبآ لصالح, بعد حربهما على الجنوب, الاّ ان ما يحسب له أنه لم يكن من اصحاب معركة الشارع بالشارع او الساحة بالساحة, كما لم يكن من رافعي شعار مواجهة التحدي بالتحدي وهذا المؤهل الذي جعله محل وفاق الاطراف المصترعه على كعكة الحكم في صنعاء منذ مايزيد على العام, وهناك مؤهل اختيار اخر هو انتماءه للجنوب, الاّ ان ما حدث خلال الأقتراع في الشارع الجنوبي, يؤكد بالملموس انه لم يعد هناك طعم ولا رائحة لجنوبية الرجل في الجنوب!

ومع ذلك, وبعيدآ عن تبخيس الرجل انتماءه وهذا الدعم المحلي, العربي والدولي المنقطع النظير, لعلي اجزم بأن الكثير من المراهنين عليه, قد سمع بالأسم لاول مرة, في 23 نوفمبر 2011م, اثناء التوقيع على الأتفاقية الخليجية, وان بعض هذا الكثير ما زال يطلق عليه اسم/ "عبدالرحمن منصور" وليس عبدربه منصور, وانا هنا, لا اريد ان اقلل من مكانة الرجل في عيون مريديه, فالأمال المعلقة عليه اكثر من الكثيره, واكبر من الكبيرة, كما اجدني متفاءل بالأسم, علّ لصاحبه به نصيب, ولكن الآمال شيء والحقيقة شيء لا يخفى على كل ذي بصيرة؟

نعود للعاهل السعودي الذي يريد من عبدربه سحب البساط الأيراني من صعده او على الأقل منع تمدده خارج المحافظة, وقبل ذلك وبعده منع الجوع اليمني من التسلل الى الاراضي السعودية, ويشترك مع العم سام في رغبة التخلص من ناصر الوحيشي, اما قائمة مطالب الأول, فاطول من قائمة معوناته بكثير, والمطلب الملح هو ابقاء سماءات البلد على مقاس (زوم) عدسة البنتاجون, وملء شاشات الرادارات الامريكية بذات الـ (بنط) الذي ارتسم في الحقبه الـ (صالحية), لهذا لم يكن مفاجئآ وجود السيد/ جون برينان, مستشار الرئيس الأميركي باراك أوباما لشؤون الإرهاب, في اليمن عشية الاقتراع, لوضع اللمسات الاخيرة على عملية التصويت, كما لم يكن مفاجئآ تأكيده على إعادة هيكلة القوات المسلحة", اي ان المهمة الأنتقالية في المفهوم الامريكي ستكون امنية بأمتياز, وعلى اصحاب الأتفاقية المزمنة بلائحتها التنفيذية, تدوير عجلة الاقتصاد اذا ارادوا تجنب زحف البطون الجائعة شمالآ وشرقآ.

الرئيس الأنتقالي, المدلل من قبل الجميع لم يكن في الحسبان ان يكون على ما هو عليه ولكن هذا هو عبدربه قد تخطى عتبة الٌقصر الجمهوري ..ومع ذلك فالكل يدرك بأن الدلال المطلق بالنتيجة يكون فسادآ مطلقآ, لكن لا غضاضة طالما وهو من النوافل, اما اذا اصبح من الفروض ففيه خميرة لتجبّر صالح وفساد نظامه واعادة العركة مرة اخرى على نحو اكثر فجائعية .. علمآ بان التدليل في مرحلة الطفولة هو الاصل اما في مرحلة الشيخوخة فهو الاستثناء, والعم عبدربه يعيش الاستثناء, ولكن هيهات لزمن الأستثناء ان يطول, فموعد تصادم الاجندات قادم لا محالة, انئذ سيحل الضرب تحت وفوق الحزام محل التدليل.

لذا فمهمة الرئيس الانتقالي المرجوة شعبيآ, هي الدفع بكل الاجندات الداخلية والخارجية للتوائم مع الاجندة العامة للشعب, بمختلف مكوناته, والرجل ادرك ذلك جيدآ عندما قال عشية الاقتراع: ان (ما هو مؤكدٌ أننا لن ندفِن رؤوسنا في الرملِ بغرضِ عدمِ مواجهة الحقائق مهما كانت فاجعة حتى نتمكن من معالجتِها كما أننا لن نبيع الوهمَ لمواطِنينا لأننا نريدُهم أن يكونوا معنا لا خلفنا لِكَي نبني بلدنا)

المهمة بالفعل فاجعة واكثر من فاجعة والـلاعبين بالفعل اكثر من اشقياء, فهل يستطيع الرئيس الأنتقالي احتواء الشقاوات وان يواجه اصحابها, بحزم اذا اقتضت الظرورة ذلك ومن اجل أن يكون بالفعل رجل المهمات الشاقة؟ ام يأخذها من اقاصيرها ويكون فقط رئيسآ للأشقياء كما عملها صالح بالفعل طوال 33 سنة, وعلى كل حال من المبكر التأكد بالفعل من ان الرئيس الانتقالي قد انتصر للشعب على حساب الاشقياء كما وعد عشية الاقتراع, ولكن غدآ لناظره بقريب!!