إيران هي لعنة الشيطان على العرب
بقلم/ بكر احمد
نشر منذ: 17 سنة و 4 أشهر و 8 أيام
الأربعاء 27 يونيو-حزيران 2007 06:02 م

مأرب برس - خاص

حين قال الصحابي الجليل عمر أبن الخطاب : اللهم أجعل بيننا وبين فارس جبل من نار ما كانت تلك الدعوة إلا نبوءة عن معرفة تامة بنوعية وثقافة وتطلعات تلك القومية ألتي رأت فجأة أن حضارتها قد هوت على أيادي مجموعة من العرب للتو بدؤوا ببناء دولتهم ، وأن كانت فارس هوت تحت ملحمة حربية سميت آنذاك بمعركة القادسية وضرب عمر ابن الخطاب ملوك العرب بملوك العجم وحقق نصرا عظيما إذ سحق أكبر حضارة قائمة في ذاك العصر إلا أن الفرس ظلوا ومازالوا ينظرون للعرب بأنهم قومية أقل منهم حضارةً وتاريخا.

ولعل أهم تحول تاريخي حاول فيه الفرس وعلانية التقليل من شأن العرب بعد هزيمتهم في القادسية هي ما سمي آنذاك ( بالشعوبية ) والتي تجلت بوادرها في العصر الأموي وكانت أكثر وضوحا في العصر العباسي حيث أن الشعوبية كتعريف لغوي حسب القاموس المحيط (والشعوبي بالضم محتقر أمر العرب وهم الشعوب) وحسب الانسكلوبيدية البريطانية هي ( الشعوبية بأنها كل تجاه مناوئ للعروبة  (
وقد تصدى لها الجاحظ في كتابة البيان والتبين والذي تحدث كثيرا عنهم بعد أن صاروا يجاهروا علانية بشتم العرب في مجالسهم وقصائدهم بل أنهم قد ألفوا كتباً متخصصة بإهانة العرب مثل كتاب الشاهنامه (ملك الكتب) وكان معظم ما فيه تحقير للعرب وتعظيم للفرس وأيضا كتب مثل "
لصوص العرب" و"مثالب العرب" و"أدعياء العرب ".
إذ يظهر من خلال تلك الكتب النّفس الساساني الذي فقد دولته ولم تهذبه أخلاق الدين الجديد الذي أعتنقه .

وتجلت أخيرا هذه الشعوبية بصورة التمذهب والدين إذ تمت مصادرة مذهبا كان في أساسه عربيا ليتغلف به الفرس ويلتحفوا بعباءته فكانت الصفوية تلك الدولة ألتي يعرفها الدكتور علي شريعتي الذي اغتيل قبل الثورة الخمينية بسنتين مستندا بأنها مبنية على الشعوبية بقوله ( وبغية ترسيخ أفكارها وأهدافها في ضمائر الناس وعجنها مع عقائدهم وإيمانهم
عمدت الصفوية إلى إضفاء طابع ديني على عناصر حركتها وجرّها إلى داخل بيت النبي إمعانا في التضليل ليتمخض عن ذلك المسعى حركة شعوبية شيعية، مستغلة التشيع لكي تضفي على الشعوبية طابعا روحيا ساخنا ومسحة قداسة دينية، ولم يكن ذلك الهدف الذكي متيسرا إلا عبر تحويل الدين الإسلامي وشخصية محمد وعلي إلى مذهب عنصري وشخصيات فاشية، تؤمن بأفضلية التراب والدم الإيراني
والفارسي منه على وجه الخصوص ) ، وهذا التعريف بالضبط هو ما ينطبق على الدولة الإيرانية القائمة الآن ، وأنها تمارس هذا الدور عبر قنواتها الفضائية المنتشرة كالفطر والتي لا تأولوا جهدا في وصف العرب بأنهم من أكثر الأمم نقضا للمواثيق والعهود وبأنهم مجرد عملاء وتابعين وتتفشى في مجتمعاتهم مختلف الأمراض الأخلاقية والإتكالية بغية تأكيد مكانتهم الأكثر علوا رغم أنه لديهم دولتهم وكيانهم المستقل فصار الأمر وكأنه مرضا تاريخيا في عقلية الفارسي لدرجة أنه بات من الصعوبة تغيرها أو تعديلها وباتت النموذج الحقيقي للشوفينية العرقية والتي تضطهد حتى الشيعة العرب الذين يعتبرون موطنون إيرانيون من الدرجة الثانية في الأهواز.

من المؤسف أنه وفي وقتنا الحالي لا يوجد إلا مشروعين ثقافيين وعسكريين ألا وهما المشروع الأمريكي والذي له معسكره والمشروع الإيراني الذي له معسكره هو الآخر ، إلا أن إيران وحتى اللحظة تبدوا متفوقة في المنطقة إذ أظهرت وجودها القوي في العراق وفي لبنان وهنالك من يدعي أنها أيضا موجودة في فلسطين واليمن وقد سمعنا قبل فترة من الزمن عن عمليات تبشيرية مذهبية في مصر ناهيك عن وجودها الأصيل في الخليج العربي إذ يمتاز سكان تلك المنطقة بولائهم الكبير لملالي قم في كثير من الأحيان على حساب أوطانهم وعروبتهم ، ولم تبدوا لنا الصورة بهذا الوضوح إلا بعد أن سقطت بغداد لنتأكد حينها بأنه فعلا كان العراق يدافع عن بوابة العرب الشرقية فتغول الفرس بعدها بشكل أكثر علانية إلى حد أن يخرج أحمدي نجاد محذرا العرب من التلاعب بالقضية الفلسطينية بينما لا يذكر لنا التاريخ أي شي قام به الفرس من أجل هذه القضية على أرض الواقع والميدان ، بل بات من الطبيعي أن ترى القنوات الفضائية الإيرانية الناطقة بالعربية أو القنوات العراقية الصفوية الموالية لإيران تفتح برامج خاصة في ذم القومية العربية وبأنها هي من ضيعت فلسطين وبأن التنادي بالعروبة دون سواها من القوميات هي كفر ومخالف للدين الإسلامي بينما لا يتطرقون لفارسيتهم وكيف يتعصبوا لها في إيران على حساب باقي القوميات الأخرى الموجودة لديهم ، حيث أن الدستور الإيراني ينص على المساواة بين جميع القوميات وبأنه من حق كل قومية أن تّدرس شعوبها بلغتها ، لكن كل هذا غير موجود والتفريس قائم على قدم وساق .

أن مظهر تلك العمائم السوداء والتي تبرز لنا اسواء أنواع الدولة الثيوقراطية _ الدينية _ منذ قيامها كثورة أكلت أولادها وحتى الساعة لم تنتج إلا تقيحات طائفية قومية كانت بدايتها منذ أكثر من ألف وأربعمائة عام وتعيشها تلك العمائم وكأن أحداثها تدور الآن ، كما أن هذه الدولة الدينية الشوفينية تمارس نوع من النفاق السياسي ألذي يضرب عرض الحائط بكل تلك المبادئ والشعارات ألتي ترفعها، فهي وأن كانت تدعي السعي نحو التقريب بين المذاهب نجدها ومنذ سنين طويلة وحتى الساعة تحافظ على قبر قاتل الخليفة العادل عمر أبن الخطاب وتجعله مزارا ليتبركوا ويتمسحوا به بل ويترضون عليه كما أن يوم مقتل عمر أبن الخطاب هو يوم عيد ديني رسمي معروف لديهم ناهيك عن الشتائم المكررة حول رموز دينية سنية بشكل من يسمعه يشك بأن هنالك فعلا رغبة نحو التقريب بين المذاهب ، ثم أنها ترفع شعار محاربة الشيطان الأكبر وكانت هي الأكثر ترحيبا وتعاونا مع الأمريكان في العراق ومازالت تستقبل أكثر حلفاء واشنطن قربا أمثال الجعفري والمالكي والحكيم إلى نهاية تلك القائمة المعروفة بأن كل أوامرها تؤخذ من طهران ، والسيستاني رجل الدين المحسوب عليهم وذو الأصول الفارسية يصر على عدم إصدار أي فتوى للجهاد بل أن القنوات الإيرانية الإعلامية تسمي أي مقاومة ضد الاحتلال الأمريكي في العراق بأعمال إرهابية سلفية صدامية بعثية.

ليس بالضرورة أن رفض المشروع الإيراني الصفوي الناقم علينا عرقيا وتاريخيا يعني الإنطباح أمام الهيمنة الأمريكية ، بل ليس من الحصافة بشيء أن ينجح المحسوبين على المشروع الأمريكي باستقطابنا بسبب التنمر الإيراني الحالي ، وعلنا نستطيع أن نستخدم فتوى ملالي قم الذين هم أنفسهم أصدروها لأتباعهم حين غزت أمريكا العراق بـ( اللهم أضرب الظالم بالظالم ) وبما أننا نحن العرب لا نملك أي مشروع رغم أن كل الأحداث تدور في منطقتنا ، فلا أحد ملزم بأن ينحاز لطرف مع الآخر لأنهم وفي نهاية المطاف إيران وأمريكا أعداء لديهم مصالحهم التي تأتي دائما على حساب و مصالح العرب ، وحتى نصل إلى مشروع عربي حقيقي وفعلي يقوم على الإرث القومي ويتلاءم مع العصر والواقع ، نسأل الله السلامة وأن لا نُمزق أكثر مما نحن ممزقين ، وكلي يقين بأن الأمة العربية ما وجدت إلا لتبقى ولتقوم بدورها الطليعي المعتاد حتى وأن طالت سنين نكستها .

  Benziyazan@hotmail.com