السلام مع الكرامة في اليمن.. هل يمكن إيقاف دوامه الحرب ؟
بقلم/ جين نوفاك
نشر منذ: 14 سنة و 6 أشهر و 10 أيام
الأحد 25 إبريل-نيسان 2010 07:49 م

ان جميع حروب صعدة الستة في اليمن هي نسخة من صورة واحدة ، باستثناء ان عدد القنابل أصبح أكبر و الأطفال أصبحوا أكثر معاناة والسجون أكثر ازدحاما. لقد منعت الحكومة اليمنية الغذاء والدواء والمساعدات الدولية للمدنيين في محافظة صعدة شمال البلاد كأسلوب للحرب منذ حرب عام 2004 اما القصف العشوائي للحكومة في حربها الثانية عام 2005 فقد شرد أكثر من 50،000 من المدنيين. وبحلول نهاية الحرب الخامسة فقد شردت 120، 000 لاجئ. اما الحرب السادسة التي بدأت في آب / أغسطس 2009 فان القصف اليمني السعودي المشترك هدم أكثر من 9000 مبنى بينها المساجد والمدارس ، وقرى بأكملها مع وقف إطلاق النار في شباط / فبراير 2010 ، كان عدد اللاجئين الداخليين قد وصل الى ربع مليون نسمة. وقد دعت هيومن رايتس ووتش إلى إجراء تحقيق في احتملت جرائم الحرب.

أفرج الحوثيون في شباط / فبراير عن 178 مدني وعسكري كانوا محتجزين لديهم ، واعادو عدد من جثث الجنود السعوديين أيضا.

و أعلنت اليمن بالإفراج عن 161 من المعتقلين الحوثيين لكن المنظمة اليمنية للدفاع عن الحقوق والحريات الديمقراطية: قالت بانها تم أطلاق سراح 32 معتقلا فقط من أصل 2,000

ان فشل الدولة للإفراج عن السجناء من الحوثيين تدفع إلى احتمالات وقوع الحرب السابعة وأوضح الدكتور عبد الله الفقيه ، أستاذ العلوم السياسية في جامعة صنعاء قائلا " في الحقيقة أن النظام لا يزال يحتجز السجناء من الحوثيين وهذا يعني أن المتشددين داخل النظام ما زالوا يخططون لجولة جديدة من الحرب.

وأضاف قائلا : " مع انضمام الحوثي إلى اللجنة التحضيرية للحوار الوطني ، فإن احتمالات نشوب حرب جديدة يبدو أكبر ".

وأشار السياسي المعارض حسن زيد بان التقديرات تشير إلى أن نحو 1000 سجينا ما زالوا في السجن مع 500 من المختفين "، ومعظم من يتم القبض عليهم هم من الأبرياء... وأضاف بأنه تم اعتقاهم لمجرد انتمائهم إلى المذهب الزيدي أو الهاشمي" . وتشير تقديرات بان أعداد السجناء ممكن ان تصل إلى 3000 سجين .

تاريخ من الوعود

وكان هنالك عدد من المقاتلين الحوثيين أو المارة الأبرياء في السجون و لسنوات طويلة ، على الرغم من أن نظام صنعاء أعلن مرارا بالإفراج عنهم . و بعد وساطة مايو 2005 وعد الرئيس اليمني علي عبد الله صالح رئيس الجمهورية لإطلاق سراح ما يقرب 600 شخص من السجون بدون توجيه اي اتهام لهم وأصدر مرسوما بالعفو في 25 سبتمبر 2005. وفي يوم 3 مارس 2006 أعلنت وسائل الإعلام الحكومية اليمنية بالإفراج عن 630 سجينا بعد زيارة 80 برلمانيا صعدة.

و ذكر منتدى الشقائق العربي في 22 مارس 2006 " بان أقارب المعتقلين ذكروا لنا انه تم الإفراج عن 150 معتقلا فقط إلى حدا ما". وفي نيسان / أبريل 2006 ذكر زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي قائلا بان الحكومة اليمنية ألقت القبض على عدد من أتباعه تماما بعد شمولهم بالعفو وهم عائدون الى مدنهم بعد . وأضاف انه تم إطلاق سراح أكثر من 80 من أتباعه. وكانت بقية السجناء المفرج عنهم من ضحايا الاعتقال التعسفي الذي ليس له علاقة بقوات الحوثي.

وكان تبادل للأسرى أيضا جزءا من اتفاق السلام الذي تفاوضت بشأنه قطر لإنهاء الحرب الرابعة في حزيران / يونيو 2007. و أفرج الحوثيون عن 96 من سجناء الحرب خلال شهر رمضان في أيلول / سبتمبر. 20 أيلول / سبتمبر ، على الرغم من ان تعليمات الرئيس التحريرية للإفراج عن 500 من مقاتلي الحوثي فقد تم الإفراج عن 67 فقط بالإضافة إلى العديد من المواطنين الأبرياء .

أعلنت الحكومة اليمنية في عام 2008 مرارا وتكرارا أن أطلق سراح 380 من السجناء، ولكن العديد من السجناء لم يتم إطلاق سراحهم إلا قبل سنه. وقد تعرضت لجنه تقصي الحقائق المعينة من قبل الحكومة الى السجن بعد نشرها تقرير بانه لم يتم الإفراج عن معتقلي عام 2006 رغم وقف إطلاق النار.

الاعتقالات التعسفية

وراء اعتقال وتعذيب المقاتلين من الحوثيين في كثير من الأحيان ، فإن الدولة تشارك في "اعتقالات وقائية" على أساس الهوية الدينية أو الموقع الجغرافي أو الروابط العائلية. هيومن رايتس ووتش على نطاق واسع يصنف السجناء المدنيين من المذهب الهاشميين أو الزيدي ، أو التنقل في المناطق الساخنة أو من يشتبه في تعاطفهم مع الحوثيين. كذلك ألقي القبض على الصحفيين بعد كتابه تقاريرهم .

وذكرت صحيفة يمن تايمز مايو 2005 ، " ان الحكومة وقوات الأمن تجتاح القرى للبحث عن المشتبه فيهم وتطلب منهم عزل الذكور والخروج لتسليم أنفسهم... والسجون تكتظ في صعدة مع المئات من المشتبه بعلاقتهم مع الزعيم الحوثي والبعض يقول بان هنالك الآلاف من المشتبه بهم و لم تثبت أي تهم واضحة ضدهم وحتى لا توجد لديهم صلات مع الحوثيين. "وقد استمر هذا المشهد خلال عام أيضا 2009.

على سبيل المثال أطلقت منظمه الكرامة لحقوق الإنسان نداء من مقرها في جنيف في أيلول / سبتمبر 2007 بالإفراج عن 47 من الإحداث المحتجزين منذ أكثر من عام في السجن المركزي في حجة. وقالت المنظمة ومقرها جنيف في اليمن ان الأمن السياسي قد اعتقلت بشكل عشوائي حتى الأبرياء من أبناء الطائفة الزيدية . وأدلى السجناء / من الشيعة / في حجة بأنهم رفضوا أن يفطروا تفارق خمس عن الوقت الذي يفطر به حراس السجن ، وكانوا مقيدين في السلاسل وسبق لهم ان تعرضوا للضرب .

و هنالك ستة أفراد من عائله تامي الذين اختفى منذ أكثر من ثلاث سنوات مع خمسة من عائلة مؤيد تم العثور عليهم مؤخرا في سجن الأمن السياسي في محافظة حجة. و عثر هنالك 28 رجلا من دون تهمة في غضون العام الماضي بعد فتره إعلان السلام في شباط / فبراير 2010. وقالت مصادر عدة أن عمليات الاعتقال التعسفي في صعدة مستمرة على الرغم من اتفاق السلام الأخير.

وناشد الأطفال من بعض المعتقلين إلى الرئيس صالح في الأسبوع الماضي ، وعرض رسومات لآبائهم المفقودين. وكان عنوان الاجتماع، الذي نظمه منتدى إعلاميات والمنظمة اليمنية في صنعاء، "لدي الحق في العيش مع والدي." وفال علي الديلمي مسؤول التجمع ، ان بعض الأطفال لم ير آبائهم منذ سنوات. ان عمليه زج الأبرياء في السجون يقلل من شرعية الدولة وتذكي التوترات داخل المجتمع اليمني .

وهنالك الكثير من الأطفال في السجون اليمنية ويخضعون للتعذيب الروتيني .وقد أجرى احمد سيف حاشد عضو مستقل في البرلمان عام 2007 مسح للسجون ووجد 16 من الأحداث ، والذين تتراوح أعمارهم بين 10 إلى 16 ، في سجن الأمن السياسي في الحديدة القاعدة واللذين اعتقلوا بصورة تعسفية بالإضافة إلى اعتقال الأطفال في ضوء حرب صعدة .

وقال في مقابلة احد القاصرين يبلغ 12 عاما من العمر ويدعى نبيل بأنه تم اصطحابه من صفه الدراسي إلى السجن. "لقد تعرضت للضرب من قبل الجنود والضباط بالعصي وأنا مكبل الأيدي و ضربوني وعلقوا جسدي للأسفل ". وذكر حسين إلى السيد حاشد البالغ 13 عاما قائلا "لقد تعرضت للضرب وأنا مكبل اليدين و ضربوني قبل استجوابي و رأيت سجين آخر يدعى قاسم أغمي عندما كان رأسه ينزف. ونزعوا ملابس بعضنا وأخذوها بحوزتهم ".

المجاعة في زمن السلم

ليس الأطفال المعتقلون فقط هم المهددين بالموت لكن عشرات الآلاف الأطفال في صعدة على وشك الموت جوعا بينهم طفل يدعى حسن يبلغ من العمر سنتين فقط. وهنالك أطفال رضع يعيشون في كهوف مع أمهاتهم الحوامل وجداتهم ومع باقي أفراد الأسرة الآخرين واللذين دمرت منازلهم في الحرب الخامسة وفي أحسن يوم للطفل حسن على سبيل المثال يستطيع فقط ان يأكل القليل من الخبز ويشرب الماء القذر.

وهذا الطفل عندما يسمع طائرة يقع على الأرض، ويغطي رأسه خوفا ورعبا. وقد وجدت دراسة صندوق الأمم المتحدة للطفولة في عام 2008 ، قبل اندلاع الحرب السادسة بان 92 ٪ من أطفال صعدة عرضه او في خطر نتيجة الصراعات المسلحة. معظم يعاني من أعراض اضطراب وإجهاد ما بعد الصدمة ، على نفس مستوى سكان في فلسطين والنيبال.

و في الحرب السادسة قتل العشرات من الأطفال في منازلهم ، وفي الأسواق وفي مخيمات اللاجئين من قبل القوات السعودية واليمنية والكثير عانى من المجاعة وسيعانى الكثير منهم .ومن بين 250،000 مهجر داخليا ، هناك فقط 30،000 في المخيمات للاجئين للأمم المتحدة التي تنقصها الكثير من الخدمات .

الأمم المتحدة تحتاج إلى نحو 40 مليون دولار لمواصلة توزيع حصص غذائية لإنقاذ الحياة في صعدة إلى ما بعد حزيران / يونيو. على الصعيد الوطني، أكثر من مليوني نسمه يعتمد على المساعدات الغذائية للأمم المتحدة.وقد أعلنت الولايات المتحدة منحة قدرها 4.8 مليون دولار من المواد الغذائية وزيت الطهي لليمن بينما تهدف لى التبرع القوات اليمنية الخاصة بطائرات لنقل العسكري تقدر قيمتها 39 مليون دولار. اما الجهات المانحة الأخرى في اليمن فلم تتبرع لصندوق الأمم المتحدة . وقد اختلس المسؤولين الفاسدين في اليمن الملايين من الدولارات المقدمة كمساعدات أغاثه.

ان ثلث سكان اليمن يعانون من سوء التغذية مع التلويح والتي سوف يؤدي إلى تعقيد الأزمة. فشل اليمن في وقف إطلاق النار عدة مرات منذ عام 2004 : لا يوجد إعمار أو إعادة الإعمار وانسحاب الجيش وفك الارتباط بعد الحرب لم يتم يعد .

تحتاج الدولة إلى وضع تدابير لبناء الثقة مع الحوثيين للحفاظ على السلام الهش للحفاظ على المصلحة الوطنية.

ورغم ذلك ان لم يكن مئات فهنالك الآلاف من السجناء المتمردين والأبرياء داخل السجون اليمنية والاعتقالات مازالت مستمرة .

فان نظام صنعاء الذي يحصل على التمويل المالي من الغرب ممكن ان يعيد ماكنه الحرب مع الحوثيين لاختلافه معهم أيدلوجيا ، ويبدو ان الجهات المانحة الغربية لا تملك اي إستراتيجيه واضحة في اليمن ومن الواضح بأن اليمنيين هم أنفسهم فقط من يعرف كيف يتفادى الكارثة التي تلوح في الأفق و تهدد البلاد .

*الكاتبة الأميركية الخبيرة بالشأن اليمني

*ترجمه جاسم محمد