سقطرى :ما الجديد .. وما المطلوب ؟!
بقلم/ امين درهم
نشر منذ: 11 سنة و 10 أشهر و 28 يوماً
السبت 08 ديسمبر-كانون الأول 2012 04:38 م
 

عشنا لسنوات نتغنى بجمال سقطرى وأرخبيلها الذي جمع كل صفات التنوع بين البحر والجبل والاخضرار وفتنة الطبيعة التي تجعل من هذه الجزيرة هبة الله على الأرض لو توفر لها الاهتمام الكافي وتحولت الوعود التي أطلقناها بشأن هذه الجزيرة الفريدة والمتفردة إلى إجراءات عملية وواقعية تبرز ملامح هذه الجزيرة التي لا يمكن إلا أن تكون من أجمل منتجعات العالم إن لم تكون أفضلها على الإطلاق وكما هي رسالتي دائماً عن سقطرى أقول أن هذه الجزيرة هي بحاجة اليوم لمن يهتم بها وليس لمن يتاجر باسمها عن طريق الوعود التي لا تقدم حلولاً ولا تحقق مطلباً .

لقد قمت مؤخراً بزيارة لهذه الجزيرة التي ارتبطت بها وجدانياً وخرجت من هذه الزيارة بعدة ملاحظات فيها ما هو سلبي وما هو ايجابي و كذا ما يقتضي التنويه وما يستحق التنبيه وقد اخترت ذلك لسببين الأول : اطلاع القارئ الكريم على الجديد في جزيرة سقطرى والثاني : تحفيز الجهات المختصة على الاهتمام بهذه الجزيرة و إيلائها المزيد من العناية .

جفاف و غيث من السماء

لقد تعرضت جزيرة سقطرى لحالة من الجفاف استمرت عامين ألحقت معاناة شديدة بسكان هذه الجزيرة الذين يعتمد الكثير منهم على تربية المواشي من الماعز والأبقار مما اضطر العديد منهم إلى الانتقال مع مواشيهم من منطقة إلى أخرى بحثاً عن العشب إلى أن أتى الفرج من الله سبحانه وتعالى منتصف شهر أكتوبر الماضي حيث هطلت الأمطار الغزيرة على الجزيرة وارتوت الأرض واكتست الجبال والسهول والمراعي بالاخضرار لتستقر النفوس وتعود الطمأنينة إلى قلوب المواطنين الذين حمدوا الله على نعمته وخيراته .

الرعاية الصحية

تم الانتهاء من انجاز مستوصف العاصمة حديبو والذي شيد وزود بجميع المعدات الطبية والأثاث الضروري وقد تم افتتاحه يوم الخميس 6 ديسمبر 2012م وقد بني هذا المستوصف على نفقة الشيخ خليفة بن زايد رئيس دولة الإمارات جزاه الله خيراً حيث كانت الجزيرة تحتاج لمثل هذا المرفق الحيوي بعد أن توقف العمل نهائياً بمستشفى حكومي بدأ البناء فيه قبل عشرة سنوات وتوقف العمل فيه قبل عامين تقريباًً .

والمطلوب من وزارة الصحة ووزارة المالية اعتماد الميزانية الكافية لتشغيل مستشفى الشيخ خليفة إن لم يتم اعتماد مثل هذه الميزانية من الأشقاء في دولة الإمارات والذين اعتقد أنهم سيكملون جميلهم باعتمادهم لميزانية التشغيل فهم أهل لكل مكرمة .

الحياة البيئية :

- شركة استثمارية تشيد حالياً فندق سقطرى ( الأخضر ) أربعة نجوم ، سيتم تشغيل جميع الأجهزة الكهربائية بالطاقة الشمسية والرياح بدلاً من الديزل وذلك للحفاظ على البيئة .

- الأخ /هيثم العيني صاحب شركة جرافن واحد محبي الجزيرة وزوارها الدائمين .. بادر بتمويل غرس مائة غرسه من شجرة دم الأخوين في مزرعة الحاج أديب عبد الله حديب الذي أسس مشتلاً لأغلب الأشجار المتواجدة في الجزيرة ووصل العدد إلى عشرة ألف شتله معظمها شجرة دم الأخوين. والهدف من هذه المبادرة هو مراقبة نمو الأشجار من هذا النوع وكم ستأخذ من الوقت حتى يكتمل نموها وتصبح شجرة متكاملة. أشجار دم الأخوين الموجودة في جبل دكسم ، و همهيل لا يعرف كم أعمارها حتى الآن والشكر موصول للأخ هيثم العيني لمبادرته القيمة، وهو من رجال الأعمال الناجحين ورجل مبادر في كثير من الأعمال الخيرية والاجتماعية.

- يوجد في مشتل أديب حوالي عشرة ألاف شتلة والمطلوب من وزارة الزراعة هو إعادة غرسها وتوزيعها في المناطق المناسبة من الجزيرة .

- وزارة الزراعة سوف تقوم بتشييد حديقة نباتية في الجزيرة وتحتوي على متحف نباتي وتراثي .

المياه:

- مؤسسة مياه الريف تقوم بعمل دراسة لمشروع مياه يغذي الشريط الساحلي الغربي من وادي عيهب حتى رأس قدامة و هذا المشروع من المشروعات المهمة والضرورية .

التراث السقطري :-

توجد بعثة روسية تقوم بالتنقيب عن الآثار الموجودة في الجزيرة،وقد اكتشفت موقعا اثريا يسمى ((كوش)) في الجزء الغربي من الجزيرة يعود إلى ما قبل 2000 عام. نتمنى لها التوفيق والنجاح .

- الكهرباء:

-نزلت مناقصة عامة قبل شهرين بتزويد العاصمة حديبو بمولدين قوة 2 ميجاوات و أرجو من مؤسسة الكهرباء البت في المناقصة والبدء في تنفيذ المشروع سريعاً لأهميته مع العمل على تزويد بقية مناطق الجزيرة بالكهرباء عبر الطاقة الشمسية حفاظاً على البيئة .

السياحة:

- في زيارتي الأخيرة شاهدت بعض السائحين الأجانب في الجزيرة والذين قيل لي أنهم يصلون إلى الجزيرة عن طريق الشارقة عبر طيران السعيدة, و هذا جيد ونأمل أن تقوم السعيدة برحلتين أسبوعياً بدلاً من رحلة واحدة . اليمنية بادرت برحلة واحدة في الأسبوع صنعاء سقطرى أما السعيدة رحلتين صنعاء سقطرى و رحلة عدن سقطرى ومطلوب زيادة الرحلات وتخفيض قيمة تذاكر السفر تشجيعاً لزوار الجزيرة . علماً بأن موسم السياحة يبدأ من شهر أكتوبر حتى نهاية شهر مايو من كل عام .

الميناء

حسب علمي أن دولة الكويت الشقيق اعتمدت خمسين مليون دولار لغرض تشيد ميناء بمواصفات دولية في جزيـرة سقطرى و إذا ما تم إنشاء هذا الميناء فأنه سيحل الكثير من المشاكل التي يعاني منها أبناء الجزيرة كما أنه سيسهم في النهوض بهذه الجزيرة اقتصادياً و تنموياً و ثقافيا واجتماعياً ويتعين على الجهات الحكومية المعنية متابعة البدء بهذا المشروع الحيوي الهام و انجازه .

الثروة السمكية

من المؤسف حقاً أن هذا القطاع لم يحظ بأي اهتمام لا من الحكومة ولا من القطاع الخاص , ومع انه كان يوجد مصنع للأسماك شرق العاصمة حديبو تابع للقطاع الخاص إلا أنه ونتيجة اختلاف من قاموا بإنشاء هذا المصنع قبل ثمان سنوات فقد تم إغلاقه حتى يومنا هذا و أصبحت معداته معرضه للتآكل وبوسع وزارة الثروة السمكية التدخل لإنقاذ ما يمكن إنقاذه .

سلبيات نتمنى أن تختفي:-

* انتشرت مؤخراً ظاهرة تعاطي القات في الجزيرة مع أن القات لم يكن يصل إلى الجزيرة ولم يكن يجد رواجاً بين السكان وهذه الآفة باتت تشكل ضرراً بالغاً على الشباب الذين ينفقون أغلب دخولهم على شراء القات .

* لأنه لا يوجد مخطط عام وشامل فإن البناء العشوائي بدأ ينتشر بصورة متسارعه في معظم مناطق الجزيرة وبالذات في العاصمة حديبو، وندعو وزارة الأشغال إلى سرعة إيجاد مخطط عام ومراقبة تنفيذه وإيقاف أي تجاوزات فيكفي ما حصل من عشوائية في صنعاء وعدن وتعز. و إذا كان قد تم انجاز مخطط حضري للعاصمة حديبو فلماذا يتم حجزه في إدراج مكتب الأشغال في سقطرى و ما هو الدافع لذلك ؟

* يتعين الإسـراع في سفلتـه وإنـارة الشـوارع في حديبــو و قلنسيا وانجاز مشروع المجاري باعتباره من المشاريع الحيوية

* جميع الفنادق في الجزيرة باستثناء (سمر لاند) دون المستوى مما يتوجب إعادة تأهيلها سواء من حيث النظافة أو تأهيل العمالة...

* معظم السيارات والدراجات النارية تسير بدون أرقام ولا ندري ما هو دور المرور في هذا الجانب ولماذا يتم غض النظر عن ظاهرة ستصبح من الظواهر غير المحببة في الجزيرة ..

* النظافة شبه معدومة في الجزيرة و على المجلس المحلي الاهتمام في هذا الجانب ومع أن الجزيرة هي حاضنة السياحة البيئية الأكياس البلاستيكية منتشرة في كل أرجائها فلماذا لا يمنع دخول هذه الأكياس إلى الجزيرة ؟

* بحسب علمي أنه توجد محطة إذاعة إف إم ( FM ) في الجزيرة إلا أنها لم تركب حتى الآن . ونناشد وزير الإعلام بسرعة التوجيه بتركيب هذه الإذاعة للقيام بدورها التنويري ورفع الوعي الثقافي بين صفوف السكان .

* ينبغي الحفاظ على اللغة السقطرية باعتبارها من الموروثات الحضارية والإنسانية .

* الهاتف النقال لايغطي إلا الجزء الغربي من الجزيرة ولا ندري لماذا تتلكأ شركات الاتصالات من تغطية بقية اجزاء الجزيرة وتعميم الخدمة الهاتفية لمواطنين . مع العلم أن شركة يمن موبايل هي الوحيدة العاملة في الجزيرة

أين السياحة الداخلية!؟

كنت أتوقع أن أجد الجزيرة مكتظة بالزوار من مختلف المحافظات الذين يقضون إجازة عيد الأضحى الطويلة إلا أنني لم أجد سوى عشرات من الأسر فضلت قضاء إجازة العيد في هذه الجزيرة مع أن عدن والحديدة قد استقبلت مئات الآلاف من الزوار الذين تدفقوا عليها من كل المدن اليمنية فهل العائق طريقة الوصول إلى الجزيرة وقلة رحلات الطيران وارتفاع أسعارها أم ضعف الخدمات في الجزيرة أم ضعف الترويج السياحي ؟!

• بشرنا المهندس محمد قاسم العريقي بما يمكن أن يكون وصفه أول الغيث لهذه الجزيرة فقد سمعت منه أن الجزيرة ستشهد العديد من برامج التطوير مما جعلني أرى هذه الجزيرة عام 2015 م بشكل مختلف خاصة وأن المهندس العريقي له اهتماماته في البيئة والطاقة المتجددة والمشاريع المدنية وقد بدأ بالتواصل مع شباب الجزيرة وأعضاء أول جمعية وطنية مهتمة بإشراك الشباب ليغير أوضاعهم نحو الأفضل وقد سعدت كثيراً لقيام المهندس العريقي بمتابعة وزارة الزراعة لاستكمال إنشاء حديقة نباتية في الجزيرة وذلك لما من شأنه إنجاز هذا المشروع الهام الذي يعد حلم أبناء سقطرى .

• وأخيراً : بتكاتف الجميع نستطيع أن نجعل من سقطرى واحة وواجهة للسياحة الإقليمية والدولية .. فقط علينا أن نحرص على أن تكون جزيرة سقطرى جزيرة نظيفة وخالية من السلاح والقات والفوضى . والله مع من أحسن عملاً