الإخوان المسلمون أكبر جماعة من المسلمين تعمل من أجل تحكيم الشريعة الإسلامية في كل شئون الحياة . وخلال دعوتهم تعرضوا لكثير من المحن والإبتلاءات وخاصة ما كان على يد أنظمة مذبذبة وعملاء مرتزقة لم يرق لأسيادهم ماحققته الجماعة من توسع ونجاح وتجدد . فأخذوا يسومونهم سوء العذاب قتلا وتعذيبا ونفيا وسجنا . وسيجد الباحث المنصف في تاريخ الإخوان أنهم في كل مراحل حياتهم وفي كل بلد تواجدوا عليه لم يرتكبوا جرماً يستحق كل حرب الإستئصال تلك . فما الذي جعل الحكام في عدد من البلدان ينفذون مخططهم لإبادة الجماعة المباركة ؟. ما أثق منه أن الحاكم وبطانته قد تملكهم القلق حينما أخذوا يصنفون الكيف البشري الذي يلتحق بهذه القافلة فوجدوه عاما يشمل كل شرائح المجتمع بمختلف الطبقات والمستويات والمراكز ومن كل جنس وسن . وزادهم تخوفا أن هذا الجمع يستظل تحت ركن الأخوة بكل حب وسمو .
ففي أنشطتهم يجلس الطبيب المرموق والعامل البسيط على البساط معا , و يتقاسم المهندس اللامع الحجرة مع مزارع مغمور , وحامل الشهادة العليا في الشريعة ينصت بكل شغف لمحاضرة عن فضل الدعاء لحامل الشهادة الثانوية , والشريف صاحب النسب تشع السعادة من محياه وهو يفسح لأخيه عامل النظافة في بلدية المحافظة ليجلس بجواره يتناولان الطعام .
ولعل هذا قد غرس في صدر الطغاة شرا تجاه الجماعة , وهم يرونها بهذا الاستيعاب تقدم نفسها كنموذج مثالي للدولة الإسلامية التي يعيش فيها كل هذا الاختلاف بتناغم ونجاح . فقامت قوى الشر بجمع شملها وتحريك فلولها لتوجه ضرباتها نحو من يريد لأمته العز والريادة .
ويظن القتلة بعد كل مجزرة أنهم قد استأصلوا شجرة الجماعة من جذورها , فيأبى الله إلا أن تنتشر بذورها في كل أرض لتطرح ثمارا يانعة تفوح عطرا ورياحين , ولتزداد فروعها تجددا وقوة وتوسعا .
هم الإخوان , لا تفرقهم حدود جغرافية ولا تفتتهم نزاعات داخلية ولا تحركهم عصبية جاهلية ولا تسكنهم روح انتقامية . يعيشون من أجل خير المسلمين وعلو الدين بما تحمله أحكام الشريعة من سماحة وحب وعدل ويسر ووسطية واعتدال وتراحم وتكافل في ظلال خلافة راشدة قادمة .
وبعون الله لا سواهم أهلاً لتحقيقها , لأنهم يدفعون ثمن شرف الريادة بما يبذلونه يوميا من آلام بدنية ونفسية , وبما يقدمونه بكل سعادة أرواحا وجراحا , وبما يتلقونه بكل صبر تعذيبا وظلما , وبما يعانونه بكل ثبات زلزلة وحرمانا .
يستقبلون البأساء والضراء بحكمة وأمل . فبرغم فظاعة ما عانوه وشناعة ما ذاقوه لم تسيطر عليهم نار الإنتقام فتحولهم إلى معول ظلم وهدم في النفوس والبنيان .
ولم يخرجهم ألم العذاب عن إنسانيتهم فيحدثون فتنة لا تنطفي نارها بين الناس . لقد حولوا كل محنة إلى منحة ينالون بها سلعة الله الغالية , ويدفع ثمنها معهم أهلهم ومحبوهم . كما أن لهم تجربة إدارية ناجحة في كثير من البلدان , بما حازوه من تكامل الكوادر والقدرات وتنوع التخصصات فلا تجد تقنية حديثة ولا علما معاصرا إلا ولهم فيه تميز وإبداع , محافظين على أصول الدين ومكارم الأخلاق . وعند الإخوان لن تجد إقصاء ولا تعطيلا لأحد من أهل الإسلام وجماعاته وإن عارضهم فكرا ووسيلة . ولا ينكرون جهد غيرهم وفضله في خدمة الإسلام والمسلمين في مجالات محددة , مرددين بتواضع " نحن جماعة من المسلمين ولسنا جماعة المسلمين " .
هم الإخوان حاربهم عدو فقهروه ثباتا وصبرا وحكمة , وأذاهم قريب فأهدوه حلما وعفوا ومكرمة . فعلى أي أساس يخافهم الحاكم المسلم فيقصيهم ويظلمهم ؟! ويتخوف منهم المحكوم المؤمن فيخذلهم ولا يساندهم ؟.