الأنصار الجدد ؟؟
بقلم/ م.وائل المعمري
نشر منذ: 12 سنة و 8 أشهر و 4 أيام
الخميس 19 إبريل-نيسان 2012 05:29 م

أن المتتبع لظاهرة نشأة تنظيم القاعدة ,يلاحظ وبشكل جلي غير قابل للبس, مدى ارتباط هذا التنظيم أو بعض قياداته في أحسن الأحوال بمراكز القوى الإقليمية والدولية على حد سواء ...., وقد يتفهم البعض هذه العلاقة المحكومة أصلآ بأسباب التنظيم الموضوعية الخاصة , والمتعلقة بالمقام الأول بظروف بملابسات تكوينه ونشأته على خلفية التحالف الوثيق بين شباب المجاهدين العرب من جهة وأمريكا والسعودية من جهة أخرى إبان حرب أفغانستان وعلى خلفية الغزو السوفييتي لهذا البلد في ثمانينيات قرننا الماضي , بالإضافة إلى عدة عوامل أخرى ليست بمنأى عن هذا العامل الرئيس أصلآ ..., حيث أنه لم يكن هناك على ما يبدو من وسيلة لاستقطاب الشباب العربي والمسلم إلى حرب الإستنزاف الطاحنة هذه , إلا من خلال إستغلال التعبئة الروحية لهولاء المتعطشين للدفاع عن إخوة التراب والمعتقد في وجه دولة (الإلحاد الشيوعية)حسب إعتقادهم, والتي لم يكن هناك من فرصة للتعامل معها حسب وجهة نظر( شباب المجاهدين) أيضآ, سوى تدمير الشر الكامن في فكرة تمددها المعادي لكل ماهو مسلم حسب التعبئة الممنهجة لهولاء الشباب من قبل طواحين الدعاية الإعلامية الغربية المهولة وبمساعدة علماء السلفية الجهادية تحديدآ ,والذين راق لهم هذا الصراع ومبرراته وغاياته ولأسباب يصعب تفنيدها من خلال تناولتنا هذه , وما يهمنا هنا أن نشير إليه وبإيجاز كمقدمة لابد من التعريج عليها, هو أنه وعلى إثر إنسحاب الجيش الأحمر السوفييتي من أفغانستان بعد حروبهم الظروسة هناك , بدأت تطفو على السطح معظلة ,تمثلت في كيفية التعامل مع كل هذا الكم الهائل من الطاقات البشرية للشباب العربي والمسلم والمدرب على حروب العصابات وغيرها من العمليات الحربية, , بعد أن أضحت هذه المجاميع حسب إعتقادهم بمثابة قنبلة موقوتة تؤرق من إستخدمهم من دول كبرى أو الدول التي جاءوا منها وبنفس القدر من الأهمية ذاتها .., وحينها بدأ للسعودية وأمريكا في المقام الأول , أنه لم يعد هناك من سبيل أمامهم سوى خيارين أحلاهما مر ,فإما محاولة إحتواء هذه الجماعات رغم إدراك أصحاب هذه الرؤية لعدم نجاحاتها مع جماعات جهادية تعرف الكثير الكثير عن هذه التكتيكات بحكم علاقة السنين ,أو محاولة إضعافها واختراقها من ناحية أخرى كخيار وعلى إعتبار تحولهم من مربع التحالف مع الجهاديين إلى مربع الإستهداف المباشر ,لكن كل هذا وغيره من الوسائل المتبعة للحد من تأثير مجاهدين الأمس القريب , لم تفلح أمام قدرة المجاهدين العرب على امتصاص الضربات واستيعابهم لمخاطر المرحلة المحدقة بهم ,فما كان من جماعات المجاهدين إلا أن بدأوا تنظيم شئونهم أكثر من ذي قبل تحسبآ لقادمات الأيام وعاديات الزمن التي لن ترحمهم ,فقد ظلوا يراوحون بلدانهم حينآ , وأحيان أخرى يتنقلون بين الداخل الأفغاني وخارجه وعلى قاعدة مكره أخاك لا بطل ,فيضطهدون هنا لينكمشون مرحليآ , حتى يعاودا نشاطهم ويلجأون إلى مكان آخر عله يعصمهم من ويل الحلفاء والإخوة جميعآ ..., وهلم جرا بين مد وجزر ., حتى كان لغزو جديد هذه المرة أبطاله العرب ومسرحه أرض العرب وضحاياه أيضآ نحن العرب ولا سوانا ,إنه غزو العراق للكويت وما تلاه من تبعات أدت إلى التدخل الغربي بجيوشهم الجرارة ..., وبقية تفاصيل القصة يعرفها الجميع ,فتكشفت أوراق لعبة جديدة أخرى, بقواعدها الجديدة شكلآ ومضمونآ ,وهنا وجد شباب المجاهدين وشيوخهم متنفسآ لحربهم الجديدة هذه المرة وبإمتياز,بما يمكنهم من حشد طاقات بشرية مضاعفة وبأقل التكاليف وأقصر الطرق ,بالنظر إلى قدسية الدعوة التي كانوا يتهيأون لإعلانها هذه المرة ,إنها دعوتهم لطرد الجيوش الصليبية من بلاد الحرمين ... وكان لهم ما أرادوا فعلآ ,ولتسمع طبول الحرب تقرع في كل الأرجاء ,وليصبح بعدها شيخ المجاهدين طريدآ من أرضه التي استقبلته قبل أعوام استقبال المجاهدين الفاتحين , حتى بدأت على إثر ذلك باكورة حروب أمريكا وحليفاتها على ما صار يسمى بعد ذلك (الإرهاب) ,عندما تم إستهداف مجمع الشفاء الطبي في الخرطوم ,بدعوى إشتباه الغرب بأنشطة هذا المجمع وتبعيته أيضآ , ولتتوالى الأحداث بعد ذلك بشكل درامتيكي وغير متوقع حتى بلغت منتهاها باستهداف أبراج منهاتن وما تلاها من تبعات ....لكن ما يهمنا أن نصل إليه من خلال هذه المقدمة ,هو حقيقة العلاقة التي لم تنفك يومآ بين ما بات يعرف اليوم بتنظيم القاعدة ,وبين اللاعبين الأساسين الذين تمكنوا فعلآ من خفض مستوى أخطار هذا التنظيم على بلدانهم ,على أن يصدرونه ربما للآخرين متى ما اقتضت ضرورات مصالحهم الأمنية والإستراتيجة لذلك ,وبما يخدم أجندة السياسات المرتبطة ببلدانهم وليس أكثر ,وهذا صار جليآ أيضآ في بلادنا اليمن حيث أن اللعبة لا تختلف كثيرآ عن سابقاتها ولا أدواتها أصلآ تغيرت كثيرآ أيضآ عن غيرها من أدوات المصالح المتشابكة بين أنظمة لا تتورع عن استخدام الوسائل بغض النظر عن نوعيتها أو مشروعيتها ولا غاياتها ,بينما والجماعات هي كذلك ليست أقل شأنآ وخبثآ من حلفائها الإنتهازيين وليست أقل مكرآ ولؤمآ منها أيضآ ,ولعلنا نتذكر جميعآ كيف تم اللعب بورقة تنظيم القاعدة منذ بروز أولى ملامح الصراع بين شريكي دولة الوحدة في اليمن ,وكيف بدأ هذا التحالف الوثيق بين أحد الأطراف والقاعدة أكثر وضوحآ مع بدء تصفيات رموز الطرف الآخر , وبدواعي التكفير والشيوعية والخروج عن الملة وغيرها من الدعاوى التي عهدناها في تلك المرحلة وغيرها من المراحل المتعددة , حتى توجت هذه التحالفات المريبة بين القاعدة وأحد أطراف حرب صيف 94 بالمشاركة الفاعلة ضد الطرف الآخر ,وكان لإسهام التنظيم في حسم حرب ذلك الصيف القائض ,دور لا يستهان به إطلاقآ ويؤكده كثيرون ,فكان من الطبيعي بعدها أن نسمع فرار قادة التنظيم وكوادره مرة تلو أخرى من سجون الأجهزة الأمنية كنتاج طبيعي لنوعية العلاقة وتشابكها, كلما ألقي القبض عليهم في مسرحيات هزلية لا تنطلي على أحد ولا تخلو من دلالات ومغازي كبيرة,وتوالت الأحداث وعلى هذا النحو من التحالفات النفعية ,حتى اندلعت ثورة الشباب السلمية الشعبية في الحادي عشر من فبراير2011 ,ليحتاج النظام كما هي عادته لحلفائه على مختلف أشكالهم وتوجهاتهم ,وعلى رأسهم تنظيم القاعدة ..., لكن ما استجد هنا في هذه الحالة أن العملية هذه المرة أخذت بعدآ جديدآ تمثل في كون العلاقة صارت أكثر تجليآ وانكشافآ من ذي قبل , فأنصار الرئيس يغدون بين عشية وضحاها أنصار للشرعية الدستورية وبقوام مسلح لا يقل عن أي تنظيم آخر في أي مكان وزمان ,وعلى أن نشاهد ونسمع والعالم معنا مفاجأة من العيار الذي لا يمكن إلا أن نطلق عليه لعبة الطلقة الأخيرة ,وذلك بتحول أنصار الشرعية دفعة واحدة أيضآ وبقدرة قادر إلى أنصار الشريعة ,فيحتلون المدن ويستولون على كل عتاد بعض المعسكرات بعد أن يذبحون العشرات من الجنود والضباط في وضح النهار كما تذبح النعاج ويأسرون كذلك العشرات بل وأكثر من ذلك ......,حتى أننا صرنا نعتقد أننا لا نسمع أو نرى سوى رواية هندية أبطالها أسذج الفنانين بعد أن أخرجها لهم أبلدهم وأقلهم وعيآ بهكذا أعمال ....وليتهم توقفوا عند هذا المستوى من الإسفاف والاستخفاف بعقول الناس وجرح كبريائهم ,بل ذهبوا إلى أبعد من ذلك بكثير في محاولة منهم لخلط أوراق اللعبة خدمة لحاضنتهم التي يعملون لحسابها, والتي لم يعد يعنيها منطقية ما يدار من أعمال رعناء من عدمها ,في خطوة تظهر مدى تخبطهم جميعآ في لحظات سكرات الموت الأخيرة ,لكن مايعنينا في خلاصة تناولتنا أن نشير إلا أن ما يجري من جرائم ومهازل لهولاء الأنصار الجدد ,وما يمارسونه من تقتيل للأبرياء وبإسم الدين ,ماكان له أن يتم وبهذه الوقاحة والجراءة , لو أن تصرفآ سريعآ وحاسمآ أتخذ ضد كل من تسول له نفسه المريضة العبث بأمن وسلامة ومقدرات الوطن ,وحتى لا نتحول إلى نائحات على الأطلال ,فإن قيادتنا السياسية الجديدة مطالبة أكثر من أي وقت مضى بالتحرك سريعآ لدعم قوى الجيش والأمن واللجان الشعبية في المحافظات المستهدفة من قبل بقايا النظام وقاعدتهم قبل أن يفوت الأوان ,وقبل أن نخسر ما كان ينبغي أن يحافظ عليه بأقل التكاليف وعبر أسرع الطرق الحاسمة والناجعة .والله ولي التوفيق ومن وراء القصد .