محبوبة الشعوب وعدوة الأنظمة.. ألا تستحق الثناء؟
بقلم/ د. حسن شمسان
نشر منذ: 13 سنة و 9 أشهر و 12 يوماً
السبت 22 يناير-كانون الثاني 2011 04:17 م

من الواجب أن يثني المرء – المثقف تحديدا - على من يستحق الثناء، وليس أكثر من يستحقه في الوقت الراهن سوى البوعزيزي وشعبه التونسي، وقد سال من أجل ذلك الكثير من الحبر، بيد أنه ما يزال قليلا في حقهم؛ إذ من المعلوم أنه من أحيا نفسا فكأنه أحيا الناس جميعا، وأبطال تونس قد أحيوا الكثير الكثير من النفوس؛ حيث بعثوا الحياة من جديد في جميع الشعوب، بعد أن كان الطغاة قد أماتوها عندما انتزعوا منها حرياتها وتعاملوا معها مثلما العبيد وبهذا كان عطاء التوانسة جزيلا غير منقوص للشعوب العربية؛ وبهذا استطيع القول: إن البحر لو صار لأقلام الكتاب الوطنيين مدادا وسالت به سطورهم بأحرف من نور تمجيدا وثناء على أبطال تونس ما وفاهم ذلك حقهم من الشكر والثناء تجاه ما بذلوه من الحياة الكريمة التي ستضل توقد جذوتها في قلوب الشعوب المقهورة وفي أرجاء المعمورة.

وما ينبغي التنويه إليه في هذا السياق: أن المرء يكون جميلا ورائعا عندما يكون عادلا في الثناء؛ بحيث يوفي كل ذي حق حقه من دون أن ينقص منه شيئا. ومن هنا ينبغي ألا ننسى أو نتناسى - كتابا ومثقفين - الإشادة بدور قناة الشعوب (الجزيرة) إذ كان لها الدور المميز؛ فهي الرائد الذي لا يكذب أهله؛ فهلا سال من أجلها القليل من الحبر في حين أنها تستحق الكثير من دون شك؛ إذ هي لا تمثل في كل مواقفها الرائدة إلا نبض الشعوب المقهورة في شتى المعمورة.

ومن هنا لست ادري لماذا لم يفرغ لها الكتاب - خاصة من أشاد بدور وتضحيات البوعزيزي وشعبه – حيزا من كتاباتهم وقليلا من حبرهم؛ إذ دورها لا يقل عن دور أبطال تونس؛ خاصة عندما فضلت أغلب الفضائيات الرسمية الصمت وغض الطرف تجاه ما يحدث في بلد الأبطال؛ ابتداء بتضحيات البوعزيزي وختاما بتضحيات الشعب التونسي، وهي تضحيات أوقدت جذوة الثورة وصار بريق نورها في المشرق والمغرب وفي قلوب الملاين من الشعوب؛ وتأبى الزعامات إلا أن يطفئوا ذلك النور وذلك البريق ويأبى الله ثم التوانسة ومن ورائهم الجزيرة إلا أن يتم نورها ويستمر في توهجه واتقاده. ولهذا تجد حال الزعامات تعض على الثورة والجزيرة الأنامل من الغيظ.

نعم لا يستطيع أحد أن ينكر على الجزية دورها فيما بعد الثورة وأثناء قيامها؛ إذ مثلت هذه الأخيرة - ولا زالت تمثل – [حبل الوريد] الذي يصل ثورة تونس بالشعوب العربية والإسلامية، الحبل الذي تحرص كثير من الأنظمة على قطعه واستئصاله وتسعى لذلك سعيها، حيث تريد بذلك عزل الشعوب العربية عن الثورة حتى لا تستضيء بضوئها وتتقد باتقادها وتأبى الجزيرة إلا أن توصل نورها إلى الشعوب بحيث تكون أكثر إبصارا بالنور الثورة الذي يعري سوءات الأنظمة الحاكمة وحينها لن ترضى الشعوب إلا باقتلاعها كما قلع الدكتاتور (شين الهاربين - بتعبير فيصل القاسم أدام الله بقاءه- وحينها سوف يسلك الطريق نفسها ويركب الطائرة نفسها من ليس في قلبه ذرة من اعتبار أو اتعاظ مما حصل في تلك الثورة.

وليس النظام اليمني ورأسه عن هذا ببعيد، إذ مع تردي الحالة المعيشية للشعب اليمني جراء رداءة سياسة النظام الذي اهلك الحرث والنسل، فالناس في اليمن لا تجد ما تأكله لتسد جوعها ولا تجد ما تتداوى به لتشفي مرضها أو تستضيء به من كثرة الانطفاءات، والرئيس ليس همه إلا كيف يشيد مملكته أو دولته الصالحية ويريد بنا العودة وراء (48) عاما، والشعب هذا حاله ويأبى إلا المضي قدما في اتجاه الهاوية ويستخدم أبواقه الإعلامية ليزوروا الحقائق وليقبلوا المعادلة رأسا على عقب - كما هو دأب الفراعنة – فلسان حاله تجاه المشترك (إني أخاف أن يبد دينكم ويظهر في الأرض الفساد) (ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد) فنجد المسئول الإعلامي يحذر الشعب اليمني ويحثهم على الاستفادة من درس تونس، وقد كان الأجدر به - لو كان عنده ذرة من إدراك - أن يوجه ذلك النذير إلى النظام ورأسه، وينصحه بالتراجع عن سرقة الانتخابات، ووأد مكاسب الثورة والجمهورية وبناء وتشيد المملكة الصالحية، الذي يريد من خلالها امتلاك اليمن والوصاية عليها بتفصيل الدستور على مقاسه وحاشيته. ثم يطلب من الشعب اليمني عبر بوقه الإعلامي من الشعب اليمني أن يعتبر من ثورة تونس.