2-اليمن المغمى عليه.. ولا حد فاضي لحد!..
بقلم/ فكري قاسم
نشر منذ: 16 سنة و شهرين و 14 يوماً
الأربعاء 20 أغسطس-آب 2008 11:25 م

فقط، للي فاضي للتأمل.

 قال أحد القساوسة يصف ما حدث أيام الحكم النازي في المانيا:

"لما أتى النازيون ليعتقلوا ويقتلوا الشيوعيين سكتُّ، لأني لم أكن شيوعياً.

ولما أتى النازيون ليعتقلوا ويقتلوا اليهود،سكتُّ لأني لم أكن يهودياً.

ولما أتى النازيون ليعتقلوا ويقتلوا النقابيين سكتُّ، لأني لم أكن نقابياً.

ولما أتى النازيون ليعتقلوا القساوسة الكثولوكيين سكتُّ، لأني لم أكن كاثوليكياً.

ولما أتى النازيون إليَّ ليعتقلوني ويقتلوني،صرختُ صرختُ صرختُ..

ولكني لم اجد أحدا يسمعني!..."

 ***

كالعادة..تم التحكيم قبلياً! يستاهلوا ما وقع فيهم.

الرئيس كلف الشيخ فلان والشيخ فلان لحل المشكلة الحدودية بين بني ضبيان وآل الخامري.. وما شاء الله كان!

لوتشتوا الصدق، رأس المال هنا نفسه جبان ومساهم بدرجة كبيرة في كل هذا العبث الحاصل الآن.

راس المال اليمني نفسه حاجة مقرفة وعايشين على قناعة "بلاش وجع دماغ"!

الغرفة التجارية التي جمعت مليار ريال لدعم الحملة الانتخابية لفخامة الرئيس، كان بوسعها حيال اختطاف نجل أحد رجال اعمالها- وهو لن يكون الأخير طبعاً- أن تعلق نشاطها احتجاجاً على ذلك، حتى لو خسرت 5 مليار ريال في سبيل إعلاء شأن القانون.

وإلا فإنهم، واحداً بعد الآخر.. سيتكرر معهم ألم القسيس، وسيصرخون، يصرخون، يصرخون.. وأحد بعد ذلك لن يسمعهم أبدا.

هم -كجماعات تجارية متفرقة- سيخسرون مثل ذلك المبلغ نظير مراضاة هنا وهبات هناك..نظير ابتزاز ما.. نظير حماية.. وما شابه.

وكالعادة..ابتداء من خطف نجل رجل الأعمال الكميم، وكذا خطف الكميم الأب، وانتهاءً بعمر الخامري، تم التحكيم قبلياً!

بدلاً من هذا العك والجعث، يستحسن على الغرفة التجارية أن تشتري دماغها وتفتح لنفسها فروعاً نشطة في مصلحة شؤون القبائل. ويهجعونا الشغلة!...

والله إنه شيء يفطر القلب صحيح.. حتى رأس المال في اليمن، وهم المعوّل عليهم- خصوصاً والدنيا قدها عولمة- أن يكونوا المساهم الرئيس في عملية التنمية.بينها التنمية الذهنية بالأساس. لا يبدو أنهم قد أدركوا قيمة التعاضد،على الأقل فيما بينهم، قدر إدراكهم الجيد لمسألة من يبطح الآخر أولاً. من يلهف الوكالات أولاً.

من يربح أكثر..من يربح أسرع.. ومن يصير هو الحوت والبقية أسماك صغيرة لا بد من ابتلاعها..وبأي طريقة!

ولأنهم كذلك..ولأنهم أيضاً يتكاثرون بطريقة دكاكينية -ولاحد فاضي لحد- يسهل ابتزازهم على الدوام.

من طرائف الامور وأكثرها سخافة أن رأس المال على ما يبدو - موسحين في مكاتبهم- وينتظرون من أصحاب العربيات والبسطات وعمال المقاهي والمطاعم والشقاة ان يحدثوا التغيير في اليمن!

هم موش فاضيين لحد..موش فاضيين حتى لتنظيم طريقة حديثة تليق بهم لمواجهة الغبن والابتزاز الذي يتعرضون له.

رأس المال في اليمن، من أكبر شركات في اليمن إلى أصغرها، ليس أكثر من جماعات تفكر بطريقة سلفية، ولا يعرفون المتطلبات الأولية لدعم مجتمع ميت من الداخل، كهذا المجتمع المأخوذ أساساً بالخرافة وبالقداسة.

وبدلا من محاولة تغيير ذلك عبر الاسهام في دفع عجلة الثقافة وعبر الفنون - وإن كانت هذه وظيفة الدولة أساساً، ولكن.. أين هي هذه الدولة؟ لإيجاد مجتمع مدني حي وفاعل، قبلوا هم الآخرين بهذا الموات!

ومع مرور الوقت قبل رأس المال اليمني على نفسه- وهو القوة الموازية لأي شيء- الدخول في دائرة الذل اليومي!

لقد تصور لهم أن المساعدة المالية هي الطريق إلى الرفعة والقداسة وإلى جلب مشاعر الامتنان. وصار يحدث لهم كل هذا الذي يحدث الآن..والذي سيحدث لهم بكرة وبعده كمان.

*بصلح قبلي سيعود "عمر الخامري" إلى أسرته ويبقى"عمر الكبادي" وديعة أخرى لدى نفس القبيلة الخاطفة، إلى أن يفتح الله عليه ويحول له بواحد فاعل خير يدفع الفدية ويطلق سراحه بصلح قبلي..ولن يكف التلفاز عن الغرغرة يوما بدولة النظام والقولون!

وعلى ضوء نفس الصلح القبلي ستفرج السلطة عن قرابة120 معتقلاً من قبيلة بني ضبيان تم اعتقالهم-هكذا من شق ياطرف- كرهائن، فقط، لأنهم من بني ضبيان!

واضح أن الأمور في هذا البلد تسير على نحو مفزع "وإذا ما لقيتش الغريم، لقيت ابن عمه".

وإذا ما لقيناش القانون، لقينا "العرف"ابن عمه!

كان جديرا بالدولة التي حركت قوتها من أجل تحرير نجل الخامري عموماً،ان تحركها أيضا من أجل"عمر الكبادي" المختطف لدى نفس القبيلة منذ قرابة6 أشهر. هذا الأخير هو أيضاً مواطن يمني ينتمي إلى هذه الدولة الرخوة.

لو أردنا الآن أن نرد الاعتبار للقانون، فإنه يصير من اللازم بعد تحرير المخطوفين أن يستدعي النائب العام مرتكبي جريمة الاختطاف من بني ضبيان، وكذا استدعاء نبيل الخامري.ويفُتح ملفاً للتحقيق.

الخاطفون قالوا إنهم فعلوا ذلك لأن لديهم حقاً عند الخامري..وهذا الأخير يعتبر أن ذلك مجرد ابتزاز.

ليقل كل ما يقول.. وللقضاء كلمته الفصل.

أما إذا أردناها دولة يحكمها العرف أو فاعل الخير..فانه سيكون جيدا على رأس المال..على الدولة..علينا جميعاً كمواطنين تتكرر حولنا المصائب ايا كان شكلها.

فانه سيكون من المناسب أن نتأمل الى ما قاله القسيس-اعلاه- بانتباه وإدراك جيدين، لأننا بجد صرنا-على مايبدو- مجتمعاً ولاحد فاضي لحد.

 سنصرخ..سنصرخ..سنصرخ..لكن أحداً بعد ذلك لن يسمعنا أبدا.

  ***

Fekry19@hotmail.com