قناة الجزيرة ورياح التغيير
بقلم/ محمد الحذيفي
نشر منذ: 13 سنة و 9 أشهر و 3 أيام
الإثنين 31 يناير-كانون الثاني 2011 04:48 م

أصبحت الثورة التونسية مصدر إلهام للشعوب العربية التي تعاني من الظلم والضيم والفساد والاستحواذ على الثروات من القلة المحيطة بالأصنام الحاكمة كما هو حال التونسيين الذين كسروا حاجز الخوف وحطموا كل أدوات التقديس والهالة والتبجيل للصنم الحاكم هناك وصنعوا تأريخا جديدا لتونس وللشعوب العربية .

أدخلوا إلى عقولهم مفاهيم جديدة للتغير , ومصطلحات حديثة للتحرر , ووسائل راقية للتخلص من هذه الأصنام التي تسومنا الفقر , والجوع , والاضطهاد , والتخلف , والذل , والهوان على مدار العقود الماضية , وتحاول استغفال الناس , وتسويق ذلك عبر الماكينة الإعلامية لهذه الأصنام بان ذلك من المنجزات العظيمة لها , ومن الأدلة القاطعة في خدمة الوطن حتى مل الناس وملت كل الشعوب العربية من هذه الأسطوانة المشروخة , ومن الوعود الكاذبة المتكررة عند الأزمات وعند الاستحقاقات الدستورية والوطنية .

لقد كان لأصنام هبل وللات والعزى الدور الكبير في تحريك هذا الشارع وذلك بسبب فسادهم , وظلمهم , وكبتهم لحريات الناس , وكذبهم على شعوبهم , واستخفافهم بها ضنا منهم أن هذه الشعوب لا تفهم ومحاباة قلة قليلة من المتزلفين , والمجاملين , والمنافقين , والمظللين (بكسر اللام ) لهؤلاء الأصنام الذين أفرطوا في نهب ثروات الشعوب , ومحاولات إقناعهم أن ذلك من الوطنية , وفي خدمة الوطن وراحوا يزيفون لهم الحقائق ويقنعوهم بطريقة مباشرة أو غير مباشرة بأن الشعوب تقدسهم وستموت من أجلهم , وهذا واضح وجلي لأبسط الناس , وذلك من خلال ما يمارسه الإعلام الرسمي مع هذه الزعامات , أو من خلال المؤسسات التي تنتشر بأسمائهم بكل أرجاء البلاد من جوامع , وجمعيات , ومدارس , وجامعات , ومرافق , ولم يبق سوى اسم البلد لم يسم بأسمائهم , وهؤلاء ما يمكن أن نطلق عليهم سحرة فرعون الذين يقودون هذه الزعامات إلى الهاوية .

كل ما مورس في تونس الشقيق من قبل النظام المخلوع يمارس في كل الدول العربية من قبل الأنظمة التي ستخلع قريبا باختلاف الأدوات والأساليب والمسميات

أوجه التشابه كثيرة جدا وأوجه الاختلاف قليلة جدا وبالتالي فسقوط هذه الزعامات الصنمية وهذه الأنظمة البائدة ورياح التغيير قد بدأت فعلا .

بالأمس تونس واليوم مصر , والحبل على الجرار , وما على الشارع , والشباب التواق للتغيير وللحرية , وللعدالة الاجتماعية , وللمساواة سوى قليل من الصبر , والمثابرة , وعدم اليأس , وعدم الاستسلام لأراجيف , وأساليب قمع , وتخويف , وترهيب هذه الأنظمة البائدة التي تلفظ أنفاسها الأخيرة , فهي لا تستخدم هذه الأساليب , ولا تنشر بلاطجتها لنشر الفوضى إلا عندما تشعر بالضعف والانهزام , وتعمل ذلك لسببين

الأول كي ترسل رسالة لمن يريدون التغيير وللشعوب إما نحن وإما الفوضى , والبلطجة , والنهب , والخوف , والسبب الثاني لإشغال الناس و لترتيب لحظة هروبها كما هرب معلمهم الأول.

إن الشعوب العربية محتقنة جدا بسبب ما يمارس ضدها من ظلم , وإفقار , وتجويع , واحتكار للثروات البلد في يد فئة محددة لا تعير الغالبية العظمى من المواطنين إي اهتمام .

وأني لأعجب كثيرا ممن ينتقدون قناة الجزيرة ويطالبون بوضع حد لها بسبب ما تمارسه من دور إعلامي مهني بامتياز , والذي يعد في نظر هؤلاء المنتقدين تحريض للناس وتهييج لمشاعرهم , ويا ليتها تفعل ذلك لكانت اختصرت المسافات , وقللت من الضحايا لكنها لم تقم سوى بنقل ما يحدث , وبنقل الواقع كما هو , وتستضيف كل الأطراف المعنية بالأمر دو ن استثناء , فهي لا ترجم الناس بالغيب وإنما تتحدث عن حقائق , وتنقل واقع يتحدث عن نفسه لا اقل ولا أكثر .

إن الشعوب اليوم لم تعد تستغفل ولم تعد تصدق ما تقوله هذه الأنظمة ولم تعد تقبل الإصلاحات الترقيعية وتغيير الوجوه , وإنما تطالب بتغيير جذري للأنظمة وللسياسات برمتها , وما على هذه الأنظمة التي لم تصل رياح التغيير إليها بعد , إلا سرعة اللحاق بقطار التغيير والإصلاحات السياسية الجذرية وقيادة تحولات ديمقراطية حقيقة والاستجابة لمطالب شعوبها قبل أن يصيبها ما أصاب أقرانهم التونسي واليوم المصري .

وكذلك على المعارضة الخروج من الأبراج العالية , والالتحام بالشارع , وبالناس , وبالشباب , وتبني همومهم , ومطالبهم في التغيير بداية من الخلايا التنظيمية والحزبية , وانتهاء بتلك الأنظمة بدلا من التخندق والظهور على استحياء كي لا تقع هذه المعارضات فيما وقعت فيه هذه الأنظمة البائدة .